سيرة “جلاّد الخيام” العميل أنطوان الحايك بعد تصفيته.. وتهريب الفاخوري/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
قتل العميل أنطوان يوسف الحايك صباح اليوم داخل محلّه في بلدته المية ومية في شرق صيدا بإطلاق النار عليه من مسدّس حربي كان بحوزة شخص مجهول تمكّن من التواري عن الأنظار.
وتأتي هذه الحادثة، بعد سبعة أيّام على إصدار المحكمة العسكرية الدائمة يوم الإثنين الواقع فيه 16 آذار 2020، حكماً بكفّ التعقّبات عن الآمر الناهي في معتقل الخيام العميل عامر الياس الفاخوري بناء لتدخّلات سياسية لبنانية ورضوخاً لإملاءات أميركية، وهو ما اتضح لاحقاً بعدما أقلّت طائرة أميركية الفاخوري من حرم السفارة الأميركية في عوكر في خرق واضح للسيادة اللبنانية.
وكان الحايك(والدته وردة، مواليد المية ومية في العام 1969 رقم سجّله 180) من عناصر شرطة “معتقل الموت” في بلدة الخيام الجنوبية خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي وميليشيا عملائه اللحديين بدءاً من العام 1986، وسجّله حافل بتعذيب المعتقلين حتّى الموت وكان يتباهى بأنّه “يتلذّذ” بالتنكيل فيهم، وهو شارك في إلقاء قنابل دخانية على الزنزانة رقم 4 داخل المعتقل ممّا أدّى إلى استشهاد المعتقلين إبراهيم أبو عزة وبلال السلمان فجر يوم الإثنين الواقع فيه 27 تشرين الثاني 1989.
شرطي درّاج!
وما لبث أنطوان الحايك أن انخرط في العام 1992، في صفوف قوى الأمن الداخلي بصفة شرطي درّاج، من دون أن يعرف كيف سمح لعميل وجلاّد بالدخول إلى مؤسّسة عسكرية وأمنية، ووصل إلى رتبة عريف، ولكنّ أمر انضمامه السابق إلى ميليشيا العملاء وما كان يفعله في معتقل الخيام انكشف عن طريق المعتقل السابق العريف في قوى الأمن الداخلي بلال المرّ الذي قدّم شكوى ضدّه وتمّ توقيفه على أساسها، وفتح ملفّه على مصراعيه وأحيل على المحاكمة أمام المحكمة العسكرية الدائمة التي استجوبته واستمعت إلى إفادات أسرى محرّرين بينهم: حيدر الغول، وبلال المرّ، ورجائي بو همين، وعفيف حمود، ثمّ أصدرت برئاسة العميد الركن ماهر صفي الدين وعضوية المستشار المدني القاضي فايز مطر وحضور معاون مفوّض الحكومة لديها القاضي ماجد مزيحم حكماً قضى بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة مدّة عشر سنوات بالحايك، وما لبثت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طربيه رحمة أن اعتبرت فعلته لجهة التعذيب في المعتقل ساقطة بمرور الزمن العشري!
تلاسن مع محاميه
وللتذكير فقط، فإنّني كنت المحرّر القضائي في جريدة”السفير” خلال محاكمة الحايك وحصل تلاسن بيني وبين محاميه في قاعة المحكمة، وبدلاً من أن يترافع لردّ الاتهامات عن موكّله والسعي لتبييض صفحته في الخيانة، خصّص جزءاً من مرافعته ضدّي وضدّ جريدة “السفير”، وهذا ما دوّنته حرفياً في الصحيفة يومذاك خلال المحاكمة وعند نشر خبر الحكم في عدد “السفير” الصادر يوم الإثنين الواقع فيه 19 تشرين الثاني 2001.
رواية أسير
وفي قرارها الاتهامي بحقّ العميل عامر الفاخوري، ذكرت قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا العميل أنطوان الحايك خمس مرّات نقلاً عن لسان المعتقل السابق جهاد حسن حمود خلال استماعها إلى عدد من المعتقلين كشهود.
وقال حمود إنّه “في يوم الجمعة اتفقوا على بدء تنفيذ إضراب عن الطعام في يوم السبت للمطالبة بدخول الصليب الأحمر، ويوم السبت ظهراً وعندما حان موعد إحضار طعام الغداء، أعلن الأسرى رفضهم دخول الطعام إلى غرف السجن رقم /٣/، عندها حضر الشرطي أنطوان الحايك ومعه عناصر آخرون وحاولوا إجبارهم على إدخال الطعام، فرفضوا ذلك، فقام عناصر الشرطة بسحب الأسيرين محمد هزيمة وأمين ترمس من الغرفة رقم /٢٠/ إلى ساحة التعذيب، عندها بدأ الأسرى بالطرق على الأبواب والصراخ وإطلاق صرخات التكبير، بعدها سمعوا صوت إطلاق نار علموا أن مصدره الشرطي أنطوان الحايك الذي كان يطلق النار أمام باب السجن بقصد إخافتهم وإجبارهم على فكّ الإضراب، لكن الإضراب استمر، عندها تدخل عامر فاخوري ووقف على باب السجن رقم /٣/ وبدأ يتكلّم معهم بالعربية لكن بلكنة عبرية ليوهمهم أنّه ضابط إسرائيلي، أما هو فقد عرف عامر من صوته، وهو حتى اليوم لا يمكنه نسيان صوت عامر ولا التجعيدة في جبهته، عندها نادى عليه “يا عامر أنا عارفك”، بعدها بدأ عامر يتكلم باللهجة اللبنانية وسأله عن مطالب الأسرى، فأجابه أنهم يريدون دخول الصليب الأحمر وأن يصار إلى نقلهم إلى معتقل يشرف عليه الصليب الأحمر، فأجابه عامر “طويلي على رقبتكن”، ثم سمع عامر يقول لأنطوان الحايك “زتها”، وبعدها شاهدوا قنبلة دخانية تنفجر أمام باب غرفتهم رقم /١٧/ وعمّ الدخان الرمادي اللون في المكان، وباتوا عاجزين عن الرؤية وبدأ الجميع بالإستفراغ وسادت حالات إغماء، ودخل عناصر من الشرطة وقاموا بسحبب عدد من الأسرى إلى الباحة وقاموا بتعذيبهم من المساء حتّى الفجر.”
وتابع حمود روايته الموثّقة في قرار قضائي، “أنّ بلال(السلمان) كان قد تعرض لاستنشاق الدخان ثم للتعذيب وهو أودع في الغرفة رقم /٤/ من السجن رقم /٢/، وهي غرفة لا يدخل لها الهواء إلاّ من طاقة صغيرة جداً، وهو يعرف ذلك لأنه أودع في هذه الغرفة بتاريخ لاحق، حيث التقى بالأسير سمير حمادة الذي كان مع بلال يومها وروى له ما حصل، وأنه قبل وفاة بلال صرخ رفاقه معلنين أن بلال يشارف على الموت فكان جواب الشرطة “بس يموت عيطولنا”، وأنه بعد وفاة بلال حضر الشرطيان أنطوان الحايك والمدعو “بيدو” وسحبا بلال من رجليه إلى الخارج، وأن عامر كان يشرف على كل ذلك طوال الوقت، فعامر لم يترك المعتقل طوال الأيام الثلاث، وبعد سحب بلال بدأ الأسرى في السجن رقم /٢/ بالصراخ والطرق على الأبواب، عندها رمى أنطوان الحايك و”بيدو” قنبلة غازية مشلّة للأعصاب، ما أدّى إلى حالات إغماء وانقباضات عصبية وآلام مبرحة لدى الأسرى”.
“محكمة” – الأحد في 2020/3/22
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.