عتمة في عدلية بيروت.. قضاة يتحدّون ومحامون يمارسون”القفز بالزانة”/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
… وكأنّه لا يكفي أن توصف العدالة في لبنان بـ”المتأخّرة”، حتّى أتى انقطاع التيّار الكهربائي عن أجزاء كثيرة من قصر عدل بيروت ليزيد الأحوال سوءاً، ومع ذلك تحدّى قضاة هذا الواقع المرير وعقدوا جلساتهم على ضوء الهواتف الخليوية من أجل تسيير أمور الناس وهم يردّدون في قرارة أنفسهم ومع أبناء وطنهم “فوّضنا أمرنا إلى قاضي السماء” في بلد يعاني وينزف على شتّى صعد الحياة!
فمسلسل انقطاع الكهرباء عن مساحة واسعة من مختلف طوابق العدلية في بيروت العاصمة، وقصر العدل الأكبر في لبنان والأكثر اجتذاباً للأضواء لوجود “مراكز القرار” فيه، مستمرّ منذ يوم الجمعة في 4 كانون الثاني 2019 وكان نهاراً مشمساً، وبدلاً من أن يتصدّى المعنيون لهذا الخلل مستغلّين ثلاثة أيّام من العطلة، تغاضوا عنه مع أنّ للضرورة أحكامها في قانون الحياة، ليتفاجأ القضاة ومساعدوهم والمحامون والمواطنون اليوم الثلاثاء بانتشار بقعة العتمة في الداخل في ظلّ مناخ ماطر وعاصف ومثلج في الخارج ، وهذا ما انعكس سلباً على عمل المحاكم والأقلام وأدّى إلى توقّف الصندوق العائد لوزارة المالية عن إجراء معاملات القبض والصرف، والجميع يعرف جيّداً أنّ العدلية تدرّ أموالاً طائلة على خزينة الدولة، ومن المعيب أن تُعامل بهذا الأسلوب من إنكار الجميل، فأقلّ مقوّمات الصمود توافر النور.
ولم يكن الوضع أفضل حالاً في موقف السيّارات سواء أكان في باحة العدلية أو قرب “بيت المحامي”، فالردميات المتأتية من ورشة التأهيل والتشييد المستمرّة منذ سبع سنوات وبإخفاق كبير، تمدّدت حتّى استباحت كلّ الأماكن الصالحة لركن السيّارات، واضطرّ المحامون إلى ممارسة لعبة القفز بالزانة فوق مياه الأمطار المتجمّعة للوصول إلى أقرب مسافة ممكنة من قاعة”الخطى الضائعة”، علماً أنّه سبق لهم أن رفعوا الصوت عالياً مطالبين نقابتهم بتصليح البنى التحتية لأرضية موقف السيّارات وتعبيدها، والإمكانيات المالية متوافرة وهي من حقوقهم وجيوبهم تضاف إليها جملة مكتسبات من معاملات كتّاب العدل على سبيل المثال.
تحيّة لكلّ قاض شريف تحدّى قرار التعطيل القسري من دولة مهملة ونزل إلى قوس محكمته متحمّلاً العتمة والبرد وعقد جلساته بشكل اعتيادي على ضوء الشموع والهواتف الخليوية، أو حوّل مكتبه إلى محكمة مصغّرة من أجل الحفاظ على ما تبقّى من نصاعة لصورة العدالة في ذهن رأي عام لا يتردّد عن الإفصاح عن وجود تململ لديه من العدالة الحقّة في لبنان!
وتبقى الصورةُ أكثر تعبيراً عن ظلمة العدلية ومسبح مواقف السيّارات ونعتذر مسبقاً عن رداءتها وهنا بعضها: