في الصلاحية التشريعية للمجلس النيابي أثناء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للدولة وما بعد انقضائها/فرانسوا ضاهر
القاضي السابق والمحامي فرانسوا ضاهـر:
يفهم من نصّ المواد 73 و74 و75 دستور أنّ للمجلس النيابي أن يمارس سلطته التشريعية إلى حين انعقاده لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وذلك حتّى ما قبل العشرة أيّام الأخيرة التي تسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس العامل (73 دستور).
غير أنّه ما أن تنعقد تلك الجلسة، خلال تلك المهلة، يتحوّل المجلس النيابي إلى هيئة إنتخابية ويترتّب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس للدولة دون مناقشة أو أيّ عمل آخر (75 دستور).
أمّا في العشرة أيّام الأخيرة من انتهاء ولاية الرئيس العامل، فإنّ المجلس النيابي ينعقد حكماً من تلقائه، دونما حاجة لأيّ دعوة من رئيسه، لانتخاب رئيس جديد للبلاد (73 دستور). وإنّ انعقاده على هذا النحو يحوّله إلى هيئة إنتخابية، بمفهوم المادة 75 دستور. بحيث لا يعود له إتمام أيّ عمل تشريعي أو أيّ مناقشة أو أيّ عمل آخر، وذلك إلى حين انتخاب رئيس جديد.
وإنّه، قياساً على ما سبق، وإذا ما انقضت ولاية رئيس الجمهورية دون انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية لانتخابه (73 دستور)، يكون المجلس النيابي في حال انعقاد حكمي وفوري بحكم الدستور، ودونما حاجة لأيّ دعوة من رئيسه، لانتخاب رئيس جديد للدولة (74 دستور). ويكون بالتالي إنعقاد المجلس النيابي واقعاً بصفته هيئة إنتخابية لا هيئة تشريعية حتّى انتخاب خلف للرئيس المنقضية ولايته (75 دستور).
وفي أيّ حال، إنّ ممارسة المجلس النيابي لصلاحياته التشريعية في ظلّ الفراغ الرئاسي لن تجعل القوانين التي يُصدرها نافذة. طالما أنّه يعود لرئيس الجمهورية صلاحية ذاتيّة ومحفوظة له:
أ- بإصدارها وطلب نشرها، خلال مهلة شهر من موافقة مجلس النواب عليها وخلال خمسة أيّام في ما يتعلّق بالقوانين التي يستعجل مجلس النواب إصدارها، وذلك عملاً بحكم المادة 51 دستور معطوفة على المادة 56 منه.
ب- كذلك بحق طلب إعادة النظر بها (57 دستور) ضمن المهلة المحدّدة لإصدارها (56/1 دستور) والمذكورة آنفاً.
وإنّه، ضمن هذا الإطار، لا يمكن إستغفال الموقع الرئاسي الخالي أو الفراغ الرئاسي القائم، بفعل عجز أو تقاعس المجلس النيابي عن إنتخاب رئيس جديد للبلاد، حتى يتمّ إصدار تلك القوانين ونشرها لجعلها نافذة، سنداً لحكم المادة 2/57 دستور.
ذلك لأنّ إصدارها ونشرها هما عملان دستوريان مرتبطان بصلاحيات ذاتيّة محفوظة لرئيس الجمهورية حصراً. ولا يمكن للحكومة التي تتولّى صلاحياته، وكالةً، خلال فترة خلوّ سدّة الرئاسة، أن تمارسها (62 دستور)، تبعاً لطابعها الذاتي والمحفوظ لمنصبه الدستوري.
لذا، يبقى يمارس المجلس النيابي صلاحياته التشريعية حتى إنعقاد الجلسة الأولى التي تختصّ بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية. على أنّ انعقادها لا بدّ أن يتواصل ويتكرّر حتى الإنتهاء من عملية إنتخابه. فيضطلع عندها الرئيس الجديد بصلاحية إصدار ونشر القوانين التي يكون قد تمّ إقرارها، كذلك بحق طلب إعادة النظر بها قبل إتمام عمليتيْ إصدارها ونشرها.
“محكمة” – الأربعاء في 2022/11/16