ذلك الشريف اللطيف*/أمل حداد
بقلم النقيبة أمل فايز حداد:
أتيتَ قصرَ العدل زادُكَ حِلْمٌ وعِلْمٌ وطموح ، فكنتَ للمحاكم ذراعاً أيمْنَ ؛ وصرْتَ للقضاة زميلاً ورئيساً ؛ وبَدْوتَ للمحامين مثالاً في رقّةِ الطبع والتلطُف والتأنيّ والترفقّ.
ومن كمالكَ كان أَخذُك بالشيم السَّنيّة والأخلاق الرضيّة : حفظتَ العهود، أَنجزْتَ الوعود وثابرتَ على الوفاء.
كنتَ أمير مجالس : حُضورُك روضةٌ تتنَّزهُ فيها العقول ، وأخبارٌ طريفة ، وأشعارٌ ظريفة . ولطالما رأيناكَ تَتَوّسطُ الحلقاتِ ، وتستقطبُ المجامع !
وكنتَ صاحبَ ظرفٍ تشهدُ لك القلوبُ بالحلاوة ، وتطمئنُّ إلى مجالسك النفوسُ ،وتصبو إلى حديثك الآذانُ ، وترتاح إلى مشاهدتك العيونُ.
ولطالما تكلَّمنا عن مَيْلٍ ، عندكَ ، شديدٍ إلى الأدب ، وعن الصداقة وما يَتَهَدّدُها ، فسمعْنا شعراً لبشار بن بُرْد تُردِّدُه على مسامعنا :
إذ كنّتَ في كلِّ الأمور معاتباً صديقَك ، لمْ تَلْقَ الذي لا تُعاتِبُهْ
وكنتَ تُردفُ ذلك بقول للرسول : ” المرءُ كثيرٌ بأخيه ” .
فيا عبدَ اللطيف ، أيُّها الحُسَينيُّ اسماً ، وقولاً ، ونهجاً ، وبلاغةً ، أيُّها المرتوي من أُروقة مكرماتٍ وإباءٍ تَوَارثَها آباءُ آبائك ، ستبقى في ذاكرتنا وذاكرة الزملاء ذلك الشريفَ ، واللطيفَ، والسيِّدَ ، والرمز .
* في رثاء القاضي الدكتور عبد اللطيف الحسيني.
“محكمة” – الأربعاء في 2023/5/24