رسالة المحاماة وحصانة المحامي ومعاقبته مسلكياً والجهة المُختصَّة لمنعه من مزاولة مهنته/نادر شافي
المحامي الدكتور نادر شافي:
أوّلاً: رسالة المحاماة:
المحاماة هي أصلاً مهنة النبلاء والشرفاء الذين كانوا ينبرون متبرعين ليدافعوا عن حقوق الضعفاء والفقراء ولكي ينيروا طريق القاضي قبل إعطاء الحكم العادل . وتعتبر المحاماة مهنة يُنظِّمها القانون، فأُنشئت نقابة المحامين Order Des Avocat عام 1919 قبل إنشاء دولة لبنان الكبير عام 1920، وجرى تنظيمها بالمرسوم الإشتراعي رقم 42/180 ثمّ بموجب قانون تنظيم مهنة المحاماة الصادر تاريخ 1945/12/13 ثمّ بموجب القانون رقم 1970/8 الصادر بتاريخ 1970/3/11 وتعديلاته وبالنظام الداخلي لكلّ من نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، وهي تهدف إلى تحقيق رسالة العدالة بإبداء الرأي القانوني والدفاع عن الحقوق…
وقد فرض القانون على المحامي التقيّد بمبادىء الشرف والاستقامة والنزاهة، إضافة الى مبادىء عديدة تلازمه حتى في حياته الخاصة والشخصية التي من شأنها أن تُلحق مساساً بكرامة المهنة وسمعة المحامي ونقابة المحامين (م 80/محاماة وما يليها). كما لا يجوز للمحامي أن يفشي سراً مؤتمناً عليه أو عرفه عن طريق مهنته ولو بعد انتهاء وكالته، ولا يجوز للمحامي الإدلاء بشهادة ضد موكله في الدعوى التي يتولى الوكالة فيها أو كان وكيلاً فيها (م 92 /محاماة وم 264 أ.م.م.).
إضافة الى منع المحامي الجمع بين المحاماة وبين أية وظيفة أو خدمة عامة أو الأعمال التجارية والصناعية والصحافية(باستثناء الحقوقية منها) وجميع المهن التي تستهدف الربح ورئاسة أو نيابة أو مديرية الشركات وأعمال الخبراء والأعمال التي تتنافى واستقلال المحامي أو لا تتفق وكرامة المحاماة ورئاسة مجلس النواب والوزراء، وغيرها (م 15 و16 و17 و18 /محاماة)، بشكل يمنع المحامي من تقاضي أي راتب أو أجر أو أرباح تجارية أو كل ما يتعلَّق بها، مما يجعل أتعابه من مهنة المحاماة والأعمال القليلة المستثناة المتعلقة بمجال مهنته هو مصدر رزقه ورزق عائلته الوحيد….
ثانياً: حصانات وضمانات المحامي:
أمام هذه المبادىء والضوابط والقيود لتحقيق رسالة العدالة وقدسية الدفاع عن الحقوق، أعطى القانون للمحامي حصانات وضمانات، وفرض عليه عقوبات مسلكية تُفرض عليه وفق الأصول القانونية، تنطلق من مبدأ إعتبار أن حق الدفاع هو حق مُقدَّس، على النحو التالي:
1- لا يُسأل المحامي، ولا يترتب عليه أي دعوى بالذم أو القدح أو التحقير من جراء المرافعات الخطية أو الشفهية التي تصدر عنه، ما لم يتجاوز حدود الدفاع (م 74 /محاماة).
2- لا يجوز توقيف المحامي احتياطياً في دعوى قدح أو ذم أو تحقير التي أُقيمت على محامٍ بسبب أقوال أو كتابات صدرت عنه أثناء ممارسته مهنته، ولا يجوز أن يشترك برؤية الدعوى أحد قضاة المحكمة التي وقع فيها الحادث (م 75/محاماة).
3- كل جرم يقع على محامٍ أثناء ممارسته مهنته أو بسبب هذه الممارسة، يُعرّض الفاعل والمشترك والمتدخل والمحرض للعقوبة نفسها التي يعاقب عليها عند وقوع الجرم على قاضٍ، على ان يخضع لطرق المراجعة العادية (م 76/محاماة).
4- كل قرار قضائي يقضي بتفتيش مكتب محام أو بحجز أموال موجودة فيه أو بجرد موجوداته، لا ينفَّذ إلا بعد انقضاء 24 ساعة على الأقل على إيداع صورة عنه مركز النقابة التي ينتمي اليها مع دعوة موجهة للنقيب لحضور الاجراءات بنفسه أو بواسطة عضو ينتدبه لهذه الغاية من أعضاء مجلس النقابة (م 77/محاماة).
5- لا يجوز وضع الأختام على مكتب محام بداعي تحصيل ضريبة أو رسم إلا بعد مضي مهلة عشرة أيام على الأقل على انذار صاحب العلاقة خطياً وإشعار مركز النقابة التي ينتمي اليها (م 78/محاماة).
6- لا يجوز استجواب المحامي عن جريمة منسوبة اليه، باستثناء حالة الجرم المشهود، إلا بعد ابلاغ الأمر لنقيب المحامين الذي يحقّ له حضور الاستجواب بنفسه أو بواسطة من ينتدبه من أعضاء مجلس النقابة (م 78/1 محاماة).
7- لا يجوز ملاحقة المحامي لفعل نشأ عن ممارسة المهنة أو بمعرضها إلا بقرار من مجلس النقابة بإذن الملاحقة، ومجلس النقابة يُقدّر ما إذا كان الفعل ناشئاً عن المهنة أو بمعرضها. ويجب إصدار القرار بالإذن (بالملاحقة أو برفضه) خلال شهر من تاريخ إبلاغ النقيب وقوع الفعل بكتاب خطي، فإذا انقضت مهلة الشهر ولم يصدر القرار يعتبر الإذن واقعاً ضمناً. وتقبل قرارات مجلس النقابة وقرارات لجنة إدارة صندوق التقاعد الطعن أمام محكمة الاستئناف بمهلة 15 يوماً تلي التبليغ، على أن ينضم إلى الهيئة الحاكمة عضوان من مجلس النقابة يختارهما المجلس المذكور من بين أعضائه (المادة 79/2 /محاماة وتعديلها بالقانون رقم 78/18 تاريخ 1978/12/18).
ثالثاً: معاقبة المحامي مسلكياً وتأديبياً عندما يخلّ بواجباته المهنية أو عند ارتكابه عملاً يحطّ من قدرها أو عندما يسلك مسلكاً لا يأتلف وكرامتها:
عند إخلال المحامي بواجباته المهنية، يتعرَّض للملاحقة التأديبية أمام المجلس التأديبي التابع لنقابته، في بيروت أو في طرابلس.
ويتألف المجلس التأديبي من النقيب أو من ينتدبه رئيساً ومن عضوين يختارهما النقيب من مجلس النقابة لمدة سنة، ويجوز أن يكون أحد العضوين من المحامين المقيدين في الجدول العام منذ عشر سنوات على الأقلّ (م 96 /محاماة). ولنقيب المحامين أن يوجه تنبيهاً أخوياً إلى أحد المحامين عند وقوع مخالفة بسيطة من قبله دون إحالته على مجلس التأديب (م98/محاماة). ويلاحق المحامي تأديبياً بمبادرة من نقيب المحامين أو بناء على شكوى أو اخبار مُقدَّم له. ولا تجوز إحالة محامٍ على مجلس التأديب إلا بعد استماعه من قبل النقيب أو من ينتدبه (م 102 /محاماة).
يعتمد مجلس التأديب طرق التحقيق والمحاكمة التي يرى فيها ضمانة لحقوق الدفاع وحسن سير العدالة، وللمحامي المحال الحق بتوكيل محام واحد (م 105/محاماة). وتجري المحاكمة أمام المجلس بصورة سرية وتبلغ الدعوات والأحكام وفقاً للأصول (م 106/محاماة).
وكل محام، عاملاً كان أو متدرجاً، يخل بواجبات مهنته المعينة بالقانون أو يقدم أثناء مزاولة تلك المهنة أو خارجاً عنها، على عمل يحطّ من قدرها، أو يسلك مسلكاً لا يأتلف وكرامتها، يتعرض للعقوبات التأديبية التالية:
1- التنبيه،
2- اللوم،
3- المنع من مزاولة المحاماة مدة لا تتجاوز الثلاث سنوات،
4- الشطب من جدول النقابة (م 99/محاماة)،
5- لمجلس التأديب عند حكمه على محام بعقوبة المنع مؤقتاً من ممارسة المهنة أن يقضي بفقرة خاصة من قراره بحرمان ذلك المحامي من حق انتخابه عضواً في مجلس النقابة مدة لا تتجاوز العشر سنوات. وإن هذه العقوبة الإضافية تكون إجبارية في حالة الحكم على محام بسبب إخلاله عن قصد في واجب تفرضه عليه وظيفة نقابية أُسندت إليه (م 101 /محاماة).
رابعاً: الجهة المُختصَّة لمنع المحامي من مزاولة مهنته، وهل يجوز هذا المنع بقرار قضائي؟:
أمام هذه النصوص القانونية المذكورة، وقع الخلاف الفقهي والقضائي في تفسير هذه النصوص حول جواز منع المحامي من مزاولة مهنته بموجب قرار قضائي أو حكم قضائي، فهل إن نص المادة /111/ أ.م.ج. والمادة /94/ عقوبات تشمل المحامي وتجيزان منعه من مزاولة مهنة المحاماة بقرار قضائي؟
I- تفسير قاضي التحقيق والهيئة الإتهامية في بيروت لنص المادة /111/ أ.م.ج.:
إعتبر قاضي التحقيق في بيروت أنه:
– يعود له أن يستعيض عن توقيف المحامي المدعى عليه بوضعه تحت الرقابة القضائية ويمنعه من مزاولة مهنة المحاماة عملاً بأحكام المادة 111 أ.م.ج.، المستوحاة من نص المادة 138 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي الذي أعطى لقاضي التحقيق الفرنسي صلاحية وضع المدعى عليه تحت المراقبة القضائية وإلزامه بموجب أو أكثر من الموجبات التي عددتها المادة المذكورة على سبيل المثال دون أن يرد فيها أية استثناءات تتعلق بشخص أو صفة المدعى عليه ولا حتى بطبيعة الجرم، وأن المادة 138 من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي أوجبت على قاضي التحقيق في حال كان المدعى عليه الممنوع من ممارسة المهنة محامياً أن يحيل الأمر إلى مجلس نقابة المحامين الذي له وحده صلاحية منع المحامي من ممارسة المهنة (بعد أن أضيفت هذه الفقرة في العام 1993) وأن في ذلك دلالة واضحة على أن المشرع الفرنسي قصد ضمناً مهنة المحاماة من بين المهن التي يجوز لقاضي التحقيق منع المدعى عليه من ممارستها بدليل أنه نظم آلية تحقيق هذا المنع في المادة 138 المذكورة، علماً أن مهنة المحاماة مُنظَّمة بقانون خاص في فرنسا كما هو الحال في لبنان.
– وأن المشرع اللبناني عند وضعه لقانون أصول المحاكمات الجزائية 2001 أي بعد التعديل المشار إليه، إستوحى نص المادة 111 من أحكام القانون الفرنسي، لكنه لم يستعد ما هو معمول به في القانون الأخير لجهة وجوب إحالة المسألة إلى مجلس نقابة المحامين، وهذا يدل على أنه أبقى هذه الصلاحية بيد قاضي التحقيق.
– وأن ما جاء في المادة 99 /محاماة لا يُعطّل العمل بأحكام المادة 111 أ.م.ج.، لأن مجلس نقابة المحامين ينظر بموجب المادة 99 المذكورة في الأخطاء المسلكية التي يرتكبها المحامي، في حين ينظر القاضي الجزائي في الجرائم الجزائية التي يقترفها المحامي،
– وأنه يفهم من نص المادة 94 عقوبات أنه يعود للقضاء الجزائي أن ينزل عقوبة المنع من مزاولة مهنة المحاماة لفترة محددة، وهو ما يعد دليلاً إضافياً على أن صلاحية المنع من مزوالة المهنة لا تعود حصراً إلى مجلس نقابة المحامين…
كما اعتبرت الهيئة الإتهامية في بيروت أن قرار قاضي التحقيق صحيح وقانوني، وأنه:
– يعود لقاضي التحقيق كامل السلطة والصلاحية في منع محام من مزاولة مهنة المحاماة، دون أن يكون مقيداً بأي إجراء، خاصة لناحية إبلاغ نقابة المحامين وانتظار رأيها،
– وأن نص المادة /111/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية الصادر في 2001/8/7، أجاز لقاضي التحقيق، مهما كان نوع الجرم، وبعد استطلاع رأي النيابة العامة، أن يستعيض عن توقيف المدعى عليه بوضعه تحت المراقبة القضائية، وبإلزامه بموجب أو أكثر من الموجبات التي يعتبرها ضرورية لإنفاذ المراقبة وأجاز له أن يُعدّل في موجبات الرقابة التي فرضها كلما رأى ذلك مناسباً، كما منحه حق توقيف المدعى عليه عند إخلاله بأحد موجبات المراقبة المفروضة عليه،
– وأن المشرع اللبناني لم يُقيّد قاضي التحقيق عند تقريره تدبير المنع من مزاولة المهنة بأي إجراء، كما أنه لم يُحدّد نطاق هذا المنع بجعله قاصراً على مهن دون مهن أخرى، وأنه بعدم تقييده لقاضي التحقيق في إتخاذ قرار المنع من مزاولة المهنة بإبلاغ نقابة المحامين، وبعدم إستثنائه مهنة المحاماة من المهن المشمولة بالمنع، يكون قد شاء إبقاء النص على إطلاقه، والمطلق يبقى على إطلاقه، فلا يجوز تقييده بأي شرط لم يرد نص عليه،
– واعتبرت الهيئة الإتهامية في بيروت أنه لا يجوز الأخذ بما توصل إليه المشرع الفرنسي في هذا المجال، فنص قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني لاحق للنص الفرنسي، وكان بإمكان المشرع اللبناني لو شاء الاقتداء بالمشرع الفرنسي، أن يضّمن نص المادة /111/ ما يستثني مهنة المحاماة أو ما يوجب على قاضي التحقيق إبلاغ نقابة المحامين، أو حتى ما يجعل من النقابة صاحبة السلطة في تقرير المنع، وطالما أنه لم يفعل، لا يعود جائزاً من الناحية القانونية تقييده بإجراءات لم يأتِ نص عليها،
– واعتبرت الهيئة الإتهامية في بيروت أن منع محامٍ من مزاولة مهنة المحاماة يكون عقوبة مسلكية عندما تفرضه نقابة المحامين، وعقوبة جزائية عندما يقضي بها قضاء الحكم الجزائي، وتدبيراً لازماً لإنفاذ المراقبة القضائية عندما يفرضه قاضي التحقيق،
– واعتبرت الهيئة الإتهامية في بيروت أنه لقاضي التحقيق كامل السلطة والصلاحية في منع محام من مزاولة مهنة المحاماة، دون أن يكون مقيداً بأي إجراء، خاصة لناحية إبلاغ نقابة المحامين وانتظار رأيها…
وقد وافق بعض الفقهاء قاضي التحقيق والهيئة الإتهامية رأيهما، إضافة الى إعتبار:
– أن ما قصده المشرع اللبناني في البند “ه” من المادة 111 أ.م.ج بشأن منع المدعى عليه من ممارسة بعض المهن هو الحؤول دون منع المدعى عليه من مزاولة جميع المهن دفعةً واحدة، بحيث لا يعود قادراً على تحصيل قوته اليومي، وليس حصر المنع بمهن معينة دون غيرها، وإلا كان لازماً على المشرع أن يُحدّد ما هي المهن التي يجوز المنع فيها، وما هي تلك التي لا يجوز أن يتناولها المنع،
– وأنه من غير المعقول أن يُميّز المشرع بين صاحب مهنة وآخر عندما تتعلَّق المسألة بارتكابات جرمية تخصّ هذه المهن، عملاً بقاعدة وجوب معاملة الأشخاص معاملة واحدة عندما يكونون في أوضاع قانونية مُتشابهة، ولا يخرج المُشرّع عن هذا الحكم إلا في حالات استثنائية يكون لها مُبرّراتها التي يستعرضها المُشرّع ويُكرّس نتائجها بنصوص صريحة الأمر الذي لم يحصل في الوضعية المبحوثة،
– وأن صياغة البند “ه” من المادة 111 أ.م.ج أعطت لقاضي التحقيق أن يفرض على المدعى عليه عدم ممارسة بعض المهن التي يحظر عليه قاضي التحقيق ممارستها طيلة مدة المراقبة، ولم يكن المشرع بحاجة ليُضمّن نص البند “ه” عبارة “التي يحظر عليه قاضي التحقيق ممارستها” لو لم يكن يقصد التأكيد على وجوب تحديد قاضي التحقيق نوع المهن التي يمنع على المدعى عليه ممارستها، ولو قصد غير ذلك لكانت العبارة المذكورة لزوم ما لا يلزم، ولجاز وصفها بالحشو الذي يفترض ألا يقع فيه المشرع لا سيما في مسائل تتعلق بالإجراءات الجزائية،
– إن التشريعات التي أرادت أن تقيم اعتباراً خاصاً للمحامين بهذا الخصوص، أرست ذلك بنص صريح، وعلى سبيل المثال التشريع المغربي في البند 14 من المادة 161 من المسطرة الجنائية المغربية والتي ذكرت التدابير التي قد يخضع لها من يتقرَّر وضعه تحت المراقبة القضائية، وأنه إذا تعلق الأمر القاضي بالمنع من مزاولة أنشطة مهنية، بعدم مزاولة مهنة المحاماة، فإن الوكيل العام للملك يحيل الأمر بطلب من قاضي التحقيق على مجلس هيئة المحامين، الذي يبتّ طبقاً لمقتضيات المواد من 65 إلى 69 من القانون المنظم لمهنة المحاماة، وفي حالة عدم البت خلال شهرين من تاريخ الإحالة يعود لقاضي التحقيق اتخاذ القرار بنفسه.
بينما رفض آخرون توجّهات قاضي التحقيق والهيئة الإتهامية المذكورين ، استناداً الى:
– خطأ كل من القرارين في تفسير نص المادة /111/ أ.م.ج.،
– وعدم شمولها المحامي وجميع المهن،
– والخطأ في المقارنة مع نص الفقرة /12/ من المادة /138/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية الفرنسي،
– ومخالفة مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات والتدابير،
– وعدم جواز الإجتهاد في معرض النص الواضح،
– ووجوب تقديم النص الخاص على النص العام، ووجوب التفسير الضيّق للنص الخاص،
– وتمييز القانون اللبناني بين المهن المُنظَّمة بقانون وبين باقي المهن، والتمييز بين نقابات المهن ونقابة المحامين التي لا تنطبق عليها الفقرة “ه” من المادة /111/أ.م.ج. لأن نقابة المحامين Order Des Avocat أُنشئت عام 1919 قبل إنشاء دولة لبنان الكبير عام 1920، وجرى تنظيمها بموجب قانون أوله عام 1945 ثم عام 1970 وهي تختلف عن النقابة المهنية Syndicate التي قد تنشأ بموجب قرار من وزير العمل أو غيره من الوزراء، إضافة الى الإختلاف من ناحية الإنشاء والتأسيس والإدارة والخضوع…
– وعدم جواز تطبيق المادة /111/ أ.م.ج. على مهنة المحاماة لعدم شمولها كل المهن وإلا لكانت هذه المادة نصت على ذلك صراحة على نحو شمولها كل الجرائم بعبارة “مهما كان نوع الجرم”،
– وعدم جواز إعطاء صلاحية لقاضي التحقيق دون وجود نص مكتوب وواضح،
– ولأن تجاوز إذن الإدعاء والملاحقة والحصانة وصلاحية المنع تؤدي الى تحوّل نقابة المحامين الى نقابة موظفين بشكل مخالف لقانون تنظيم مهنة المحاماة لتحقيق أهداف سياسية في محاربة نقابة المحامين التي تقوم بمسؤوليات وطنية بالدفاع عن الحريات وحماية المواطنين والمحامين ونضالها الوطني في تعديل القوانين وفي المساهمة بإستقلالية القضاء وتأمين حق الدفاع المُقدَّس للمواطنين وفي بناء مجتمع العدالة ودولة القانون….
II- موقف القانون والإجتهاد في ظل تعديل الفقرة /12/ من المادة /138/ من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي:
مرَّت الفقرة /12/ من المادة /138/ من قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي بثلاث مراحل، من خلال التعديلات التي طالتها ، فكان المشرع الفرنسي في مرحلة أولى لا يفرض على قاضي التحقيق إبلاغ أحد في معرض اتخاذه قرار منع المحامي من مزاولة المهنة، وبعد تعديل العام 1993 أصبح قاضي التحقيق ملزماً بأن يبلغ نقابة المحامين تدبير منع المحامي من مزاولة المهنة لإعلام نقابة المحامين لكي تتّخذ ما تراه مناسباً بحق المحامي من تدابير مسلكية، وبعد تعديل العام 2000 لم يعد يجوز لقاضي التحقيق منع المحامي من مزاولة مهنة المحاماة، وأصبحت نقابة المحامين هي المرجع الصالح حصراً لإتخاذ هذه القرار.
III- الحل القانوني لتحديد الجهة المُختصَّة لمنع المحامي من مزاولة مهنته، إستناداً الى المبادىء القانونية المُستقرَّة التي تحكم تنازع القوانين، وصياغة النصوص القانونية، ومُبرّرات منع المحامي من مزاولة مهنة المحاماة:
يتبين بشكل واضح وصريح من النصوص القانونية المذكورة آنفاً الواضحة والصريحة في المادة /99/ /محاماة رقم 1970/8 الصادر بتاريخ 1970/3/11 وتعديلاته، بأن منع المحامي من مزاولة المحاماة مؤقتاً هي عقوبة مسلكية تأديبية تدخل في اختصاص المجلس التأديبي التابع لنقابته، في بيروت أو في طرابلس.
إلا إن الفقرة /ه/ من المادة /111/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية في لبنان الصادر بالقانون رقم 2001/328 بتاريخ 2001/8/2 أعطت لقاضي التحقيق، مهما كان نوع الجرم، وبعد استطلاع رأي النيابة العامة، أن يستعيض عن توقيف المدعى عليه بوضعه تحت المراقبة القضائية، وبإلزامه بموجب أو أكثر من الموجبات التي يعتبرها ضرورية لإنفاذ المراقبة. منها: ه- عدم ممارسة بعض المهن التي يُحظّر عليه قاضي التحقيق ممارستها طيلة مدة المراقبة.
كما أنّ المادة /94/ من قانون العقوبات اللبناني الصادر بالمرسوم الإشتراعي رقم 340/NI بتاريخ 1943/3/1 نصت على أنّه: “يمكن منع أي شخص من مزاولة فن أو مهنة أو حرفة أو أي عمل مُعلَّق على قبول السلطة أو على نيل شهادة إذا حُكِم عليه بعقوبة جنائية أو جناحية من أجل جريمة إقتُرفت خرقاً لواجبات المهنة أو الفروض الملازمة لذلك العمل. إذا كانت مزاولة العمل بمعزل عن أي شرط أو ترخيص فلا يمكن القضاء بالمنع من مزاولته إلا في الحالات التي نص عليها القانون. يتعرّض الناشر في قضايا المطبوعات للمنع وإن لم تكن مزاولته العمل منوطة بترخيص. والمنع الذي ينزل به أو بالمالك يؤدي إلى وقف الصحيفة مدة المنع نفسها”.
أمام هذه النصوص القانونية، يقتضي تحديد الجهة المخُتصَّة في إتخاذ قرار منع المحامي من مزاولة مهنته، وتحديد ما إذا كان نص المادة /111/ أ.م.ج. والمادة /94/ عقوبات تشمل المحامي وتجيزان منعه من مزاولة مهنة المحاماة بموجب قرار قضائي أو حكم قضائي ؟
ومن أجل حلّ هذه المسألة القانونية، لا بدَّ من تطبيق المبادىء القانونية الأساسية التي تحكم تنازع القوانين لتحديد القانون الواجب التطبيق، تمهيداً لتحديد الجهة المُختصَّة قانونياً في منع المحامي من مزاولة مهنة المحاماة مؤقتاً، إنطلاقاً من التسلسل الزمني للنصوص القانونية ذات الصلة، وفق الآتي:
– إن قانون العقوبات رقم 340/NI /1943، هو قانون عام،
– وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 2001/328، هو أيضاً قانون عام،
– بينما قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 1970/8، هو قانون خاص،
وحيث إن المبادىء القانونية المتفق عليها فقهاً وإجتهاداً هي التالية:
1- عند وجود قانون قديم ثم صدور قانون جديد، وكلاهما من نوع واحد (أي كل منهما عاماً أو كل منهما خاصاً): فإن القاعدة القانونية الجديدة تلغي القاعدة القانونية القديمة المتعارضة معها بأكملها، إن لم يكن صراحة فضمناً،
2- عند وجود قانون قديم عام وصدور قانون جديد خاص: فإن القاعدة القانونية الخاصة الجديدة تلغي القاعدة القانونية العامة القديمة في حدود ما تعارضت فيه معها،
3- عند وجود قانون قديم خاص وصدور قانون جديد عام: فإن القاعدة القانونية العامة الجديدة لا تلغي القاعدة القانونية الخاصة القديمة، وتبقى القاعدة القانونية الخاصة القديمة كإستثناء على القاعدة القانونية العامة الجديدة .
وبناء على هذه المبادىء القانونية المستقرَّة، يمكن إستنتاج ما يلي:
1- إن أحكام المادة /99/ /محاماة رقم 1970/8 الصادر بتاريخ 1970/3/11 وهو قانون خاص، تعتبر إستثناء على أحكام المادة /94/ من قانون العقوبات اللبناني الصادر بالمرسوم الإشتراعي رقم 340/NI بتاريخ 1943/3/1، وهو قانون عام، لأن القاعدة القانونية الخاصة الجديدة تلغي القاعدة القانونية العامة القديمة في حدود ما تعارضت فيه معها،
2- كما أنّ الفقرة /ه/ من المادة /111/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية في لبنان الصادر بالقانون رقم 2001/328 بتاريخ 2001/8/2 وهو قانون عام، لا يمكن أن تلغي أو تحلّ محلّ أحكام المادة /99/ محاماة رقم 1970/8 الصادر بتاريخ 1970/3/11 لأنها قاعدة قانونية خاصة، فتبقى أحكام المادة /99/ محاماة استثناء على أحكام المادة /111/أ.م.ج.، لأن القاعدة القانونية العامة الجديدة لا تلغي القاعدة القانونية الخاصة القديمة، وتبقى القاعدة القانونية الخاصة القديمة الواردة في المادة /99/محاماة سارية المفعول وإستثناءً على القاعدة القانونية العامة الجديدة الواردة في المادة /111/أ.م.ج.،
3- إن المادة /111/أ.م.ج. نصت في الفقرة “ه” بشكل واضح وصريح “ه- عدم ممارسة بعض المهن التي يحظر عليه قاضي التحقيق ممارستها طيلة مدة المراقبة”، وبالتالي إن تقصّد المشترع ذكر عبارة “بعض المهن” لا يمكن تطبيقها على جميع المهن، لا سيما على المهن المنظَّمة بنصوص قانونية خاصة، ومنها مهنة المحاماة التي تخضع لقانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 1970/8 الصادر بتاريخ 1970/3/11 وتعديلاته الذي أعطى صلاحية اتخاذ قرار منع المحامي من مزاولة مهنته مؤقتاً للمجلس التأديبي التابع لنقابته سنداً لأحكام المادة /99/ من هذا القانون رقم 1970/8 ، فلو أراد المشترع خلاف ذلك لأورد عبارة “كل المهن” أو كلمة “المهن” دون كلمة “بعض”،
4- إن تفسير النص القانوني بما يعطيه قيمته القانونية يوجب تفسيره كلّه وليس إعطاء معنى لجزئه وترك الجزء الآخر بما يؤدي الى تفسيره خلافاً لروحية النص القانوني، وإلا لكان من نتيجة ذلك تفسير النص القانوني خلافاً لصراحة نصّه بكل ما تضمَّنه من عبارات وكلمات بشكل مخالف للمبادىء القانونية لتوسيع مجال تطبيقه خلافاً لصراحة نصّه وخلافاً لإرادة المشترع،
5- إضافة الى أن المبدأ في مجال تفسير القوانين الجزائية هو إعتماد التفسير الضيّق والحصري دون التوسع في التفسير واعتماد القياس والتشبيه لإدخال حالات وعناصر لم ينص عليها صراحة، عملاً بمبدأي فصل السلطات وشرعية الجرائم والعقوبات والتدابير، وعملاً بالمبادئ القانونية التي ترعى أصول تفسير وتطبيق النصوص الجزائية التي يجب حصرها في الإطار الضيّق دون أي توسّع، إن بطريق القياس استناداً على نص قانوني آخر أو مبدأ قانوني آخر قائم على مجمل القواعد الأساسية التي ترعى مجمل النظام القانوني الجزائي أو المنطق القانوني، وذلك مخافة إخضاع حالة واقعية للتجريم خلافاً لإرادة المشترع، وضمن غاية المشترع المستهدفة من إقراره نص جزائي معيّن التي تستدعي تفسير تلك النصوص في ضوء الأسباب التي كانت وراء وضعها …
6- إن القول بأن ما قصده المشرع اللبناني في البند “ه” من المادة 111 أ.م.ج بشأن منع المدعى عليه من ممارسة بعض المهن هو الحؤول دون منع المدعى عليه من مزاولة جميع المهن دفعةً واحدة، بحيث لا يعود قادراً على تحصيل قوته اليومي….، يؤكد عدم جواز إصدار تدبير قضائي من قاضي التحقيق أو الهيئة الإتهامية بمنع المحامي مؤقتاً من مزاولة مهنته التي تكون في أغلبية الأحيان مصدر رزقه الوحيد في ظل منعه من الجمع بين المحاماة وبين أية وظيفة أو خدمة عامة أو الأعمال التجارية والصناعية والصحافية وجميع المهن التي تستهدف الربح ورئاسة أو نيابة أو مديرية الشركات وأعمال الخبراء والأعمال التي تتنافى واستقلال المحامي أو لا تتفق وكرامة المحاماة ورئاسة مجلس النواب والوزراء، وغيرها (م 15 و16 و17 و18 /محاماة)، بشكل لا يعود قادراً على تحصيل قوته وقوت عائلته اليومي إضافة الى منع المحامي من تقاضي أي راتب أو أجر أو أرباح تجارية أو كل ما يتعلَّق بها بشكل يكون مصدر رزقه الوحيد هو أتعابه من مهنة المحاماة ومن الأعمال القليلة المستثناة المرتبطة بشكل جذري بممارسته مهنته….
7- إن عدم وجود نص قانوني واضح وصريح يعطي لقاضي التحقيق صلاحية إتخاذ تدبير أو إجراء يمنع المحامي من ممارسة مهنته، رغم كل ما هو مذكور أعلاه، يشكل مخالفة لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات والتدابير سنداً للمادة /1/ من قانون العقوبات التي تنص بشكل واضح وصريح على إنه “لا تفرض عقوبة ولا تدبير احترازي أو إصلاحي من أجل جرم لم يكن القانون قد نصَّ عليه حين اقترافه”.
8- وأكثر من ذلك، إن الهدف والمُبرّرات القانونية والعملية والفعلية، من قرار أو حكم المنع من مزاولة مهنة مُعينة تُفرض، كتدبير أو كعقوبة، هو أنه عندما تكون الجريمة قد ارتُكِبت في ممارسة أو في مناسبة ممارسة المهنة المعنية، بأن يُخشى أن يتم إرتكاب جريمة جديدة… وهذه الخشية ليست في محلها لمنع المحامي من مزاولة مهنته لأن هذا الإجراء لن يُحقّق مُراده ولن يمنعه من إرتكاب جرم جديد؛ بل على العكس من ذلك كليَّاً لأن متابعة المحامي مزاولة مهنته سيضعه أمام مسؤولية (معنوية ومادية) كبرى تجاه نقابته وبيئته المهنية والإجتماعية وسيمنعه من إرتكاب فعل جرمي جديد….
9- على فرض أن المحامي إرتكب جرمية القدح والذمّ مثلاً أثناء ممارسته مهنة المحاماة، فإن هذا التدبير أو هذه العقوبة بمنعه من مزاولة مهنة المحاماة أو من الدخول الى المحاكم أو قصور العدل، لن يمنعه من إرتكاب جرائم جديدة مُماثلة بالقدح والذم أو غيرهما خارج المحاكم أو قصور العدل ولن يمنع مُحاكمته مُجدَّداً على جريمة جديدة مستقلَّة عن الجريمة السابقة، لأنه يبقى محتفظاً بصفة محامٍ ما لم يصدر قرار من المجلس التأديبي في نقابة المحامين بشطبه من جدول النقابة وفق أحكام المادة /99/ /محاماة.
10- إضافة الى إن الإستناد الى الفقرة “ه” من المادة /111/أ.م.ج. لمنع المحامي من ممارسة مهنة المحاماة أو من الدخول الى المحاكم أو الى قصور العدل بقرار قضائي من قاضي التحقيق أو الهيئة الإتهامية، يعتبر عقوبة بحق محامٍ صادرة عن جهة غير مُختصة في إنزال العقوبات، لأن الحكم بالعقوبة المناسبة يدخل في صلاحية محكمة الأساس بعد الإدانة أو التجريم (القاضي المنفرد الجزائي أو محكمة الجنايات أو الإستئناف أو التمييز وفق الأصول القانونية)، وليس من صلاحية قاضي التحقيق الذي تنحصر صلاحيته في إصدار قراره الظني، بعد إنتهائه من أعمال التحقيق، بالظن والإحالة على القاضي المنفرد أو باعتبار الفعل من نوع الجناية وإحالة الملف إلى النيابة العامة لتودعه الهيئة الاتهامية بوصفها صاحبة سلطة الاتهام، أو بمنع المحاكمة عن المدعى عليه (وفق أحكام المواد /121/ حتى /127/ أ.م.ج.).
11- إضافة أيضاً الى إن القول بخلاف ذلك يعتبر تجاوزاً لأحكام المادة /99/محاماة ولصلاحية المجلس التأديبي في نقابة المحامين والإلتفاف حولها بتفسير النصوص القانونية بما لا يأتلف مع نية المشترع،
12- وأكثر من ذلك، طالما إن نقابة المحامين هي الجهة الوحيدة المُخوَّلة حصراً قبول الدخول في مهنة المحاماة وفي إعطاء صفة المحامي لممارسة رسالة المحاماة في لبنان، ووجود أصول قانونية لمعاقبة كل من ينتحل صفة محامٍ أو معاقبة كل من يمارسها أثناء مدة منعه المؤقت من ممارستها أو بعد شطب إسمه عن جدول المحامين بموجب قرار تأديبي مبرم وفقاً لأحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 1970/8 … أليس من المنطق القانوني السليم في أن تكون نقابة المحامين هي الجهة المُخوَّلة حصراً أيضاً في منع المحامي من مزاولة هذه المهنة ؟؟ !!، سواء أكان المنع بشكل مؤقت أم بشكل دائم، بموجب قرار يصدر عن المجلس التأديبي في نقابة المحامين قابل للطعن وفق الأصول القانونية…. إستناداً الى قاعدة موازاة الصيغ والإختصاص؛ بأن الجهة المختصة بدخول شخص في ممارسة مهنة المحاماة يجب أن تكون هي الجهة نفسها في منعه من ممارستها، بشكل مؤقت أو شطبه ومنعه بشكل دائم…
13- إضافة الى كل ذلك، أليس من واجب القضاء اللبناني تفسير النصوص القانونية بما يُحقّق الغاية المتوخاة منها ومتابعة التطوّر القضائي، وعدم إصدار قرارات قضائية بتفسير النصوص القانونية بما لا يُحقّق الغاية التي توخاها المشترع ؟؟ !! عملاً بمبدأي فصل السلطات وشرعية الجرائم والعقوبات والمبادئ القانونية التي ترعى أصول تفسير وتطبيق النصوص الجزائية…
14- ولمنع التضارب وصدور قرارات وأحكام قضائية متناقضة، نؤيد تدخّل المشترع اللبناني سريعاً لتعديل النصوص القانونية بما يسمح بإزالة الغموض ومنع تفسير النصوص خلافاً لروحيتها، ولمتابعة ذات التطوّر المذكور، على النحو الذي جرى تفصيله في موقف القانون والإجتهاد في فرنسا وفي العديد من الدول.
وبناء على كل ذلك،
يمكن الجزم بأن الجهة المخُتصَّة حصراً في إتخاذ قرار منع المحامي من مزاولة مهنته، بشكل مؤقت أو شطبه ومنعه بشكل دائم، تدخل في إختصاص المجلس التأديبي التابع لنقابته، في بيروت أو في طرابلس، ولمحكمة الإستئناف الناظرة بالقضايا النقابية سنداً لأحكام المواد /96/ و/99/ و/102/ و/108/ /محاماة رقم 8/1970 التي تعتبر إستثناء على نص المادة /111/ أ.م.ج. وعلى نص المادة /94/ عقوبات اللتين لم تنصَّا بشكل واضح وصريح على مهنة المحاماة والمحامي ولم تُجيزا بشكل واضح وصريح منعه من مزاولة مهنة المحاماة بموجب قرار قضائي أو حكم قضائي.
مصادر ومراجع:
1- المحامية صونيا ابراهيم عطية: المحاماة آداب وسلوك في القانون اللبناني والمقارن، مجلة العدل، 1999، عدد 2، ص193.
2 – cass. Req. 25 Jullet 1898, Dalloz Périodique, 1898 – 1 – 526.
– وقد جرى الحكم على المحامي بعقوبات تأديبية لانتسابه الى إحدى المليشيات رغم إعلان براءته من قبل القضاء الجزائي، أو لإقامته علاقة جنسية مع إبنة متبناة لأحد موكليه سعى الى زيارتها في مركز تدريبها الإجتماعي، أو لاستنكافه عن تنفيذ حكم قضائي يلزمه دفع بدل إيجار، أو بسبب قيامه بسرقة مواد إستهلاكية معروضة للبيع في سوبر ماركت، أو لإقدامه في مقهى عام وأمام الجمهور بجمع معلومات لصالح أحد موكليه بشكل مخالف للأصول وخرقاً للعادات والتقاليد المهنية
– المحامي الياس ابو عيد: المحامي من التدرج الى الإستئناف، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2015، الجزء الأول، ص76.
3- قرار قاضي التحقيق في بيروت، الرئيس أسعد بيرم، بتاريخ 2020/11/13، في دعوى الحق العام والقاضية غادة عون ضد النائب المحامي هادي حبيش بجرائم التهديد والقدح والذم بالسلطة القضائية، مجلة محكمة www.mahkama.net. فأعلنت نقابة المحامين في طرابلس مقاطعة جميع قضاة التحقيق لحين العودة عن القرار….
– قرار قاضي التحقيق في بيروت، الرئيس أسعد بيرم، بتاريخ 2021/5/31، في دعوى الحق العام ضد المحامي د. رامي عليق بجرائم تهديد النائب العام لدى محكمة التميييز غسان عويدات والقدح والذم بالسلطة القضائية. بمنع المحامي من مزاولة مهنة المحاماة شهرين كما منعه من دخول قصور العدل وتخلية سبيله بكفالة مالية https://www.aljadeed.tv/arabic/news/local/3105202158، فأعلنت نقابة المحامين في بيروت الإضراب لإقرار إقتراح قانون إستقلالية القضاء …..
4- قرار الهيئة الإتهامية في بيروت تاريخ 2020/12/31، المؤلفة من الرئيس ماهر شعيتو والمستشارين جوزيف بو سليمان وبلال بدر، استئناف حبيش/الحق العام أساس رقم 2020/946 غير منشور.
5- القاضي محمد صعب: المستشار في موسوعة الأصول الجزائية، 2021، الجزء 3، الفصل 2، الإستعاضة عن التوقيف بفرض الرقابة القضائية، دار الكتاب الإلكتروني، النسخة الإلكترونية.
6 – المحامي د.أديب زخور: هل يحق لقاضي التحقيق منع محامٍ من مزاولة مهنته ؟ (دراسة مقارنة)، مجلة محكمة، بيروت في 2021/6/8.
7- قرار الهيئة الإتهامية في بيروت تاريخ 2020/12/30، المؤلفة من الرئيس ماهر شعيتو والمستشارين جوزيف بو سليمان وبلال بدر، استئناف حبيش/الحق العام أساس رقم 2020/946 غير منشور.
8- د. حسن محيو ود. سامي منصور: القانون المدني، محاضرات في مدخل الى علم القانون، الجزء الأول، القانون، بيروت 1993 – 1994، ص 174.
9- تمييز جزائي، غ 3، قرار رقم 2010/149، تاريخ 2010/5/17، المرجع حمورابي الإلكتروني رقم 40993،
– تمييز جزائي، غ 3، قرار رقم 2010/14، تاريخ 2010/1/20، المرجع حمورابي الإلكتروني رقم 40717،
– تمييز جزائي، قرار رقم 2003/164، تاريخ 2003/6/5، المرجع حمورابي الإلكتروني رقم 38597.
– جنايات جبل لبنان، قرار رقم 96/24، تاريخ 1996/1/22، المصنف السنوي في القضايا الجزائية للقاضي د. عفيف شمس الدين، سنة 1996، ص 136؛ والمرجع حمورابي الإلكتروني رقم 35932.
– استئناف بيروت الجزائية، غ2، قرار تاريخ 1992/7/2، المرجع حمورابي الإلكتروني رقم 36544.
– تمييز مدنية، غ 2، قرار رقم 2003/29 ، تاريخ 2003/4/10، المرجع حمورابي الإلكتروني رقم 38397.
“محكمة” – الإثنين في 2024/11/18
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتصوير أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” وتبادله عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا منها “الفايسبوك”، و”الواتساب”، و”اكس”، و”الإنستغرام”، و”التلغرام”، ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.