علم وخبر
شروط الإسترداد في ظل القانون الجديد للإيجارات وتحديد قيمة التعويض/ناضر كسبار
ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت-الغرفة الناظرة في قضايا الايجارات والمؤلفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري عدة نقاط في دعوى استرداد مأجور للضرورة العائلية، تتعلق بمدى تطبيق قانون الايجارات الجديد، ومدى تحقق شروط الاسترداد ومقدار التعويض. وقضت بتصديق الحكم الابتدائي لجهة الاسترداد وفسخه في بنده الثاني وتحديد التعويض بالدولار او ما يعادله بالعملة اللبنانية بتاريخ الدفع.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2017/1/9.
ثانياً: في الاساس
حيث ان النزاع الراهن يتعلق بطلب المالك استرداد المأجور موضوع النزاع للضرورة العائلية لقاء تعويض يدفعه للمستأجر.
وحيث ان محكمة الاستئناف-الغرفة الثالثة عشرة قد كلفت الفريقين بموجب قرارها الصادر بتاريخ 2015/2/23 بمناقشة مدى وجوب تطبيق قانون الايجارات الجديد الصادر بتاريخ 2014/5/8 والمنشور في ملحق الجريدة الرسمية العدد 27 بتاريخ 2014/6/26، والمطعون به امام المجلس الدستوري الذي اصدر قراره بالاكثرية بتاريخ 2014/8/6 (نشر في الجريدة الرسمية في ملحق العدد 34 تاريخ تاريخ 2014/8/19) القاضي في الاساس:
– برد مراجعة الطعن لجهة الاسباب المدلي بها بشأن اصدار القانون ونشره وإقراره بمادة وحيدة، ولجهة العدالة الاجتماعية والمساواة والامان التشريعي والحقوق المكتسبة وحرية التعاقد.
– إبطال المواد 7 و 13 والفقرة ب-4 من المادة 18 من القانون المطعون فيه.
وحيث ان المالك يتمسك بتطبيق القانون الجديد فيما يدلى المستأجر بعدم قابليته للتطبيق
باعتبار ان دعوى الاسترداد كانت مسندة في الاساس الى القانون رقم 92/160 وانه لا يجوز للمحكمة اثارة مسألة القانون الواجب التطبيق من تلقاء ذاتها لعدم تعلقها بالانتظام العام، هذا فضلاً عن عدم قابلية القانون الجديد للتطبيق.
وحيث انه بحسب المادتين /369/ و /370/ أ.م.م. يفصل القاضي في النزاع وفق القواعد القانونية التي تطبق عليه…وله ان يثير من تلقاء نفسه الاسباب القانونية الصرفة ايا كان الاساس القانوني الذي يتذرع به الخصوم.
وحيث ان الاحكام المذكورة إنما تولي المحكمة سلطة واسعة في تطبيق القواعد القانونية على العناصر الواقعية حتى ولو لم يدل بها الخصوم وان هذه السلطة تشمل القواعد الآمرة التي لا يمكن مخالفتها بالاضافة الى القواعد الاخرى بالقدر الذي لا يوجد اتفاق بين الخصوم على مخالفتها.
وحيث انه من هذا المنطلق فإنه يعود للمحكمة وبالنظر لصدور قانون جديد للايجارات اثناء النظر في الدعوى المقامة امامه وضع مسألة مدى انطباقه على هذه الدعوى قيد المناقشة بين الخصوم، لا سيما وان القرار القاضي بالاسترداد هو قرار انشائي يخضع للقانون النافذ عند صدوره وليس لذلك القائم عند تقديم الدعوى، كما يتعين على المحكمة تطبيق القانون المذكور من حيث المبدأ-في حال ثبوت نفاذه-طالما لم يتفق الفرقاء على تطبيق القانون السابق كما هي الحال راهناً.
وحيث انه في هذا الاطار يقتضي التثبت مما اذا كان القانون الجديد للايجارات واجب التطبيق ونافذ ام انه غير قابل للنفاذ والتطبيق نتيجة قرار المجلس الدستوري إبطال بعض مواده، على ان يصار الى ترتيب النتيجة القانونية على موضوع الدعوى الراهنة.
أ- في مدى وجوب تطبيق قانون الايجارات الجديد
حيث لهذه الجهة لا بد من التنويه في البدء ببعض المبادئ العامة والثوابت التشريعية
الالزامية التي ترعى سواء اساس الحقوق او اصول المحاكمة والاختصاص التالية:
اولاً: ان المادة 20 من الدستور نصت على ان السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة والمتقاضين الضمانات اللازمة، والقضاة مستقلون في اجراء وظيفتهم.
ثانياً: من الثابت ان قانون الموجبات والعقود هو القانون الاساسي الواجب التطبيق على اساس كافة التعاملات بين الناس في حال عدم وجود نصوص قانونية استثنائية محددة بشكل واضح وصريح، وان قانون اصول المحاكمات المدنية هو الواجب التطبيق على كافة وسائل الاثبات والاجراءات القضائية عند انتفاء وجود او زوال نص خاص او استثنائي آخر، (ويصح تشبيه الاصل بالسماء والاستثناء بالسحاب فعند زوال السحاب تعود السماء لتسود).
ثالثاً: عملاً بأحكام المادة 4 من قانون اصول المحاكمات المدنية، لا يجوز للقاضي تحت طائلة اعتباره مستنكفاً عن احقاق الحق ان يمتنع عن الحكم بحجة غموض النص او انتفائه او ان يتأخر بغير سبب عن اصدار الحكم، وعند غموض النص يفسره القاضي بالمعنى الذي يحدث معه اثراً يكون متوافقاً مع الغرض منه ومؤمناً التناسق بينه وبين النصوص الاخرى، وعند انتفاء النص يعتمد القاضي المبادئ العامة والعرف والانصاف.
وحيث ضمن هذه الثوابت والمبادئ العامة التي ترعى المؤسسات والسلطات الدستورية في لبنان، ينبغي ترتيب النتائج التالية:
1- ان المجلس الدستوري نفسه قد رد المراجعة الرامية الى طلب ابطال القانون الجديد للايجارات بكافة ما تضمنه من مواد واحكام، وحصر الابطال بالمادتين 7 و 13 والفقرة ب-4 من المادة 18 منه، بحيث لا يمكن القول بعدم امكانية تطبيق المواد التي لم يبطلها المجلس الدستوري الا عند استحالة التطبيق.
2- ان مسألة ابلاغ قرار المجلس الدستوري من مجلس النواب لا اثر له على نفاذ القانون الجديد.
3- ان مسألة درس إجراء تعديلات على القانون المشار اليه من قبل المجلس النيابي، ليس من شأنه وقف نفاذ القانون المذكور، لاسيما وانه لا يتبين وجود افق زمني لانجاز هذه التعديلات، فلا يمكن انتظار اقرار تعديلات قد تمر فترة طويلة لاقرارها، مع عدم الجزم بحصول هذا التعديل، الامر الذي يؤدي الى امكانية تطبيق المادة 4 من الاصول المدنية الآنف ذكرها.
4- لا يمكن القول بان اللجنة التي انشأها القانون المذكور في المادة 7 منه لتحديد بدل المثل (بدل الايجار الجديد)، والتي ابطلها المجلس الدستوري لاحقاً، هي لجنة ادارية، كون المادة نفسها عندما انشأت هذه اللجنة نصت في الفقرة الاخيرة منها على انه يكون لهذه اللجنة الصفة القضائية، لاسيما وانها تفصل بمنازعة بين فريقين تتعلق بتحديد بدل الايجار الواجب دفعه خلال فترة التمديد القانوني المحددة في القانون الجديد، والتشريع اللبناني مليء بما يتشابه مع مثل هذه اللجنة التي تتمتع بصفة قضائية (مجلس العمل التحكيمي، لجان الاستملاك، اللجان الناظرة بالاعتراضات على الضرائب).
5- وتبعاً لابطال اللجنة المنشأة بنص خاص الآنف ذكرها، فإن النص العام يعود للنفاذ بحيث يكون اختصاص النظر بالنزاعات المتعلقة بقيمة الزيادة على بدلات الايجار بين المالكين والمستأجرين الى القاضي المنفرد بوصفه المرجع القضائي العادي لذلك وفق نص المادة 86 من قانون اصول المحاكمات المدنية.
6- لا يمكن القول، وفق بعض الآراء، بان القانون الجديد في مواده من 3 الى 37 غير قابلة للتطبيق، بإعتبار ان ذلك يشمل ما تضمنته المادة 15 من القانون المذكور المتعلقة بتمديد الايجارات التي تعود لما قبل نفاذ القانون 159/92 لمدة سنوات محددة لتصبح حرة بعد ذلك، اذ من شأن ذلك ان يوجب تطبيق القانون العام اي قانون الموجبات والعقود لاسيما المواد 540 وما يليها منه لهذه الجهة، الامر الذي يلزم بإخلاء كافة المستأجرين القدامى فوراً ودون مهلة.
7- وفي ما يتعلق بالمساعدة التي يطلبها المستأجر في الحالات التي لا علاقة لها ببدل المثل (بدل الايجار الجديد اثناء التمديد) اذا كان من فئة المستأجرين الذين يحق لهم طلب المساعدة من الصندوق المنشأ، وسائر ما تضمنه القانون من مهام تتعلق باللجنة، فان تلقي وبت طلب المساعدة من المستأجر يعتبر لهذه الجهة متصفاً بالصفة الرجائية وهو اسوة بالقرارات الرجائية التي تصدر عن القضاء بصفته مرجعاً رجائياً في بعض المواضيع والاختصاصات، كمثل قرارات حصر الارث وقرارات قيد المكتوم، ينظر بها بموجب سلطته الرجائية عن طريق المراجعة الرجائية، وبالتالي فانه بإبطال اللجنة من قبل المجلس الدستوري يعود اختصاص النظر بهذا الامر الى المرجع القضائي العادي، اي القاضي المنفرد المدني الناظر بقضايا الايجارات والاشغال، الذي يتلقى الطلبات الرجائية المتعلقة بالمساعدة من المستأجرين الذين يحق لهم طلبها ويفصل بها بموجب سلطته الآمرة الارجائية، وينفذ قراره وفق الآلية المحددة لهذه الغاية في القانون الجديد.
8- وبسبب عدم انشاء الصندوق المخصص بمساعدة المستأجرين، وتنظيمه من قبل السلطة التنفيذية في ظل الوضع الراهن وتعقيدات انشاء هذا النصدوق وتمويله، لا يعود من مجال لاعمال وتنفيذ القرارات التي تصدر عن القاضي المنفرد، المتعلقة بتحديد بدل مثل المأجور (بدل الايجار الجديد) للمستأجرين اللذين يحق لهم طلب المساعدة (اللذين لا يتجاوز معدل دخلهم الشهري ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور) كون المادة 8 من القانون المشار اليه نصت صراحة على تعليق مهلة دفع الزيادة على بدل الايجار الناتجة عن تنفيذ هذا القانون الى حين نفاذ القرار بالموافقة على المساهمة او بعدمها، بحيث انه يصار الى تحديد بدل المثل المذكور من القاضي المنفرد الذي يعود له كذلك اختصاص البت بمدى استحقاق المستأجر للمساعدة عند طلبه ذلك، وفي حال موافقة القاضي المذكور على منح المستأجر المساعدة من الصندوق وبسبب عدم إنشاء هذا الصندوق يعلق دفع الزيادات.
9- أما لجهة سائر المساعدات والمساهمات من الصندوق الخاص الآنف ذكره، خاصة تلك المتعلقة بحق استرداد المأجور المعطى للمالك لقاء تعويض يدفع للمستأجر، فإن النصوص المحددة لآلية منح هذه المساعدات والمساهمات للمستأجر لم تفرض تعليق نفاذ الاسترداد لحين تنفيذ القرار القاضي بالموافقة على هذه المساعدة نتيجة الاسترداد (بعكس ما نصت عليه بالنسبة لدفع زيادات بدل الايجار)، بإعتبار ان هذه المساعدة تتعلق بالمستأجر والادارة ولا علاقة للمالك بها، ما يعني ان قرار الاسترداد ينفذ ويسلم المأجور للمالك لقاء التعويض المحدد من المحكمة على ان يحفظ حق المستأجر بالحصول على المساعدة بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها له بموجب قرار صادر عنه على ان تدفع له عند انشاء وتنظيم الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية.
10- ان المشرع قد اطلق تسمية المساعدة على المبالغ التي تمنح للمستأجر من الصندوق الخاص في حالة استرداد المأجور للهدم او للضرورة العائلية (اي منحة) وذلك لتمييزها عن المبالغ المدفوعة من المؤجر للمستأجر المسماة تعويضاً عن الاسترداد، وهذه المساعدة تدفع من الصندوق التي تنشئه الدولة وليس من المؤجر، فلا يمكن تعليق البت بطلب الاسترداد او تنفيذه لحين دفع المساعدة من الدولة لعدم علاقة المؤجر بها ولعدم النص صراحة على ذلك على غرار ما قضى به النص في الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون الجديد للايجارات.
11- ان ما تضمنه القانون لجهة تحديد بدل المثل للمأجور، عن طريق الآلية المحددة فيه وهي قيام المالك بتعيين خبيرين لتقدير بقيمة المأجور وابلاغ المستأجر التقرير المنظم منهما ومن ثم وفي حال عدم موافقة المستأجر على مضمون التقرير تعيين خبرة من قبله وفي حال الخلاف يعرض الامر على اللجنة التي حل محلها القاضي المنفرد بإعتباره المحكمة العادية في قضايا الايجارات، إنما لا يمكن اعتمادها في النزاعات العالقة امام القضاء والمقدمة قبل نفاذ القانون الجديد، اذ ان هذه الدعاوى تكون قد سلكت الاصول القضائية السارية قبل نفاذ القانون الجديد الذي انشأ الآلية لتحديد بدل المثل، لاسيما وان هذه الآلية لم تكن موجودة في السابق ولا يصح اعتمادها الا في النزاعات التي تنشأ بعد نفاذ القانون الذي انشأها.
وحيث انه تبعاً لمجمل ما تقدم، فإنه يقتضي التأكيد على وجوب اعمال النصوص القانونية
التي تضمنها قانون الايجارات الجديد الصادر بتاريخ 2014/5/8 باستثناء تلك المتعلقة بزيادة بدلات الايجار للمستأجرين الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري ثلاثة اضعاف الحد الادنى للاجور اذا تقرر الموافقة على منحهم مساعدة الصندوق وذلك لحين تنفيذ قرار الموافقة المذكورة بعد انشاء الصندوق وتنظيم آلية عمله من قبل السطلة التنفيذية، وعلى ان يحفظ حق المستأجر بالحصول على المساعدة بعد موافقة القاضي المنفرد على منحها له بموجب قرار صادر عنه على ان تدفع له عند انشاء وتنظيم الصندوق الخاص بذلك من قبل السلطة التنفيذية، وذلك في سائر حالات استحقاق مساعدة الصندوق ومنها حالات استرداد المأجور.
وحيث تبعاً لما تقدم يقتضي رد ادلاءات الفرقاء المخالفة لهذه الجهة بالنظر لما اثبتته المحكمة في ما تقدم.
ب- في مدى تحقق شروط الاسترداد موضوع النزاع
حيث ان المالكة تطلب استرداد المأجور موضوع النزاع للضرورة العائلية لاسكان ابنها
م. م. كونه عقد خطبته وينوي الزواج، في حين ينازع المستأجر في تحقق شروط الاسترداد في طلب المالكة.
وحيث لهذه الجهة، فان المادة /32/ من قانون الايجارات الجديد تنص في الفقرة “أ” على حق المالك ان يطلب استرداد مأجوره السكني لاجل سكنه او سكن احد اولاده شرط ان يثبت ضرورة عائلية تضطره الى الاسترداد، وان لا يكون هو او من يطلب الاسترداد لمصلحته مالكاً مسكناً آخر ملائماً وصالحا للسكن غير مشغول ومعادلا في مستواه للمأجور المطلوب استرداده ضمن النطاق البلدي عينه او نطاق بلدي مجاور.
وحيث ان المشترع لم يضع تعريفاً محدداً لمفهوم الضرورة العائلية، وقد اعتبرت هذه الاخيرة مسألة واقعية يعود تقديرها للقاضي على اساس ان عنصر الضرورة يبقى رهناً بالظروف الاجتماعية المتنوعة والمتحركة بإستمرار وهو يشمل كل ظرف ناتج عن استعمال المرء لحقوقه الطبيعية ويجعل استمرار الحياة صعباً ومرهقاً.
وحيث ان الفقه والاجتهاد متفقان على ان الاسترداد يكون جائزاً ومحمياً قانوناً في كل مرة تكون فيها الحاجة المسند اليها طلب الاسترداد متوافقة مع الغاية الاجتماعية التي منح هذا الحق من اجلها ودون ان تكون مختلفة اختلافاً بقصد التحايل على القانون والتفلت من احكام مؤسسة التمديد الالزامي لعقود الايجار التي تخضع لها، وشرط ان تأتي ممارسة المؤجر لحق الاسترداد متوافقة مع ما هو متعارف عليه من اخلاقيات ومبادئ حسن النية في التعامل.
وحيث ان اعمال نص المادة /32/ واجابة طلب الاسترداد يفترض توافر ثلاثة شروط مجتمعة هي:
1- ان تكون لطالب الاسترداد الصفة اللازمة.
2- ان يكون الاسترداد من اجل سكن المالك او سكن احد اولاده بالنظر الى ضرورة عائلية.
3- الا يكون طالب الاسترداد او المطلوب الاسترداد لمصلحته مالكاً مسكناً آخر ملائماً وصالحاً للسكن غير مشغول ومعادلاً في مستواه للمأجور المطلوب استرداده.
وحيث في ما يتعلق بالشرط الاول فإن المستأنف وعليه يدلي بانتفاء صفة المستأنف عليها المستأنفة مقابلة لتقديم طلب الاسترداد لوجود منازعة حول ملكيتها للمأجور المراد استرداده بالنظر لتقديم مالك العقار الاساسي السيد م. ر. دعوى امام المحكمة الابتدائية في بيروت الناظرة في القضايا العقارية لابطال تسجيل العقار موضوع الدعوى على اسم ورثة ا. س.ك. ومن ضمنهم المستأنف عليها.
وحيث انه تقتضي الاشارة في هذا السياق الى ان العبرة لتحديد الملكية هي لقيود السجل العقاري بحيث تعتبر الملكية قائمة وثابتة طالما انه لم يصدر اي قرار مبرم يقضي بإلغائها بتاريخ البت بالدعوى الراهنة.
وحيث في هذا السياق، يتبين من ناحية اولى من الافادة العقارية المبرزة في الملف بأن المستأنف عليها تملك كامل اسهم القسم رقم /10/ من القعار رقم /2175/ الرميل المطلوب استرداده، كما يتبين من ناحية ثانية انه بتاريخ 2010/11/25 اصدرت المحكمة الابتدائية العقارية حكماً قضى برد دعوى الابطال المشار اليها اعلاه برمتها وشطب اشارتها عن الصحيفة العينية للعقار موضوع الدعوى، وانه بتاريخ 2015/10/21 اصدرت محكمة الاستئناف الناظرة بالدعاوى العقارية قراراً قضى برد الاستئناف المساق طعنا في الحكم المذكور شكلاً، واساساً تصديق الحكم المستأنف برمته.
وحيث انه تبعاً لما تقدم، وللقوة الثبوتية لقيود الملكية العقارية، تكون ملكية المستأنف عليها والمستأنفة مقابلة للمأجور موضوع النزاع ثابتة واكيدة وترد اقوال المستأنف المخالفة لهذه الوجهة خاصة انه لم يقم الدليل على صدور قرار ينفي تلك الملكية، مما يقتضي معه ايضا رد طلبه الرامي الى استئخار البت بالدعوى الراهنة.
وحيث في ما يتعلق بالشرط الثالث، لم يثبت ان طالبة الاسترداد تملك منفردة، ضمن النطاق البلدي عينه او نطاق بلدي مجاور للمأجور موضوع النزاع، مسكناً مستقلاً وصالحاً لتأمين سكنها او سكن اولادها، اذ ان جل ما تملكه، بحسب بطاقة المعلومات عن الملكية العقارية تاريخ 2015/5/4 (المرفقة ربطاً بتقرير الخبير مشموشي المعين استئنافاً) ومن الافادات العقارية المبرزة في الملف انها تملك 225 سهما في القسمين /4/ و /6/ و /11/ من العقار موضوع الدعوى (مراجعة الافادات العقارية العائدة للقسمين المذكورين المرفقتين بلائحة المستأنف عليها المستأنفة مقابلة تاريخ 2013/10/17) وهي نسبة لا تخولها حق ادارة القسمين المذكورين ولا حق الاقامة فيهما بصورة منفردة، كذلك لم يثبت بحسب بطاقة المعلومات ان المطلوب الاسترداد لمصلحته يملك اي عقار على الاراضي اللبنانية، فيكون شرط عدم التملك متحققاً سيما وان المستأنف عليه لم يقم اي دليل طوال سير المحاكمتين الابتدائية والاستئنافية على تملك اي من طالبة الاسترداد او المطلوب الاسترداد لمصلحته عقارا آخر ملائما للسكن.
وحيث في ما خص الشرط الثاني، فإن المستأجر يدلي بانتفاء الضرورة العائلية باعتبار انه وخلافا لما زعمت المستأنف عليها لدى تقديمها دعوى الاسترداد لجهة نية ابنها في الزواج، فإنه تبين ان هذا الاخير كان متزوجا في حينه الامر الذي يفيد بأنه كان قد سبق له ان رتب اموره وامن مسكنا له مما ينفي توفر الضرورة العائلية.
وحيث انه اذا اشارت بطاقة هوية المطلوب الاسترداد لمصلحته المبرزة ربطا بالاستحضار الابتدائي، في الخانة المخصصة لتحديد الوضع العائلي، بأنه متزوج، فإن هذا الامر لا يتعدى كونه خطأ مادياً، اذ من الثابت في المقابل من افادة الاب ز.ح. المبرزة ربطاً بتقرير الخبير محمد خير ضو المعين بداية ان المطلوب الاسترداد لمصلحته قد عقد خطبته بتاريخ 2008/9/29 ، وانه كان لا يزال عازباً بتاريخ 2010/12/14 (اي بتاريخ لاحق لتقديم دعوى الاسترداد) وفق بيان القيد العائلي العائد لعائلة السيد ك. م. والسيدة ا.ك. والمرفقة ربطاً بتقرير الخبير ضو، واكثر من ذلك فقد ثبت انه عاد وعقد قرانه بخطبيته بتاريخ 2012/7/3، اي اثناء النظر بالدعوى الابتدائية، وذلك وفق وثيقة الزواج المرفقة ربطاً بلائحة المستأنف عليها الابتدائية ورود 2012/10/17، والتي تشكل مستند رسمي يعول على مضمونه طالما لم يدع بتزويره وفق الاصول.
وحيث ان الضرورة العائلية تهدف الى اقامة طالب الاسترداد او المطلوب الاسترداد لمصلحته في منزل مستقل خاص به حفاظاً على الاستقرار العائلي وتثبيتاً لروابط الاسرة بجمع الشمل ورعاية الاولاد وتحقيقاً للعيش المشترك، اذ انها تنشأ عن استعمال المرء حقوقه الطبيعية والمدنية بصورة عادية ومألوفة من غير نية الاضرار بالغير ومفهومها ليس مقيداً بمجموعة مبادئ جامدة اذ يكفي ان يكون سبب الاسترداد مبعث ضرورة بحسب العرف العائلي والاجتماعي، والمتروك امر تقدير مدى توافره الى قناعة المحكمة المعروض امامها النزاع.
وحيث على هدي ما تقدم، فإنه يحق للمطلوب الاسترداد لمصلحته، والذي ثبت انه تزوج خلال السير بالدعوى من الآنسة ر. س. وانه رزق بطفل (وفق ما ورد في تقرير الخبير مشموشي) ان يتمتع بمسكن مستقل له للاقامة فيه مع عائلته دون ان يضطر الى السكن مع اهله (والذين تبلغ مساحة شقتهم حوالي /80/م2) او ان يجبر على استئجار او شراء شقة آخرى، بحيث تكون الضرورة العائلية لاسترداد المأجور قائمة وثابتة ومتوافرة في حالة الاوراق الحاضرة، وذلك بصرف النظر عن تاريخ حصول الزواج اصلاً، خاصة ان المستأنف وعليه لم يثبت لغاية تاريخه ان المطلوب الاسترداد لمصلحته كان قد “رتب اموره وامن مسكناً ” مستقلاً له سواء قبل اقامة الدعوى الراهنة او بعدها ولغاية تاريخه.
وحيث تبعاً لما تقدم يقتضي اقرار حق المالكة المستأنف عليها المستأنفة مقابلةً بإسترداد المأجور موضوع النزاع، ورد ما يدلي به المستأجر المستأنف وعليه، وتصديق ما تضمنه الحكم المستأنف لهذه الجهة.
ج- في مقدار التعويض لقاء الاسترداد
حيث ان الاستئناف الراهن يتناول الحكم المنتهي الى الترخيص للمستأنف عليها المستأنفة مقابلةً باسترداد القسم رقم /10/ من العقار رقم /2175/ الرميل للضرورة العائلية وبإلزامها مقابل ذلك بأن تدفع للمستأنف وعليه مبلغ وقدره /104,441/ د.ا. او ما يعادله بالليرة اللبنانية بسعر الصرف بتاريخ الدفع الفعلي تعويضاً عن الاسترداد.
وحيث ان كلي الاستئنافين يتناولان الشق من الحكم المتعلق بقيمة التعويض مقابل الاسترداد.
وحيث انه يتضح في هذا الاطار من صراحة نص المادة /32/ من القانون الجديد فقرته “د” انه تطبق احكام هذا القانون على دعاوى الاسترداد العالقة التي لم يصدر بها قرار مبرم قبل تاريخ نفاذ هذا القانون، مما يتوجب معه تطبيق الاسس المحددة في القانون الجديد للتعويض عند اقرار حق المالك بإسترداد المأجور.
وحيث انه تطبيقاً لما سبق نصت المادة /22/ من القانون الجديد للايجارات الصادر بتاريخ 2014/5/8 على انه عند الاسترداد للضرورة العائلية يدفع المالك للمستاجر تعويضاً يوازي بدل ايجار اربع سنوات محتسبة على اساس بدل المثل الذي جرى تحديده.
وحيث ان المادة /20/ من القانون الآنف الذكر تحدد بدل المثل بنسبة 5% من القيمة البيعية للمأجور في حالته القائمة في ما لو كان خالياً.
وحيث انه تقضي الاشارة في هذا السياق الى ان الآلية المنصوص عنها في قانون الايجارات الجديد ان لناحية تحديد بدل المثل – إما رضاءً او من خلال استعانة المؤجر بخبيرين ثم استعانة المستأجر في حال عدم موافقته على التقرير الاول بخبيرين آخرين- (مادة 18) او لناحية قيام طالب الاسترداد بعرض وايداع التعويض المحدد قانوناً او رضاءً مع المستأجر لدى الكاتب العدل (مادة 25) هي آلية تتعلق بطلبات الاسترداد المقدمة بعد بدء نفاذ قانون الايجارات الجديد ولا تنحسب على طلبات الاسترداد السابقة المقدمة في ظل القانون القديم، بحيث يبقى للمحكمة الناظرة بدعاوى الاسترداد العائدة لما قبل تاريخ 2014/12/28 تحديد بدل المثل وفق اسس التحديد المعينة في القانون الجديد لكن بالعودة الى تقارير الخبيراو الخبراء المعينين من قبلها اثناء سير المحاكمة ودونما حاجة لوقف السير بهذه المحاكمات لحين اتباع اصحاب العلاقة الاجراءات المحددة في المادتين 18 و 25 المذكورتين لما في ذلك من هدر للوقت والحقوق.
وحيث على ضوء عدم توافق المالك والمستأجر واختلافهما حول تحديد قيمة المأجور تمت الاستعانة في المرحلة الابتدائية بالخبير محمد خير ضو الذي قدم تقريره في 2011/12/8 والذي حدد قيمة المأجور بمبلغ /242,887/د.ا. وفق الاسس التالية:
– سعر المتر المربع الواحد لبناء جديد: /3600/د.ا.
– مساحة المأجور: 122,67 م2
– نسبة التدني بسبب القدم: 45%
– قيمة المأجور بعد التدني: /242,887/د.ا.
وحيث ان محكمة الاستئناف الغرفة الثالثة عشر، قد استعانت بدورها بالخبير المهندس
بهاء الدين مشموشي الذي قدم تقريره بتاريخ 2015/5/20 والذي خمن المأجور على الشكل التالي:
– سعر المتر المربع من ارض العقار: /1666/د.ا.
– سعر المتر المربع البيعي من البناء: /200/د.ا.
– مساحة المأجور: 121 م2
– قيمة المأجور: 1866د.ا.× 121م2 = /225,586/د.ا.
وحيث ان المستأجر يعيب على التقريرين المذكورين عدم حيادهما وانحيازهما لمصلحة
الجهة طالبة الاسترداد ويعيب على الخبيرين عدم انفاذهما كامل بنود المهمة الموكلة اليهما.
وحيث انه من مراجعة التقريرين المذكورين يتبين ان كلي الخبيرين قد نفذا المهمة المعينة لهما بشكل كامل ومتكامل وفقا للاصول ولمبادئ الحياد والوجاهية وضمنا تقريرهما جميع الوقائع والمعلومات والتفاصيل الضرورية لتمكين المحكمة من البت بدعوى الاسترداد واتبعا في ذلك الاسس الفنية والعلمية السليمة، الامر الذي يرفع اي الشك حول تواطؤ اي منهما مع المالكة على حساب المستأجر، خاصة من الثابت من محضر الكشف المرفق ربطا بتقرير الخبير مشموشي ان هذا الاخير هو من تغيب عن جلسة الكشف على المأجور المتفق عليها مسبقاً والتي حرت بالموعد والساعة المحددين، بحيث تعذر على الخبير الدخول الى المأجور.
وحيث انه فضلا عن ذلك فإن الخبيرين قد عينا موقع العقار ووصفا البناء موضوع الدعوى بشكل واضح كما ان الخبير ضو قد وصف المأجور موضوع الدعوى بصورة دقيقة وكافية لتمكين المحكمة من الوقوف على حقيقة وضعه، كذلك حددا قيمة المتر المربع للمأجور بالاستناد الى عملية حسابية دقيقة ومفصلة، مما يقتضي معه رد الطعون الموجهة ضد التقريرين المذكورين.
وحيث ترى المحكمة وبما لها من سلطة تقدير في هذا المجال وبما توافر لديها من معلومات حول موقع العقار وميزاته كافة وبعد الاطلاع على المستندات المرفقة في الملف من قبل فريقي النزاع والمتضمنة تخمين شقق اخرى في المنطقة، وكذلك بالنظر لما تضمنته المجلات العقارية المتخصصة في هذا المجال من اسعار الشقق في الابنية الحديثة، اعتماد التخمين الوارد في تقرير الخبير ضو لجهة تحديد سعر المتر المربع من المأجور (المعادل ل 1980 د.ا.) ومساحته.
وحيث يكون مقدار بدل مثل المأجور وفق المادة 20 الآنف ذكرها قدره /12,144,35/د.ا. ويكون التعويض نتيجة الاسترداد موضوع الدعوى مقداره: /12,144,35/د.ا. × 4 = /48,577/د.ا.
وحيث سنداً لما تقدم يتقضي رد الاستئناف المقدم من المستأجر اساساً وقبول الاستئناف المقدم من المالك اساساً لجهة التعويض المحدد للاسترداد، وفسخ الحكم المستأنف في بنده الثاني، ورؤية النزاع انتقالاً لهذه الجهة وتحديد التعويض لقاء الاسترداد بمبلغ /48,577/د.ا.
وحيث انه لا ترى المحكمة ما يوجب منح المستأجر مهلة للإخلاء، لاسيما وان ما تضمنته المادة 26 من قانون الايجارات الجديد انما يتعلق بالآلية المحددة فيها ولا تتطرق للاسترداد المقرر من القضاء، مما يقتضي معه رد طلب منح المستأجر مهلة للإخلاء.
وحيث لا ترى المحكمة كذلك تطبيق المواد /10/ و /11/ و /551/ ا.م.م. بحق المستأنف لسوء نيته الظاهرة في المماطلة واستعمال اساليب ملتوية لتأخير الفصل بالدعوى، وذلك بالنظر لسبق تغريمه والزامه بالعطل والضرر لسوء نية مرتين في اطار المحاكمة الراهنة.
وحيث بوصول المحكمة الى النتائج المثبتة آنفاً في متن هذا القرار، يقتضي رد سائر ما اثير من اسباب ومطالب، سواء لعدم الفائدة او لكونها لاقت رداً ضمنياً.
لذلك
وعطفا على القرار الصادر بتاريخ 2015/5/23 والذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا القرار
تقرر بالاجماع:
1- رد طلب استئخار البت بالدعوى الراهنة.
2- رد طلب فتح المحكمة ورد طلب تنحي رئيس المحكمة.
3- رد الاستنئاف المقدم من المستأجر المستأنف وعليه السيد ش.ع. اساساً وقبول الاستئناف المقابل المقدم من المالكة المستأنف عليها المستأنفة مقابلةً السيدة ا.ك. زوجة ك.م. اساساً، وفسخ الحكم المستأنف في بنده الثاني، ونشر الدعوى ورؤيتها انتقالاً لهذه الجهة وتحديد التعويض لقاء الاسترداد بمبلغ /48,577/د.ا.، او ام يعادله بالعملة اللبنانية بتاريخ الدفع، وتصديق سائر ما تضمنه الحكم المستأنف.
4- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة.
5- مصادرة التأمين الاستئنافي للمستأنف وعليه ش.ع. وتضمينه رسوم ومصاريف الاستئناف الاصلي، وتضمينه كذلك رسوم ومصاريف الاستئناف التبعي.
قراراً صدر وافهم علناً في بيروت بتاريخ 2017/1/9.
“محكمة”- الاثنين في 2024/9/9