“محكمة” – بيروت:
تحت عنوان “حرّية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي بين التشريع والواقع – آفاق وتحديات” نظّمت الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلومات – مركز الجريمة السيبرانية، بالتعاون مع كلّية الآداب والعلوم في الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا AUST ) ) في محلّة الأشرفية في بيروت، ندوة برعاية وزير الدولة للاستثمار والتكنولوجيا عادل افيوني الذي مثّلته المحامية ناتالي عيد، ومشاركة قضاة ومحامين وحقوقيين وعسكريين وأساتذة جامعيين ومهتمين.
النشيد الوطني اللبناني إفتتاحاً فتقديم للدكتور خليل خيرالله، وكلمة عميد كلّية الآداب الدكتور عزيز بربر الذي رأى “أنّنا نحتاج إلى دولة ترعى حرّية التعبير وإلى جيل مثقّف يرعى الحرّية ويعرف معناها، وعلينا إعداد جيل جامعي يواكب الاختصاصات الجديدة.”
وقالت رئيسة الجمعية اللبنانية لتكنولوجيا المعلومات الدكتورة منى الأشقر جبور إنّ “الكلّ معني بحرّية التعبير”، مطالبة بـ”ضرورة التفكير في القوانين لأنّ حرّية التعبير ووسائل التواصل جزء من الاستقرار الاجتماعي والقضاء السيبراني الآمن.”
ورأت ممثّلة أفيوني “أنّ التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي أمر مفتوح ولا يخضع لضوابط، ووضع هذه الضوابط ليس من مسؤولية وزارة واحدة.” معرباً عن اعتقادها بوجوب “أن يكون هناك جهد مشترك بين أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص من أجل مناقشة ووضع سياسات ومشروع سياسات لتحقيق توازن مناسب بين التنظيم وحرّية التعبير وحقوق الإنسان، نظراً إلى حساسية هذا الموضوع، وخصوصاً في بلدنا، بحيث يؤدّي الأمن والسياسة دوراً رئيسياً، لذلك ينبغي مراعاة الأمر، بطريقة مدروسة، ربما من طريق إنشاء مؤسسة أو لجنة خاصة تضمّ وتمثّل جميع أصحاب المصلحة الذين سيتولّون مسؤولية صوغ إطار قانوني”.
عقيص
وقال النائب جورج عقيص “إنّ حرّية التعبير هي حقّ إنساني أساسي تندرج تحتها مفاهيم عديدة من الحرّيات، معتقداً أنّه “كان على الشعب اللبناني أن يحكم نفسه بنفسه كما حصل في أثينا قرابة 2500 عام قبل الميلاد حيث كانت الديموقراطية مباشرة”.
وأضاف عقيص أنّ “حرّية التعبير حقّ للناس وللسلطة، لأنّ السلطة الذكية هي التي تستجلب الحوار من دون اللجوء إلى العنف”، مستعرضاً “أنواع النظم الديموقراطية المعتمدة في أكثر من بلد”، ومتوقّفاً “أمام ما يحصل في لبنان”، وانتقد “ملاحقة من يعبّر عن رأيه مع ادعائنا أنّنا فسحة حرّية التعبير في هذا الشرق”.
وتوقّف عقيص عند “اقتراحه قانونين في المجلس النيابي: واحد لمنع التوقيف الاحتياطي في جرائم القدح والذمّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن مع تعديل الغرامات والتعويضات على من يثبت ارتكابه هذا الجرم، وهذا يحقّق التوازن بين المعتدي والمعتدى عليه، واقتراح بمنع الرقابة على الأعمال المسرحية”. وأكّد أنّ “حرّية التعبير مشروطة بعدم التعسّف في استعمالها، منها القدح والذم وتلفيق أخبار كاذبة وعرض ما يخدش حياء الأطفال وإثارة النعرات الطائفية”، متمنياً “اقرار محكمة خاصة لمحاكمة الذين يسيئون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
كبارة
وقالت المحامية حلا كبارة: “ان ما نتحدث عنه اليوم هو سؤال الانسان في عصر العولمة فهو يرصد دور الوسائط في تشكيل العقل الانساني وما فرضته من أخلاقيات، بما يطرح ثنائية تتعلّق بالأمن والخصوصية والديكتاتورية والديموقراطية، أيّ العلاقة بين الحرّيات والانترنت والسلطة عبر مراقبة محتوى ما يتمّ التداول فيه على شبكات التواصل.”
وأضافت أنّ “شبكات التواصل الاجتماعي حرّرت الإنسان فكانت امتداداً له، نظراً لما تتمتّع به من خاصية ” كلّية الوجود “وآنية ومجانية”، مؤكّدة أنّ “هذه الوسائل مكّنت الانسان من التعبير وأن يفرض محتوى هذه الوسائل ويعمل على تعديلها”، داعية إلى “إيجاد توازن بين الانفتاح الكلّي وبين التحكّم الكلّي للانترنت.”
وعن واقع حرّية التعبير في لبنان، قالت كبارة: “إنّها تعني الحقّ في التعبير والوصول إلى المعلومات وغيرها، مع وجود إستثناءات”، متحدّثة عن حرّية التعبير في قانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي لا سيّما توسيع صلاحية النيابة العامة في وقف وحجب المواقع الالكترونية في التعديلات التي أدخلها المشرّع على المادة 209 عقوبات لتنضمّ الوسائل الالكترونية لجرائم القدح والذمّ، وكيف أنّ الاذونات الادارية تنتهك خصوصية المواطن تطبيقاً لقانون التنصّت.
وتناولت كبارة أهمّية قانون الحقّ في الوصول إلى المعلومات لتعزيز الشفافية.
مكنا
وتحدّث قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد مكنّا عن “حرّية التعبير في لبنان والقضاء الجزائي”، فقال: “إنّ ميدان الاختبار الأصعب هو أمام القضاء الجزائي لأنّه يكون أمام اختبار تقييد حرّية الشخص ما يمسّ بكرامة الموقوف”.
ولفت مكنا النظر إلى أنّ “حرّية التعبير عن الرأي بموجب الدستور هي المبدأ الذي يسمو على كلّ القوانين، أيّ أنّ تقييده يجب أن يكون استثنائياً، وهذا لا يحصل إلاّ بموجب قانون يصدر عن مجلس النوّاب”، وان مفهوم الحرّية مفهوم ديناميكي يتأثّر بالثقافة السائدة في المجتمع، وأنّ أهمّية حرّية التعبير تتمثّل في تحقيق الشفافية في العمل العام وأيضاً تطبيقها في الواقع، فالشفافية تبقى دون جدوى إذا لم تمنح لأصحابه حرّية النقد والتقييم، ثمّ تناول إطار متابعة الشأن العام من المحترفين في مجال الاعلام والصحافة في إطار الممارسة اليومية للحياة السياسية، حيث إنّ انحراف الموظّف العام خاضع للرقابة بخلاف ما هو مرتبط بحياته الشخصية وكذلك الحال في العمل السياسي حيث إنّ كلّ عامل في القطاع العام انتخاباً أو تعييناً خاضع للنقد.
“محكمة” – الخميس في 2019/7/4