ظروف العمل في عدلية بعبدا إنتهاك لحقوق الإنسان/غادة أبو كروم وندين نجم وآمال عيد
القاضيات غادة أبو كرّوم وندين نجم وآمال عيد*:
حضرة الرئيس الأوّل حضرات الزميلات والزملاء
لا يمكن لمفتقد العدالة أن يعطيها للآخرين، ولا يمكن للباحث عن حقّه أن يحمي حقوق غيره،
صارت ظروف العمل في مبنى عدلية بعبدا تشكّل انتهاكًا يوميًا ليس فقط لأبسط حقوق القضاة والمساعدين القضائيين، بل لحقوق الانسان، أيّ إنسان، وأقلّ ما توصف به بأنّها مُذِلّة وغير إنسانية وتحط ّمن كرامة كلّ العاملين في المبنى وكلّ الداخلين إليه،
أن نُترَكَ لنمارس عملنا في العتمة والبرد وبين النفايات ومن دون إمكانية استعمال دورة المياه يعني أنّ إنسانيتنا هي على المحكّ وأنّنا مُجرّدون من كلّ قيمة حتّى من أدناها،
وانّ القبول بهذا الوضع أو المضي في حالة من إنكاره أو تجاهله فيه منتهى احتقار الذات والشعور بانتفاء القيمة الإنسانية،
ولكان العضّ على الجرح واجبًا لو كانت ظروف العمل في مباني الوزارات والإدارات والمؤسّسات العامة المدنية منها والعسكرية، مشابهة لما هو الوضع في عدلية بعبدا، أما أن نُترك منذ عدّة أشهر بمنتهى الإهمال والتخلّي وإشاحة النظر عن حاجتنا إلى متطلّبات بدائية فيتجاوز كلّ طاقة على الإحتمال،
والسؤال الذي يفرض نفسه بإلحاحٍ هو ماذا بعد، وحتّى متى نسكت عن هذا الوضع المذلّ؟
هل نطلب الكثير عندما نطالب بالتيّار الكهربائي ولو لبضع ساعات في اليوم، وبالماء فقط لدورات المياه، وبرفع النفايات وليس بالحدّ الأدنى من النظافة؟
ولأنّ الواجب والمسؤولية في أداء العمل القضائي لا يمكن أن يلغي الحقّ في العمل ضمن بيئة سليمة وآمنة وصحّية تتوافق مع معايير العمل الدولية،
لذلك، فإنّي أجد نفسي مضطرة لانتظار تأمين الحدّ الأدنى من الظروف الإنسانية اللازمة قبل عودتي لمتابعة العمل في عدلية بعبدا.”
*تنشر “محكمة” صرخة رئيسة محكمة الاستئناف في جبل لبنان- الغرفة الحادية عشرة، القاضية غادة أبو كروم والمستشارتين القاضيتين ندين نجيم وآمال عيد، بعدما استأذنت الأولى في النشر كون هذا النصّ نشر ضمن مجموعات المحادثة الخاصة بالقضاة. ومن المعروف عن القاضي أبو كروم أنّها من القضاة النادرين الذين لا يغيبون عن محكمتهم والذين يستحيل مرور “وساطة” ما في عملهم أو القبول بأمر مخالف للقانون، أو الرضوخ لأيّ ضغوطات من هنا أو هناك.
“محكمة” – الأربعاء في 2022/2/2