قاض يحقّق مع موقوفين على ضوء الشموع.. يا لعار دولتنا!
كتب علي الموسوي:
… وكأنّه لا يكفي بعلبك – الهرمل حرمان الدولة لها، وإمعانها في إهمالها إلى حدود إحاطة أهلها باليأس. وما هكذا تبنى الأوطان، بل بالإحتضان والحفاظ على الإنسان.
وكأنّ المطلوب عدم وصول القضاء إلى هذه المساحة الشاسعة من أرض الكرامة، ليبقى أهلها مرميين في فم القدر!.
والحديث لا يقتصر على عدم وجود قصر عدل أنيق يليق بالقضاة على قلّتهم، وبالمحامين والمتقاضين على كثرتهم، في هذه البقعة الجغرافية النائية إلاّ عن الشرف والإباء، بل يطاول طريقة الأداء القضائي في ظروف لا تتناسب على الإطلاق، مع السعي الدؤوب لإحقاق الحقّ، ومبادئ العدالة الحقّة.
وإنْ كان قصر العدل قديماً ومترهّلاً وبحاجة إلى “نفضة” على أقلّ تقدير مثل معظم قصور العدل في لبنان، ليتمكّن من إظهار هيبة القضاء التي تستقي الدولة منها سلامتها وأمنها واستقرارها، إلاّ أنّه من غير المقبول أن تعقد جلسات التحقيق على ضوء شمعة، وكأنّ مكتب قاضي التحقيق تحوّل إلى زنزانة مظلمة، أو سجن في غياهب الغابات.
ليس مقبولاً هذا الإزدراء للإنسان.. وهذه المعاملة القاسية للقضاء.
ليس مقبولاً في القرن الواحد والعشرين أن يظلّ التعاطي مع القضاء والمحامين والناس بما أظهرته هذه الصورة من بشاعة مدوّية لا يمكن لعاقل أن يتقبّلها وأن يماشيها ومهما كانت المسوّغات.
هذه الصورة المرفقة بالخبر هي عار على كلّ من يقبل بها، وهي برسم كلّ رئيس ووزير ونائب ومسؤول.. هي برسم وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين والجمعيات المعنية بحقوق الإنسان وكلّ إنسان غيور، لوقف هذه المهزلة ومنع تكرارها.
فليس مقبولاً إسقاط القضاء.. وليس مقبولاً تحويل نصاعة القضاء إلى هذه الصورة المظلمة والبائسة، مهما كانت الظروف المحيطة به، إذ لا يجوز أن تكون مُحْبِطة إلى هذه الدرجة، فالقضاء للإنسان وليس خصماً له، ومن حقّه أن تتوافر له كلّ مقوّمات البقاء.
هذه الصورة إلتقطت في مكتب قاضي التحقيق في بعلبك خلال جلسة تحقيق مع عدد من الموقوفين.. وليست في غابات الأمازون.. أو في أحد كهوف التحقيقات الأوّلية.. أو مأخوذة من القرون الوسطى.
هذه الصورة الناطقة، تضجّ بالحياة لمن لا يريد أن يراها، وهي مخيفة ولا تعبّر عن سلامة الوطن، فلنستيقظ من هذه العتمة قبل فوات الأوان.
“محكمة” – الجمعة في 2017/11/17