قراءة قانونية في ادعاء المحقّق العدلي على الرئيس حسّان دياب/محمّد حافظة
المحامي محمّد عبد القادر حافظة:
هل يختصّ قاضي التحقيق العدلي بالادعاء في ملفّ كان قد كلّف التحقيق فيه سنداً لمرسوم صادر أصولاً عن وزير العدل بعد استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى؟
لقد أوردت الماده 362 أ.م.ج. ما حرفيته:”للمحقّق العدلي أن يصدر جميع المذكّرات التي يقتضيها التحقيق دون طلب من النيابة العامة. إنّ قراراته في هذا الخصوص لا تقبل أيّ طريق من طرق المراجعة. يضع يده على الدعوى بصورة موضوعية، إنْ أظهر التحقيق وجود مسهم في الجريمه فيستجوبه بصفة مدعى عليه ولو لم يرد اسمه في عداد من ادعت عليهم النيابة العامة. للنيابة العامة أن تدعي لاحقاً في حقّ شخص أغفلته في ادعائها الأصلي وعلى المحقّق أن يستجوبه بصفة مدعى عليه.”
يبدو واضحاً من صراحة النصّ أنّ لقاضي التحقيق العدلي أن يدعي بحقّ من يراه مشتبهاً به خلافاً للنصّ العام الوارد في أصول المحاكمات الجزائية في عمل قضاة التحقيق في المواد 55 أ.م.ج. وما يليها.
فإذا كان لقاضي التحقيق هذا الحقّ، فهل له الإختصاص بالإدعاء على رئيس مجلس الوزراء؟
أوردت المادة 70 من دستور الجمهورية اللبنانية معدّلاً بقانون1990(اتفاق الطائف) ما حرفيته: “لمجلس النوّاب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة أو بإخلالهم بالواجبات المترتّبة عليهم، ولا يجوز أن يصدر قرار الإتهام إلاّ بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس ويحدّد قانون خاص شروط مسؤولية مجلس الوزراء والوزراء المترتّبة”.
إذاً الماده 70 من الدستور وهي أعلى مرتبة قانونية في القوانين المعمول بها في لبنان والتي لا يجوز مخالفتها تحت طائلة خرق الدستور، نصّت صراحة على حقّ محاكمة رئيس الوزراء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء بعد إصدار قرار الإتهام بحقّهم بأكثرية أغلبية ثلثي الأصوات من مجموع أعضاء المجلس.
قرار الإتهام يصدر عن المجلس النيابي ولا صلاحية مطلقاً للمحقّق العدلي بملاحقة هؤلاء.
ولعلّ قاضي التحقيق العدلي يعلم أنّ الصلاحية لمجلس النوّاب وإلاّ لما أرسل كتاباً إلى المجلس النيابي بشأن وجود شبهات حول رئيس مجلس الوزراء وبعض الوزارء والنوّاب السابقين أو الحاليين.
وعليه، بعد أنّ حوّل قاضي التحقيق العدلي كتابه إلى المجلس النيابي معلناً قناعته بعدم اختصاصه كمحقّق عدلي وبالتالي رفع يده عن الملاحقة بحقّ هؤلاء، وأحاله إلى المرجع المختص.
وبعد أن أعلن المجلس النيابي أنّه لا يرى شبهة بحقّ من عدّد من الأسماء بما في ذلك رئيس مجلس الوزراء، وقرار المجلس نيابي مبرم وملزم فبالتالي، أصبح قاضي التحقيق العدلي ملزماً بعدم تحريك أيّة دعوى بحقّ هؤلاء طالما ترمي إلى ملاحقتهم بالإخلال بواجباتهم الوظيفية، علماً أنّ هذه الملاحقة بحقّهم باطلة بطلاناً مطلقاً لمخالفتها القاعدة الدستورية التي وردت صراحةً في نصّ المادة 70 دستور معدّل، وتخرج عن نطاق اختصاصه بالدعوى الواضع يدها عليها.
“محكمة” – السبت في 2020/12/12