فوز المحامين بازرلي والحشّاش والحدّاد ومرتينوس ضمن لائحتي الأحزاب ورقم مشرّف للمستقلّ المنفرد الخطيب/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
نجحت نقابة المحامين في بيروت في ممارسة انتخاباتها بديموقراطية شفّافة، لكنّها أخفقت في الحفاظ على ميثاق الشرف الداعي إلى تمثيل كلّ العائلات الروحية اللبنانية، والرامي إلى قبول الآخر كشريك وزميل كما هو معمول على مستوى الوطن، ففاز أربعة مرشّحين من المسيحيين دفعة واحدة بعضوية مجلس النقابة لولاية تستمرّ ثلاث سنوات، وخسر المرشّحون المسلمون ومنهم من كان ضمن لائحة واحدة مع مرشّحين مسيحيين، وأثبتت الأحزاب احتكارها للتمثيل حتّى ولو أنّها طعّمت لائحتها بوجوه شبابية مستقلّة، ووحده المرشّح المستقلّ سعد الدين الخطيب أثبت قوّته المنفردة بنيله رقماً مشرّفاً تخطّى كلّ التوقّعات بعدما خاض منافسة كبيرة بوجه ماكينات حزبية هائلة تساهلت في قراءة “ظاهرة” شعبيته المستمدّة من محبّة المحامين المستقلّين له كونه يشبههم، لا بل هو واحد منهم.
ولا مفرّ من تقبّل النتيجة كما هي وإنْ لم ترتق إلى مضمون ميثاق الشرف الذي ظلّ حبراً على ورق ولوحة معلّقة على أحد جدران النقابة، ممّا يطرح الكثير من التساؤلات حول الآلية المعتمدة في التصويت، ولكنّها بطبيعة الحال، تحتاج إلى معالجة جذرية خصوصاً وأنّ المسلمين لا يتوانون عن التصويت لمرشّحين مسيحيين سواء في انتخابات العضوية أو عند انتخاب النقيب.
بازرلي أوّلاً
وكما كان متوقّعاً حلّ المحامي إيلي بازرلي في المرتبة الأولى برصيد 1482 صوتاً، وتبعه على التوالي المحامون: إيلي الحشّاش بـ 1474 صوتاً، فادي الحدّاد بـ 1405 أصوات، عماد مرتينوس بـ 1305 أصوات، جميل قمبريس بـ 1267 صوتاً، سعد الدين الخطيب بـ 1140 صوتاً، أسعد سعيد بـ 1073 صوتاً، ارلت بجّاني بـ 741 صوتاً، جيلبير مسيحي بـ 709 أصوات، بيرت أبي راشد بـ 650 صوتاً، جيلبير أبي عبود بـ 217 صوتاً، حسين جابر بـ 195 صوتاً، ورشيد قبّاني بـ 162 صوتاً، وصنّف 85 صوتاً الورقة البيضاء، وبلغ عدد المقترعين 3916 صوتاً، وبالتالي فإنّ بازرلي والحشّاش والحدّاد ومرتينوس هم الفائزون وحلّ قمبريس رديفاً وانسحب له عضو مجلس النقابة وجيه مسعد من أجل الحفاظ على تمثيل المسلمين في المجلس على أن يلقى “ردّ الإجر” في انتخابات دورة تشرين الثاني 2019 على منصب النقيب حيث سبق له أنّ أعلن ترشّحه لذلك.
ماذا حصل خلال الانتخابات؟ وكيف نسجت التحالفات؟
بدا جلياً أنّ الأحزاب المتحالفة ضمن لائحة واحدة خذلت بعضها ولم تكن على مقدار آمال التحالف العلني، وذلك عن طريق الامتناع عن منح العدد الكافي من الأصوات لحليفها، فهذا ما فعله حزب”القوّات اللبنانية” مع تيّار “المستقبل”، وما فعله التيّار الوطني الحرّ مع حركة أمل، والدليل القاطع هو الفارق بين مرشّح “القوّات” المحامي الحشّاش ومرشّح “المستقبل” المحامي قمبريس إذ بلغ 207 أصوات لمصلحة الأوّل، فيما الواقع يفرض نيلهما العدد نفسه من الأصوات وإنْ اختلف فيكون بنسبة قليلة لا يعوّل عليها ولا تشدّ الانتباه ولا تلفت الأنظار.
كما أنّ الفارق بين المرشّح “العوني” الحدّاد ومرشّح “أمل” سعيد وصل إلى 332 صوتاً وهو رقم كبير، ويعني أنّ أصوات محامي التيّار الوطني الحرّ ذهبت بأغلبيتها لمصلحة المستقلّ بازرلي المدعوم من النقباء السابقين نهاد جبر وأمل حدّاد وسليم الأسطا وبطرس ضومط وأنطونيو الهاشم، والنقيب الحالي اندريه الشدياق، فيما كان يفترض أن تصبّ لمصلحة سعيد.
رقم مرتينوس مفاجئ
وسجّل المحامي الشاب عماد مرتينوس رقماً مفاجئاً وهو المدعوم من حزب الكتائب ومكاتب المحاماة الكبيرة ومنها مكتب عضو مجلس النقابة عزيز طربيه، واستفاد أيضاً من تبادل “الكتائب” الأصوات مع “القوّات اللبنانية”، وهذا ما أمّن الفوز أيضاً لمرشّح الأخير المحامي الحشّاش الذي كانت التوقّعات قبل الانتخابات تستبعد دخوله إلى مجلس النقابة، غير أنّه “شدّ حاله” بتحالف سياسي حزبي يملك عدداً كبيراً من الأصوات ليحلّ ثانياً.
وبتحالفه مع “الكتائب” تمكّن مرشّح “القوّات” الحشّاش من تخطّي مرشّح التيّار الوطني الحرّ الحدّاد، ويكون بذلك قد حقّق “عصفورين برمية واحدة”، ففاز مرشّح “القوّات” وتفوّق بالأصوات على مرشّح حزب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ولا شكّ أنّ الوجود الحزبي يتفاقم في نقابة المحامين على حساب المستقلّين، لكنّه لا يستطيع بمفرده أن يقطف الفوز ما لم يدعّم نفسه بوجوه مستقلّة لا تنتمي إلى أيّ حزب أو تيّار أو تنظيم ليزيد ما تملكه من رصيد إلى جعبته، ولإقفال الطريق في الوقت نفسه على مرشّحين آخرين، كما أنّه من الصعب جدّاً على أيّ مستقلّ أن يخطف الفوز منفرداً ما لم يستند إلى كتلة أصوات حزبية، وهذا ما حدث مع المرشّحين بازرلي ومرتينوس اللذين نالا عدداً كبيراً من أصوات المحامين في التيّار الوطني الحرّ بالنسبة إلى الأوّل، وحزب الكتائب بالنسبة إلى الثاني.
الخطيب أقوى المستقلّين
وخرج عن هذه القاعدة المتداولة بكثافة بين المحامين، المرشّح سعد الدين الخطيب الذي انطلق بمجموعة صبايا وشباب من المحامين المتطلّعين إلى إجراء تغيير نوعي في تركيبة النقابة من أجل الإسهام في النهوض بها لكي تكون على مقدار هذا العصر من الحداثة من دون الافتراق عن عراقتها البالغة قرناً من الزمن، وهو لم يترك مكتب محاماة أو منطقة أو قضاء أو محافظة إلاّ وزارها وشبك علاقات متينة مع المحامين فيها، فضلاً عن وقوفه باستمرار إلى جانب المحامين في كلّ مشاكلهم، وحصد نتيجة حركته المكوكية رقماً عالياً يُبنى عليه في أيّة انتخابات مستقبلية له، كما أنّه بهذا الرقم وجّه رسالة إلى الجميع بأنّ رصيد حضوره بين المحامين كبير جدّاً.
“المستقبل” الخاسر الأكبر
واستطاع الخطيب أن يحشر تيّار المستقبل بنيله هذا الرقم المدوّي، فيما مرشّح هذا الأخير المحامي جميل قمبريس تخطّاه بـ 127 صوتاً فقط، وهو رقم ضئيل إذا ما جرت مقارنة بسيطة بين الدعم الإفرادي للمحامي الخطيب والدعم السياسي والحزبي والنقابي للمحامي قمبريس الذي هو أمين سرّ مجلس النقابة على مدى ثلاث سنوات، وتلقّى دعم نقباء سابقين والنقيب الشدياق، وأحزاب “المستقبل”، و”التقدّمي الاشتراكي” و”الأحرار” وأحزاب أخرى منضوية في قوى 14 آذار. ولو أنّ نقباء سابقين او أعضاء سابقين في مجالس النقابة قدّموا العون اللازم ولو بأرقام قليلة للمحامي الخطيب لما له من إسهامات كبيرة في نجاحهم في دورات إنتخابية سابقة، لكان بلا أدنى شكّ، أحد الفائزين.
خروج سعيد
أمّا خروج المحامي أسعد سعيد من مجلس النقابة، فقد نزل برداً وسلاماً على بعضهم من العاملين على تخسيره بسبب مشاكساته ومناقشاته العلمية والقانونية لكلّ شاردة وواردة كانت تُبحث وتُعرض داخل مجلس النقابة على ما ينقل محامون عارفون، وهو لم ينل العدد الكافي من أصوات المحامين الشيعة لأسباب مختلفة قد يعود بعضها إلى تلكوء في المتابعة، وإحجام عن التصويت، وعدم تزويده بعدد كاف من الأصوات من حليفه السياسي التيّار الوطني الحرّ على الرغم من برودة هذا التحالف، كما أنّ حزب “الكتائب” لم يمنحه العدد المطلوب من الأصوات من “تحت الطاولة” كما كان يحصل سابقاً بين مرشّحي هذين الحزبين.
العنصر الأنثوي
ولم تتمكّن المحاميات من فتح باب الفوز أمام المحاميتين أرلت بجّاني وبيرت أبي راشد ليبقى العنصر الأنثوي في مجلس النقابة ممثّلاً بالمحامية ندى تلحوق، علماً أنّ عدد الأصوات الذي نالته بجّاني بلغ 741 صوتاً وهو رقم مهمّ من مشاركة أولى في انتخابات مخصّصة للعضوية فقط.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ عدد المحامين المشاركين في هذه الانتخابات بلغ 3916 محامياً، مقابل 4037 محامياً في انتخابات العضوية في دورة تشرين الثاني 2016، أيّ أقلّ بـ 121 محامياً، فيما أعداد المنتقلين إلى الجدول العام زاد خلال هذين العامين، وقد بلغ عدد المحامين المسجّلين 13276 محامياً بينما كان 13101 في العام 2016 من دون أن يحصل أيّ تغيير في عدد الصناديق الخمسين التي وزّعت بين قاعة “الخطى الضائعة” في قصر عدل بيروت والطابق الثاني حيث محاكم الاستئناف.
لجنة إدارة الصندوق
وبموازاة انتخابات العضوية، جرت انتخابات لجنة إدارة صندوق التقاعد، ففاز المحامون الخمسة سعيد علامة، يوسف الخطيب، ريمون جمهوري، موريس دياب، وسعاد شعيب، وجاءت النتيجة الكاملة على الشكل التالي:
سعيد علامة 1689 صوتاً، يوسف الخطيب 1181 صوتاً، ريمون جمهوري 1122 صوتاً، موريس دياب 1045 صوتاً، سعاد شعيب 1018 صوتاً، جوزف صفير 834 صوتاً، فؤاد مطر 815 صوتاً، هيكل درغام 677 صوتاً، سيمون الطويل 396 صوتاً، طوني الحوراني 378 صوتاً، نايف دياب 346 صوتاً، سعد رنو 298 صوتاً، وصنّف 302 ضمن الورقة البيضاء.
مصادقة غير قانونية
وسبق بدء عملية التصويت، مناقشة الجمعية العامة للموازنة بعد سماعها كلمة النقيب الشدياق وتقرير أمين الصندوق المنتهية ولايته بيار حنّا، وعندما طلب الشدياق التصويت عليها رفع 18 محامياً فقط أيديهم موافقين، فيما كان المعترضون بالمئات، وما كان من الشدياق إلاّ أن صادق عليها، فبادره المعترضون برفع الصوت عالياً رفضاً لهذه المصادقة غير القانونية من دون أن يحقّقوا مبتغاهم.
خلافاً للسابق
وضعت الشاشات المخصّصة للتصويت خارج قاعات المحاكم خلافاً للسابق وانتهت العملية الانتخابية بحدود الساعتين ونيّف على الرغم من تمديد الوقت عشر دقائق لوجود زحمة على بعض الصناديق وحصول انتخابات العضوية وإدارة الصندوق في آن معاً.
ألف 1140 قبلة
في مبادرة راقية منه، وجّه المحامي سعد الدين الخطيب رسائل نصّية إلى كلّ المحامين الذين دعموه ووقفوا إلى جانبه كتب فيها النصّ التالي:”ألف 1140 قبلة وشكر لكلّ زميلة وزميل”.
“محكمة” – الاثنين في 2018/11/19
(الصورة المرفقة بالنصّ للمصوّر اندره فرح)