مقالات

غياب القائد الأممي للمحاماة فاروق أبو عيسى/عمر زين

المحامي عمر زين*:
البقاء لله،
تلقّينا بأسف بالغ نبأ وفاة المناضل الأممي في سبيل العدالة واستقلال القضاء والمحاماة وحقوق الإنسان معالي فاروق أبو عيسى حيث ووري الثرى بعد ظهر يوم الأحد الواقع في 2020/4/12 بمقابر البكري بأم درمان.
بسبب نشاطه السياسي المناهض للإستعمار البريطاني للسودان في مرحلة دراسته الثانوية ونضاله آنذاك لينال الطلاّب السودانيون اتحاداً عاماً فُصل من مدرسته الثانوية مع عدد من الطلاّب من الامتحانات. درس الحقوق في جامعة الاسكندرية وتخرّج منها في العام 1957، يساريٌ بامتياز، تولّى وزارة الخارجية في السودان في عهد العقيد جعفر النميري عام 1969، ترأس مجلس وزراء الخارجية العرب، وتولّى الأمانة العامة لاتحاد المحامين العرب عام 1983-2003، وتولّى منصب المساعد لرئيس التجمّع الوطني الديمقراطي في السودان، وترأس الهيئة العامة لتحالف قوى الإجماع الوطني، وتعرّض لاعتقالات متكرّرة أيّام حكم عمر البشير.
غياب الراحل الكبير خسارة للمحاماة العربية الذي خاض المعارك لتعزيزها والنهوض بها، وخسارة أيضاً لكلّ حركات التحرّر في العالم، ولكلّ المناضلين الشرفاء العاملين لإرساء الديمقراطية وتعزيز الحرّيات العامة في الأمّة العربية والعالم.
عرفته نقابات المحامين العرب والاتحادات المهنية العربية والإقليمية والعالمية في قيادته الفذّة بكلّ معاركهم في كلّ ما يتعلّق بالتحرّر والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان.
الراحل الكبير عشق العمل المؤسّساتي بعيداً عن الفردية، وشارك في تأسيس عدد كبير من المنظّمات والاتحادات أبرزها المنظّمة العربية لحقوق الإنسان، والمعهد العربي لحقوق الإنسان، فكان ناشطاً عروبياً مميّزاً في الاتحاد الدولي للمحامين الديمقراطيين، وفي الاتحاد الدولي للمحامين، واتحاد نقابات المحامين الدولي ومؤسّساً لاتحاد المحامين الأفارقة، فحمل القضايا العربية والتحرّرية على منابرها، وكان له صولات وجولات في كلّ المؤتمرات والاجتماعات والتحرّكات.
القضيّة الفلسطينية عنده هي القضيّة المركزية للأمّة العربية، وكان يشير دائماً إلى واجب مناصرة الأخوة الفلسطينيين الذين يقاتلون أعتى أدوات الاحتلال وأشرسها بمفردهم لتحرير أرض فلسطين من البحر إلى النهر وحقّ العودة وحقّ تقرير المصير، مؤكّداً حتمية النصر حيث إنّ النضال يتعلّق بالحقوق وبالثوابت القومية واعياً بأنّ طريق النصر هو المقاومة ولا طريق سواها، عاملاً للوحدة الوطنية الفلسطينية ووحدة بندقيتها.
أيّها الراحل الكبير ستبقى صدى كلماتك، وستبقى مواقفك ونضالاتك البوصلة لكلّ المحامين العرب لمتابعة نضالاتهم المهنية والوطنية والقومية نحو النصر المبين.
تغمّدك الله بواسع رحمته وأنزلك منزلة الصدّيقين والأبرار ولعائلتك وللمحامين العرب وكلّ أحرار العالم المناضلين للعدالة وحقوق الإنسان جميل الصبر والعزاء.
*الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب.
“محكمة” – الإثنين في 2020/4/13

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!