مقالات

المحامون مقيّدون بالمهل يا معالي الوزير/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
لا يزال وزير الداخلية في الحكومة التي لم أعطها الثقة ولن أعطيها، مصرّاً على عدم استثناء المحامين من قرار منع التجوّل بعد الثامنة مساء، ومن القرار غير المنتج وغير النافع “مفرد ومجوز”.
سبق وكتبت في عدّة تعليقات أنّ المحامي هو أكثر إنسان يجب أن تكون له الأولوية بالتجوّل. وإذا جازت المقارنة مع غيره فإنّ الطبيب قد يتابع صحّة الإنسان، والصيرفي يتابع الأموال، والسوبرماركت تتابع المواد الغذائية…الخ أمّا المحامي فهو يتابع الملفّات المتعلّقة بحياة الإنسان. فقد يكون الجرم المرتكب يؤدّي إلى عقوبة الإعدام. كما يتابع الملفّات المتعلّقة بحرّية الإنسان وقد ينقذه من دخول السجن أو يتابع الملفّ لإخلاء سبيله وإخراجه من السجن. ويتابع الملفّات المتعلّقة بالدعاوى العقارية والمالية والتجارية والأحوال الشخصية…الخ أليست مهنة المحاماة متعلّقة بالتحرّكات اليومية للناس، وبأعمالهم وبتصرّفاتهم وبمصيرهم.؟ فكيف تقيّد حرّية المحامي في التنقّل وفي متابعة شؤون موكّليه ومواطنيه؟
أمّا القول بأنّ هذه التدابير هي حمائية للمحامي ومن اجل مصلحته، فهو غير منطقي، لأنّ المحامي يعرف كيف يحمي نفسه، وهو يتمتّع بالحكمة اللازمة لاختيار الوقت والزمان المناسبين لتنقّله وللقيام بواجباته.
والقول بأنّ الحركة مشلولة ولا حاجة للتنقّل هو أيضاً غير صحيح، إذ إنّ أبواب أقلام المحاكم مفتوحة، وهناك جلسات تحقيق في قضايا جزائية وإخلاءات سبيل ومهل متعلّقة بها. فيكف يستأنف المحامي قراراً بإخلاء سبيل خلال مهلة 24 ساعة وهو مقيّد وممنوع عليه التجوّل بسيّارته؟ وهل عليه أن يذهب بالتاكسي أو يستعير سيّارة جاره؟ لو كانت الحركة مشلولة كلّياً في البلد، ولو كان هناك حَجْر كامل شامل وكلّ الجلسات والمحاكم مقفلة بشكل تام لكان الوضع مختلفاً. أمّا وأنّ الحركة شبه طبيعية فليس من المنطق شلّ حركة المحامي خصوصاً وأنّه ليس هاوياً للتنقّل ولتعريض حياته وصحّته للخطر مجّاناً، وإنّما هناك مواعيد محدّدة من قبل المحاكم مثلاً لا يحقّ للمحامي تخطّيها، وهناك مهل محدّدة أيضاً قد تودي بحرّية موكّله أو بخسارته أملاكه أو أمواله. هذا عدا عن مئات الأمثلة، نعم مئات الأمثلة، ومعظمها متعلّق…بالمهل.
كلمة أخيرة إلى معالي الوزير الذي سمعت عنه أنّه كان ضابطاً شجاعاً، إنّ رجوعك عن قرارك المتعلّق بالمحامين يكون دليل كِبَر ويستحقّ التقدير والتهنئة في حال حصوله. وهذا شأن الكبار نسجّله له متذكّرين كتاب عمر بن الخطاب وهو أوّل قاضٍ في الإسلام إلى أبو موسى الأشعري هذا الكتاب الذي يعدّ آية من آيات الله في قواعد الفقه وسنن الإنصاف:
“ولا يمنعك قضاء قضيته أمس، فراجعت فيه اليوم عقلك وهديت فيه لرشدك، أن ترجع إلى الحقّ. فإنّ الحقّ قويم ومراجعة الحقّ خير من التمادي في الباطل”.
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/4/21

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!