قاض يرفض زيارة مطران للإفادة من نفوذه/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
في كتابه “سوائح خمسين”، يقول الوزير والنائب النقيب المرحوم فؤاد الخوري ما يأتي:
سأل شخص صديقًا له وكان يشغل في القضاء منصبًا رفيعًا: لم انقطاعك عن زيارة الرئيس الروحي، وهو من مطارنة طائفتك المحترمين، وقد تفيد من نفوذه؟
فأجابه: إذا لم يكن إخلاصي للوظيفة ضامنًا لها فأنا بغنى عنها. أمّا انقطاعي عن زيارته فليس لقلّة حبّي واحترامي له، بل حذرًا من أنّ تردّدي عليه يجرّ إلى تواص بقضايا الكثيرين ممن حوله، وأنا ضنين بأن أحمّل القضاء عبئًا ثقيلًا كهذا.
فمرحى لمثل هذا الشعور النبيل وليت كلّ موظّف يحمل مثله في صدره.
ويضيف النقيب الخوري: عندما كنت في منصب الوزارة إستجبت من قبيل الشفقة إلى التماس مساعد قضائي شفعه بألف توصية يدور على نقله إلى وظيفة رئيس قلم دائرة الأجراء في أحد الأقضية خارج العاصمة.
وبعد انتهاء وزارتي ورجوعي إلى المحاماة، طلبت بواسطة “سكرتير” مكتبي إلى الدائرة التي يترأسها هذا الموظّف إجراء معاملة لأحد الموكّلين. وبعد أن أجراها وجاء دور دفع الرسوم القانونية اللازمة، أضاف إليها حضرته ما أراد جريًا على عادته دون حياء متحدّيًا من هذه الناحية قول الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
يا طالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
***
باخوس وايطاليا
في اجتماع ضمّ النائب السابق أوغست باخوس مع سفير ايطاليا في لبنان، قال باخوس للسفير: بين عائلتنا ودولتكم علاقة قربى قديمة وتقليدية. واستفسر السفير عن ذلك. فأجاب باخوس: نحن ننتسب إلى جدنا “باخوس” إله الخمر، والمرحوم والدي كان يدعى قيصر وأنا أوغست.. أيّ اوغست قيصر…فهيئ لي وسام استحقاق بلادكم…واقترن الحديث بضحكة عارمة بين الحضور خصوصًا سعادة السفير الذي وعد برفع اقتراح تعليق الوسام.
***
براءة الموكل
كان المحامي الكبير المرحوم موسى برنس يشدّد دائمًا على وجوب التدقيق في أيّ واقعة مهما كانت بسيطة، وطرح الأسئلة المتشبّعة بشأنها لعلّها توصل إلى الحقيقة.
وفي هذه المناسبة، يقول إنّه عرضت عليه دعوى حيث اتهم أحدهم بجريمة قتل، فيما هو يصرّ على أنّها انتحار، فاحتار الأستاذ برنس كيف يمكن أن تكون جريمة انتحار والمغدور مصاب بطلقين ناريين من مسدّس. وبعد استنفاد جميع الطرق، لجأ إلى خبير أسلحة فاكتشف أنّ المسدّس يطلق أحيانًا طلقتين مرّة واحدة لأنّ “الديكة تزحط” على حدّ قول برنس.
وهكذا أصدر قاضي التحقيق قرارًا قضى بمنع المحاكمة عن موكّله.
***
جورج غنطوس
على اثر إحالة القاضي جورج غنطوس على التقاعد، كرّم رئيس المجلس العام الماروني المهندس ريمون روفايل القاضي غنطوس.
وفي المناسبة، ألقى ممثّل رئيس الجمهورية الوزير بهيج طبارة الكلمة الآتية:”عرفتك محاضرًا منذ أعوام طويلة، ثمّ تعاملت معك كوزير للعدل خلال ستّة أعوام، وتتبعت المراحل التي مررت بها في أثناء عملك كقاض منذ العام 1963 حتّى أواخر العام الماضي، وتتبعت المناصب التي شغلتها، وما تركت من بصمات مضيئة، ولاسيّما في القضاء الجزائي الذي أصبحت مرجعًا كبيرًا فيه (…). إنّ هذه المناسبة ليست مناسبة وداع قاضٍ كبير، بل هذا اللقاء هو تظاهرة محبّة وتقدير واحترام لك ولما بذلته من جهد ومثابرة ومساهمة في رفع شأن دولة القانون”.
وتناول القضاء وقال:”بالتعاون التام والكامل مع مجلس القضاء الأعلى الذي هو المرجعية الوحيدة للقضاء العدلي، سنعمل على تعزيز ثقة الناس بهذه المؤسّسة وتعزيز ثقة القاضي بنفسه وتحصين استقلال هذه السلطة التي دونها لا وجود لدم أساسي. لكنّنا مجلس القضاء الأعلى وأنا ندرك تمامًا أنّ ثقة الناس لا تكتسب بالكلام والخطابات، وإنّما بالجهد الدؤوب واليومي والممارسة اليومية واعتماد سياسة العقاب لمن أساء إلى هذه المؤسّسة والثواب لمن أحسن إليها”.
***
أغاني ثورية وتوزيع البنادق
في صيف2003، أقام تنظيم حزبي حفل عشاء، ضخمًا في أحد المطاعم ضمّ مئات الأشخاص. ومعظمهم من المحامين، وكانت الموسيقى قويّة والأغاني كلّها أغاني ثورية حماسية مستوحاة من الحرب، فقال المحامي إيلي مشرقاني معلّقًا:
– إذا استمرّ الوضع هكذا، فبعد قليل سوف يبدأون بتوزيع البنادق.
***
النقابة رائدة الديمقراطية
خلال ترؤسه مجلس نقابة المحامين الذي انعقد للمرّة الأولى في مقرّ نقابة المحامين في النبطية في أيّار 2003، ألقى نقيب المحامين السابق ريمون شديد كلمة ومما جاء فيها: “نحن سعداء بلقائنا بكم في النبطية في قلب الجنوب النابض. جنوب العطاء والخير والمقاومة والمحبّة. جنوب الوحدة الوطنية”
أضاف:”اتجاه العالم واتجاه العرب وأنظارهم وأنظار اللبنانيين هي نحو الجنوب وخيراته، وأهل الجنوب وهذه البوتقة الوطنية الحلوة المنصهرة في ما بينها، لم يفرّق بينها أيّ عدوّ ولم تفرّق المصلحة بين أبنائها”.
وقال:”نقابتنا وحدة لا تتجزأ والمحامون جسم واحد، وقد أثبتوا ذلك في كلّ المناسبات، وطنية كانت أم قومية، وأثبتوا بأنّ لواء المحاماة والحرّية والديمقراطية للدفاع عن حقوق الناس ونقابة المحامين هي الرائدة التي تحمل هذا اللواء. إنّ التحرير الذي أنجز منذ 3 سنوات أعطى الدليل الساطع للعالم بأنّ هذا الشعب مميّز بما حباه الله به، لأنّه جعله في هذه الأرض الطيّبة، أرض التقاء الديانات السماوية وتفاعلها خلافًا لما يشاع بأنّ هناك تضاربًا وصراعات وصدامات.
***
“محكمة” – الأربعاء في 2021/6/2