شعب الماوماو يأكل سفير فرنسا/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
لا يزال مَثَل الأب والإبن والحمار الذي درسناه في الصفوف الإبتدائية من أكثر الأمثلة والحِكمَ تعبيرًا وواقعية.
ففي المثل المذكور يمشي الأب والإبن على الطريق وإلى جانبهما حمار. فإذا ركب الأب والإبن على ظهر الحمار انتقدهما المارة لأنّهما يُتْعِبانه. وإذا ركب الأب ومشى الإبن إنتقد الناس الأب الأناني الذي يجعل ابنه يمشي.
وإذا ركب الإبن ومشى الأب إنتقد الناس الابن الشاب الذي يجعل والده يمشي. وإذا مشى الإثنان انتقدهما الناس لأنّهما لا يستفيدان من الركوب على ظهر الحمار. وينتهي المثل بأن قام الأب والابن بحمل الحمار.
الحكمة من هذا المثل المعبّر، أنّه مهما فعل الإنسان فسوف يكون موضوع انتقاد من قبل الآخرين.
نعم. في ظلّ ما يحصل، البعض يفضّل السكوت وينصح الباقين به تجنّبًا لانتقاد الآخرين وانتقامهم، ولعدم الإضرار بمصالحهم الضيّقة والواسعة. وبذلك يبدو وكأنّه شخص مهمّ وعميق ووقور ورصين. كيف لا وهو ساكت ولا يتكلّم بل يهزّ رأسه موافقًا. ولكن ما ان يتبوأ المركز أو المنصب، ويخرج من الزاروب إلى الاوتوستراد، حتّى تبدأ الفضائح، وتبدأ الإنتقادات، وتظهر قلّة الكفاءة والخبرة وبُعْد النظر. ويبدأ الصراخ والعويل من التصرّفات والقرارات الضعيفة المتناقضة وتبدأ الانتقادات:”لم نكن نعرف أنّه سخيف وسطحي وقليل الخبرة وعديم الكفاءة والمنطق”.
هناك مثل فرنسي معناه ما يأتي:”من لا يعمل لا يخطئ”. فالذي يعمل ويتخذ القرارات قد يصيب وقد يخطئ. أما الذي لا يعمل، فلا يُنسب إليه أيّ خطأ.
1- يبقى أنّ البعض إذا تكلّم فبلغة السباب والشتائم.
2- وإذا كتب فبلغة الذم والقدح والتشهير والتحقير- وعلى سيرة الكتابة، بعضهم إذا كتب تهتزّ أضلع سيبويه وترقص في قبره حيث التاء الطويلة تصبح قصيرة وحرف الـ “ذ” يصبح “ز”.
3- وإذا روى فلا يروي إلّا الأخبار الكاذبة وبثّ الإشاعات
4- وإذا كتب مداخلة فتكون كالأفعى التي تبثّ السموم.
نعود إلى النقطة الأساسية ألا وهي أنّ البعض قد يكون طبيبًا ناجحًا أو مهندسًا ناجحًا أو محاميًا ناجحًا أو قاضيًا ناجحًا، ولكن هذا لا يعني أنّه سوف ينجح حكمًا وحتمًا في منصب إداري.
أليس هذا ما نعاني منه اليوم في ظلّ قلّة الكفاءة والخبرة، وعدم الإتزان، وهذا التصلّب والتشنج وتقويم الكلام، بدل الليونة من أجل مصلحة البلد والمؤسّسات؟
***
الأوادم بيروحو بكير
أثناء زيارتنا للمحامي الكبير سامي أبو جودة، والذي يتحلّى بروح النكتة، وبعد عرض أسماء عدّة شخصيات ماتوا في عزّ شبابهم قال الأستاذ أبو جودة: الأوادم بيروحوا بكير.
ثمّ أردف قائلًا: الله يخلّينا بصحّتنا.
***
القبلات واجبات
ويضيف أبو جودة أنّه عندما يشاهد الناس تقبّل بعضها في المناسبات وبخاصة بين النساء والرجال يقول إنّه قديمًا كانت القبلات واجبات، أما اليوم فأصبحت Plaisir.
***
أجو بياتن اخذوهن
ويخبر المحامي سامي أبو جودة هذه النكتة:
قرّرت الدولة دفع أموال لكلّ ربّ عائلة حسب عدد أولاده. فقال رجل لزوجته إنّ له من غير إمرأة أولادًا وأنّ عليه الذهاب لجلبهم. وبعد نقاش حاد بينهما ذهب الرجل وكان عنده في المنزل خمسة أولاد. ولمّا عاد إلى المنزل رأى أنّه لا يوجد إلّا ثلاثة أولاد، فسأل زوجته: وين الباقيين؟
فأجابته: إجو بياتن أخذوهن.
***
” كلوا سفيرنا في فرنسا”
العميد ريمون إده ضمير الوطن كان يحبّ التنكيت. وممّا رواه عن صيحفة “لو كنا انشينيه le canard Enchainé” الفرنسية، أنّ أهالي الماوماو أحبّوا سفير فرنسا في بلادهم، وهو الأبرص، الأبيض، ومن كثرة ما أحبّوه، أكلوه.
واحتج الرئيس فاليري جيسكار ديستان على هذا التصرّف الوحشي غير المعقول وطلب تعويضًا قدره 25 مليون فرنك وإلّا اضطر إلى إعلان الحرب على الماوماو. فخاف السكّان وتداعوا إلى اجتماع قرّروا فيه جمع التبرّعات وإرسالها إلى فرنسا. وبلغ ما جمعوه يومها 15 مليون فرنك أرسلت إلى الرئيس الفرنسي مع رسالة اعتذار عن عدم تمكّنهم من جمع ما تبقّى من الفدية المطلوبة والمفروضة عليهم قائلين في ختام رسالتهم:
– بالمبلغ الباقي كلوا سفير الماوماو بفرنسا، وهيك منطلع كيت.
***
قاعدة أبو شهلا
في مقابلة أجراها معه الصحافي كمال سنو في العام 1978، قال العميد اده إنّ الغربي يقتنع بكلامه لأنّه يحاوره بالمنطق، بينما يناقشه الآخرون بالعاطفة، أيّ على طريق “النكتة” التي تروى عن المرحوم حبيب أبو شهلا، وخلاصتها أنّه كان يقدّم امتحانًا فسأله عن حصيلة جمع 2 زائد 2، فأجاب السائل: قد تكون النتيجة 5 أو 6 أو 8 ولو كان الواقع أنّها 4… قل لي الرقم الذي تريد وأنا أضبط حساب النتيجة كما تهوى.
واللبنانيون يطبّقون قاعدة حبيب أبو شهلا على أمل إرضاء كلّ الناس.
“محكمة” – الخميس في 2021/6/17