عابر القلوب (إلى روح القاضي نادر منصور)/ علي رمضان

المهندس علي رمضان*:
تعبر نحو السكون…
ووجهك الغارب …أرّخ للزمان و غاب…
ها ترحل الآن… وضحكات الاطفال لا زالت طرية…
عابرُ القلوب ….مخترع الفرح…
قاتلَك العمر بحديد غدره…
يا مدَدَ الكلماتِ أنقذنا لنزفّ إليك شهيد ذكرياتنا…
يا موج البحر هِجْ حبرًا لنكتب عن حزننا المشهود …
هنا الغياب يدمي جراح الروح …
يا نادر الكلمات الحزينة… ما لريح الحزن تلفح وجهنا في حمم الرحيل …
هنا المآذن أعلنت الرحيل… وتلت آيات الذهول …
لعلّ قلبك حلّق حبًّا بطفليك فهوى..!
لعلّ هذا القلب لم يقوَ على عظمة الأبوة فيك فصمت…!
لعلّ اتقاد الذكاء في مدار رأسك على مدى الساعات أثقل خفقان قلبك الجميل فخبا ..!!
في ملاعب مدرسة الأطفال، حنين لصوتك … فجميع الأبطال الصغار يعرفون نادر …. رفيقهم في اللعب … ويحدث أن يكون هذا القاضي الرياضي الشاب أبًا لجاد و آدم… إذ لم يكن نادر أبًا صديقيهم فحسب بل كان هو نفسه الصديق…صديق الاطفال الجميل بقلبه الطفل…
ستقتلنا الذكريات يا نادر …
سيتعبنا لون الملاعب الخضر دونك بعد اليوم …
ما لهذا القلب لم يستطع ان يحتوي جداول الرقة التي فيك…
كنا نتعلم منك معنى الأبوة حين نراك مع اطفالك…
ولنادر منصور القاضي،
وجه آخر… هو رجل القانون الجاد الطموح، الذي كانت تنتظره و تتوق إليه أسمى المناصب…لأنه كان يخطو بخطوات ثابتة نحو النجاح و التوهج…
شاب عصامي مثقف، لفحته شمس الانسانية المجبولة برجاحة العقل و قوة المنطق لتنحت منه قاضيًا عصاميًا واعدًا ذكيًا إنسانيًا يفخر القضاء اللبناني بأمثاله من القضاة …
نبكيه بالدمع المؤرق في الأجفان ، بحرقة الصداقة و الاخوة …
ونذكر أيامه و أحلامه وجميل أخلاقه…لنسترجع بريق الحب في عينيه ..
نادر …
وأنت تغادر تلاطم الموج في الدنيا لتعبر إلى برّ الراحة الابدية، ستترك فينا ألف سؤال وسؤال…
حسبنا أنّ رفيقة دربك وشريكة الروح القاضية أميرة، التي أصبحت بعدك أمًّا وأبًا، ستحتضن حلمك وتزرعه في روح طفليك وتغذّيه وترعاه بعطفها وحكمتها خير رعاية…
لكن سيل الأسئلة العقيمة تجلدنا …
لماذا الأحبّة يرحلون صغارًا …
ومن يضمّد جراح الروح التي آنست حضورك…؟
ومنْ لأيام الصغار يرتّب أحلامهم وغدهم الجميل؟
من يضمّد جرح العمر بعد أن انكسر…
من يضمد جرح العمر بعد ان انكسر؟
*المهندس علي رمضان شقيق النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان.
“محكمة”- الجمعة في 2024/2/16