علم وخبر

رسالة العدالة وسلوكية إيجابية الطابع.. وتصديق القرار التأديبي بحقّ محام/ناضر كسبار

ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
نظرت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت-الغرفة الناظرة في القضايا النقابية، والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، ومن ممثلي  مجلس النقابة في بيروت الاستاذين ايلي حشاش وايلي بازرلي، في الاستئناف المقدم من المحامي بعد صدور القرار عن المجلس التأديبي. فاعتبرت ان عدم اقتران طلبات الملاحقة الجزائية المعددة في القرار المستأنف بأيّة قرارات جزائية، انما لا يحول من حيث المبدأ من مساءلته مسلكياً كون موضوع الملاحقة الراهنة هو تأديبي مسند الى مخالفة احكام قانون تنظيم مهنة المحاماة وليس جزائي مسند الى قانون العقوبات، ولاستقلال الملاحقة التأديبية عن الملاحقة الجزائية.
كما اعتبرت ان رسالة العدالة لا تتحقق الا بسلوكية معينة ايجابية الطابع، اذ يعتبر المحامي من نخبة المجتمع ومن حماة القانون، وتبعا لذلك يتعين عليه ان يتمتع بحسن الآداب وطيب السمعة في كل الاعمال ويفترض عليه ان يسلك الطرق والوسائل القانونية في كاقة الظروف، بحيث انه اذا اخل بتلك المبادئ سواء في معرض ممارسة المهنة او خارجها تعرض للمساءلة المسلكية.
وبعد تعداد ما قام به المحامي من مخالفات، قضت بتصديق قرار المجلس التأديبي.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/11/14.
في الاساس:
وحيث ان المستأنف يطعن بالقرار المستأنف الصادر عن المجلس التأديبي للمحامين، الذي قضى بإدانته بموجب المواد 10 و80 و99 من قانون تنظيم مهنة المحاماة والمادتين 4 و91 من النظام الداخلي للنقابة ومنعه من مزاولة مهنة المحاماة لمدة تسعة اشهر من تاريخ تبلغه القرار.
وحيث ان مهنة المحاماة تهدف الى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق (م1 محاماة) وتشترط ان يكون المحامي متمتعا بسيرة توحي الثقة والاحترام (م5) وان يقوم بالاعمال بأمانة وان يحافظ على آداب المهنة وتقاليدها وان يتقيد بقوانينها وانظمتها…وان يتصرف في جميع اعماله تصرفا يوحي الثقة والاحترام (م10) وان يتقيد بجميع اعماله بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة التي يفرضها عليه القانون وانظمة المحاماة وتقاليدها (م80) بحيث يتعرض كل محام يخل بواجبات مهنته المعينة في هذا القانون او يقدم اثناء مزاولته المهنة او خارجا عنها، على عمل يحط من قدرها او يسلك مسلكاً لا يأتلف وكرامتها المحددة قانوناً (م99).
وحيث من ناحية اخرى، فإنّ عدم اقتران طلبات الملاحقة الجزائية المعددة في القرار المستأنف باية قرارات جزائية، انما لا يحول من حيث المبدأ من مساءلته مسلكيا كون موضوع الملاحقة الراهنة هو تأديبي مسند الى مخالفة احكام قانون تنظيم مهنة المحاماة وليس جزائي مسند الى قانون العقوبات، ولاستقلال الملاحقة التأديبية عن الملاحقة الجزائية.
وحيث ان رسالة العدالة لا تتحقق الا بسلوكية معينة ايجابية الطابع، اذ يعتبر المحامي من نخبة المجتمع ومن حماة القانون، وتبعا لذلك يتعين عليه ان يتمتع بحسن الآداب وطيب السمعة في كل الاعمال ويفترض عليه ان يسلك الطرق والوسائل القانونية في كاقة الظروف، بحيث انه اذا اخل بتلك المبادئ سواء في معرض ممارسة المهنة او خارجها تعرض للمساءلة المسلكية.
وحيث ان بالعودة الى اوراق الملف ومعطيات القضية والوقائع المثبتة في القرار المستأنف يتبين ما يلي:
– ان المستأنف قد اوكل من قبل السيد ج. د. بإتمام عملية نقل ملكية سيارتين على اسم الموكل بعد ان انتقلت ملكيتها اليه بالارث، كما قام الموكل بتسليم المستأنف مبلغ مليوني ليرة لبنانية ودفتري السيارتين لانجاز المعاملة.
– ان المستأنف لم يقم بإنجاز معاملة نقل ملكية السيارتين على اسم موكله، رغم مراجعة الموكل للمستأنف مراراً بذلك.
– انه بعد انقضاء اكثر من سنة، تقدم الموكل بشكوى امام نقابة المحامين في بيروت بوجه المستأنف بسبب عدم القيام بما كلف به المستأنف من قبل موكله.
– ان المستأنف اوضح امام المحامي المكلف من نقيب المحامين للتحقيق بالشكوى الآنفة الذكر بانه لم يستلم دفتري السيارتين من موكله، ووعد المحقق بإنهاء معاملة نقل الملكية في مدة اقصاها اسبوعان من تاريخ استماعه في 2015/3/24 (وفق مضمون قرار احالة المستأنف امام المجلس التأديبي المؤرخ في 2015/8/19)
– ان المستأنف بعد استمهاله تكراراً امام المجلس التأديبي للمحامين، ادلى بانه تواصل مع الشاكي وتفاهم معه على ان ينظم له ايصالا بتسلمه لدفتري السيارتين مع تعهد بإنهاء المعاملة ضمن مهلة عشرة ايام، وعاد وادلى امام المجلس التأديبي بانه تسلم دفتري السيارتين من موكله بتاريخ 2016/2/1.
– ان المجلس التأديبي للمحامين اصدر قراره المستأنف بتاريخ 2016/3/2 دون ثبوت ان المستأنف قام بإنهاء المعاملة التي كلف بها من موكله الشاكي.
– ان المستأنف ادلى بانه قام بإنهاء ما كلف به من قبل الشاكي بتاريخ 2016/8/10 وفق صورة دفتر السيارة المرفق بالاستنئاف اي بعد صدور القرار المستأنف وقبل تقديم الاستئناف الراهن.
وحيث انه يتبين من التحقيقات المجراة من قبل المحقق في قرار احالة المستأنف امام المجلس التأديبي المرفق بلائحة المستأنف عليها، ومن مضمون القرار المستأنف، وان المستأنف قد تسلم من موكله مبلغ مليوني ليرة لبنانية ودفتري سيارتين لنقل ملكيتهما على اسم موكله، ولم يفعل ذلك لاكثر من سنة وحتى لما بعد صدور قرار المجلس التأديبي بحقه بسبب الفعل المذكور نتيجة الشكوى بحقه لعدم انهاء ما كلف به لهذه الجهة، ولا يمكن الركون لما ادلى به المستأنف من انه تسلم دفتري السيارتين بتاريخ 2016/2/1 لعدم الثبوت ولتعارض ذلك مع ما ادلى به الشاكي في شكواه ولتعارضه كذلك مع منطق الامور الذي يستدل عليه من تسلم المستأنف للمال لانهاء معاملة نقل الملكية عند تكليفه بذلك وتبعا لذلك تسلمه  لدفتري السيارتين بالتاريخ نفسه، مع الاشارة الى انه لم يثبت في الملف ان المستأنف سبق له قبل التقدم بالشكوى بحقه ان طلب تسليمه دفتري السيارتين من موكله رسميا لاثبات تقاعس هذا الاخير.
وحيث انه لم يثبت ان ما ادلى به المستأنف من اصابته ببعض الامراض وفق صورة التقرير الطبي المؤرخ في 2018/10/10 كان السبب في تأخره عن القيام بإنهاء ما كلف به من الشاكي ضمن مهلة معقولة، لاسيما وان المستأنف ادلى بإنه لديه موكلين بالمئات ولم يثبت انه تأخر بتنفيذ ما كلف به منهم بسبب مرضه المدلى به.
وحيث انه من الواضح مما تقدم، ان المستأنف قد ماطل وتأخر دون ثبوت عذر مشروع بإنهاء ما كلف به من قبل الشاكي، وان التأخير المذكور استمر حتى تاريخ لاحق للتقدم بالشكوى بحقه ولما بعد صدور القرار التأديبي الراهن بحقه، ما يعتبر اخلالاً فاضحاً برسالته كمحامٍ، الامر الذي لا يأتلف مع المبادئ والقيم التي تفترضها مهنة المحاماة ويستدعي بالتالي مساءلته على اساسه.
وحيث انه على صعيد آخر تبين من ملف المستأنف المهني وجود عدة اذونات ملاحقة بوجهه وعدة شكاوى بحقه، ما يفيد ان للمستأنف مشاكل متعددة تتعلق بسلوكياته كمحام.
وحيث انه تبعا لما تقدم وبالنظر لسلم العقوبات التأديبية المنصوص عنها في المادة 99 من قانون تنظيم مهنة المحاماة، ترى المحكمة في العقوبة الملقاة من قبل المجلس التأديبي للمحامين في القرار المستأنف انها متناسية مع المخالفة المرتكبة من المستأنف.
وحيث انه تبعا لذلك، يقتضي رد الاستئناف اساساً وتصديق القرار المستأنف.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة، بما فيها طلب وقف التنفيذ، مستوجبة الرد اما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع.
لذلك
تقرر بالاجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً.
2- رده اساساً وتصديق القرار المستأنف.
3- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة.
4- مصادرة التأمين الاستئنافي، وتضمين المستأنف الرسوم والنفقات القانونية.
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2019/11/14.
“محكمة” – السبت في 2024/9/7

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!