قدامى القضاة متروكون للريح /حسن الحاج
القاضي حسن الحاج (الأمين العام لرابطة قدامى القضاة، مفوّض الحكومة شرفاً لدى مجلس شورى الدولة)*:
نرحّب بالضيوف الأعزاء رؤساء الهيئات القضائية وعلى رأسهم قدّيس العدالة وناسك محرابها الرئيس الأوّل جان فهد، والزميلة العزيزة سعادة مدير عام وزارة العدل الرئيسة ميسم النويري،
وإن كنت لن أسمي الرؤساء بأسمائهم فرداً فرداً كي لا يسهى البال عن أحدهم فأقع في ورطة أنا بغنى عنها.
إلاّ أنّه لا بدّ لي أن أرحّب بالضيفين العزيزين الجديدين: رئيس مجلس شورى الدولة الرئيس هنري خوري والرئيس الأوّل لمحاكم الاستئناف في بيروت الرئيس سهيل عبود وهما سيكونان بلا شكّ، خير خلف لخير سلف.
أرحّب بالزملاء الكرام أعضاء رابطة قدامى القضاة، وخاصة بالكوكبة التي انضمّت إلى القافلة فتقاعدت خلال الفترة بين العشاء السنوي في 26 نيسان 2017 وحفل العشاء هذا، وأناديهم:
يا شيوخ القضاء وحكماءه، يا من أفنيتم العمر بسهر الليالي وبعضها على ضوء الشموع والقنديل إبّان الحرب الأهلية المشؤومة ، وأضنيتم نور العيون باحثين في بطون الكتب ومتون المراجع عن الحقّ والحقيقة في ما يعرض أمامكم من ملفّات بعضها “بدو منجم مغربي” ليصل إلى حقيقتها.
أيّها المتروكون للريح من قبل جهابذة التشريع من نوّابنا الأشاوس الذين استفاقوا بإعطاء ثلاث درجات للقضاة العاملين والمتدرّجين دون أيّ ذكر لكم ونحن قطعاً وصدقاً لا نعترض على انصاف القضاة بأضعاف أضعاف هذه الدرجات. أمّا أن لا يذكر القضاة المتقاعدون أو قدامى القضاة كما كان يحلو للراحل الكبير الرئيس نصري لحود أن يسمّيهم، فهذا يعني إهمال المسؤولين لهم، باعتبارهم الفريق الأضعف ، فهم لا يضربون ولا يعتكفون ، وحتّى لو اضربوا عن الطعام وماتوا عن بكرة أبيهم جوعاً وعطشاً واعتكفوا في الشارع ومرّت السيّارات فوق أجسادهم فلن يذرف مسؤول الدمع عليهم ولن يرفّ له جفن ، فهم فاتيكان لبنان لا يملكون القوّة التي تدفع بالمسؤولين إلى أخذ أوضاعهم في عين الإعتبار!
ونحن أيّ قدامى القضاة الذين يقدرّون عالياً الأعباء المالية الجسيمة التي يتحمّلها صندوق تعاضد القضاة، فهناك حالات مستعصية يقوم بدفع تكاليفها الباهظة، كما يقدّرون التقديمات الاستشفائية الاجتماعية التي يقدّمها الصندوق لأمثالنا وصغيرنا هو في السبعين من عمره، وما أدراك ما يحتاج إليه المرء من طبابة ودواء عندما يبلغ من العمر عتياً إلاّ أنّه لا بدّ من لفت النظر إلى أنّه وبعد ان استقرّت أحوال الصندوق وزال السيف المصلت فوق رأسه بإدماجه مع باقي صناديق التعاونيات، وبالتالي ارتاح معنوياً على الأقلّ، أن تعيد إدارته النظر في المنحة الفصلية التي تعطى للقضاة كلّ ثلاثة أشهر وهي بالنسبة للمتقاعد لا تسمن ولا تغني من جوع.
أيّها السادة خاصة الضيوف منكم:
إذا كانت قواعد الضيافة وأدابها تقضي وتفرض أن لا يشكو المضيف سوء حاله أمام الضيف فأستمحيكم عذراً على هذا الأمر الذي كان وليد الظرف والساعة، فهو أتى متلازماً مع استثنائنا من الزيادة التي أقرّت مؤخّراً في مجلس النوّاب، فالتشريع على مرّ العصور هو وليد الحاجة والظروف،
أكرّر ترحيبي بكم واعتذاري خصوصاً من ضيوفنا الكرام، آملين أن يتجدّد اللقاء بكم عاماً بعد عام، وأنتم في أتمّ الصحّة والعافية ودمتم سالمين، عشتم وعاش لبنان.
(ألقيت هذه الكلمة في تكريم رابطة قدامى القضاة ثمانية قضاة متقاعدين في حفل أقيم في أوتيل”لوغبريال” في الأشرفية في شهر نيسان 2018)
(نشرت في مجلّة “محكمة” – العدد 29 – أيّار 2018 – السنة الثالثة)