فضيحة قضائية… توقيع معاملة عفو خاص رغم الاعتكاف!
كتب علي الموسوي:
عندما أعلن مجلس القضاء الأعلى اعتكاف قضاة لبنان عن العمل بانتظار إجراء معالجة تشريعية لما أصابهم من إجحاف في قانون سلسلة الرتب والرواتب، كان واضحاً في بيانه الرسمي بأنّ الإعتكاف يشمل كلّ الأعمال القضائية وذات الصفة القضائية باستثناء النظر في قضايا الموقوفين الذين يُحالون حديثاً على النيابات العامة للإدعاء عليهم في مختلف الجرائم المنسوبة إليهم، وقضاة التحقيق لاستنطاقهم والبتّ في مصير توقيفهم سلباً أو إيجاباً.
وبادر القضاة المناوبون في العطلة القضائية إلى الإلتزام بمضمون تعميم مجلس القضاء الأعلى والذي أعيد التأكيد عليه في الجمعية العمومية لقضاة لبنان في 24 تموز 2017، فامتنع هؤلاء عن القيام بأيّ إجراء قضائي مهما كان نوعه وحجمه على الرغم من التصاق بعض المعاملات بحياة الناس كأن يتوجّه أحدهم إلى النيابة العامة لتقديم شكوى على سبيل المثال، عن فقدان بطاقة هويّته تمهيداً لإستصدار واحدة جديدة من السلطات المعنية، بسبب حاجته الماسة إليها.
كما أنّ القضاء نفسه، صوّر انضباطه التام بالإعتكاف عبر تسريب خبر انتشار الفوضى في المخافر والفصائل بسبب تكدّس الموقوفين لديها وامتناع النيابات العامة عن إعطاء الإشارة المطلوبة بحقّهم، وذلك بهدف الضغط على السلطة السياسية وتوجيه رسالة لها بأنّه هو أيضاً سلطة ولا يمكن تخطّيه، أو إهمال ما يطالب به لجهة استرجاع حقوقه المكتسبة وتحديداً في صندوق التعاضد.
غير أنّ ما يحدث في الكواليس مخالف لكلّ ما تقدّم، إذ إنّ “محكمة” حصلت على نسخة عن طلب عفو خاص موقّع من قاضيين عضوين في مجلس القضاء الأعلى يفترض أن يكونا من أوائل الملتزمين بالإعتكاف وعدم مخالفته مهما كانت الحجج، خصوصاً وأنّه ليس في الأمر ما يستدعي السرعة القصوى والإلحاح الضروري، والقاضيان هما النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود الذي هو نائب رئيس مجلس القضاء الأعلى، والرئيس الأوّل لمحاكم الإستئناف في بيروت القاضي طنوس مشلب.
وتضمّن كتاب العفو الموجّه إلى النيابة العامة التمييزية النصّ التالي:
“رقم:51/عفو/2017
طالب العفو: بسكال حلمي كالوت
وعملاً بالمادة 397 محاكمات جزائية،
نودعكم هذا الإشعار بورود طلب العفو المقدّم من المستدعي بسكال حلمي كالوت والمسجّل لدينا تحت رقم 51/عفو/2017، بتاريخ 27/7/2017 مع الموافقة على التريّث بتنفيذ الحكم:
• القرار رقم 632/2002 تاريخ 16/5/2002 الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في النبطية بالصورة الغيابية.
• القرار رقم1140/2003 الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في النبطية بتاريخ 21/10/2003.
• القرار رقم 30/2016 الصادر عن محكمة استئناف الجزاء في النبطية بتاريخ 11/2/2016.
ريثما يبتّ بالطلب نهائياً.
بيروت في 1/8/2017
رئيس لجنة العفو الخاص
القاضي طنوس مشلب”
وقد وقّع هذا الإشعار أيضاً النائب لدى محكمة التمييز فور تسجيله في قلم النيابة العامة التمييزية في 1 آب 2017 تحت الرقم 4484/2017. وأحيل على النائب العام الاستئنافي في النبطية للتفضّل بالإطلاع وإجراء المقتضى، أيّ تنفيذ المضمون.
ولا بدّ من القول إنّ تسريع طلب العفو مخالف لمبدأ المساواة أمام القانون الذي يفترض أن ينفّذ بحقّ كلّ الناس إلى أيّ طبقة إجتماعية انتموا، وبأيّ حظوة سياسية ارتموا، ولا يمكن إعمال سيف التمييز بين الناس كتمرير معاملات المحظيين والمقرّبين والمدعومين سياسياً، وتجاهل طلبات ومعاملات الفقراء.
“محكمة” – الخميس في 03/08/2017.