علم وخبر

قرار “استئناف بيروت” حول تحديد بدل المثل وصحة تقرير الخبيرين/ناضر كسبار

ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، الناظرة في دعاوى الايجارات نقطتين مهمتين تتعلقان بمدى صلاحية القاضي المنفرد التدخل في مسألة بدل المثل، ومدى صحة تقرير الخبيرين. فاعتبرت انه في حال عدم التوصل الى تحديد بدل المثل رضاء، فإن اللجنة لا تلعب اي دور إلا في حالة صدور تقريرين مختلفين ومراجعتها من قبل احد الطرفين للفصل بالنزاع الناشئ عن الاختلاف. وبالتالي فهي لا تتدخل بمعرض عملية تحديد البدل في حال استعانة كل من الفريقين بالخبرة، وتبلغ كل منهما تقرير خصمه، وخضوع المالك لتقرير المستأجر، او قبول المستأجر بتقرير المالك، الامر الذي ينفي وجود اي خلاف يمكن طرحه امام اللجنة.
كما اعتبرت المحكمة ان تقرير الخبير قانوني وصحيح وملزم للمستأنف بحكم القانوني تبعاً لعدم مقابلته من قبل هذا الاخير بتقرير مضاد.
ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 2020/4/23
ثانياً: في الاساس
حيث ان الدعوى الراهنة المقامة من المستأنف عليها ترمي الى تثبيت بدل المثل الوارد في تقرير الخبيرين المعينين من قبلها المهندسة عبير فرحات والخبير عباس صبرة، وقدره /14,425/د.أ. تجاه المستأنف.
وحيث ان المستأنف يطلب فسخ الحكم الابتدائي المنتهي الى رد الدفع بعدم الاختصاص واعتبار الخبيرين المهندسة عبير فرحات وعباس صبرة ملزما له (اي للمستأنف) لجهة التخمين، مدليا بجملة من الاسباب، مبينة اعلاه، تتمحور حول مدى اختصاص القاضي المنفرد المدني الناظر في قضايا الايجارات للنظر في طلب المستأنف عليها.
وحيث انه يقتضي بادئ ذي بدء تحديد القانون الواجب تطبيقه على النزاع الراهن، علما ان المستأنف عليها المدعية بداية قد تقدمت بالدعوى بتاريخ 2016/3/26 واسندتها الى المادة /18/ من القانون تاريخ 2014/5/8، فيما صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 2019/4/25 اي في ظل سريان قانون الايجارات تاريخ 2017/2/28.
وحيث انه في هذا الاطار تنص المادة /55/ من قانون الايجارات الاخير رقم 2017/2، على انه مع مراعاة المادة /22/ من القانون، تبقى الدعاوى المقامة قبل تاريخ العمل به خاضعة لاحكام القوانين التي اقيمت في ظلها، مما يقتضي معه من حيث المبدأ، تطبيق قانون عام 2014، الصادر التقرير المطلوب اعتماده على اساسه وفي ظله، على النزاع الراهن.
وحيث انه بحسب المادة /18/ من قانون 2014 المسندة اليها الدعوى، يجري تحديد بدل المثل:
أ‌- رضاءً بالاتفاق فيما بين المؤجر والمستأجر على ان يخضع هذا البدل لقرار اللجنة في حال طلب المستأجر منها الحصول على مساهمة مالية من الصندوق.
ب‌- اذا لم يجر التوصل الى تحديد بدل المثل رضاء بالاتفاق بين المؤجر والمستأجر خلال الاشهر الثلاثة الاولى التي تلي تاريخ نفاذ هذا القانون، فيكون للمؤجر ان يتبع الاجراءات التالية:
1- يستعين المؤجر بخبيرين من قائمة الخبراء المحليين في المحافظة المسجلين لدى المحاكم، يكون احدهما مهندسا مدنيا او معماريا والثاني ممن يعملون بالتخمين العقاري المسجلين في جدول الخبراء.
يتولى الخبيران وضع تخمين لبدل المثل للمأجور وفق الاصول المنصوص عنها في المادة /19/ من هذا القانون.
2- يقوم المؤجر بواسطة الكاتب العدل بإبلاغ تقرير التخمين لبدل المثل الى المستأجر الذي عليه وفي خلال شهرين من تبلغه التقرير اما الموافقة عليه واعتماده في تحديد بدل ايجار المثل او التقدم بتقرير تخمين مقابل عن طريق الاستعانة بخبيرين من قائمة الخبراء المخليين لدى المحاكم يكون احدهما مهندسا مدنيا او معماريا والثاني ممن يعملون بالتخمين العقاري المسجلين في جدول الخبراء.
يتولى الخبيران وضع تخمين لبدل المثل للمأجور وفق الاصول المنصوص عنه في المادة /19/ من هذا القانون.
3- على المستأجر ابلاغ تقرير التخمين الموضوع من قبل الخبيرين المعينين من قبله لإبلاغه الى المالك بواسطة الكاتب العدل خلال مهلة شهرين الآنفي الذكر تحت طائلة سقوط حقه في الاعتراض على التخمين المرسل من المالك او حتى الادلاء بمضمون تقرير مقابل.
4- اذا اختلف التقريران جاز لكل من المؤجر والمستأجر ان يلجأ الى اللجنة في المحافظة التي يتبع لها المأجور وذلك للفصل في النزاع الناشئ عن الاختلاف.
تصدر اللجنة قرارا معللاً ويكون قرارها نهائيا وغير قابل لاي طريق من طرق المراجعة.
وحيث انه بنتيجة الطعن الذي قدم امام المجلس الدستوري بهدف ابطال قانون الايجارات المذكور، اصدر هذا المجلس بالأكثرية قراره بتاريخ 2014/8/6، (نشر في الجريدة الرسمية في ملحق العدد 34 تاريخ 2014/8/19) القاضي في الاساس.
– برد مراجعة الطعن لجهة الاسباب المدلي بها بشأن إصدار القانون ونشره وإقراره بمادة وحيدة، ولجهة العدالة الاجتماعية والمساواة والامان التشريعي والحقوق المكتسبة وحرية التعاقد.
– بإبطال المواد 7 و13 والفقرة ب-4 من المادة 18 من القانون المطعون فيه.
وحيث انه يستفاد مما تقدم، انه بتاريخ ورود تقرير الخبرة في 2015/5/13 وبتاريخ إبلاغه من المستأنف في 2015/10/10، كان قرار المجلس الدستوري المومى اليه قد صدر واكد على نفاذ القانون باستثناء المواد المشار اليها التي ابطلها ولم تكن الفقرة “أ” والبنود 1 و2 و3 من الفقرة “ب” منها مشمولة بالابطال.
وحيث طالما ان المجلس الدستوري نفسه قد رد المراجعة الرامية الى طلب إبطال قانون الايجارات للعام 2014 بكافة ما تضمنه من مواد واحكام، وحصر الابطال بالمواد والبنود المشار اليها آنفاً، فإنه لا يمكن القول بعدم إمكانية تطبيق المواد التي لم يبطلها المجلس الدستوري إلا عند استحالة التطبيق، وان ما يعزز هذه الوجهة ما ورد في قانون الايجارات الاخير لعام 2017 لناحية تمديد العمل بقانون الايجارات الاسبق رقم 92/160 لغاية تاريخ 2014/12/28 اي تاريخ بدء نفاذ قانون الايجارات للعام 2014 وليس لغاية بدء نفاذ قانون 2017، بحيث تكون قرارات الهيئة العامة لمحكمة التمييز المنتهية الى وقف تنفيذ بعض الاحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف الناظرة بقضايا الايجارات بتاريخ 2016/3/21 و2016/3/31 مثلا غير ذي اثر على نتيجة الدعوى الراهنة لاسيما وانها قد صدرت بتاريخ لاحق لانجاز تقرير الخبرة وإبلاغه، هذا فضلا عن انها لم تتناول مسألة المرجع الصالح لتحديد بدل المثل، بحيث انه كان من المفترض في حينها على اصحاب العلاقة، حفاظا على حقوقهم ومنعا لضياعها، التقيد باحكام قانون عام 2014 طالما انه لم يصدر اي قانون يحسم بصورة واضحة وصريحة مسألة عدم نفاذه او بطلانه بالكامل، فلا يسع المستأنف بالتالي التذرع بالجدل والاشكالية التي اثارها تطبيق القانون المذكور لتبرير عدم التزامه بالاصول المحددة فيه.
وحيث انه تبعا لذلك، فإن المادة /18/ من قانون 2014 تبقى، بأجزائها غير المبطلة واجبة التطبيق لناحية تحديد بدل المثل، وفقا للآلية المنصوص عنها فيها، ما دام هذا التطبيق ممكنا وغير مستحيل.
وحيث ان المستأنف يدفع بعدم اختصاص القاضي المنفرد المدني الناظر بقضايا الايجارات لبت موضوع النزاع الراهن، ويدلي بانحصار هذه الصلاحية بصورة الزامية باللجنة التي انشأها قانون 2014 والتي ابطلها قرار المجلس الدستوري في ظل سريان القانون المذكور والتي عاد قانون 2017 واحياها لاحقا، الامر الذي يستدعي تحديد اطار مهام هذه اللجنة.
وحيث انه بحسب احكام قانون 2014 و2017 المتطابقة تقريبا، فإن اللجنة المذكورة تنظر في تطبيق الاحكام المتعلقة بتطبيق الزيادات على بدلات الايجار (م7) وان المستأجر الراغب بالحصول على مساهمة الصندوق يقدم طلبا الى اللجنة التي يتبع لها المأجور يؤدي الى تعليق مهلة دفع الزيادات على بدل الايجار الناتجة عن تنفيذ هذا القانون الى حين قرار اللجنة بالموافقة على المساهمة او بعدمها (م8) وان اللجنة تبت في ضوء نتائج اجراءاتها لجهة تحديد معدل الدخل العائلي الشهري للمستفيد، في استحقاق طلب المساهمة من الصندوق او في عدمها كما في قيمة المساهمة.
وحيث انه يستفاد مما تقدم ان اللجنة المشار اليها إنما تختص بشكل عام بتحديد مدى استفادة المستأجر من تقديمات الصندوق بالاستناد الى طلب يقدمه لديها هذا الاخير كما انها تختص بتحديد بدل المثل إلا ان اختصاصها لهذه الجهة ليس مطلقا وشاملا بل انه محدد النطاق وفق احكام المادة /18/ من قانوني الايجارات.
وحيث انه في هذا السياق يفهم من المادة /18/ ومن تسلسل بنودها ما يلي:
– انه في حال اتفاق الطرفين على بدل المثل فإن اللجنة لا تلعب دورا إلا في حال تقدم المستأجر بطلب الحصول على مساهمة مالية، حيث يعود لها في هذه الحالة فقط ان تعيد النظر به، وذلك من اجل منع التواطؤ بين المؤجر والمستأجر من خلال المبالغة في تحديد بدل المثل، تفاديا لهدر مال الصندوق.
– انه في حال عدم التوصل الى تحديد بدل المثل رضاء، وبالتالي سلوكهما آلية الخبرة المعينة في البنود الاول والثاني والثالث من الفقرة “ب”، فإن اللجنة لا تلعب اي دور إلا في حالة صدور تقريرين مختلفين ومراجعتها من قبل احد الطرفين للفصل بالنزاع الناشئ عن هذا الاختلاف.
وحيث انه يستفاد مما تقدم، ان اللجنة لا تتدخل بمعرض عملية تحديد البدل في الحالات التالية:
– في حال استعانة كل من الفريقين بالخبرة وتبلغ كل منهما تقرير خصمه، وخضوع المالك لتقرير المستأجر، او قبول المستأجر بتقرير المالك، الامر الذي ينفي وجود اي خلاف يمكن طرحه امام اللجنة.
– في حال ابلاغ المالك تقريره من المستأجر وتمنع هذا الاخير من الاستعانة بالخبرة المقابلة، ذلك ان البند الثالث المنوه عنه اعلاه ،إنما جاء واضحا وصريحا وغير قابلا للتأويل لناحية اسقاط حق المستأجر في الاعتراض على التخمين المرسل من المالك او حتى الادلاء بمضمون تقرير مقابل، اي ان التخمين المذكور يضحى نهائيا ومبرماً تجاه المستأجر الامر الذي ينفي بحد ذاته إمكانية الطعن به او طلب إعادة النظر به، مما يعني استحالة مراجعة اللجنة بخصوصه، ما يجرد هذه اللجنة من اي دور في هذه المرحلة، الامر الذي ينفي انعقاد اختصاصها في هذا المجال، خاصة ان احكام الاختصاص يجب ان تفسر بصورة ضيقة وحصرية نظرا للطابع الاستثنائي والخاص للجنة والقانون.
وحيث انه يتضح مما جرى بيانه اعلاه، ان قانوني الايجارات لم يمنحا اللجنة اصلا بغض النظر عن قيامها او إبطالها – اية صلاحية في مجال تحديد بدل المثل في الحالة الراهنة لصيرورة التخمين نهائيا وملزما تجاه المستأجر تبعا لتمنعه عن إنفاذ الخبرة المضادة، مما ينفي ادلاءات المستأنف بخصوص ضرورة مراجعة اللجنة وإلزامية المرور بها، ذلك ان التخمين يكون ملزما بحكم القانون في هذه الحالة.
وحيث في مطلق الاحوال، وعلى فرض ان موضوع الدعوى الراهنة يندرج ضمن صلاحية اللجنة، فإنه تبعاً لإبطال تلك اللجنة التي تتمتع بالصفة القضائية، يعود النص العام للنفاذ نظرا لكون اختصاص النظر بالنزاعات المتعلقة بقيمة الزيادة على بدلات الايجار بين المالكين والمستأجرين يعود الى القاضي المنفرد المدني بوصفه المرجع القضائي العادي لذلك، بحيث انه اذا رغب المالك بتثبيت ذلك حفاظا على حقوقه، مراجعة المرجع العادي صاحب الاختصاص الشامل في مختلف قضايا الايجارات، بحسب المادتين /86/أ.م.م. و/50/ من قانوني الايجارات الاخيرين، هذا فضلا عن إبطال اللجنة وعدم وجودها بتاريخ تقديمه الدعوى الراهنة، لاسيما وان تحديد بدل المثل يعود لفترة نفاذ القانون الصادر في عام 2014، اي للفترة السابقة لنفاذ القانون رقم 2017/2 الذي عاد وانشأ اللجنة المشار اليها، بحيث ان لتحديد بدل المثل بالنسبة للزيادات على بدل الايجار المحددة في القانون 2017/2 يقتضي معادوة سلوك طريق تقدير قيمة المأجور بالطريقة المحددة فيه لتحديد نسبة بدل المثل البالغة 4% المحددة فيه وهذا الامر يعود للجنة المذكورة.
وحيث بالتالي يقتضي حصر اختصاص القاضي المنفرد في النزاع الراهن بحيث يتعلق فقط ببدل مثل المأجور وفق احكام قانون الايجارات الصادر عام 2014 بالنسبة لبدل مثل المأجور عن عامي 2015 و2016 ولحين نفاذ القانون رقم 2017/2.
وحيث انه يطرح التساؤل في هذا الاطار حول مدى وجوب تعليق النظر بالدعوى الراهنة سندا للمادة /58/ من قانون الايجارات رقم 2017/2 التي تنص على انه خلافا لاي نص مخالف يعلق تطبيق احكام مواد هذا القانون المتصلة بحساب المساعدات والتقديمات كما المراجعات القضائية في الاساس او التنفيذ او الاحكام التي سبق ان صدرت والتي تؤدي الى تحديد بدل ايجار او اخلاء المستأجر المعني بتقديمات الصندوق المذكور الى حين دخوله حيز التنفيذ.
وحيث ان التعليق يكون مستوجبا فقط في حالة مطالبة المالك للمستأجر بتسديد الزيادات اذ يقابلها حق المستأجر في المطالبة بالاستفادة من المساعدة، وبالفعل فإن طلب الاستفادة معلق على بدء عمل اللجنة وان تقديم هذا الطلب امامها يؤدي بدوره الى تعليق دفع الزيادات لحين الموافقة على المساهمة او عدمها، كما ان تسديد الزيادات معلق هو الآخر على دخول الصندوق حيز التنفيذ، علما ان حق المستأنف في الاستفادة المستأنف من المساهمة لا يندرج ضمن موضوع الدعوى الراهنة وهو لم يتم نفيه بداية، اذ يبقى حقه في مراجعة اللجنة بهذا الشأن قائما ومحفوظا، الامر الذي يقتضي معه رد اقواله بشأن وجود مغالطات بخصوص مسألة استفادته وافراد عائلته من مساهمة الصندوق لعدم تأثير ذلك اصلا على موضوع النزاع الحاضر.
وحيث انه طالما ان طلب المستأنف عليها يختصر على تثبيت بدل المثل المعين من قبل خبيريها دون ان يتعدى ذلك الى مطالبة المستأنف بتسديد الزيادات على اساس هذا البدل، فإنه لا يكون مشمولاً بالتعليق، فترد ادلاءات المستأنف المخالفة لهذه الوجهة.
وحيث انه تأسيساً على مجمل ما تقدم، تكون مسألة البت بطلب المستأنف عليها لناحية تثبيت بدل المثل على النحو المبين اعلاه داخلا ضمن صلاحية القاضي المنفرد المدني ولا يستدعي تقرير اي تعليق بشأنه، بحيث يكون الحكم لناحية رد الدفع بعدم اختصاصه واقعا في موقعه القانوني الصحيح، ومستوجب التصديق لهذه الناحية.
وحيث ان المستأنف يطلب فسخ الحكم لناحية اعتباره “الخبيرين” المهندسة عبير فرحات وعباس صبره ملزما له لجهة التخمين “للابهام ،ولبطلان التقرير المشار اليه بسبب عدم تقيد المستأنف عليها بموجب دعوته للاتفاق رضاء على تحديد بدل المثل، وعدم تضمنه البيانات الالزامية المفروضة لناحية تحديد تاريخ وضع التقرير ولناحية تحديد الوسائل المعتمدة في اجراء التخمين، اذ اغفل ذكر تخمين ثمن المتر البيعي في البناء المأجور واغفل ذكر نوع البناء ومتوسط اكلاف البناء وتخمين ثمن المتر البيعي في البناء الحر والبناء المأجور، واكتفى بتخمين البناء الحر.
وحيث انه لجهة الابهام الوارد في البند الثاني من الفقرة الحكمية من الحكم المستأنف، فإنه يتبين ان ايراده على الشكل المذكور اعلاه إنما لا يتعدى كونه خطأ مادياً بحتاً متمثلاً بسقوط كلمة “تقرير” سهواً.
وحيث انه يتعين على هذه المحكمة، سندا للمادة /654/أ.م.م.، تصحيح الخطأ المادي الوارد في الحكم المستأنف، وتحديداً في البند الثاني من الفقرة الحكمية من خلال اضافة الكلمة الناقصة، بحيث يصبح:”باعتبار تقرير الخبيرين” بدلا من “باعتبار الخبيرين”، ورد اقوال المستأنف بشأن الابهام الناجم عن هذا الغلط واستحالة التنفيذ.
وحيث انه في ما يتعلق بالدعوة لتحديد بدل المثل رضاء، فإنه يتبين بالعودة الى المادة /18/ المشار اليها اعلاه انها اوردت الاتفاق الرضائي كطريق من طرق تحديد بدل المثل، دون ان يستفاد من صياغتها او مضمونها انها تفرضه كشرط مسبق يستحيل من دونه سلوك الطريق الاخرى، والغاية منه تفضيل الحل الحبي انطلاقا من مبدأ ان الصلح سيد الاحكام، كذلك فإن المادة المذكورة لم تضع اطارا وصيغة محددين للاتفاق ولم تربط اثبات حصوله بوسائل معينة ولم تلزم المالك بالذات بالدعوة الى التوافق (خلافا لما قررته بالنسبة للجوء الى الخبرة اذ القت المبادرة في هذا الاطار على عاتق المالك) بحيث ان الاتفاق الرضائي يمكن ان يتم بمبادرة اي من الفريقين ويستدعي التئام كلتي ارادتيهما، علما ان انقضاء حوالي سنة بين تاريخ نفاذ القانون 2014 ولغاية تنظيم تقرير الخبيرين في ايار 2015 إنما يفيد بحد ذاته عدم وجود اي اتفاق بين الفريقين، بحيث انه لا يمكن ان يؤخذ على المستأنف عليها عدم التوصل الى اتفاق رضائي بشأن بدل المثل، فترد اقوال المستأنف لعدم الثبوت وعدم الجدية.
وحيث انه في ما يتعلق بالتقرير ذاته، فإن المادة /19/ من قانون 2014 المطابقة للمادة ذاتها من قانون 2017 قد نصت على انه يجب ان يتضمن التقرير تحت طائلة البطلان اسماء واضعي التقرير ومرجعهما في قائمة الخبراء وبيان من كلفهما بوضع التقرير وبيان تاريخ اجراء التخمين والوسائل التي اعتمدت في اجراء التخمين من مساحة الشقة الى نوع البناء وتقدير متوسط اكلاف البناء (شعبي، متوسط الى شعبي، متوسط الى فخم، فخم) وما يصيب الشقة من مساحة العقار مع مراعاة واقع الطابق الارضي اذا كان الطابق معدا للتجارة، مع تخمين ثمن المتر البيعي في البناء الحر والبناء المأجور، وبيان ما ينقص من قيمة متوسط كلفة متر البناء بسبب قدم العهد او سوء الاستعمال، او ما يزيد في قيمة البناء من غير ما ادخله المستأجر من التحسينات والذي قد يكون ناتجا عن الموقع المطل او خلافه، وما يكون الخبراء قد توسلوه في تقدير ثمن المتر البيعي من بيوعات او تقدير من قبل الادارات الرسمية، وعلى التقرير ومرفقاته ان يحمل توقيع الخبيرين في كل صفحاته وتاريخ وضع التقرير.
وحيث ان الغاية من تعداد المعلومات التي يجب ان يتضمنها التقرير القاضي بتقدير بدل المثل، التثبت من جدية ومصداقية منظميه والتأكد من إيضاح كافة وسائل التخمين المعتمدة بصورة واضحة لكي يكون الخصم واللجنة، في حال مراجعتها لاحقا، على بينة من اسس التقييم، بحيث ان الهدف الوضوح والشفافية اكثر من ايراد كافة التفاصيل المبينة في المادة /19/ بصورة مطلقة وبحذافيرها.
وحيث انه بمراجعة تقرير الخبيرين فرحات وصبره، يتبين انه قد تضمن تاريح اجراء الكشف مما يستنتج معه تاريخ وضع التقرير، كما تضمن وصفا مفصلا وشاملا للعقار وللبناء القائم عليه وللمأجور الكائن فيه، واختزن بيانا واضحا لاسس تخمين سعر متر الارض بحسب موقع العقار ومتر الهواء وكلفة متر البناء، بعد الاخذ بالاعتبار قدم عهده وبدل الاتعاب الهندسية والمنطقة الارتفاقية وما الى هنالك، تصولا لتحديد قيمة المأجور، مما ينفي بطلانه.
وحيث في مطلق الاحوال، لا يستطيع المستأنف الطعن بالتقرير المذكور اذ كان يفترض فيه في حال كان لديه اعتراضات او مآخذ عليه، ان يستعين بالخبرة المضادة وفق الاصول المنصوص عنها في المادة /18/، وذلك لحفظ حقه في الطعن اصولا بتحديد البدل امام اللجنة لاحقا وفقا للاصول، ولا يمكنه في هذا الاطار التذرع بحؤول امكاناته المادية دون تعيين خبيرين، كون القانون لم يلحظ هذه الفرضية ولم يعفه، خلافا لما فعل بالنسبة لتقديم طلب الاستفادة من المساهمة من اية رسوم او مصاريف، كما لا يسعه الادلاء بالنزاع الجدي المتمثل باعتقاده بأن قانون 2014 غير نافذ لتبرير عدم لجوئه الى الخبرة في ضوء ما سبق بيانه اعلاه.
وحيث انه لا يجوز كذلك للمستأنف ان يتمسك بانخفاض اسعار العقارات للقول بعدم الزامية التقرير بوجهه، باعتبار ان قانوني الايجارات الجديدين قد جاءا واضحين لجهة اعتماد بدل المثل المحدد في تقرير الخبرة اساسا لاحتساب الزيادات طوال الفترة التمديدية ولو طالت، مما يحول دون إعادة النظر بالتخمين وببدل المثل لاحقا، ارتفاعا او انخفاضا، لما في ذلك من عدم استقرار في العلاقات، وإلا لكان لحظ المشترع آلية لتعديل البدل بصورة منتظمة ودورية، وهو الامر غير المتحقق.
وحيث انه عطفا على ذلك، يكون التقرير المعد من قبل الخبيرين فرحات وصبره بناء على طلب المستأنف عليها قانونيا وصحيحا، ويعتبر بالتالي ملزما للمستأنف بحكم القانون تبعا لعدم مقابلته من قبل هذا الاخير بتقرير مضاد والذي يفسح وحده المجال لمراجعة اللجنة.
وحيث انه تأسيسا على ما تقدم، يكون الحكم بانتهائه الى اعتبار التقرير المذكور ملزما للمستأنف لجهة التخمين واقعا في موقعه القانون الصحيح، لكن فقط بالنسبة لبدل مثل المأجور موضوع النزاع المحدد في قانون الايجارات الصادر عام 2014 المتعلقة بعامي 2015 و2016 ولغاية نفاذ القانون 2017/2، على ان يعود للجنة المختصة تحديد بدل المثل وفق القانون الاخير بالطرق المحددة فيه.
وحيث يكون بالتالي الحكم المستأنف مستوجب التعديل وفق ما صار بيانه اعلاه، بالنسبة للفترة التي يعتبر هذا التقرير ملزما خلالها.
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد إما لكونها لاقت ردا ضمنيا او لعدم تأثيرها على النزاع، بما في ذلك طلب الحكم بالعطل والضرر لعدم تحقق شروط ذلك.
لذلك
تقرر بالاتفاق:
1- قبول الاستئناف شكلاً.
2- تصحيح الخطأ المادي الوارد في البند الثاني من الفقرة الحكمية للحكم الابتدائي بزيادة كلمة “تقرير” بحيث يصبح “باعتبار تقرير الخبيرين” محل “باعتبار الخبيرين” وتكليف القلم بإجراء التصحيح وفقا للاصول.
3- رد الاستئناف جزئيا في الاساس، وتعديل الحكم الابتدائي وفق ما قضت به المحكمة في متن هذا القرار، وبالتالي اعتبار التقرير ملزما للمستأنف لجهة التخمين بالنسبة لبدل مثل المأجور موضوع النزاع المحدد في قانون الايجارات الصادر عام 2014 المتعلقة بعامي 2015 و2016 ولغاية نفاذ القانون 2017/2، على ان يعود للجنة المختصة تحديد بدل المثل وفق القانون الاخير بالطرق المحددة فيه.
4- رد سائر الاسباب او المطالب الزادة او المخالفة.
5- إعادة التأمين الاستئنافي، وتضمين الفريقين الرسوم والنفقات مناصفة في ما بينهما.
قراراً صدر وافهم علنا في بيروت بتاريخ 2020/4/23.
“محكمة”- الأربعاء في 2024/7/10

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!