سوف أعيش دائماً في جلباب أبي/طلال جابر
المحامي طلال حافظ جابر*:
كلمات أكتبها إليك بمداد قلبي، وأبعثها إليك مع عبير الورد وأريج الفلّ والياسمين. يا قمراً أضاء ظلام عقلي، وأضاء لي طريقي في الحياة.
منحتني الحياة، ولكنّك أيضاً منحتني إيّاها بشكل أفضل، يا معلّمي!
سنة مرّت على رحيلك يا أبي، يوم استقلّت روحك عن جسدك، وخمسة وخمسين عاماً بينك وبين عمّي شكيب، النائم بقبره والمستيقظ بقلوبنا جميعاً، سلّم عليه…
يا وردة أحلامي وينبوع حناني، ويا شمس الأماني وأحلى من في الأنام.
ما أصعب الحياة من دونك يا أبي، فرّقتنا الأيّام وجمعتنا الأحلام.
رحلت من الدنيا إلاّ أنّك لم ترحل مني، ولا زلت أراك في كلّ صوب؛ فقد رأيت والدي كالرجل، والرجل الذي رأيته لقد كان والدي…
إن كان حبر قلمي لا يستطيع التعبير عن مشاعري نحوك، فمشاعري أكبر من أن أسطّرها على الورق. أشتاق لك بكلّ ما للكلمة من لوعة فراقك، حقّاً أحببتك يا أبي أكثر من الكثير بكثير…
من قال إنّ الموت نهاية الحياة، بل هو بداية رحلةٍ جديدة… تتجدَّد الحياة كما يتجدَّد المدى بعد كلِّ رحلة، أمَّا المهمُّ فهو ما تحملُه الروح من خيرٍ في رحلاتها المتتالية في كنف الله.
إلى قدوتي الأولى ونبراسي الذي ينير دربي، إلى من علّمني أن أصمد أمام أمواج البحر الثائرة، إلى من أعطاني وانحنى ظهره ليستقيم ظهري، إلى من رفعت رأسي عالياً افتخاراً به، إلى من منحني أعظم هدّية يمكن لأيّ شخص أن يعطيها لشخص آخر، إلى من آمن بي؛ إلى جنّات الخلد يا حبيبي…
أبي، سلام على روحك الطاهرة النائمة لمدّة طويلة، ورائحتك المختبئة في جوف الأرض، جعلك الله في النعيم…
تحيّة الرضا والتسليم لروحِك الخيِّرةِ في ذكرى غيابك الأولى، ولعمي شكيب في ذكراه التي لا تنتهي.
كبرت الآن وما زلت أذكر عندما كنت أقف في ظلّ والدي؛ كنت وسأبقى أعيش في جلباب أبي…
*لمناسبة مرور سنة على رحيل المحامي حافظ أنيس جابر(1946-2019). في 15 أيّار 2019.
“محكمة” – الأربعاء في 2020/5/13