عقد إيجار للوكيل مع نفسه باطل/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
اعتبر القاضي المنفرد المدني في صور الناظر في قضايا الايجارات الرئيس علي ابراهيم في الحكم الصادر عنه بتاريخ 1995/1/26 أنّ قيام الوكيل بعقد ايجار نفسه على مال الموكل ينتج عنه التزامات شديدة الوطأة على الموكّل وهي بخطورتها وشدّتها توازي تلك الخطورة التي تمنع الوكيل من التصرّف بمال الموكّل لنفسه، وقضى بالتالي، باعتبار عقد الايجار الذي نظّمه لمصلحته على مال الموكّل عقداً باطلاً وبإلزامه بإخلاء الشقة موضوع الدعوى.
ومما جاء في الحكم:
حيث تدلي المدعية بأن اقامة المدعى عليه في الشقة موضوع النزاع هي اقامة غير مشروعة.
وحيث يتبين من الرسالة المرسلة من المدعية لشقيقها المدعى عليه، وغير المنازع فيها من المدعية، بأ، المدعية وافقت على اقامة شقيقها في لشقة وقالت له:”مبروك عليك وان شاء الله تكون بخير”
وحيث تكون المدعية وافقت على سكن المدعى عليه شقيقها في الشقة موضوع النزاع.
وحيث يكون ادلاء المدعية في غير محله القانوني.
ثالثاً: في تعاقد الوكيل مع نفسه فيما يتعلق بأعمال الادارة.
حيث من الثابت ان المدعى عليه وبموجب الوكالة المعطاة له من شقيقته المدعية نظم عقد ايجار لنفسه وسجله في سجلات البلدية وذلك على شقة تعود ملكيتها للموكلة.
وحيث يقتضي البحث فيما اذا كان يمكن للوكيل ان يتعاقد مع نفسه فيما يتعلق بأعمال الادارة.
وحيث وان كانت المادة 378 من قانون الموجبات والعقود تمنع في فقرتها الاولى وكلاء البيع شراء الاموال التي عهد اليهم في بيعها، فان هذا المنع لم يذكر اعمال الادارة، انما اقتصر على اعمال التصرف.
وحيث ان هذا المنع لا يطيق الا اذا اجاز الموكل للوكيل اجراء التصرف قبل حصوله او ايده بعد حصوله.
Cass civil -10-12 -1912 sirey -1916 -1-41 note naquet.
Cass civil 28 – 6 -1934 gaz du palais 1934 – 2-430
وحيث منع التعاقد مع النفس بالنسبة للوكيل يرتكز على عدة مبررات اولها ان فكرة العقد تتعارض مع هذا المبدأ لان العقد يتطلب توافق ارادتين تصدران عن شخصين بينما لا نجد في التعاقد مع النفس الا ارادة واحدة تصدر عن شخص واحد وهذا ما يبدو مستحيلا من الناحية القانونية.
وثانيهما هو تعارض المصالح، اذ ان جمع طرفي في العقد في شخص واحد يثير الشك في تصرفه بحيث يخشى ان يفضل مصلحة احد المتعاقدين على مصلحة الآخر. كما لو كان وكيلا عن طرفي العقد وتكون الخطورة اكبر اذا كان وكيلا عن الغير واصيلا عن نفسه بحيث يخشى ان يفضل مصلحته الشخصية على مصلحة الغير.
يراجع: محكمة التمييز اللبنانية المدنية الثانية رقم 34 تاريخ 1957/4/29 النشرة القضائية اللبنانية 1957 ص 498. والقرار رقم 189 تاريخ 1971/12/29 الصادر عن محكمة استئناف البقاع – العدل العدد الاول لسنة 1973 ص 118.
وحيث بالاضافة الى الاجتهاد، فان القوانين المختلفة اخذت بهذا المنع ومنها ما ورد في المادة 108 من القانون المدني المصري والمادة 109 من القانوني المدني السوري والمادة 156 من قانون الامارات العربية المتحدة والمادة 1596 من القانوني المدني الفرنسي.
وحيث وان كان هذا الامر يتعلق بمنع الوكيل القيام باعمال التصرف لنفسه، فان هذا المنع يطال اعمال الادارة اذا كانت اعمال الادارة اشد خطورة من اعمال التصرف، اذ ان اجارة الاماكن السكنية او التجارية تفرض التزامات على المؤجر اشد خطورة من اعمال التصرف، تجعل من هذه الخطورة مانعا دون الوكيل ودون القيام بذلك اذ ان المؤجر يلتزم نتيجة هذا العقد بأبقاء المأجور تحت تصرف المستأجر لمدة تصل الى مدى الحياة وقد يؤدي فعلياً الى التخلي عن المأجور.
Guy FLATTEL les contrats pour compte d’autrui p:130
وحيث على ضوء الخطورة المبرزة لمنع الوكيل بالتصرف بالمال الموكل اليه، فأنه يمنع على الوكيل القيام بأعمال الادارة التي ينتج عنها نفس الخطورة.
وحيث ان قيام الوكيل بعقد ايجار لنفسه على مال الموكل ينتج عنه التزامات شديدة الوطأة على الموكل وهي بخطورتها وشدتها توازي تلك الخطورة التي تمنع الوكيل من التصرف بمال الموكل لنفسه.
وحيث يكون عقد الايجار الذي نظمه الوكيل المدعى عليه لمصلحته على مال الموكل عقداً باطلاً.
وحيث يقتضي على ضوء ذلك الزام المدعى عايه باخلاء الشقة موضوع الدعوى لسقوط عقد الايجار وان المالكة وضعت حدا للتسامح الذي كان قائماً بالاضافة الى انه لم يتبين من اوراق الدعوى ان المدعية سمحت للمدعى عليه باجراء هذا العقد عقد الايجار او اتت من الافعال ما يؤيد هذا العقد.
“محكمة” – الاثنين في 2019/8/19