ردّ دعوى المطالبة بالتعويض الاضافي لاسترداد مأجور/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدينة في بيروت والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري مسألة مدى توجب التعويض الاضافي على اثر دعوى الاسترداد، فاعتبرت ان ارادة المتعاقدين اتجهت الى التنازل عن حق التذرع بالمادة 9 من قانون الايجارات في حال قام المالكون بتنفيذ بنود الاتفاقية.
وقضت بتصديق الحكم المستأنف.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/1/21
بناء عليه،
اولاً: في الشكل
حيث ان الاستئناف الحاضر قدم من قبل محام، وارفقت ربطاً به صورة طبق الاصل عن الحكم المطعون فيه، ولم يثبت وروده خارج المهلة القانونية، وسددت عنه الرسوم والتأمينات المتوجبة قانوناً، فضلاً عن ايراد الاسباب الاستئنافية فيه وتحديد الطلبات في خاتمته اصولاً، مما يتعين معه قبوله شكلاً سيما لاستيفائه سائر شروطه الشكلية المنصوص عليها في المادة /655/ من قانون اصول المحاكمات المدنية.
ثانياً: في الاساس
وحيث ان المستأنفين يطلبان فسخ الحكم الابتدائي كونه رد دعواهما الرامية الى الزام المستأنف عليهم بمبلغ /45,000/ د.ا. يمثل التعويض الاضافي المنصوص عنه في المادة /9/ من القانون رقم 92/160 ، مدليين بان الاخيرين قد استصدروا قراراً يحيز لهم استرداد المأجور الذي كانا يشغلانه وانهم لم يلتزموا بهدم البناء الكائن فيه المأجور واعادة بنائه ضمن المهلة القانونية.
وحيث ان المستأنف عليهم يطلبون من جهتهم رد الاستئناف وتصديق الحكم الابتدائي، مدلين بخاصة بانتفاء حق المستأنفين بالتمسك بتطبيق المادة /9/ المشار اليها تبعاً لتوقيع الفريقين لاتفاقية رضائية توافقا بموجبها على عدم استئناف الحكم القاضي بالترخيص بالاسترداد وعلى آلية الاخلاء وتسديد التعويض، بحيث يكون المستأنفان قد تنازلا عن تطبيق احكام القانون رقم 92/160 واخضعا العلاقة لبنود الاتفاقية المذكورة، واستطراداً لكونهما لم يتخطيا المهلة المحددة قانوناً اذا قاما بالاعمال غير المادية الضرورية الواجب انجازها توصلاً للهدم واعادة البناء، واستطراداً اكثر لتوفر المسوغ المشروع المبرر للتأخير والناجم عن تقاعس الادارة المختصة في اصدار الرخصة والذي قابله حسن نيتهم وجديتهم والمتمثلين بمباشرتهم بطلب الرخصة والغاء العدادات وتسديد بدل عيارات المياه حتى قبل الاخلاء هذا فضلاً عن قيامهم بتنفيذ الاتفاق الرضائي الموقع مع المستأنفين وفقاً لمنطوقه والتزامهم بالموجبات المترتبة عليهم بموجبه.
وحيث انه من الثابت انه بتاريخ 2010/5/8 تقدم المستأنفان الاولان بدعوى بوجه المستأنفين طلبا بموجبها استرداد المأجور الذي يشغله هذان الآخيران للهدم واعادة البناء، فاستصدرا بتاريخ 2011/10/31 حكماً قضى بالترخيص لهما باسترداد المأجور المذكور لقاء تعويض وقدره /90,000/ د.ا. وانه بتاريخ 2012/2/9 وقع المستأنف عليهما الاول والثاني بواسطة وكيلهما المستأنف عليه الثالث (كفريق اول) والمستأنفان (كفريق ثانٍ)، عقد اتفاق رضائي توافقا بموجبه على تنفيذ الحكم المشار اليه حبيا ورضائياً بعد ان تنازل كل منهما عن حقه في استئنافه (المقدمة والبند الثاني) وتنازل الفريق الثاني عن حقه في المأجور الذي يشغله في العقار موضوع الدعوى وتعهد بإخلائه في مهلة اقصاها 2012/3/30 وبتسليمه الى الفريق الاول خاليا من اي شاغل مقابل قبضه لمبلغ صاف ومقطوع قدره /90,000/ د.ا. (البند الثالث) فيما تعهد الفريق الاول بدفع قيمة التعويض المقطوع المتفق عليه على الشكل التالي (20,000) د.ا. عند التوقيع، و 70,000 د.ا. بالتزامن مع استلام المأجور ضمن المهلة المحددة اعلاه (البناء الرابع)، واذا لم يقم الفريق الثاني باخلاء المأجور خلال المهلة المحددة يعتبر العقد بمثابة سند تنفيذي قابل للتنفيذ…(البند السادس) وفي المقابل، اذا لم يقم الفريق الاول بتسديد رصيد التعويض المتفق عليه يحق للفريق الثاني اعتبار هذا العقد مفسوخاً على مسؤولية الفريق الاول الذي يفقد حقه في استرجاع قيمة الدفعة الاولى التي تصبح بمثابة عطل الضرر الفريق الثاني مع احتفاظ الفريق الثاني بحق متابعة تنفيذ هذا العقد عيناً بحق الفريق الاول وكذلك احتفاظه بتطبيق احكام المادة /9/ من قانون الايجارات (البند السابع)، ويعتبر هذا العقد بمثابة سند تنفيذي بوجه فريقيه (البند الثامن)، وان التنفيذ الكامل والسليم لمضمون هذا العقد من قبل فريقيه يعتبر بمثابة براءة ذمة كاملة وشاملة لكل منهما تجاه الآخر (البند التاسع).
وحيث انه بمقتضى المادة 9 من القانون 92/160 يترتب على المالك الذي استرد مأجوره عملاً بأحكام هذا القانون ان يدفع تعويضاً اضافياً الى المستأجر يعادل نصف قيمة التعويض المقضي به دون ان يكون المستأجر ملزماً بإثبات الضرر الذي اصابه اذا كان المأجور قد استرد من اجل الهدم واعادة البناء ولم يشرع المالك بالبناء دون مسوغ شرعي بمهلة سنة من تاريخ اخلاء آخر مستأجر.
وحيث ان الحق بالتعويض الاضافي الذي نشأ بتاريخ الحكم بالاسترداد للهدم، معلقاً على شرط عدم مباشرة المالك بالبناء في المهلة المحددة قانوناً، يجوز ان يكون موضوع تنازلٍ من قبل صاحبه المستأجر.
وحيث يقتضي ان يكون هذا التنازل واضحاً لا لبس فيه، ويعبر عن تخلي المستأجر عن حقه بالمطالبة بهذا التعويض في حال توافرت شروطه، فلا يكفي ايراد بند في العقد يبرئ ذمة المالكين ابراءً تاماً وشاملاً للقول بحصول هذا التنازل.
(يراجع مثلاً: استئناف بيروت-الغرفة الثانية عشرة-تاريخ 2007/5/23).
وحيث يجوز ان يكون التنازل صريحاً او ضمنياً يستنتج من الاتفاق الحاصل بين المالك والمستأجر.
وحيث انه، بالعودة الى الحالة الحاضرة، وبمراجعة بنود العقد لاسيما البند السابع من الاتفاقية الموقعة بين المالكين والمستأجرين المذكور آنفاً، يتبين انه تم ذكر المادة 9 المتعلقة بالتعويض الاضافي بمعرض البحث في الحالة التي يتمنع فيها المالكون عن تسديد الجزء المتبقي من قيمة تعويض الاسترداد المترتب في ذمتهم وبالآثار المترتبة على هذا التمنع، فاتفق الفريقان في العقد على انه، من آثار عدم تسديد رصيد التعويض المتفق عليه الى الفريق الثاني، اي المستأجرين، اعتبار العقد مفسوخاً على مسؤولية الفريق الاول الذي يفقد حقه في استرجاع الدفعة الاولى التي تصبح بمثابة العطل والضرر، واضافا، بإطار البحث في آثار عدم تسديد رصيد التعويض ايضاً، ان المستأجرين يستعيدان حقهما بمتابعة تنفيذ هذا العقد عيناً بحق الفريق الاول، كما يستعيدان حقهما بتطبيق احكام المادة /9/ من قانون الايجارات.
وحيث انه، تفسيراً لارادة المتعاقدين، يستنتج عكسياً من ما تقدم، ان الارادة المشتركة للفرقاء اتجهت الى التنازل عن حق التذرع بالمادة 9 من قانون الايجارات في حال قام المالكون بتنفيذ بنود الاتفاقية وفقاً لما هو متفق عليه لجهة تسديد رصيد التعويض المتفق عليه، لانه وفق هذه الحالة يكون كل منهما قد ابرأ ذمة الآخر ابراءً كاملاً وشاملاً وفق البند التاسع من الاتفاقية، وبالتالي يكون المستأجران قد تنازلا بشكل واضح لا لبس فيه عن حقهما بالمطالبة بالتعويض الاضافي عند قبضهم كامل التعويض المتوجب لهم.
وحيث ان الفريقين لم ينازعا بمسألة تنفيذ المالكين لالتزاماتهم لجهة دفع الرصيد من التعويض الى المستأجرين، فيكون الشرط الذي علقت عليه استعادة المستأجرين لحقهما في المطالبة بالتعويض الاضافي غير متحقق في الحالة الراهنة، ما يقتضي معه رد ادلاءاتهما لهذه الجهة.
وحيث يقتضي بالتالي تصديق الحكم المستأنف لجهة النتيجة التي توصل اليها بالاستناد الى التعليل المعتمد من المحكمة الحاضرة وفي متن هذا القرار.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد إما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع، بما في ذلك طلب العطل والضرر.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً.
2- ردّ الاستئناف اساساً، وتصديق الحكم المستأنف من حيث النتيجة التي توصل اليها بالاستناد الى التعليل المعتمد من المحكمة في متن هذا القرار.
3- ردّ طلب العطل والضرر.
4- ردّ سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة.
5- مصادرة التأمين الاستئنافي، وتضمين المستأنفة الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2019/1/21
“محكمة” – الأحد في 2019/3/24