مقالات

زيارة ثانية للوفد الليبي قريباً حول قضيّة اختفاء الصدر بعد لقائه خوري والشامي فماذا في التفاصيل؟/كلوديت سركيس

كلوديت سركيس*:
يُنتظر أن يعود الوفد الليبي في زيارة ثانية إلى لبنان قريباً بعد الزيارة التي قام بها الأسبوع الماضي لبيروت، التقى خلالها وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري خوري ومقرر لجنة المتابعة الرسمية القاضي حسن الشامي لقضية إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.
وتأتي زيارة الوفد الليبي بعد طول انقطاع منذ شباط 2016 تاريخ آخر زيارة رسمية لوفد لجنة المتابعة برئاسة الشامي وأعضاء في اللجنة وممثل قيادة الجيش اللبناني.
ورغم كل المحاولات والوساطات وجّه المدعي العام الليبي فجأة كتاباً نُشر عبر وسائل الإعلام إلى السلطات اللبنانية يتناول قضيّتَي الإمام الصدر ورفيقيه من دون أن يصل هذا الكتاب إلى السفارة اللبنانية في ليبيا ومنها إلى القنوات الرسمية اللبنانية، وفق ما تقتضيه الأصول، حتى الآن.
وبعد لقاء وزير العدل خوري ونظيرته الليبية حليمة إبراهيم البوسيفي في العراق على هامش مؤتمر وزراء العدل العرب الذي عُقد في بغداد في تشرين الأول الماضي، طلبت البوسيفي بإلحاح التعاون بين البلدين وأبدت رغبتها في زيارة وفد ليبي لبنان. وبعد عودته إلى لبنان، وجّه وزير العدل دعوة ترحيبية بالوفد الليبي مع توفير الإجراءات اللازمة لهذه الزيارة تبعها تواصل هاتفي من لجنة المتابعة في بيروت في شأن الترتيبات.
وبحضور هذا الوفد مطلع هذا الأسبوع وضم قاضيين من وزارة العدل الليبية، التقى خوري ومقرر لجنة المتابعة القاضي الشامي، أكّد خلال اللقاءين، خلافاً للأعوام الأخيرة، نيّته التعاون ومدّ اليد للتعاون حيال قضية الإمام الصدر. وفي المقابل، شدّد الجانب اللبناني على تطبيق مذكرة التفاهم الموقّعة بين البلدين في 11 آذار 2014 التي لم تطبّق ليبيا شيئاً منها، بحسب مصادر قضائية متابِعة.
وتضيف هذه المعلومات أن الجانب الليبي طرح موضوع هنيبعل معمر القذافي الموقوف بجرم كتم معلومات في قضية الصدر منذ ثمانية أعوام.
وتشير هذه المصادر لهذه الجهة إلى أن من حق الجانب الليبي السؤال عن مواطنه الموقوف وأن يتعاون في شأنه، وكذلك من حق الجانب اللبناني أن يؤكد بدءاً من وزير العدل وصولاً إلى كل المسؤولين القضائيين أن ملف القذافي الابن هو ملف قضائي بامتياز يختلف عن قضية الإمام الصدر التي طابعها قضائي وأمني وديبلوماسي وسياسي. وفي رأيها أنه لا يمكن المقارنة بين هذين الملفّين، ولا مجال للمقايضة في صددهما لكنها تضيف في الوقت نفسه أن من الطبيعي عندما يحصل تعاون بين البلدين وتتحسّن العلاقات بينهما أن يؤدي ذلك إلى انفراجات.
فهنيبعل موقوف بجرم كتم معلومات بموجب مذكرة توقيف صادرة عن قاضي التحقيق العدلي زاهر حمادة في قضية الإمام الصدر، والجرم الموجّه إليه هو جرم مستمر لا صلة له بصغر عمر الموقوف في تاريخ اختفاء الإمام الصدر ورفيقيه.
لذا يتمسّك الجانب اللبناني بسلامة الإجراءات القانونية من جهة ومن جهة أخرى تضيف هذه المصادر مؤكدة أن أحداً ليس رهينة ولا يوجد انتقام من أحد أو أن يُظلم أحد في هذا الملف ولا سيما أن سياسة مد يد التعاون موجودة وهو ما يطالب لبنان به منذ عام 2011 وقبل توقيف هنيبعل القذافي.
ومذ ذاك يتلقّى لبنان وعوداً من رئيس الجمهورية الليبية بعد الثورة بقيت من دون تنفيذ، مثلما قوبل قبل الثورة بجدار من الرفض. وتستذكر في السياق أن حكومة الرئيس سليم الحص شكّلت في أيلول 1978 بعثة تقنية من الأمين العام لمجلس الوزراء في حينه عمر مسيكة وعضوية ضابطين توجهت إلى روما ومنها إلى ليبيا حيث منع النظام الليبي دخول الضابطين وسمح بدخول مسيكة فحسب.
وبعد أسبوعين أصدرت القيادة الليبية بياناً أشار إلى أن الإمام ورفيقيه غادروا ليبيا إلى روما، وهو ما لم يثبت في التحقيقات اللبنانية حيث تبيّن أن ثلاثة عناصر أمنيين ليبيين غادروا منها إلى روما، أحدهم يرتدي لباس الإمام الديني. ويعوّل الجانب اللبناني اليوم، بحسب المصادر المتابعة، على تجدّد الوعود الليبية من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة وينتظر تحقق هذه الوعود.
وتقول الأجواء المحيطة بزيارة الوفد الليبي أن التعاون لم يبدأ بعد إنما زيارة الوفد شكّلت خطوة تمهيدية لذلك. وفي المعلومات أنه تم مع الوفد خلال الزيارة رسم إطار لبدء التنفيذ في وقت قريب جداً، وعلى هذا الأساس تبنى الزيارة الثانية التي سيقوم بها إلى بيروت قريباً لأن مسألة التنفيذ في يد الجانب الليبي لأن الإمام الصدر ورفيقيه اختطفوا في ليبيا والملف القضائي فيها وكذلك الشهود وفي السجن حيث أحد المسؤولين السابقين على ذمة هذه القضية، لكن الظروف صعبة في ليبيا حالياً ويقع على عاتق سلطاتها فتح آفاق التعاون مع لبنان في شأن هذه القضية الوطنية.
والتزمت مذكّرة التفاهم بين البلدين الموقّعة عام 2014 “بتسريع العمل والتحقيقات المرتبطة بقضية الإمام ورفيقيه والسماح للمنسق القضائي المعيّن القاضي الشامي بحضور التحقيقات والمحاكمات وذلك وفق صيغة تحفظ سيادة ليبيا ولا تتعارض مع القوانين النافذة لديه.
وتلتزم ليبيا بتزويد لبنان بكل ما يحتاج إليه من مستندات ومعلومات، وأن يسعى الطرفان إلى متابعة وملاحقة من يشتبه بعلاقته في هذه القضية ويقيم خارج ليبيا، مع حرصهما على عقد اجتماعات عمل دورية ومتقاربة لتقييم التعاون والاطلاع على آخر المستجدات المتعلقة بالأمور موضوع هذه المذكرة”.
* المصدر: جريدة “النهار”.
“محكمة” – الخميس في 2024/2/1

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!