لويز هال – صحيفة الإندبندنت*(ترجمة هبة حسين عبيد – خاص مجلّة محكمة):
عُيّنت رافيا أرشد (40 عامًا) قاضياً ونائباً للقاضي العام في دائرة ميدلاندز في بريطانيا بعد مسيرة مهنية في مجال القانون امتدّت 17 عامًا، لتصبح بذلك المرأة المسلمة الأولى التي ترتدي الحجاب في هذا السلك.
وقد عبّرت أرشد لصحيفة “مترو” البريطانية عن رأيها بالقول: “أنا أعلم أنّ هذا الأمر ليس معنيّاً بي فقط، بل هو متعلّق بنساء العالم أجمع وليس محصوراً بالنساء المسلمات، إلاّ أنّه بالتأكيد ذو أهمية عالية للنساء المسلمات على وجه الخصوص.”
واستعادت القاضي أرشد الخوف الذي تملّكها في صغرها بأن تمنعها هويّتها من ممارسة مهنتها، كونها نشأت في عائلة من الطبقة العاملة وتنتمي إلى أقلية عرقية، معلنة رغبتها في استخدام منصبها كوسيلة “لإسماع صوت التنوّع والإختلاف بشكل واضح.”
وعبّرت أرشد عن فرحتها بالأصداء الإيجابية التي انتشرت بعد تعيينها، مشيرة إلى أنها تلقّت الكثير من رسائل البريد الإلكتروني من رجال ونساء، إلاّ أنّ رسائل النساء استوقفتها، فقد عبّر كثير منهنّ عن اعتقادهنّ الخاطئ بعدم قدرتهنّ على أن يصبحن قاضيات أو حتّى محاميات، فقط لأنهنّ يرتدين الحجاب.
بعد أن تلقّت تدريبها في لندن، عُيّنت أرشد عضواً في “غرف قانون الأسرة” في سانت ماري عام 2004، وقد عملت خلال مسيرتها في مجالات عدّة منها قانون الأطفال الخاص والزواج القسري وختان الإناث، إضافة إلى قضايا أخرى تتعلّق بالشريعة الإسلامية.
إلّا أنّ راشد، وبالرغم من خبرتها الوفيرة، ما زالت تواجه التمييز والأحكام المسبقة بحقّها، كأن يظنّ حاجب المحكمة في بعض الأحيان أنّها الموكّلة أو المترجمة عند وجودها في قاعة المحكمة. وأضافت قائلة “أنا لا أحمل في قلبي شيئاً تجاه الحاجب نفسه، إلاّ أنّ تصرّفه هذا يعكس تفكير المجتمع بأنّ الأشخاص ذوي المناصب العليا في المحاكم لا يشبهون ما أنا عليه. إنّ أحد العوامل التي تشكّل عائقًا في طريق النساء هو التردّد، فعن نفسي، مررت بكثير من المواقف التي جعلتني أقف للحظة في قاعة المحكمة لأتساءل: هل أستحقّ فعلًا هذا المنصب؟”
وتوقّفت أرشد عند موقف حصل معها في العام 2001 وكان حاسمًا في مسيرتها، حين نصحها أحد أفراد أسرتها بعدم ارتداء الحجاب خلال مقابلتها للحصول على منحة دراسية في كليّة الحقوق بحجّة أنّ الحجاب يؤثّر سلبًا على حظوظها. وعلّقت قائلة: “قرّرت أن ارتدي حجابي لأنّ تقبّل الآخر على ما هو عليه هو أمر غاية في الأهمّية بالنسبة لي، فأنا لا أريد إكمال مسيرتي المهنية على حساب التمسّك بهويّتي.”
وقد أكملت بعد ذلك مسيرتها المهنية كمحامية ناجحة، وأصبحت مؤلّفة لنصّ رائد في قانون الأسر الخاص بالمسلمين. كما أثنى الرؤساء المشتركون لغرف قانون الأسرة في سانت ماري على جهود أرشد لتعزيز التنوّع في السلك القضائي، وعلى كونها مثالًا يلهم الكثير من الأقليّات، حيث أشاروا إلى أنّ رافيا أرشد مهّدت الطريق لنجاح النساء المسلمات في مجالي القانون والمحاماة، وعملت دون كلل أو ملل على تعزيز المساواة والتنوّع ضمن المهنة. وأضافوا: “إنّ رافيا أرشد بلا شكّ تستحقّ هذا التعيين، ونحن في غرف قانون الأسرة في سانت ماري جميعًا فخورون بها ونتمنّى لها النجاح.”
وأكّدت أرشد أنّه في حين يبذل المكتب القضائي قصارى جهده لتعزيز الإدماج وتشجيعه، فإنّها تعتقد أنّها تحمل على عاتقها مسؤولية خاصّة في دعم التنوّع ضمن مهنتها، حيث قالت: “يقع على عاتقي اليوم مسؤولية إيصال صوتهم وإعلاء وقعه، حتّى يصل صوت التنوّع والاختلاف بشكل واضح للجميع.”
“محكمة” – الخميس في 2020/5/28
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.