فكتور ضو.. البحّارة الكبار لا يموتون/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
الآباء الأجلاء، سعادة النقيب، الأهل والأصدقاء والزملاء.
نسرٌ من نسور المحاماة يهوي.
المحامي الأستاذ فكتور ضو لم يعد بيننا. خطفه الموت دون سابق إنذار. فرحل بهدوءٍ وصمت. ألم يكن الرحابنة على حقّ حين قالوا: أتاري الاحبة عاغفلة بيروحوا وما بيعطوا خبر. عاغفلة بيروحوا.
من حومال، أرض القداسة والمحبّة والتسامح، انطلق المحامي الأستاذ فكتور ضو في مسيرته الحياتية والمهنية، وعبر إلى المدى الواسع مندفعاً في ممارسة مهنة المحاماة بكلّ فخر واعتزاز وشغف.
من كلّية الحقوق في الجامعة اليسوعية، إلى رحاب المحاماة، إلى عضوية مجلس النقابة لعدّة ولايات، وأمين سرّ مجلس النقابة ومفوّض قصر العدل فيها.
لقد كان الأستاذ فكتور ضو صديقاً صدوقاً وكانت هناك مودّات بينه وبين الناس، وكان من أهل الرحابة والانفتاح. متواضع ومتصالح مع نفسه ومع الآخرين. وخوفي أن نفقد هذه القامات وهذه الهامات من أشجار الأرز، لتحلّ محلّها شجيرات ضعيفة لا تقوى على مجابهة رياح الهدر والسرقة والسمسرات والفساد. فيا هلعي ويا أسفي على استبدال حكمائنا بقليلي الخبرة، وكبارنا بصغار القوم.
وكان الأستاذ فكتور إنساناً خلوقاً، وعاطفياً، وأسس مع المرحومة زوجته زميلتنا سعاد كرم، عائلة مسيحية مؤمنة، ورزقا بالمحامين تانيا وكارل واللذين يكملان رسالتهما في المحاماة.
في المحاماة، كان المرحوم فكتور يمارس مهنته بجدّية وشرف واستقامة. يستعين بالمراجع القانونية، ويقارع الحجّة بالحجّة. ساعده على ذلك سرعة بديهة، وعمق معرفة، وثقافة واسعة، ونزاهة فكرية. وهو الذي كان يجيد تسويق أفكاره بأسلوب حواري متمرّس. فجاءت لوائحه مشغولة ومرافعاته مدروسة.
من مكتبه، تخرّج عشرات الزملاء المحامين الذين نفتخر بهم والذين يعملون بوصية معلّمهم في التعاطي اللائق مع زملائهم ومع القضاة ومع موكّليهم.
اليوم ينطوي زمن جميل، وتضمّ أرض حومال فلذة كبدها، إبنها البار المرحوم فكتور.
الحزن كبير، والفراق صعب، خصوصاً مع إنسان اختزل صفات المحبّة والتواضع والعلم وطيبة القلب. هذا القلب الذي إذا فتحته لعلّك تجد قلب الأمّ تيريزا. إنّه يمثّل الزمن الجميل، وقد رحل قبله زملاء أعزاء، والبارحة أيضاً فقدنا زميلاً عزيزاً، هو المحامي المرحوم الياس بو عيد، عضو المجلس الدستوري ومجلس نقابة المحامين سابقاً. كما فقدنا في الأسبوع عينه المحامي البروفسور ريشار الشمالي، عميد كلّية الحقوق في الجامعة اليسوعية سابقاً.
كلّهم رحلوا . كأنّه رحيل الحياة.
فيا أيّها الزميل الحبيب فكتور،
إنّنا نرجو، حيثما أنت، أن تلاقي عند ربّك ما تمنّيت أن تلاقيه على الأرض من سلام ومحبّة ووئام. وإنّ قصور العدل وأروقتها وقاعاتها سوف تفتقدك. ونحن نعلم أنّ البحارة الكبار لا يموتون. إنّهم فقط لا يرجعون.
فبإسم نقيب المحامين الدكتور ملحم خلف، وبإسم مجلس النقابة وبإسمي الشخصي، أتقدّم بالتعزية من عائلة الزميل الحبيب ومن أقربائه وأصدقائه وزملائه ومن أهالي بلدة حومال. سائلاً الله أن يتغمّد روحه بواسع رحمته.
الله يرحمه.
*كلمة المحامي ناضر كسبار مفوّض قصر العدل، ممثّلاً نقيب المحامين ومجلس النقابة في رثاء المحامي المرحوم فكتور ضو في كنيسة سانت تريز – الفياضية. الأحد 2021/1/3.
“محكمة” – الإثنين في 2021/1/4