مقالات

صلاحيات دستورية لرئيس الجمهورية لا تنتقل للحكومة في مرحلة الشغور الرئاسي/حكمت مصلح

الدكتور حكمت مصلح (أستاذ جامعي متخصّص في القانون الدستوري):
حتّى نتناول هذا الموضوع، يجب أن نطرح الأسئلة التالية :
متى تتولّى الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة؟
هل وكالة الحكومة مطلقة في تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية؟
ما هي حدود هذه الوكالة في إدارة صلاحيات رئيس الجمهورية؟
أوّلًا: الحالة التي يحقّ للحكومة فيها تولّي مهام رئيس الجمهورية:
نصّت المادة 62 من الدستور (في حال خلو سدّة الرئاسة لأيّ علّة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء) وهذه المادة تؤكّد حقّ الحكومة تولّي صلاحيات الرئيس، ولم يحدّد النصّ طبيعة الحكومة. هل هي حكومة تصريف أعمال، أم أنّها حكومة متمتّعة بكامل صلاحياتها؟ لذلك نقول، بالقاعدة الفقهية إنّ المطلق يبقى على إطلاقه، والاستثناء يحتاج إلى نصّ ليعمل به. من هنا يتأكّد لنا حسب النصّ والفقه، أنّه يحقّ لهذه الحكومة تولّي مهام رئاسة الجمهورية.
ثانيًا: الحدود التي ترسم وكالة الحكومة في إدارة صلاحيات الرئيس:
أ – صلاحيات متصلة بشخص الرئيس: هذه الصلاحيات لا تنتقل إلى الحكومة،لأنّها مقترنة بتقدير الرئيس ورأيه الخاص، مثال:
1 – المادة 53 الفقرات التالية منها:
الفقرة الأولى (يترأس مجلس الوزراء عندما يشاء دون أن يشارك في التصويت)،
الفقرة الثامنة (يرأس الحفلات الرسمية ويمنح أوسمة الدولة بمرسوم)،
الفقرة التاسعة (يمنح العفو الخاص بمرسوم)،
الفقرة العاشرة (يوجّه عندما تقتضي الضرورة رسائل إلى مجلس النوّاب)،
وهنا، لا بدّ من أن نوضح للقارئ، سبب عدم انتقال الصلاحيات من الرئيس إلى الحكومة. كون للرئيس فيها رأي شخصي. فهو من يقدّر حضوره أو عدم حضوره لمجلس الوزراء. وكذلك الأمر بالنسبة إلى العفو الخاص، وكلّ ما سبق ذكره.
ب – صلاحيات ذات طبيعة دستورية بحتة:
بعض الصلاحيت تكون ذات طبيعة دستورية بحتة، مثال:
– للرئيس بموجب المادة 57 من الدستور حقّ طلب إعادة النظر في القانون. وهذا ما يعرف بردّ القانون.
– للرئيس بموجب المادة 56 أن (يصدر المراسيم ويطلب نشرها وله حقّ الطلب إلى مجلس الوزراء إعادة النظر في أيّ قرار من القرارات التي يتخذها).
هنا، نجد أنّ نصّ المادتين 57 و56 يحدّد آلية وعلاقة الرئيس، بكلّ من السلطتين التشريعية والتنفيذية لجهة، ردّ ما يصدر عنهما. بغية التروي وإعادة القراءة المتأنية من جديد. نرى أنّ هذين النصّين يعمل بهما عند شغور سدّة الرئاسة.لأنّ نصّ المادة 62 يستغرقهما، وبالتالي يكون للحكومة حقّ اتخاذ أيّ قرار، ولها حقّ ردّ أيّ قانون.
وأيضًا من الأمثلة: ليس للحكومة التي تتولّى مهام الرئاسة، أن تحلّ مجلس النوّاب بموجب المادة 55 من الدستور. فقد يكون الحلّ كيديًا من قبل الحكومة لأنّها لا تمتلك أكثرية في هذا المجلس. فتقوم بحلّه بغية الوصول إلى انتخابات، تؤمّن لأعضاء الحكومة أكثرية في المجلس الجديد.
ج – صلاحيات يتعذّر واقعيًا ودستوريًا على الحكومة ممارستها:
الاستشارات النيابية: إذا كان بموجب الفقرة (دال) من مقدّمة الدستور (الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسّسات الدستورية)، فإنّه يتعذّر على سلطة غير منتخبة مباشرة من الشعب، أن تنتج سلطة بمستواها، لتتولّى مكانها في الحكم.
من هنا نقول ليطمئن البعض، إنّ الشغور لا يعني أن ترث الحكومة صلاحيات الرئيس. بل هنالك حدود رسمتها النصوص والواقع العملي.
“محكمة” – الجمعة في 2022/11/4

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!