سقطت الميثاقية… لتبقَ نقابة المحامين موحّدة
كتب علي الموسوي:
شكّلت نتائج انتخابات العضوية لمجلس نقابة المحامين في بيروت في دورة تشرين الثاني 2016، صدمة مدوّية للمحامين وفي الوسط السياسي والحقوقي بإخفاق أهل القانون في تحقيق الميثاقية المعوّل عليها كثيراً، وذلك لما تمثّله هذه النقابة من حضور قوّي في لبنان على مختلف الصعد.
ولم تنجح الدعوات العلنية والصريحة والرسائل النصيّة الهاتفية للحكماء والعقلاء من المحامين الوطنيين في كبح جماح السعي الطائفي المقيت لدى شريحة لا بأس بها من المحامين، إلى إسقاط الميثاقية عن سابق إصرار وترصّد، بدلاً من أن تكون هذه النقابة الأهمّ على مستوى الوطن، على هيئة لبنان الذي نريده بعيداً عن الطائفية وتداعياتها وإفرازاتها ونتائجها المريبة في بناء الإنسان الحضاري.
صحيح أنّه لا طائفية في نقابة المحامين وهذا ما قاله رجالات النقابة الأوائل في قرار أصدره نقيب المحامين ألبير قشوع في العام 1921، وصحيح أنّ النقابة ما تردّدت يوماً عن المطالبة بإلغاء الطائفية كما فعلت بدعوتها إلى إلغاء الطائفية في التعيينات القضائية في بيان صريح صدر في 9 تموز من العام 1992 حيث كان هناك توجّه لدى مجلس القضاء إلى إلغاء الطائفية وهو ما حصل بالفعل، إلاّ أنّ الممارسة الصادقة للميثاقية في انتخابات المحامين في بيروت لم ترتق منذ ما بعد “اتفاق الطائف” إلى المستوى المطلوب، إذ يدأب محامون على اختيار محامين من طوائفهم من دون الإلتفات إلى كفاءة كلّ المرشّحين إلى أيّ طائفة أو مذهب انتموا، ومن دون الأخذ بعين الإعتبار نزاهتهم ومصداقيتهم ومناقبيتهم وقدرتهم على ممارسة العمل النقابي بأرقى تجلّياته وبما يرفع من قيمة المحاماة ويزيدها حضارة ونضارة، فالإختيار السليم لا يكون باستبعاد محامين من طوائف أخرى يتمتّعون بحسّ نقابي وصيت مهني راق، بل يكون باحتضانهم وإفساح المجال أمامهم لأداء المطلوب منهم، ثمّ محاسبتهم في حال تقصيرهم في الانتخابات المقبلة بالإقتراع لمصلحة آخرين.
ففي انتخابات الأحد الواقع فيه 20 تشرين الثاني 2016، لم يقتصر سقوط الميثاقية على عدم تمثيل الشيعة، وإنّما امتدّ ليطال الأرثوذكس والكاثوليك على الرغم من وجود محامين من هذه الطوائف يقتضي تمثيلهم أسوة بسواهم، وذلك من أجل أن تكون النقابة للجميع.
ومع ذلك، فإنّ إسقاط الميثاقية لا يستدعي أن تكون ردّة الفعل الأوّلية عليه، بالدعوة إلى السعي لإنشاء نقابة في الجنوب أو البقاع، على غرار ما هو حاصل في طرابلس والشمال، بل بالعمل على تجاوز خطايا الطائفيين باحتضان النقابة الأمّ والإلتفاف حولها لكي تبقى سيّدة نقابات المهن الحرّة، وقادرة على القيام بمهامها الوطنية والحقوقية والإنسانية.
وبالعودة إلى سجّلات نقابة المحامين، يتضحّ أنّه خلال ربع قرن، وتحديداً منذ العام 1991 ولغاية العام 2016، تمثّل الشيعة بثلاثة محامين فقط هم: فاروق ياغي الذي انتخب لولايتين إمتدتا ستّ سنوات متتالية بين العامين 1995 و2000، وماجد فيّاض الذي انتخبه المحامون ستّ سنوات في ولايتين أيضاً بين العامين 2002 و2007، وحلّ رديفاً في انتخابات العام 2010 فشغل العضوية فترة سنة ونيّف بدءاً من 5 تشرين الأوّل 2011 إثر استقالة المحامي جورج جريج، وحسين زبيب الذي انتخب خمس سنوات متواصلة بينها ثلاث سنوات من ولاية كاملة، وحلّ مرّتين رديفاً فانسحب له النقيب رمزي جريج والمحامي جورج بارود ليدخل مكانهما، وبالتالي فإنّ عضويته إستمرّت بين العامين 2008 و2013، وبذلك يكون التمثيل الشيعي في مجلس النقابة بلغ 18 سنة ونيّف من أصل 25 سنة.
أمّا الطائفة السنّية، فإنّها لم تغب إلاّ سنة واحدة في العام 1991، ثمّ تمثّلت بثلاثة محامين دفعة واحدة ولمرّة واحدة وأخيرة وإستثنائية في العام 1992 عبر المحامين محمّد شهاب، وعمر زين، وجميل الحسامي الذين استمرّوا ولاية كاملة من ثلاث سنوات لغاية العام 1995، ثمّ انخفض هذا التمثيل إلى إثنين في دورة العام 1995-1996 عبر شهاب نفسه وزين الذي حلّ رديفاً ودخل عضواً إلى المجلس في 23 تشرين الثاني 1995، مكان المحامي زغلول عطية الذي استقال بعد انتهاء الجمعية العامة من انتخاب أربعة أعضاء في 19 تشرين الثاني 1995، تمهيداً لترشيح نفسه لمنصب النقيب.
وما لبث التمثيل السنّي أن استقرّ على عضو واحد في العام 1996 ليبقى على هذه الحال لغاية اليوم، عبر المحامي محمّد شهاب وجميل الحسامي، وأحمد صفصوف، وتوفيق النويري، وجميل قمبريس، مع الإشارة إلى أنّ مجلس نقابة المحامين كاد يفرغ من التمثيل السنّي في دورة العام 1998- 1999، غير أنّ المحامي ميشال ليان إستدرك الأمر، فاستقال من العضوية وفي نيّته الترشّح لمنصب النقيب، ليحلّ مكانه الرديف في انتخابات 18 تشرين الثاني 1998، المحامي جميل الحسامي لسنتين متتاليتين، باعتبار أنّ ليان أمضى سنة كعضو في مجلس النقابة، وبقيت له سنتان.
وبالنسبة لطائفة الموحّدين الدروز، فإنّها تمثّلت إثنتي عشرة مرّة طوال ربع قرن عبر المحامين زيّاد حمادة، وبسّام الحلبي، وندى تلحوق.
وهنا خريطة بالتمثيل الإسلامي في نقابة المحامين على مدى 25 سنة:
• مجلس 1991-1992: خلا من سنّي وشيعي في عهد النقيب سمير أبي اللمع، واستمرّ الدرزي زيّاد حمادة المنتخب قبل ذلك بعامين.
• 1992-1993: خلا من شيعي، ونجح محمّد شهاب، وزيّاد حمادة، وعمر زين، وجميل الحسامي.
• 1993-1994: خلا من شيعي في عهد النقيب ميشال خطّار، واستمرّت عضوية شهاب وزين والحسامي وحمادة.
• 1994-1995: خلا من شيعي ودرزي معاً، واستمرّت ولاية الثلاثي السنّي شهاب وزين والحسامي.
• 1995-1996: خلا من درزي في عهد النقيب شكيب قرطباوي، ونجح الشيعي فاروق ياغي، وشهاب وحلّ زين مكان عطية.
• 1996-1997: إكتمل التمثيل الإسلامي الثلاثي للمرّة الأولى بعد اتفاق الطائف بنجاح حمادة، واستمرار ولاية ياغي وشهاب.
• 1997-1998: إستمرّت ولاية ياغي وشهاب وحمادة في عهد النقيب أنطوان قليموس.
• 1998-1999: نجح ياغي وأكمل حمادة ولايته وكاد السنّي يغيب بحلول الحسامي رديفاً، لكنّ استقالة النقيب ليان جعلته يدخل محلّه إلى مجلس النقابة ولسنتين.
• 1999-2000: تواصلت ولاية ياغي وحمادة والحسامي في عهد النقيب ميشال ليان.
• 2000-2001: تواصلت ولاية ياغي وحمادة ونجح شهاب.
• 2001-2002: خلا مجلس النقابة من شيعي في عهد النقيب ريمون شديد، وبقي حمادة وشهاب.
• 2002-2003: خلا المجلس من درزي، ونجح الشيعي فيّاض واستمرّت ولاية شهاب.
• 2003-2004: خلا من درزي في عهد النقيب سليم الأسطا، واستمرّت ولاية فيّاض، ونجح شهاب.
• 2004-2005: بقي فيّاض وشهاب وخلا المجلس من درزي.
• 2005-2006: ظلّ شهاب ونجح فيّاض، واستقال المحامي رمزي جريج في 8 تشرين الأوّل 2005، ليحلّ مكانه المحامي بسّام الحلبي، إذ كان جريج يجهّز نفسه لمنصب النقيب.
• 2006-2007: خلا من الدرزي، فيما نجح السنّي صفصوف وبقي فيّاض في السنة الثانية من ولاية النقيب بطرس ضومط.
• 2007-2008: بقي فيّاض وصفصوف بدون الدرزي في عهد النقيب رمزي جريج.
• 2008-2009: بقي صفصوف ونجح حسين زبيب كرديف فاستقال له المحامي جورج بارود في 18 تشرين الثاني 2008 ليحلّ مكانه، وخلا المجلس من درزي.
• 2009-2010: نجح توفيق النويري، وحلّ زبيب رديفاً فاستقال له النقيب رمزي جريج الذي كانت له سنة واحدة من ولايته كعضو، وخلا المجلس من درزي في عهد النقيبة أمل حدّاد.
• 2010-2011: إستمرّت ولاية النويري، ونجح زبيب.
• 2011-2012: بقيت ولاية النويري وزبيب الذي استلم أمانة الصندوق في عهد النقيب نهاد جبر، وخلا المجلس من درزي. وحلّ الشيعي الثاني ماجد فيّاض رديفاً فدخل المجلس نحو سنة ونيّف بعد استقالة المحامي جورج جريج لمصلحته تمهيداً للترشّح لمنصب النقيب.وهذه هي المرّة الأولى التي يتمثّل الشيعة فيها بمحاميين إثنين في مجلس النقابة.
• 2012-2013: بقيت ولاية النويري وزبيب وخلا المجلس من درزي.
• 2013-2014: خلا المجلس من الشيعي والدرزي في عهد النقيب جورج جريج، واستمرّت ولاية النويري.
• 2014-2015: أكمل النويري ولايته، ونجحت الدرزية ندى تلحوق، وخلا المجلس من شيعي.
• 2015-2016: نجح السنّي جميل قمبريس، وبقيت تلحوق، وخلا المجلس من شيعي.
• 2016-2017: بقي قمبريس وتلحوق، وسقط الشيعي.
التمثيل في الثمانينات
أمّا التمثيل الإسلامي بين العامين 1981 و1991، فكان أفضل حالاً كما يتبيّن من التوزيع التالي:
• 1981-1983: السنّيان محمّد شهاب وفايز النصولي، والشيعي محمّد الساحلي، ولم يكن هنالك درزي.
• 1983-1987: الشيعي محمّد الساحلي، والسنّي محمّد شهاب في عهد النقيب عصام كرم، وخلا المجلس من درزي.
• 1987-1988: السنّيان سعد الدين الحوت وفايز النصولي، والدرزي زيّاد حمادة، وغاب الشيعي في عهد النقيب ريمون عيد.
• 1988-1989: السنّيان عمر زين، وفايز النصولي، والشيعي أحمد قبيسي، والدرزي زيّاد حمادة.
• 1989-1990: عمر زين وفايز النصولي، وأحمد قبيسي وزيّاد حمادة في عهد النقيب مرسال سيوفي.
• 1990-1991: عمر زين وفايز النصولي، وأحمد قبيسي وزيّاد حمادة.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 12- كانون الأوّل 2016).