شروط حجيّة القضيّة المحكوم بها/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إعتبر القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في قضايا الإيجارات الرئيس داني شرابيه أنّ التذرّع بقوّة القضيّة المحكوم بها يشترط صدور حكم قضائي اكتسب الدرجة القطعية.
كما اعتبر أنّه يقتضي أن تتوافر وحدة الخصوم والموضوع والسبب لقبول الدفع بحجيّة القضيّة المحكوم بها. وأنّ السبب هو الواقعة القانونية أو التصرّف القانوني الذي يؤلّف الأساس المباشر للحقّ المدعى به، وبالتالي فإنّ المدعية طلبت في الدعوى الأولى الإسقاط من حقّ التمديد لعلّة التنازل عن المأجور، وبالتالي ترتيب النتائج القانونية الناشئة عن واقعة التنازل، في حين أنّ النقاش في الدعوى الثانية يندرج في خانة التشكيك في صحّة وجدّية العقود المسمّاة بالإدارة الحرّة توصّلاً إلى القول بأنّ العقود المذكورة إنّما تعكس في الواقع تأجيراً ثانوياً.
وقضى بردّ الدفع بقوّة القضيّة المحكوم بها.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2001/12/20
ثانياً: في الدفع بقوّة القضيّة المحكوم بها
حيث إنّ الجهة المدعى عليها تدلي بوجوب ردّ الدعوى الحاضرة بسبب قوّة القضيّة المحكوم بها المتجسّدة بمقتضى الحكم الابتدائي الصادر عن حضرة القاضي المنفرد في بيروت بتاريخ 99/3/1.
وحيث إنّ المحكمة، وانطلاقاً من المعطيات المتوافرة أمامها، لا تجد نفسها مقتنعة بتحقّق شروط الدفع بقوّة القضيّة المحكوم بها وذلك بالإستناد إلى الأسباب التالية:
– السبب الأوّل: إنّ التذرّع بقوّة القضيّة المحكوم بها (force de chose jujee)
يشترط صدور حكم قضائي اكتسب الدرجة القطعية أيّ أن يكون غير قابل للطعن بطرق الطعن العادية (الاعتراض أو الاستئناف) الأمر غير المتوافر في الحالة الراهنة بحيث يتضح أنّ الحكم الابتدائي المتذرّع به من قبل المدعى عليهم ما زال موضع طعن أمام محكمة الاستئناف الأمر الذي يستوجب التعاطي مع المسألة إنطلاقاً من مفهوم حجيّة القضيّة المحكوم بها (autorite de chose jujee)
(يراجع: إدوار عيد، موسوعة أصول المحاكمات، الجزء السابع عشر صفحة 97 رقم 527).
– السبب الثاني: إنّ اكتساب الحكم النهائي لحجيّة القضيّة المحكوم بها (المادة 556 أصول مدنية) لا يعكس وسيلة إثبات نهائية ودائمة بحيث تفقد هذه الوسيلة أهمّيتها القانونية بمجرّد الطعن في الحكم بطرق الطعن العادية أيّ الإعتراض أو الاستئناف، مع الإشارة إلى أنّ الحكم الابتدائي تاريخ 99/3/1 هو موضع طعن من قبل الجهة المدعية الأمر الذي أفقد الحكم… إليه حجّيته المنشودة.
– السبب الثالث: لا يكفي لقبول الدفع بحجّية القضيّة المحكوم بها أن تتوافر وحدة الخصوم والموضوع في الدعويين وإنّما يشترط أيضاً وعملاً بالمادة 303 أصول مدنية أن تتوافر فيهما وحدة السبب، والمقصود بالسبب هو الواقعة القانونية أو التصرّف القانوني الذي يؤلّف الأساس المباشر للحقّ المدعى به.
إنّ السبب في الدعوى الأولى موضوع الحكم النهائي تاريخ 99/3/1 يختلف عن السبب القانوني للدعوى الحاضرة بحيث انصرفت الجهة المدعية في الدعوى الأولى إلى المطالبة بالإسقاط من حقّ التمديد لعلّة التنازل عن المأجور، والتنازل كما هو معلوم يفترض حلول المتنازل له مكان المستأجر الأصلي وذلك على نحو نهائي، أمّا النقاش الدائر في هذه الدعوى فهو يندرج في خانة التشكيك في صحّة وجدّية العقود المسمّاة “بالإدارة الحرّة” توصّلاً إلى القول بأنّ العقود المذكورة إنّما تعكس في الواقع تأجيراً ثانوياً وذلك تبعاً لعدم وجود مؤسّسة تجارية، فالمسألة الراهنة تهدف إلى “تكييف” تصرّف قانوني ما عن طريق إعطائه الوصف القانوني الصحيح في الوقت الذي اقتصر فيه البحث في الدعوى الأولى على المطالبة بترتيب النتائج القانونية الناشئة عن واقعة التنازل.
– السبب الرابع: إنّ عقد الإدارة الحرّة لمصلحة السيّد ر. لم يكن موضع نقاش في الدعوى الأولى، الأمر الذي يعكس سبباً جديداً لم تجر مناقشته من قبل.
وحيث يقتضي تأسيساً على كلّ ما تقدّم ردّ الدفع بقوّة القضيّة المحكوم بها.
“محكمة” – الأربعاء في 2020/8/12