قراءة في قرار “الشورى” بإيجاب الضريبة على مُلْك قاضٍ لعدم إشغاله بنفسه/هيثم عزّو
الدكتور المحامي هيثم عزُّو*:
بتاريخ 2020/7/4 أصدرت الهيئة الحاكمة لدى مجلس القضايا القرار رقم 518/2019-2020 في الاستئناف المقدَّم من الدولة اللبنانية (وزارة المالية) ضدّ القاضي باسم تقي الدين )منشور في مجلّة العدل 2021 صفحة 1541) طعنًا بقرار لجنة الإعتراضات على ضريبة الأملاك المبنية في بيروت التي أبطلت قرار دائرة ضريبة الأملاك المبنية لمخالفته القانون الناظم لصندوق تعاضد القضاة الذي يعفي القاضي من سلسلة إعفاءات ضريبية بما فيها الضريبة على الملك العائد له.
وقد قضت الهيئة بعدَ استعراض واقعات النزاع بفسخ القرار المذكور وإلزام القاضي تبعًا لذلك بدفع ضريبة الأملاك المبنية عن الثلاث سنوات التي امتدَ عليها عقد تأجيره من الغير القسم العقاري خاصتهُ والذي سبقَ أن اشتراه بموجب قرض مُعطى له من صندوق تعاضد القضاة، مُعلِّلةً قرارها الصادر في هذا الشأن بأنَّ الغاية من منح القاضي القرض المُنوَّه عنهُ تكمن في توفير الإستقرار له في المسكن الذي اختاره لإشغاله بنفسه بما يوجب ذلك عليه الإمتناع عن أيّ تصرّف يؤول إلى إشغاله من الغير إلتزامًا بالغاية التي من أجلها تمّ تقديم المساعدة الإسكانية من الصندوق وذلكَ تحتَ طائلة إسقاط حقّه من الإعفاءات الضريبية المنصوص عنها قانونًا بما في ذلك ضمنًا الضريبة على الملك المبني العائد لهُ لكون الإشغال الحاصل لهذا الملك من الغير في هذه الحالة ينفي عنه صفة المسكن الخاص بالقاضي الذي لا يَعُد والحالة هذه مستمرًّا في وضعية الحقّ بالإستفادة من المساعدة الإسكانية لعدم التزامه بالغاية السالف التنويه عنها وإن تكن المادة 11 من نظام صندوق تعاضد القضاة (المرسوم رقم 1983/52 والمُعدل بالقانون رقم 1999/146 قد نصّت على استفادة هؤلاء المنتسبين للصندوق المذكور من الإعفاءات المنصوص عليها في المادة 9 من قانون الإسكان ومن الإعفاءات التي تستفيد منها الجمعيات التعاونية وصناديق التعاضد والتي نصّت عليها المادة 58 من قانون الجمعيات التعاونية (المنفّذ بالمرسوم رقم 1964/17199).
وبعدَ الوقوف مَليًا على هذه المبرّرات القانونية التي اعتمدَ عليها القرار موضوع التعليق للوصول إلى النتيجة التي خَلُصَ إليها، دفعنا الشغف البحثي -في ظلّ مخالفة هذا القرار لرأي لجنة الإعتراضات على ضريبة الأملاك المبنية المتخصِّصة في هذه القضايا القانونية- إلى وضعه في ميزانه القانوني لإثارة العديد من النقاط القانونية في هذا الصدد، تمهيدًا للوصول بموضوعية إلى مرحلة الحُكمِ على الحُكم.
حيثُ من نحوٍ أوّل، وأوّل ما يلفت الإنتباه في قرار الهيئة الحاكمة موضوع التعليق أنّها لم ترتكز في اجتهادها الخاص بتفسير النصّ الذي يعفي القاضي من ضريبة الأملاك المبنية على الأسباب الموجبة لهذا النصّ التشريعي، بل ارتكزت فقط على تحليلها لغاية هذا النصّ ووفقًا لقناعتها الخاصة، بما يجعل بالتالي من تفسيرها على النحْو المعروض غير مُستند إلى نيّة وإرادة المشترع، بل إلى قناعة المحكمة غير الممكن إعمالها في الحالة الراهنة بكون هذه المسألة هي مسألة قانون لا مسألة واقع، إذ يتضح جليًا من مندرجات القرار أنّهُ بحثَ مجتهدًا في الغاية من الإعفاء الضريبي على الملك المبني العائد للقاضي ولم يبحث إطلاقًا في السبب الحُكمي الموجب للإعفاء والذي يتمثّل بمنح القاضي هذا الإمتياز التشريعي بالنظر لصفته دون أيّة اعتبارات أخرى وذلكَ بموجب نصّ خاص لم يُعلّق المشترع نفاذه ومفعوله على وجوب تحقيق غاية إشغال القاضي شخصيًا هذا المسكن العائد له؛ أيّ أنَّ تفسير المحكمة للنصّ المعفي القاضي من الضريبة بصورة أدّى فيه هذا التفسير إلى تعليق تفعيل وإعمال هذا النصّ موقوفًا على تحقّق الغاية منهُ التي توخّتها المحكمة مُصدرة القرار باجتهادها الخاص والتي لم تُثبِت فيه إطلاقًا حقيقة نيّة المشترع في ذلك لعدم بحثها في الأسباب الموجبة لصدور النصّ القانوني المعفي للقاضي من الضريبة رغمَ كونه نصًّا مُعدَّلًا ولعدم ثبوت الشواهد التشريعية التي تؤكّد ما توصّلت إليه في غايتها التي بنت عليها قرارها، يؤول حُكمًا بالنتيجة إلى انتهاك القرار المذكور وبصورة صارخة للأصول مبدأ عدم تحميل النصّ أكثر ممَّا يحتمل وذلكَ إنطلاقًا من أنّهُ لا يوجد نصّ قانوني في نظام صندوق تعاضد القضاة -والذي منحَ القاضي امتياز الإعفاء الضريبي- يفيد صراحةً بحرمانه تلقائيًا ومباشرةً من هذا الإمتياز إذا لم تتحقّق غاية إشغال ملكه المبني بنفسه شخصيًا أو إقدامه على تأجيره من الغير، وهو الإعفاء الذي انتزعتهُ منه المحكمة بتفسيرها الخاص للنصّ القانوني الصريح والذي حمّلته ما لا تحتمله طاقته الحرفيّة وفي الوقت الذي هوَ فيه هذا الإعفاء الضريبي الممنوح للقاضي بمقتضي هذا النصّ الخاص (المادة 11 من نظام صندوق تعاضد القضاة) جاءَ مطلقًا دون شروط أو قيود بما يوجب ذلكَ حُكمًا عدم إمكانية تقييد إعماله بتفسير اجتهادي من شأنه أن يُقيِّد الحقّ الإمتيازي المكرّس به لصاحب الحقّ على وجوب تحقُّق غاية معيّنة لم ينصّ القانون عليها صراحةً، باعتبار أنّ النصّ المُطلق يبقى قانونًا على إطلاقه دون تحديد أو تقييد، الأمر الذي يقتضي معه اعتبار التفسير الإجتهادي الآيل إلى تقييد استفادة القاضي من الإعفاء الضريبي على ملكه المبني موقوفًا على تحقّق غاية السكن الشخصي فيه واقعًا في غير موقعه القانوني السليم ولا يستقيم قانونًا لكون النصّ المشار إليه واضحًا وبَيِّنًا ولا يقبل التفسير أو التأويل، وهو ما يجعل من اجتهاد المحكمة في تفسيرها لهذا النصّ مخالفًا بالنتيجة لمبدأ عدم مساغ الإجتهاد في مَورد النصّ الواضح.
وحيثُ من نحوٍ ثانٍ، غابَ كلّيًا عن بال الهيئة الحاكمة التي أصدرت القرار موضوع التعليق أنَّ التأريخ الذي به ينشأ إعفاء القاضي من الضريبة على الملك المبني هو تاريخ امتلاكه للقسم العقاري والذي يسبق بطبيعة الحال زمنيًا تاريخ تأجيره له من الغير لاحقًا، الأمر الذي يقتضي معه اعتبار انتهاك حقّ القاضي بالإعفاء الضريبي السابق في ولادته على واقعة تأجيره العقار إنتهاكًا للحقّ المُكتسَب المُنشَأ لهُ بقوّة القانون من تاريخ التملّك ولاسيّما أنّه في ضريبة الأملاك المبنية يتمّ قانونًا تتبُّع مالك العقار، فإذا ما كانَ مالكه معفيًا منها بموجب نصّ خاص (كالقاضي) تُصبح حينئذٍ ضريبة الأملاك المبنية غير متوجّبة على العقار، ولا يُغيِّر من ذلك شيئًا تأجير مالكهُ له لاحقًا لانعدام السبب الموجب من ملاحقته قانونًا بما أُعفيَ منه سابقًا، باعتبار أنَّ ضريبة الأملاك المبنية تتتبَّع المالك، والمالك في الحالة الراهنة قاضٍ، والقاضي معفى من هذه الضريبة بإرادة المشترع بمجرّد التملّك، فيبقى بالتالي العقار معفيًا منها لحين انتقال الملكية إلى شخص آخر غير مستفيد من الإعفاء الضريبي.
وحيثُ من نحوٍ ثالث، وطالما أنَّ الإعفاء الممنوح قانونًا للقضاة من ضريبة الأملاك المبنية هو إعفاء دائم ومستمرّ وليسَ مُوَقّتًا أو مُقيّدًا في نطاقه بمدّة زمنية معيّنة -وذلكَ ثابتَ باعتراف القضاء الإداري نفسه بذلك في قراره الصادر بالمراجعة الاستئنافية المقدّمة من القاضي أيمن عويدات ضدّ الدولة (وزارة المالية) والذي يحمل رقم 2017/21952 والذي جاءَ متوافقًا مع رأي هيئة التشريع والاستشارات (القرار رقم 2003/514) والرأي الإستشاري الصادر عن ديوان المحاسبة (رقم 2000/82) في هذا الصدد- فهذا يعني أنَّ الإعفاء الضريبي في الحالة الراهنة يرتبط بصفة المالك وليس بالسبب الموجب للغاية من التملّك، باعتبار أنَّ المادة 8 من القانون الناظم لضريبة الأملاك المبنية والتي هي حجر الزاوية في مسألة الإعفاء الضريبي من عدمهِ، قد قسّمَت صراحةً الأبنية المعفاة بصورة دائمة من هذه الضريبة إلى أبنية معفاة بسبب الغايات المخصّصة لها وأبنية معفاة بسبب صفة مالكها، وهيَ الحالة المنطبقة على المبنى العقاري للقاضي الصادر بحقّه القرار موضوع التعليق والمُعفى من الضريبة المذكورة للصفة التي يحوزها قانونًا، بما يجعل هذا الأمر من القرار القضائي الذي ألزمه بتسديد الضريبة على ملكه المبني لعدم تحقّق في القضيّة الغاية من الإعفاء التي اجتهدت المحكمة في تفسيرها بمنطقها الخاص غير مُستنِد على أساس قانوني صحيح، بكون البناء العقاري المذكور معفيًا بصورة حكمية من هذه الضريبة بصورة دائمة أيًّا تكن الغاية التي خصَّصها المالك المعفى لهذا العقار ومردّ ذلك الصفة الرسمية للمالك الذي منح الشارع صاحبها امتياز الإعفاء الضريبي الدائم على الملك المبني وهي الصفة المتلازمة أيضًا مع صفته كمالك للبناء الذي جرى تأجيره والمُعفى دومًا بصورة مستمرّة من الضريبة المذكورة للسبب القانوني الموجب السالف الذكر والذي لا ينتفي بالتأجير، باعتبار أنَّ الإعفاء الدائم من الضريبة يرتبط في هذه الحالة وجوديًا وبصورة متلازمة بصفة المالك المُعفى وليس بأي شيء آخر، فلا يزول بالتالي الإعفاء الضريبي تبعًا لذلك بالتأجير لكونه حاصلًا أصلًا من المالك المُعفى غير المُقيّد تشريعيًا بأيّ شرط في تخصيص غاية الملك تحت طائلة اعدام الإمتياز الممنوح له، وباعتبار أيضًا أنَّ التأجير لا ينفي إطلاقًا ملكية المالك للمبنى خاصته والتي تقرَّر اعفاءهُ من الضريبة بسبب صفته الرسمية كقاضٍ مالك، وليس بسبب الغاية من إشغاله الشخصي لهذا الملك كما ذهبَ القرار موضوع التعليق، وهو ما يجعل بالمحصِّلة من بحثه في الغاية من الإعفاء غير منطبق على الحالة الراهنة لأنَّ تعليل المحكمة في هذا الشأن كان ليكونَ صحيحًا، فيما لو كانَ الإعفاء بنصّ القانون مُستنَدًا إلى الغاية منه وليس إلى صفة المالك كما هو حال القضية الراهنة التي أَعفى فيها القانون الناظم لصندوق تعاضد القضاة الملك المبني من الضريبة على الأملاك المبنية بالنظر إلى صفة المنتسب إلى هذا الصندوق، وليس بالنظر إلى الغاية من إشغال البناء والتي ارتكزت عليها المحكمة في تبرير قرارها رغم أنَّ النصّ المذكور لم يستهدفها صراحةً، ولم ينهض في القانون الخاص الخاضع لهُ في هذا الشأن ما يشير أو يُدلِّل من قريب أو بعيد على تعطيل مفاعيل النصّ المعفي من الضريبة في حال عدم تحقيق غاية معيّنة خلُصت إليها المحكمة في قرارها الذي فسَّرت نصّ المادة 11 من نظام تعاضد القضاة بصورة موسّعة جدًّا رغم كونه نصًّا خاصًا يُشكِّل استثناءً على مبدأ عام يقتضي معهُ قانونًا تفسيره بصورة ضيّقة وحصرية وليس بطريق التَوسُّع الذي قد يؤول إلى تعطيل مفعول حكم النصّ النافذ الواضح والذي لم يُعلِّق المشترع إعماله على تحقيق أيّة غاية أو توفّر أيّة شرط أو زواله بأيّ استثناء.
وحيثُ من نحوٍ رابع، وطالما أنَّ الإعفاء الضريبي الممنوح قانونًا للقاضي هو إعفاء دائم بالنظر لصفته كمالك للبناء، فإنّ فرض عليه لاحقًا، هذه الضريبة لتأجيره العقار من الغير، يجعل من هكذا قرار، يضرب في العمق مبدأ المساواة بين الأشخاص الذين وجدوا في ذات المراكز القانونية المُتماثلة بتاريخ نشوء الحق، والقول بعكس ذلك يؤدّي إلى هضم حقّ القاضي في الإستمرار من الإعفاء الضريبي في الوقت المُكرّس له قانونًا هذا الحقّ بصورة دائمة ومستمرّة أسوةً بغيره من الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين والتي جعلتهم المادة 8 من قانون الضريبة على الأملاك المبنية معفيين منها بصورة مستمرّة بالنظر لصفتهم كمالكين للأبنية، وبصرف النظر عن الغايات الشخصية التي قد يتمّ تخصيصها لها.
وحيثُ من نحوٍ خامس، منَّ المُسلَّم بهِ قانونًا أنَّ حقّ الملكية يعطي صاحبه حقّ انتفاع واستغلال الملك سواء أكانَ هذا الإنتفاع الشخصي يحصل بإشغال المالك للعقار المبني بنفسه أو بتأجيره من الغير، الأمر الذي يقتضي معه اعتبار المنطق القانوني الذي يقضي بإلزام المالك المعفى أصلًا بوجوب تسديد الضريبة على ملكه المبني لعدم الإنتفاع به بنفسه، مخالفًا لمفهوم الإنتفاع الذي ليس بالضرورة أن يكون بصورة مباشرة عن طريق إشغال العقار بنفسه، بل قد يكون أيضًا بصورة غير مباشرة عن طريق تأجير العقار من الغير، فيبقى الإنتفاع الشخصي متحقّقًا في هذه الحال طالما أنّهُ حاصل من نفس الشخص المُعفى؛ كما أنَّ تأجير الملك من الغير ليس من شأنه أن يؤول إلى أنَّ هذا الملك لم يعُد مسكنًا للقاضي المستفيد من القرض السكني كما جاء في القرار، باعتبار أنَّ هذا الأخير لم يتنازل بصورة نهائية عنهُ كمسكن له، بل هو أبقاه مُخصَّصًا لغاية السكن وإنْ يكن قد عمدَ إلى تأجيره من الغير بصورة ظرفية موقّتة وخاصةً أنُهُ قد يعود ليسكنه لاحقًا بنفسه في أيّ وقت بمجرّد تصرّم فترة تأجيره، الأمر الذي يقتضي معه اعتبار الذريعة الآيلة إلى وجوب إلزام القاضي بالضريبة على الملك المبني خاصته لانتفاء عنه صفة المسكن الخاص به بتأجيره من الغير، غير متماسكة منطقيًا في ظلّ إمكانية تجدّد هذه الصفة لاحقًا بإشغال القاضي المُعفى نفسه للعقار المبني.
وحيثُ من نحوٍ سادس وأخير، نخلُص إلى القول بأنَّ الضريبة على الأملاك المبنية هي الضريبة التي يفرضها القانون على كلّ مالك لعقار مبني وفقًا لمجموع الإيرادات السّنوية الصافية للأبنية مهما كان نوعها أو موقعها، ما لم تتوافر إحدى حالات الإعفاء منها قانونًا، وهو ما يعني أنّها ضريبة يتحمّلها فقط المالك المُلزَم بها وليس مستأجر أو شاغل العقار الذي يقع عليه فقط دفع الرسم البلدي للبلدية التي يقع العقار ضمن نطاقها؛ وتأويل ذلك قانونًا أنّهُ لو كان القانون الضريبي يربط توجُّب الضريبة على الملك المبني في كلّ مرّة يقوم فيها المالك المُعفى بالنظر لصفته بتأجير العقار من الغير، لكانَ حصرَ صراحةً الإعفاء منها فقط بالغاية المخصَّصة للملك المبني، وليس بصفة مالكه، وهو الأمر غير المتوفِّر قانونًا في ظلّ تصنيف المادة 8 من قانون ضريبة الأملاك المبنية الأبنية المعفاة منها بصورة دائمة إلى أبنية معفاة بسبب الغايات المخصّصة لها وأبنية معفاة بسبب صفة مالكها. زدْ على ذلك، أنّهُ لو كانَ القانون يوجب تسديد الضريبة على المُلْك المبني المعفى صاحبه منها بالنظر لصفته وذلكَ في حال تأجيره منَ الغير لكانَ القانون قد فرضها على المستأجر أو شاغل العقار، لا على المالك المعفى منها بصورة دائمة، وإن يكن تأجير العقار يُعتبَر ضابطًا قانونيًا لتحديد الإيرادات التي على أساسها يتمّ احتساب الضريبة المفروضة على المُلْك المبني غير المعفى. وعليه، طالما أنَّ هذه الضريبة ترتبط بالملكية وتتوجّب على مالك العقار المبني، فهذا يعني أنّهُ بوجود نصّ خاص يعفيه صراحةً منها يُصبح حُكْمًا وتلقائيًا غير مُلزم بتسديدها سواء شغلَ العقار بنفسه شخصيًا، أم تمّ إشغاله منَ الغير بناءً لعقد إيجار مبرم مع المالك المُعفى، باعتبار أنَّ الإعفاء الضريبي يرتبط في هذه الحالة بصفة المُعفى، لا بالتصرّف القانوني الحاصل من المالك المُعفى للعقار المبني الذي قامَ بتأجيره منَ الغير وخاصةً أنَّ حقّه بالإعفاء الضريبي نشأَ قانونًا من لحظة تملّكه للعقار المبني سواء أجرَّه أو لم يؤجّره منَ الغير، ولاسيَّما أنَّ التأجير لا يؤثّر في هذه الحالة بتاتًا على الإعفاء الضريبي الناشئ قبله بقوّة القانون منذُ صيرورة العقار المبني مُلْكًا للشخص المعفى قانونًا من هذه الضريبة بموجب نصٍّ خاص غير مُعلّق أعماله على أيّ قيدٍ خاص.
إستنادًا إلى مُجمل ما سبقَ وتقدَّم، نرى أنّ القرار موضوع الدراسة النقدية قد اعتورتهُ العديد منَ الثغرات القانونية، فكانت هذه القراءة النقدية المتواضعة نفْعًا للقانون وتصويبًا فقهيًا للإجتهاد القضائي.
*أستاذ محاضر في كلّيات الحقوق.
“محكمة” – الأحد في 2021/7/11