خاص”محكمة”: في طبيعة وقانونية مرسوم التجنيس رقم 2942/ فادي غنطوس
النقيب فادي غنطوس:
تمهيد لا بدّ منه:
بعد الإطلاع على الدستور اللبناني سيّما المواد 51 و52 و53 منه، تبيّن لنا، أن لا صلاحية دستورية لرئيس الجمهورية بمنح التابعية اللبنانية.
إنّ تلك الصلاحية لم تمنح له ليس فقط في دستور ما بعد الطائف، إنّما أيضاً في كافة نصوص الدستور اللبناني منذ إعلان الدستور اللبناني في 23 أيّار عام 1926.
لكن ما يجب الإشارة إليه أنّ المادة السادسة من الدستور اللبناني قد نصّت:”إنّ الجنسية اللبنانية وطريقة اكتسابها وحفظها وفقدانها تحدّد بمقتضى القانون”.
إذاً بوضوح، الدستور اللبناني قد نظّم بمقتضى القانون طريقة اكتساب الجنسية أو إسقاطها.
1- في قانون الجنسية اللبناني
لدى البحث يتبيّن أنّ القرار رقم 15 الصادر في 19/1/1925 والصادر عن المفوّض السامي الجنرال موريس ساراي Maurice Serrail مع تعديلاته المتكرّرة وآخرها المعدّل بالقانون تاريخ 11 كانون الثاني سنة 1960 وهو القانون الوحيد المنظّم للتابعية اللبنانية.
تنصّ المادة 3 من هذا القانون :”يجوز أن يتخذ التابعية اللبناية بموجب قرار من رئيس الدولة بعد التحقيق وبناءً على طلب يقدّمه”.
أ- الأجنبي الذي يثبت إقامته سحابة خمس سنوات غير منقطعة في لبنان.
ب- الأجنبي الذي يقترن بلبنانية ويثبت أنّه أقام مدّة سنة في لبنان إقامة غير منقطعة منذ اقترانه.
ج – الأجنبي الذي يؤدّي للبنان خدمات ذات شأن. ويجب أن يكون قبوله بموجب قرار مفصّل الأسباب”.
لدى القراءة القانونية لنصّ المادة 3 من القرار رقم 15 يتبيّن لنا ما يلي:
أ- رئيس الدولة له الحقّ بمنح التابعية اللبنانية للأجنبي سنداً لقرار يصدره منفرداً.
إنّ هذا القرار السيادي المعطى لرئيس الدولة ليس مطلقاً إنّما مقيّد بالشروط القانونية التالية:
• أن يتقدم الراغب بالتابعية اللبنانية بطلب.
• أن يتمّ التحقيق قبل صدور القرار.
كما أنّ الأجنبي الذي يستحقّ منحه التابعية اللبنانية قد حدّده القانون الصادر عام 1960 بثلاث فئات:
• الفئة الأولى:الأجنبي الذي ثبتت إقامته خمس سنوات غير منقطعة في لبنان.
• الفئة الثانية: الأجنبي المتزوّج لبنانية والمقيم لمدّة سنة كاملة بدون انقطاع في لبنان.
• الفئة الثالثة: الأجنبي الذي أدّى للبنان خدمات ذات شأن، وفي هذه الحالة يجب على قرار رئيس الدولة أن يعلّل الأسباب، أيّ أن يذكر الخدمات الجليلة التي قدّمها إلى الوطن اللبناني.
وبشكل أوضح، يمكنني القول إنّ قرار منح الجنسية لهؤلاء يجب أن يكون قراراً فردياً لكلّ شخص بذاته.
خلاصة القول، إنّني أرى ما يلي:
– إنّ صلاحية فخامة رئيس الجمهورية بمنح الجنسية اللبنانية قد نظّمها القانون، وليس الدستور، وبالتالي فهي صلاحية قانونية أحالها الدستور بمادته السادسة.
– إنّ الدستور اللبناني بكافة تعديلاته قد أحال إلى القانون طريقة اكتساب الجنسية أو فقدانها، وبالتالي أنّ الزعم أنّ دستور ما بعد الطائف قد نزع هذه الصلاحية من رئيس الدولة، هو زعم في غير موقعه القانوني، سيّما أنّ رئيس البلاد لم يكن يوماً يملك الصلاحية الرسمية بهذا الخصوص، إنّما صلاحيته تجد موقعها وشرعيتها في نصّ القرار رقم 15 بقانون 11 كانون الثاني سنة 1960.
– إنّ قرار رئيس الدولة لمنح الجنسية هو سيادي يعود لرئيس الدولة إصداره منفرداً شرط التقيّد بنصّ المادة 3 من القرار رقم 15 المعدل بقانون 1960.
نستنتج ممّا سبق: أنّ المرسوم رقم 2942 يجب استرداده من قبل فخامة الرئيس للأسباب التالية:
• إنّ إحالة فخامة الرئيس إلى سعادة مدير الأمن العام المرسوم للتحقيق حول أحقية المستفيدين منه تؤكّد أنّ التحقيق الواجب قانوناً قبل إصدار (المرسوم) القرار هو إمّا غير مكتمل وتشوبه شائبة، أو إنّ هذا التحقيق لم يتمّ أصلاً.
• أزعم أنّ قرار منح التابعية اللبنانية هو قرار سيادي يتمتّع به رئيس الدولة وبالتالي يصدر القرار منفرداً سنداً لقانون 1960.
• إنّ القرار الرئاسي المتعلّق بمنح الجنسية اللبنانية للأجانب الذين قدّموا خدمات ذات شأن يجب أن يكون: قراراً معللاً ومفصّلاً للأسباب التي أملت على رئيس الدولة منحه، وبالتالي أرى أنّ هذا القرار يجب أن يكون قراراً شخصياً عائداً للشخص المستحقّ.
المراجع:
– خلاصة عن معاهد لوزان.
– قرار رقم 15 الصادر في 19/1/ 1925
– قرار رقم 15 المعدّل بقانون 11 كانون الثاني 1960
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 32 – آب 2018 – السنة الثالثة)