قرار تاريخي للقاضي نجاة أبو شقرا يكشف تفاصيل موت موقوف تحت التعذيب والتنكيل بآخرين/علي الموسوي
المحامي المتدرّج علي الموسوي:
بكثير من الجرأة والحكمة والموضوعية والدقّة والحرفية، تصوغ قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا حروف قرارها الاتهامي التاريخي في قضيّة تعذيب الشاب السوري بشار عبد السعود على أيدي عناصر مكتب أمن الدولة في بلدة تبنين الجنوبية في شهر آب اللهّاب 2022 حتّى فارق الحياة، ومحاولة إخفاء هذه الجريمة التي لا يمكن التغاضي عنها على الإطلاق، من خلال الإدلاء بمزاعم ضعيفة الحجّة بأنّ الوفاة ناجمة عن وعكة صحيّة ألمّت به نتيجة تعاطي الكبتاغون! مع أنّه كان خلال إجراء التحقيقات الأوّلية معه في “صحّة جيّدة” باعترافات المعنيين من المتهمين والظنين.
ويوثّق هذا القرار الاتهامي الكبير والضخم والواقع في 21 صفحة “فولسكاب” أو بالأحرى أكثر من عشرة آلاف كلمة، حالةً من التعذيب المتعارض مع القانون خلال مرحلة التحقيقات الأوّلية، والذي يبدو أنّه يُستخدم في كثير من الأحيان بعيدًا عن عيون النيابات العامة، تمييزية كانت أو استئنافية أو عسكرية، حتّى ولو حاول التخفّي في بعض الأحيان خلف إشارات قضاتها، أو الإستقواء بها.
وثمّة قضاة يعرفون بما يحدث ويسكتون، وهذا يتناقض مع العدالة الحقّة، وهو جرم يعاقب القانون عليه.
وأعرف بحكم عملي المستمرّ كصحافي حقوقي في العدلية، حالات كثيرة عن قيام قضاة بتغطية “مراجل التعذيب”، ومنهم من كان في سدّة النيابة العامة التمييزية وحاول أن يضغط بالتعاون والتضامن والتكافل مع ضابط قضى نحبه لاحقًا، على قاضي تحقيق عسكري لإلزامه بإصدار مذكّرة توقيف وجاهية من دون استجوابٍ لموقوف اقتيد إلى دائرته وهو يعاني سكرات الموت من شدّة ما تلقّى من ضرب وتعذيب، ثمّ كانت “التخريجة” بتأجيل الإستجواب أيّامًا حتّى يتعافى ويستعيد وعيه، مع إخفاء هذه الجريمة في طيّات السجّلات التي لو قيّض لها الكشف عن مكنوناتها لفضحت الكثير من هذا النوع من الممارسات التي يفترض أن تبطل التحقيقات وأن تترافق مع محاسبة رادعة لعدم تكرارها. وطبعًا هذا في البلدان التي تقدّر حقوق الإنسان!
وقد ظَهَّرَ الطبيب الشرعي المكلّف بمعاينة جثّة المتوفّى السعود أثار التعذيب بتأكيده أنّ هذا الأخير أصيب بآلام شديدة ومعاناة بعد تعرّضه للعنف والضرب المبرح فتوقّف القلب عن العمل وسكت عن الخفقان.
على أنّ الفاضح أكثر ما يرد على لسان الضابط المسؤول عن المركز الأمني المذكور بأنّ العناصر “عادة ما يستخدمون المعاملة بالشدّة مع الموقوفين خاصة في الملفّات الخطيرة” وأنّ ذلك يحصل بعلمه، وهم صادقوا على قوله بما رأته عيونهم خلال التحقيق في ملفّات أخرى حتّى ولو “ألبست” ثوب الإرهاب، ثمّ جرى إنكار هذا القول في مرحلة التحقيقات الإستنطاقية بين يدي أبو شقرا منه وحده، فيما أقرّ عناصره وتحديدًا المعاون الذي استخدم “شريط شاحن هاتفه الخلوي” في إرهاق جسد السعود بأنّ عملية الضرب تمّت “بوجوده ومشاهدته” والتزامًا “بأمره” أيّ بموافقته!
أمّا الداعي إلى استعمال هذا الكمّ من العنف القاتل، فهو أنّ السعود تعاون مع الرتيب بطريقة عدائية بعدما “أخذ منه عبوة مياه بالقوّة ما أدّى إلى ارتطام الأصفاد بيده وجرحه” بحسب إفادة هذا الرتيب الذي يحاول أن يدفع عن نفسه هذه التهمة أو تخفيفها و”أنّه قام بضرب بشار لمدّة عشر دقائق على كافة أنحاء جسده وعلى رأسه، وذلك على مرأى من النقيب الذي لم يطلب منه التوقّف عن ذلك”، وقد اعتبر هذا النقيب ما قام به المعاون “مجرّد ردّة فعل من رتيب تعرّض للإهانة ولم تكن مطلقًا بنيّة الإيذاء أو القتل”. يا لرداءة هذا التعبير ممن يفترض أنّه في موقع المسؤولية!
وتكشف أبو شقرا في متن قرارها عدم تدوين إفادة المتوفّى السعود في محضر عدلي أصولي مع أنّه “اعترف بتعاطي المخدّرات والإنتماء إلى داعش.. ولكن لم تمض عشر دقائق حتّى سقط أرضًا”، ويُرجع الضابط المسؤول سبب عدم تدوين الإفادة إلى أنّ “تسليمهم بشار عند الساعة الخامسة فجرًا هو ما فرض عليه هذا الأمر، فهو لا يمكنه أن يضع بشار في النظارة ويسمح له بالاختلاط بباقي الموقوفين” خشية تغيير أقواله، “ومن جهة أخرى لا يمكن أن يترك بشار خارج النظارة في ضوء الجرم المشتبه به وفي ضوء الإفادة الأوّلية التي أعطاها والمدوّنة في موجز المعلومات”!
ثمّ كانت المفاجأة بأنّ نتيجة عيّنات البول المستخرجة من جثّة المتوفّى دون إشارة من القضاء المختص في تعدّ واضح على صلاحيات القضاء، أتت سلبية على إثني عشر نوعًا من المخدّرات بما فيها ذلك المكوّن للكبتاغون، وقد سعى الضابط إلى الإفلات من أسئلة أبو شقرا فأوقعته من حيث لا يدري في زلّات لسانه ومنها أنّه لم يردع المعاون عن استكمال ضرب الموقوف “لئلّا يفقد التحقيق هيبته” وإن “أومأ إليه بعينيه حتّى يتوقّف”.. ويبدو أنّه بعد فوات الأوان حيث كان الموقوف قد لفظ أنفاسه الأخيرة وهو لو كان مطلعًا ولو قراءة ومن باب المطالعة والتثقيف، على مضمون القانون رقم 2017/65 لما سمح لنفسه بأن يبدي كلامًا كهذا الذي يدينه ولا يصبّ في مصلحته!
ويسجّل للقرار الاتهامي ومُوقِّعته القاضي أبو شقرا انتزاعها من أفواه المدعى عليهم بصراحة تامة لجوءهم المستمرّ إلى استعمال العنف والضرب ولكنّ للأمانة العلمية، فهم يميّزون في تقديره ونوعيته وتصنيفه بين قوي وخفيف بحسب الجرم المسند إلى الموقوفين المستمع إليهم على سبيل المعلومات وتأكيد الحقائق الثابتة، وهذا ما أشار إليه أحدهم بقوله إنّه “لم يكن يستخدم قوّته إلّا إذا كان الشخص موقوفاً بجرائم كبرى كالإرهاب أو المخدّرات، أمّا في الجرائم الأخرى فتكون الضربة خفيفة”، ولكنّ القانون لا يفرّق بين ضرب خفيف وضرب قوي يُودي بحياة الإنسان، فالفكرة من أساسها خطأ ومهينة وضدّ الإنسانية وهي جناية!
ولم يقتصر التعذيب على السعود، بل شمل سبعة موقوفين آخرين في نظارة مركز تبنين لأمن الدولة وهو ما عاينه بنفسه مفوّض الحكومة بالإنابة خلال انتقاله إلى هذه النظارة وأكّده طبيب شرعي في تقريره، لكنّ حالتهم آنذاك “مستقرّة ولا تستدعي سوى تنظيف بعض الجروح”. يا لبساطة الأمر.. تنظيف للجروح، فهل يُستتبع بمحاكمة ومحاسبة وقصاص، أم ما مضى قد أفل؟!
ويقول أحد هؤلاء الموقوفين في ملفّات مختلفة، إنّه كان يؤخذ إلى غرفة أخرى غير تلك الموجود فيها خلال التحقيق لتلقينه إفادة تعجب القائم بالتحقيق وهو الضابط النقيب نفسه، وذلك تحت وابل من الضرب والركل واللكم والجلد بسلك كهربائي ولطم رأسه بالباب، وإنّه عندما شعر مرّة بالعطش أعطي مسحوق تنظيف لكي يبلّ ريقه!
فيما تعرّض موقوف آخر للضرب بالكفوف والركل والجلد بسلك كهربائي وبحزام جلدي، وأُجبِر على شرب مسحوق غسيل مذوّب في الماء، فبقي عشرة أيّام من دون أكل وماء مع نزف عند التبوّل ورضي بأن يكون “إرهابيًا” مع ما في هذه التهمة الخطرة من تداعيات مضرّة عليه، سواء بقي في لبنان أو عاد إلى موطنه.
ويجمع هؤلاء على رفضهم مشاهدة معذّبيهم سواء أكان الضابط أو العناصر، لأنّهم قيد التوقيف ومنهم من لم يمثل أمام قاض بسبب اعتكاف القضاة، وفي المحصّلة يخافون على أنفسهم وعلى عائلاتهم في ظلّ عدم وجود ضمانات تهدئ روعهم وتشدّد العقوبات على الفاعلين.
وبهذه الأقوال المدرجة في القرار الإتهامي، فإنّ أبو شقرا لا تكتفي بتوثيق حالة تعذيب بشار السعود وما كانت المخيّلة تعتقده سرابًا وأقوالًا تجافي الواقع، بل هي بفعلتها هذه المقصودة، تفتح العيون بصورة واسعة على حقيقة مرّة عن وجود الكثير من أساليب التعذيب في أقبية الأجهزة الأمنية والضابطة العدلية، ممّا يوجب فرض المحاسبة بأحكام مشدّدة تكون عبرة لكلّ من تسوّل له نفسه اللجوء إلى هذا التصرّف الشاذ، وتؤكّد وجوب تلقين الضبّاط والعناصر طرائق جديدة علمية وحكيمة خلال القيام بواجب التحقيق الذي لا يعني الضرب والركل مهما كان الجرم ومهما حاول الموقوف التذاكي والتملّص من قول الحقيقة والإعتراف بما هو منسوب إليه، وعندها لا تعود عبارة “من دون ضغط أو إكراه” التي تلازم مطالع محاضر التحقيقات الأوّلية تستوقف المطلّعين عليها من قضاة ومحامين وصحافيين، وتصيبهم بنوبة ضحك.
ولا شكّ أنّه مهما كانت جريمة الشخص كبيرة فلا يمكن القبول باستعمال العنف والتعذيب معه حتّى الموت، فهو يستحقّ العقاب على فعلته إنْ رأت المحكمة، وليس الضابطة العدلية، الناظرة في ملفّه ذلك بعد ترتيب المسؤوليات وفقًا للإستجواب والأدلّة والقرائن المحسوسة الموجودة بين يديها، كما أنّ مرتكب التعذيب ومهما علت رتبته العسكرية، يستحقّ، بدوره، الملاحقة والمحاكمة خصوصًا إذا كان متعطّشًا لذلك وفي ظلّ تقارير طبّية صحيحة ومدروسة، وإلّا كيف يمكن تحقيق العدالة على وجه الأرض؟
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا القرار الاتهامي يتعلّق حصرًا بمسألة التعذيب ولا علاقة له البتّة بالدعوى الأخرى التي جرى على أساسها توقيف السعود ومن سبقه من رفاقه إلى الزنزانة وبينهم المذكوران في هذا القرار، رشاد محمود الصبخ وعلي عماش السعود والمدعى عليهما بجرائم إرهابية، حيث يفترض أن تصدر القاضي أبو شقرا قرارها بهذه الجرائم بعد انتهاء النيابة العامة العسكرية من وضع مطالعتها في الأساس.
وتحتفظ أبو شقرا بصلاحية القضاء العسكري في ملاحقة الضابط والعناصر، وتنتهي إلى إحالة جميع المدعى عليهم على المحاكمة أمام المحكمة العسكرية الدائمة.
“محكمة” تتفرّد بنشر هذا القرار الإتهامي كاملًا وحرفيًا وذلك على الشكل التالي:رقم التحقيق: 2022/123، قرار رقم 2022/160، نحن، نجاة أبو شقرا، قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية، لدى التدقيق،
وبعد الاطلاع على ورقة الطلب رقم 2022/13725 تاريخ 2022/9/5 ومرفقاتها، وعلى مطالعة حضرة مفوض الحكومة المعاون تاريخ 2022/11/5، وعلى الأوراق كافة،
تبيّن أنّه أسند إلى المدعى عليهم:
١ـ النقيب ح. إ. (أوقف وجاهيًا بتاريخ 2022/9/22 ولا يزال موقوفًا)،
٢ـ المعاون ي. ب. (أوقف وجاهيًا بتاريخ 2022/9/22 ولا يزال موقوفًا)،
٣ـ المعاون ع.خ. (أوقف وجاهيًا بتاريخ 2022/9/22 ولا يزال موقوفًا)،
٤ـ المعاون ف. ف.، (أوقف وجاهيًا بتاريخ 2022/9/22 ولا يزال موقوفًا)،
٥ـ الرقيب أول خ. ز.(أوقف وجاهيًا بتاريخ 2022/9/22 وأخلي سبيله بكفالة مالية بتاريخ 2022/10/18)،
٦ـ كلّ من يظهره التحقيق،
بأنّهم، في مكتب بنت جبيل لأمن الدولة، بتاريخ 2022/8/31، أقدم الأول حتى الرابع على التسبّب بوفاة الموقوف بشار السعود نتيجة ضربه وتعذيبه أثناء التحقيق معه، وبتاريخ سابق أقدم المدعى عليهم جميعًا على ضرب وإيذاء وتعذيب موقوفين آخرين أثناء التحقيق معهم مخالفين بذلك التعليمات العسكرية،
الجرم المنصوص عنه في المادة الأولى فقرة ب/٣ من قانون معاقبة التعذيب رقم 2017/65 بالنسبة للأوّل حتى الرابع، والمادة الأولى فقرة /ب/ من القانون المذكور للخامس، والمادة /١٦٦/ قضاء عسكري لجميع المدعى عليهم،
وأنّه بنتيجة التحقيق تبيّن ما يلي،
أوّلاً: في الوقائع:
أنّه عند الساعة ٢٠،٠٠ من يوم الثلاثاء الواقع فيه 2022/8/30 قامت دورية من شعبة الخدمة والمعلومات في المديرية العامة لأمن الدولة- قسم الإستعلام والعمليات الخاصة- فرع التحقيق الأمني، بتوقيف شخص في بيروت يشتبه بتورّطه في قضايا إرهاب ويعتقد أنه يدعى بشار عبد العبيد ملقب “أبو مهند”، مطلوب لصالح مكتب بنت جبيل في أمن الدولة،
ولدى استجلاء هويته تبيّن أنّه يدعى بشار عبد السعود،
وأنه عند الساعة ٢،٣٠ من يوم الأربعاء الواقع فيه 2022/8/31 إنطلقت دورية من شعبة الخدمة والمعلومات في المديرية العامة لأمن الدولة – قسم الإستعلام والعمليات الخاصة – فرع التحقيق الأمني، من مركزها في بيروت- العدلية، ووصلت عند الساعة ٤،٤٠ من التاريخ عينه إلى قسم التحقيق في تبنين التابع لمكتب بنت جبيل وسلّمت بشار السعود بموجب إيصال بتسليم موقوف، ضمت صورة عنه إلى ورقة الطلب، مع إفادة أولية يعترف فيها بأنه انتمى لتنظيم داعش في سوريا وقاتل في صفوفه هناك، وغادرت عند الساعة ٤،٥٥،
وأنّه عند الساعة ٧،٠٥ وصلت سيارة من الصليب الأحمر تؤازرها دورية من أمن الدولة، إلى مستشفى تبنين وسلمت بشار السعود جثة هامدة، وأنّ معلومات توافرت عن أن بشار السعود توفي نتيجة التعذيب وانتشرت صور لجثته على مواقع التواصل الإجماعي،
وأنّه بتاريخ 2022/9/2 توجّه حضرة مفوض الحكومة بالإنابة إلى مستشفى تبنين الحكومي يؤازره عناصر من مكتب مخابرات تبنين، وقام بمعاينة جثة بشار السعود والتقط لها صورًا عدة وفيديو، وأثبت مشاهدته لآثار التعذيب الواضحة على مختلف أنحاء الجسد حتى الرأس، وقابل مدير المستشفى الذي أعلمه أن بشار السعود أُحضِر إلى المستشفى جثة هامدة بواسطة سيارة للصليب الأحمر تؤازرها دورية من أمن الدولة عند الساعة ٧،٠٥ من صباح يوم الأربعاء الواقع فيه 2022/8/31، وأن المدعى عليه المعاون ع. خ. حضر إلى المستشفى عند الساعة ٧،٤٥ وطلب عيّنة بول من جثة المتوفي، فتمت الاستجابة لطلبه، وذلك قبل وصول الطبيب الشرعي وفريق الأدلة الجنائية الذين حضروا بعد ظهر يوم الأربعاء 2022/8/31 وقاموا بالكشف على الجثة وأخذوا منها عينات بول ودم،
وتبيّن أنّ الطبيب الشرعي غالب حسن صالح وضع تقريرًا أوليًا (موضوع محضر فصيلة تبنين عدد 302/988 تاريخ 2022/9/2) أفاد فيه بأنه أجرى كشفًا طبيًا علي جثة الشاب السوري بشار عبد السعود بحضور عناصر من أمن الدولة وعناصر من الأدلة الجنائية حوالي الساعة الرابعة وخمس عشرة دقيقة من مساء يوم الأربعاء في 2022/8/31 في براد مستشفى تبنين الحكومي، وأنه تبين له وجود ازرقاق واحمرار وتورم تكدمي شديد في الرأس، وفي صيوان الأذن اليسرى، وفي العنق، وجرح نازف في الشفة السفلى من الجهة اليمنى، وبقايا دم من فتحتي الأنف، وعلامات تكدم في الجبين، وعلامات حروق في عدة أنحاء من الجسد، وعلامات كثيرة تدل على استعمال سوط أو سلك كهربائي في الأطراف العليا، الظهر والصدر والبطن، وفي الأطراف السفلى من جميع نواحيها حتى القدمين، وعلامات تكدم وتورم في الخصيتين، وأنه أجرى عملية سحب لعيّنة بول وعينة دم قام بتسليمهما لعناصر الأدلة الجنائية، وأنه بصدد استكمال دراسة الحالة بما فيها نتيجة الصورة الطبقية المحورية لكامل الجسد ليبنى على الشيء مقتضاه وإجراء التقرير الشرعي النهائي،
وأن حضرة مفوض الحكومة انتقل بعد ذلك إلى سرايا تبنين، مركز أمن الدولة، فلم يجد رئيس المركز المدعى عليه النقيب ح. إ.، ولدى سؤال العناصر عنه، ردّوا بعدم علمهم بمكان وجود النقيب، وقام بضبط المحضر المنظم بوفاة بشار السعود وكل البرقيات والمراسلات المتعلقة بذلك، وطلب من العناصر الموجودين إبلاغ النقيب ح. إ. وجوب التوقف عن متابعة أي إجراء يتعلق بالتحقيق الراهن،
وقام بتكليف طبيب شرعي الكشف على الجثة وتزويده بالتقرير الطبي الشرعي،
وقد تبين صدور برقية عدد /١٣٤٧/ تاريخ 2022/8/31 عند الساعة ٥،٠٧ من المدعى عليه النقيب ح. إ. رئيس مكتب بنت جبيل إلى المقدم ط. ف. المدير الإقليمي لمديرية النبطية تفيد عن إحضار بشار السعود إلى مكتب بنت جبيل عند الساعة ٤،٤٠،
ثم صدور برقية رقم /١٣٤٨/ موجهة من النقيب ح.إ. إلى المقدم ط.ف. عند الساعة ١٠،٤٥ من يوم 2022/8/31 تفيد أن بشار السعود تعرض لوعكة صحية عند الساعة ٧،١٠ نتيجة تعاطيه المخدرات بحسب إفادته، وأنه نُقِل بواسطة سيارة للصليب الأحمر إلى مستشفى تبنين الحكومي، وما لبث أن فارق الحياة، وتفيد بمخابرة النيابة العامة العسكرية بهذا الشأن عند الساعة ٩،٥٠،
تلا ذلك صدور البرقية رقم /١٣٤٩/ بتاريخ 2022/8/31 عند الساعة ١١،٢٥ من النقيب ح. إ. إلى المقدم ط.ف. تفيد عن تكليف الطبيب الشرعي غالب صالح للكشف على جثة بشار السعود وتكليف الأدلة الجنائية في قوى الأمن الداخلي للكشف على الجثة وإجراء فحص مخدرات، إنفاذًا لإشارة حضرة مفوض الحكومة،
وأنّه عند الساعة ١٩،٤٥ بتاريخ 2022/8/31 وجّه النقيب ح. إ. البرقية رقم /١٣٥٣/ إلى المقدم ط. ف. أعلمه فيها بحضور الطبيب الشرعي غالب صالح ودورية من مكتب الحوادث في صيدا إلى مستشفى تبنين، وقاموا بالكشف على الجثة وأخذوا منها عينات دم وبول،
بعد ذلك توجه حضرة مفوض الحكومة بالإنابة إلى نظارة مركز تبنين لأمن الدولة حيث وجد أكثر من عشرة موقوفين، فقام بمعاينتهم وأثبت تعرض سبعة منهم للجلد على الظهر والأرجل وهم: مازن محمود مصلح، وخليل إبراهيم السليم، ورشاد محمود الصبخ، ومالك أحمد شحادة، وإسماعيل حمزة الشيخ، وعلي عماش السعود، ويوسف محسن السليم،
وقام بتكليف الطبيب الشرعي علي ديب للكشف عليهم، فأثبت هذا الأخير في تقريره الطبي الشرعي أن المذكورين يحملون آثارًا لجروح مختلفة وأنه يستنتج من أشكال هذه الجروح (طولية) ومن قياساتها (كبيرة) وأمكنتها (على الظهر) بأن المذكورين قد تعرضوا للضرب بعنف (بسبب استمرار الآثار منذ أيام عدة) وبأداة مرنة (حزام) وباستعمال بكلة الحزام (بسبب وجود جروح نازفة ثقبية في بعض الأحيان)، أو بشريط مرن ذي طرف معدني، وأن بعض الجروح ملتئمة وقديمة ومنها حديث منذ أيام عدة (حسب تواريخ التوقيف المختلفة)، وبأن حالة هؤلاء الموقوفين مستقرة ولا تستدعي سوى تنظيف بعض الجروح،
كما قام الطبيب الشرعي علي ديب بالكشف على جثة بشار السعود وانتهى في تقريره إلى أن العوارض الطبية الظاهرة على الجثة تدل على أنه تعرض للضرب بعنف على كامل جسده (خاصة على الظهر والأطراف) ومن جميع الاتجاهات، بأدوات مرنة بعضها ذو حافة حادة (حزام مع بكلته أو نبريش) وبأنه لا يمكن تفسير وفاته بوقت قصير أي بعد أقل من ساعتين على وصوله مع كل هذه العوارض إلّا باستعمال قوة مفرطة أدت إلى الوفاة لأسباب متعددة: نزيف داخلي (كلوي وفي الطحال بسبب الضرب من الخلف)، أو صدمة نزيفية (بسبب اتساع تمدد الأوعية الدموية الناتجة عن اتساع التكدمات) أو سكتة قلبية من كثرة الأوجاع والمجهود ونقص أكسجنة عضلة القلب الناتج عن هبوط في ضغط الدم، إضافة إلى سوابق مرضية إن وجدت أو تناوله أدوية مخدرة أو منشطة،
وقد قام حضرة مفوض الحكومة بالإنابة بنسخ الصور التي التقطها للموقوفين السبعة ولجثة بشار السعود كما أنزل هذه الصور والفيديو الذي التقطه للجثة على قرص مدمج وأرفق كل ذلك بورقة الطلب،
وخلال وجوده في مركز أمن الدولة في تبنين ضبط حضرة مفوض الحكومة محضرًا خاليًا من الترويسة، لم يتم منحه رقمًا ولا تاريخًا ولا ساعة لفتحه، ولم يتم تدوين هوية منظمه وإنما فقط إسم الكاتب، موضوعه العمل على توقيف المدعو بشار عبد العبيد الملقب “أبو مهند” (أي بشار السعود)، وقد تضمن هذا المحضر في الصفحة الثانية منه تدوينًا لملاحظة مفادها أنه عند الساعة ٧،١٠ من تاريخ 2022/8/31 تعرّض بشار السعود لوعكة صحية نتيجة تعاطيه المخدرات بحسب إفادته، وأنه تمّ نقله على الفور إلى مستشفى تبنين الحكومي بواسطة سيارة للصليب الأحمر، وبمجرد وصوله إلى طوارئ المستشفى فارق الحياة، وأنه عند الساعة ٩،٥٠ تمت مخابرة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية وإعلامه بما تقدم فأشار بتكليف طبيب شرعي للكشف على الجثة، وتكليف الأدلة الجنائية في قوى الأمن الداخلي للكشف على الجثة وإجراء فحص مخدرات، كما تضمن في الصفحة الثالثة منه تدوين ملاحظة تفيد بحضور الطبيب الشرعي وفريق الأدلة الجنائية عند الساعة ١٦،٠٠، تلا ذلك الاستماع إلى عناصر دورية السوق التي أحضرت بشار السعود من بيروت إلى بنت جبيل، ثم الاستماع إلى إفادة كل من المدعى عليهم المعاون ع. خ. والمعاون ف. ف. والمعاون ي. ب. لكونهم العناصر الذي تواجدوا مع بشار السعود عند التحقيق معه و”إصابته بالوعكة الصحية”، بحسب التعبير المستخدم في المحضر، وقد ورد في هذه الإفادات بأن بشار السعود تهجّم على المعاون ب. فقام المذكور بضرب بشار، وأن بشار قام برفس المعاون ب. لدى قيام هذا الأخير مع كل من المعاون ف. والمعاون خ. بتثبيت بشار أرضًا بهدف نقل الأصفاد المكبّل بها إلى الخلف بأمر من النقيب إ.، عندها غضب المعاون ب. وانهال بالضرب على بشار، وأن بشار وعد بالتجاوب بعد تركه وعدم ضربه، فتمّ ذلك، وتمّت متابعة استجواب ب. لنحو عشر دقائق قبل أن يقع أرضًا ويخرج من فمه سائل أبيض، وأن النقيب إ. أمر برمي بشار بالماء ظنًا منه أنه يدعي الإغماء، لكن بشار لم يستيقظ، ولدى محاولة النقيب إ. إيقاظ بشار لم يستجب له، فتمّ نقله إلى المستشفى ليفارق الحياة بعدها، وأن بشار أدلى خلال التحقيق معه أنه يتعاطى الكبتاغون،
وأن حضرة مفوض الحكومة دوّن في خاتمة هذا المحضر ضبطه له عند الساعة ٩،٤٥ بتاريخ 2022/9/2،
وأنّه بناءً لأمر حضرة مفوض الحكومة تمّ تزويده بقرص مدمج يتضمن فيديو يظهر لحظة وصول بشار السعود إلى قسم التحقيق في تبنين التابع لمكتب بنت جبيل، وفيديو آخر يظهره عند التحقيق معه في فرع التحقيق الأمني، حيث كان يبدو بصحة جيدة،
وأن الطبيب الشرعي غالب صالح عاد وتقدم بتقرير نهائي بوفاة بشار السعود (موضوع محضر فصيلة تبنين عدد 302/992 تاريخ 2022/9/4) أثبت فيه وجود حقن وريدي في الأطراف العليا، وعدم وجود أي كسر في الأضلاع، وأنه بنتيجة إجراء الصورة الطبقية المحورية لكامل الجسد لم يتبين وجود أيّ تغييرات جدّية باستثناء بعض الاحتقان في الرئة وفي العين، وأضاف بأن طبيب وحدة طوارئ مستشفى تبنين الحكومي أفاده أنه عند الساعة ٧،٠٥ من صباح يوم 2022/8/31 تمّ إحضار بشار السعود وهو يعاني من توقّف قلبي رئوي وتوسّع في بؤبؤ العين وبرودة في الأطراف وتوقف النظم القلبية، وقد أجريت له الإسعافات اللازمة لكن من دون جدوى، وأن تقرير طبيب الأشعة في المستشفى أفاد عن عدم وجود كسور في الرقبة أو فك لها أو التوائها، وعدم وجود أي نزيف دموي في الرأس، الصدر أو البطن، وأنه تلقى من حضرة مفوض الحكومة فيديو يظهر فيه عملية تحريك للعنق بينما باقي أنحاء الجسد لا تزال متيبّسة، وأن سبب ذلك هو أن الصمل أو اليباس الجيفي يبدأ بالظهور في الوجه ثم الصدر ثم الأطراف ويبقى بعد تكوّنه لمدة ٢٤ إلى ٣٦ ساعة، ثم يبدأ بالزوال من الأعلى إلى الأسفل، وأن تحريك العضلات في أي قسم من الجسم يؤدي إلى زوال اليباس في تلك الناحية، وقد كرر الطبيب الشرعي تدوين المشاهدات التي وثقها في تقريره الأولي، وانتهى إلى أنه يستنتج من كل ما تقدم بأن الوفاة نجمت عن النهي العصبي المركزي نتيجة آلام شديدة ومعاناة أصابت المتوفي بعد تعرضه للعنف والضرب المبرح ما أدى في نهاية الأمر إلى توقف في عمل القلب والدورة الدموية،
وأنه تمّ التحقيق الأولي مع المدعى عليهم بموجب محضر قسم التحقيق/ مديرية التحقيق المركزي/ المديرية العامة لأمن الدولة رقم 601/43 تاريخ 2022/9/2 ، حيث أدلى المدعى عليه النقيب ح. خ. إ. بأن بشار السعود أحضر إلى مكتب بنت جبيل وهو بصحة جيدة، وأن بشار تصرف مع المعاون ب. بطريقة عدائية، وأن هذا الأخير انهال عليه بالضرب بواسطة شريط شاحن لهاتف خلوي وبالركل أيضًا، وأنه أمر المعاون ب. بالتوقف عن أفعاله تلك، وأنه تابع باستجواب بشار الذي أدلى بتعاطيه المخدرات وبانتمائه لداعش ولم يمض عشر دقائق حتى سقط بشار أرضًا، وهو أمر برمي المياه عليه ظنًا منه أنه يدعي الإغماء، وعندما لم يستفق تمّ نقله إلى المستشفى حيث فارق الحياة، وأنه لم يدوّن إفادة بشار في محضر عدلي أصولي، وأنه أمر العناصر بأخذ عينة بول من جثة بشار لإثبات تعاطيه المخدرات من دون أي إشارة قضائية بذلك، وأنه عادة ما يستخدم العناصر المعاملة بالشدة مع الموقوفين خاصة في الملفات الخطيرة، وأن ذلك يحصل بعلمه،
وأنّ المدعى عليه المعاون ي. ب. أدلى أنّه أقدم على ضرب بشار السعود بعد أن أخذ منه هذا الأخير عبوة مياه بالقوّة ما أدى إلى ارتطام الأصفاد بيده وجرحه، وأن بشار أقدم على ضرب نفسه بالأصفاد كونه كان مكبّلًا للأمام، وأن النقيب أمر بوضع الأصفاد له إلى الخلف، وأن بشار قام بركله بعد تثبيته وتكبيله من الخلف، وأنه قام بضرب بشار لمدة عشرة دقائق على كافة أنحاء جسده وعلى رأسه، وذلك على مرأى من النقيب إ. الذي لم يطلب منه التوقف عن ذلك، وبعدها تمت متابعة استجواب بشار لحوالي الخمس عشرة دقيقة حين بات كلامه غير واضح، وسقط أرضًا، وفارق الحياة في المستشفى، وأنه هو من قام مع الرقيب أوّل خ. ز. بضرب الموقوفين الذين شاهدهم مفوض الحكومة في النظارة، وأن ذلك كان يتم بعلم النقيب إ. وبحضوره، وأنه أقدم على رمي الشريط الشاحن الذي استخدمه لضرب بشار كونه أصبح غير صالح للاستخدام وهو تمزّق بشكل جزئي، وأنه رمى هذا الشريط في سلة المهملات في المكتب واشترى شريطًا آخر مطابقاً في اللون والشكل والنوع لذلك المستعمل في ضرب بشار، وأن الشريط لم يكن عليه أي آثار،وقد تمّ ضبط الشريط الشاحن الجديد من المدعى عليه المعاون ب.،
وأن المدعى عليه المعاون ع. خ. أدلى أنه هو من استلم بشار السعود عند وصوله إلى مكتب بنت جبيل وكان معه المعاون ف.، وأن بشار كان بصحة جيدة، وأنه كان موجودًا لدى التحقيق مع بشار من قبل النقيب إ.، وكان معه كل من المعاون ف. والمعاون ب.، وأن المعاون ب. قام بضرب بشار بعد أن أخذ منه هذا الأخير الماء بطريقة عنفية، وأن النقيب أمره بالتوقف عن ذلك، وتابع باستجواب بشار الذي قام حينها بضرب نفسه بالأصفاد كونه كان مكبلًا للأمام، وأن النقيب أمر عندها بوضع الأصفاد للخلف، فقام هو والمعاون ب. والمعاون ف. بتثبيت بشار أرضًا وتكبيله من الخلف، وأن بشار قام عندها بركل المعاون ب. الذي استشاط غضبًا وانهال بالضرب على بشار بواسطة الشريط الشاحن كما كان المعاون ب. يقوم بركل بشار بقوة على رأسه وجسمه لحوالي عشر دقائق، بعدها طلب منهم النقيب إ. مساعدة بشار للوقوف، ففعلوا، وأنه بعد حوالي العشر دقائق بات بشار يتلفظ بكلام غير مفهوم ثم سقط أرضًا، وأنه هو من رافق سيارة الصليب الأحمر التي نقلت بشار السعود إلى مستشفى تبنين، مع المعاون ف.، ولدى عودتهما إلى المكتب طلب منهما النقيب إ. الرجوع إلى المستشفى وأخذ عينة بول من الجثة، ففعلا، وأنهما أخذا العينة إلى مختبرات الكيال في بنت جبيل، وقد أفادهم المختبر بأن النتيجة سلبية، وأن المعاون ب. هو الوحيد الذي تعرض بالضرب لبشار السعود وهو لم يستخدم أداة حادة، وأن أخذ عينة البول من جثة بشار كان بأمر من النقيب إ. وليس بإشارة قضائية، وأنه لم يشاهد النقيب إ. يتعرض بالضرب لأي موقوف لكنه كان يشاهد المعاون ب. والرقيب أول خ. ز. يقومون بمعاملة الموقوفين بالشدّة أو بصفعهم،
وأدلى المعاون ف. ف. أنه كان مع المعاون خ. عند وصول بشار السعود إلى مكتب بنت جبيل وكان بصحة جيدة، وأنهما قاما بإدخال بشار السعود إلى غرفة التحقيق حيث قام النقيب ح. إ. بالاستماع إلى إفادة بشار شفهيًا، وأن المعاون ب. أقدم على ضرب بشار السعود بواسطة شاحن الهاتف بعد أن سحب هذا الأخير عبوة المياه من يد المعاون بري بشكل عنفي، وأن بشار ضرب نفسه بالأصفاد على جبينه، فأمر النقيب إ. بوضع الأصفاد له من الخلف، وأنه قام مع كل من المعاون ب. والمعاون خ. بتثبيت بشار أرضًا ووضع الأصفاد له من الخلف، وأن بشار قام حينها بركل المعاون ب.، الذي استشاط غضبًا وانهال بالضرب على بشار لحوالي العشر دقائق، وبعد أن توقف المعاون ب. عن ضرب بشار، أمر النقيب إ. بمساعدته على الوقوف، وبعد حوالي عشرة دقائق بات كلام بشار غير مفهوم وسقط أرضًا وخرج سائل أبيض من فمه، وأن النقيب إ. أمرهم برمي بشار بالمياه ظنًا منه أنه يدعي الإغماء، وعندما لم يستفق تمّ الإتصال بالصليب الأحمر الذي عمل على نقله إلى مشتشفى تبنين حيث ما لبث أن فارق الحياة، وأنه كان مع المعاون خ. بمرافقة سيارة الصليب الأحمر، ولدى عودتهما إلى المكتب أمرهما النقيب ح. إ. بالعودة إلى المستشفى وأخذ عينة بول من الجثة، ففعلا، وتمّ أخذها إلى مختبرات الكيال وقد جاءت النتيجة سلبية، وأنه لا يعلم إن كان هناك إشارة قضائية لإجراء هذا الفحص، وأنه يعلم أن المعاون ب. والرقيب أول ز. يقومان بمعاملة الموقوفين بالشدة وذلك بعلم وحضور النقيب إ.،
وأن المدعى عليه الرقيب أول خ. ز. أدلى أن النقيب ح. إ. هو الوحيد الذي يجري التحقيق مع المشتبه بهم، أما هو فيتواجد أحيانًا داخل غرفة التحقيق، وأنه قام بضرب بعض الموقوفين خلال التحقيق معهم من قبل النقيب إ.، وذلك من خلال صفعهم لا أكثر، وأن هذه العملية تكررت أكثر من مرة خاصة في قضايا الإرهاب، وأن ضربه لأي موقوف كان يتم بحضور وبأمر من النقيب إ.، وأنه يعلم بأن المعاون ب. يقوم بضرب الموقوفين بواسطة شريط شاحن للهاتف الخلوي، وأنه نبّهه أكثر من مرة بوجوب التوقف عن ذلك لكن دون جدوى، وأن المعاون ب. كان يقوم بهذا الضرب بعلم النقيب إ. وبوجوده،
وتبين أن الفحص المخبري لعينة البول التي تمّ سحبها من جثة بشار السعود بناءً لطلب المدعى عليه المعاون ع. خ. والمعاون ف. ف. بأمر من المدعى عليه النقيب ح. إ.، وأودعت مختبرات الكيال قد أظهرت نتيجة سلبية على /١٢/ نوعًا من المخدرات من بينها الأمفيتامين وهي من مكوّنات الكبتاغون،
المتوفّى عصبي جدًّا
وأنه خلال التحقيق الاستنطاقي، ولدى استجواب المدعى عليهم،
أنكر المدعى عليه النقيب ح. خ. إ. ما أسند له، وأدلى بأنه تولى رئاسة مكتب بنت جبيل في شهر2021/10، وأن من صلاحيته إجراء التحقيق الأولي مع الموقوفين أو المستدعين، وأنه خلال قيامه بالتحقيق لم يقدم على ضرب أي مشتبه به أو تعذيبه، وأن المكتب استلم بشار السعود عند الساعة ٤،٤٠ وهو تحدّث مع الضابط آمر دورية السوق وتعرّف إليه، وأنه عند الساعة ٤،٥٠ أدخل بشار إلى غرفة التحقيق، وكان هو اطلع سريعًا على التحقيق الذي أجري مع بشار في قسم الاستعلام والعمليات الخاصة، وأنه ارتاح لوجود اعترافات له، ما يعني أن التحقيق مع بشار سيكون أسهل، وهو كان مضطرًا لاستجواب بشار على الفور حتى لا يتم إيداعه في النظارة قبل استجوابه حيث يوجد موقوفان ملاحقان في القضية عينها ما قد يسمح لهم بالتنسيق في ما بينهم وتغيير أقوالهم، وأنه كان في مكتبه وعلى يمينه يجلس ي. ب. وعلى يساره كل من ع. خ. وف. ف.، وأنه بمجرد أن تمّ رفع العصبة عن عينيّ بشار بدأ ينظر إليهم بعيون مفتوحة بشكل واسع، فبادره بالقول: “أهلا بأبو مهند صرلنا زمان منفتش عليك”، فلم يرد عليه بشار، ثم سأله عن إسمه فردّ بأنه بشار السعود، في حين أن التعميم الموجود لديه يفيد بأن المشتبه به يدعى بشار عبد العبيد، عندها طلب من عباس أن يتأكد من صحة هوية الموقوف، وأن عباس سأل علي العيش وهو الموقوف الآخر مع بشار في الملف عينه، وأكد علي أن بشار يدعى بشار عبد العبيد السعود أي أن العبيد هو إسم جدّ بشار، وعلى هذا الأساس باشر هو التحقيق، وأن هذا التحقيق لم يضبط في محضر تحقيق عدلي منظم أصولًا، بل هو كان تحقيق شفهي أو كما يسمونه “استنطاقيًا” للتأكد من أقواله التي أدلى بها سابقًا،
ولدى سؤاله عن الحلّ في ما لو غيّر بشار إفادته الشفهية التي أدلى بها أمامه عندما يباشر معه تحقيقًا عدليًا بموجب محضر مفتوح بناءً لإشارة القضاء، فهل سيتحمل أن يدلي أو يوقع بشار على أقوال تخالف ما سمعه منه؟ أجاب، بأن تسليمهم بشار عند الساعة الخامسة فجرًا هو ما فرض عليه هذا الأمر، فهو لا يمكنه أن يضع بشار في النظارة ويسمح له بالاختلاط بباقي الموقوفين، ومن جهة أخرى لا يمكن أن يترك بشار خارج النظارة في ضوء الجرم المشتبه به وفي ضوء الإفادة الأولية التي أعطاها والمدوّنة في موجز المعلومات،
ولدى عرضنا لمحضر التحقيق الأولي الذي يخلو من الترويسة ومن التاريخ والوقت، كان مفوض الحكومة بالإنابة قد ضبطه لدى وصوله إلى مكتب بنت جبيل، وسؤاله عن وقت تنظيم هذا المحضر، أجاب بأن هذا المحضر نظّم بعد وفاة بشار،
ولدى سؤاله بأن هذا المحضر يوثّق إجراءات اتخذت في 2022/8/24 ثمّ في 2022/8/30 ، ورغم ذلك فهو يخلو من التاريخ والوقت، أيّ أنّه بوشر بتنظيم هذا المحضر قبل وفاة بشار، أجاب بأنه كان عمّم إسم “أبو مهند” وما توافر لديه من معلومات عن مكان وجوده بإشارة من مفوض الحكومة، وهو كان على مدى ثلاثة أو أربعة أيام يتلقى صورًا لأشخاص يعرضها على الموقوفين في الملف عينه فلا يتعرّفون إليها،
ولدى سؤاله عن أن الصفحة ٢ من هذا المحضر وثّقت أنه عند الساعة ٧،١٠ توفي بشار نتيجة وعكة صحية ناتجة عن تعاطيه المخدّرات، فعلى أي أساس تمّ هذا التدوين؟ أجاب بأن بشار أدلى بنفسه لدى الاستماع له بأنه يتعاطى الكبتاغون، وأنه بعد وفاة بشار ونقله إلى المستشفى طلب من أحد العناصر أخذ عينة بول من الجثة من دون أي إشارة بذلك من القضاء، وأنه بعد وفاة بشار بقي في مكتبه، وأن مفوض الحكومة بالإنابة حضر يوم الجمعة وكان هو في المديرية العامة لأمن الدولة يدلي بإفادته،
ولدى سؤاله بأن عينة البول التي أخذت من الجثة بناءً لأمره أودعت في مختبرات الكيال، وقد جاءت النتيجة سلبية على /١٢/ نوع من المخدرات، أجاب أن هذا المختبر لا يملك خاصية التعرف إلى الكبتاغون،
ولدى مواجهته بأن الكبتاغون يتكوّن من مادة الأمفيتامين وقد أظهر الفحص نتيجة سلبية على هذه المادة، أجاب بأنه لا يعرف مكوّنات الكبتاغون،
ولدى تلاوة مضمون تقرير الطبيب الشرعي صالح عليه، والذي أظهر بأن بشار تعرض لضرب مبرح باستعمال سوط أو سلك كهربائي ما أدى في نهاية الأمر إلى توقف عمل القلب والدورة الدموية، أجاب بأن بشار كان عصبياً جدًا وهو أقدم على معاملة أحد العناصر بالشدة مرتين، كما كان يؤذي نفسه مستخدمًا الأصفاد كونه كان مكبّلًا إلى الأمام، وأضاف بأن أعمال الشدة التي أقدم عليها بشار والتي استوجبت منهم ردّ فعل يفترض أن يكون مناسبًا من دون أي تعسف، ثم ضرب بشار لنفسه يمكن أن ينتج الآثار البادية على الجثة والتي يتم عرضها عليه،
أومأ بعينيه
ولدى عرض الصور التي التقطها مفوض الحكومة بنفسه بعد أن دخل إلى النظارة وشاهد مجموعة من الموقوفين تبدو على أجسادهم علامات الجلد، ولدى تلاوة تقرير الطبيب الشرعي ديب الذي بيّن أن المذكورين تعرضوا للتعذيب، أدلى النقيب إ. بأنه لم يقدم يومًا على ضرب أي شخص موقوف أو مستدعى، وهو يؤكد على قوله هذا، وأنه لم يقدم يومًا على ضرب أي مشتبه به ولم يوجّه أي أوامر مماثلة، رغم أن التحقيق الأولي الذي أجراه حضرة مفوض الحكومة أظهر أن النقيب إ. يقوم بنفسه أحيانًا بضرب المستجوبين أو يعطي أوامر لعناصره للقيام بذلك، أو أنه يشاهد العناصر يعذّبون المشتبه بهم فلا يوجّه لهم أية أوامر رادعة، وأن هذا بالتحديد ما حصل مع بشار السعود حيث ترك النقيب إ. العناصر يقومون بضرب المذكور،
وأضاف بأن ما حصل مع بشار هو أن هذا الأخير أقدم على جرح ي. ب. في زنده الأيمن مستخدمًا الأصفاد حين كان ي. يعطيه عبوة مياه، وأن ي. دافع عن نفسه وقام بضرب بشار بشريط شاحن لهاتف “سامسونغ”، وأنه كان يومئ بعينيه لـ ي. حتى يتوقف عن فعله، لكن هو لا يمكنه أن يصرخ بوجه ي. أمام الموقوف حتى لا يفقد التحقيق هيبته،
وأنّه مستعد لمواجهة أي شخص أعطى إفادة ضدّه، وأنّه يكرّر إفادته الأولية في حال تضمنت أي تفاصيل لم يذكرها اليوم، وأن ما قام به ي. كان مجرّد ردة فعل من رتيب تعرّض للإهانة ولم تكن مطلقًا بنية الإيذاء أو القتل، خاصة وأنه سبق لبشار وأن اعترف بما هو مسند له في قسم الاستعلام والعمليات،
ضربه لكنّه لم يتسبّب بوفاته
وأن المدعى عليه المعاون ي. أ. ب. أقرّ بضربه بشارالسعود، لكنه أنكر التسبب بوفاته، كما أقرّ بضرب باقي الموقوفين، وأدلى أن كل ذلك تمّ بأمر من النقيب ح. إ.، وأن ما تسبب بموت بشار هو تعرضه لسكتة قلبية كما جاء في تقرير الطبيب الشرعي،
ولدى تلاوة مضمون تقرير الطبيب الشرعي عليه والذي جاء فيه بأن توقُف قلب بشار عن العمل ناتج عن ألم شديد تعرض له بسبب ضرب مبرح، أجاب المدعى عليه ب. بأنه ضرب بشار بأمر من النقيب وبوجوده ومشاهدته، لكنه لم يتعرض لبشار بالضرب المبرح الذي يؤدي إلى الوفاة، وأنه لم يكن هو العنصر الذي ذهب إلى المستشفى وطلب عينة بول من جثة بشار، وأنه ضرب بشار بشريط شاحن لهاتفه الخلوي، وهو تقدّم بشريط مماثل خلال التحقيق الأولي تمّ ضبطه منه، وأنه قام برمي الشريط الذي استخدمه لضرب بشار لأنه بات غير صالح للاستخدام، ولم يقصد بذلك إخفاء معالم الجريمة، وأنه لم يكن يوجد على الشريط آثار دماء، وأنه هو من أقدم على ضرب الموقوفين السبعة الموجودين في النظارة الذين شاهدهم مفوّض الحكومة والتقط صورهم، وذلك بأمر من الضابط، وأن ما يظهر في هذه الصور هو نتيجة أفعاله، وأن الآثار التي أثبتها تقرير الطبيب الشرعي لناحية هؤلاء الموقوفين السبعة ناتجة عن استعماله للشريط الشاحن، وأنه يستخدم هذا الشريط دومًا لضرب الموقوفين، وأنه لم يستخدم أية أداة أخرى على الرغم من أن تقرير الطبيب الشرعي المتعلق ببشار السعود افترض إمكانية استخدام سوط، وأنه أقدم على ركل بشار على فخذه الأيمن من الجهة الخلفية،
وجوابًا على أسئلة وكيله، أدلى المدعى عليه ب. أنه لم يتم الكشف على بشار من قبل طبيب لدى استلامهم له، وأنه لم يتم نزع ملابس بشار عنه لدى التحقيق معه، وأنه لم يقدم على ضرب بشار على رأسه ولم يقدم على حرقه، وأن بشار قام بمهاجمته واستفزازه، وأضاف بأن كل ما أقدم عليه كان بأمر من الضابط،
رصد واستعلام
وأن المدعى عليه المعاون ع. م. خ. أنكر ما أسند له وأدلى أنه هو من قام باستلام بشار لدى وصوله إلى مركزهم، وأن بشار كان بصحة جيدة، ولم تبدُ عليه أية آثار ضرب، وأنه لدى وصول بشار تمّ إدخاله بداية إلى غرفة التسليم، وأن المعاون ف. ف. كان برفقته، وأن بشار كان معصوب العينين ومكبّلاً إلى الخلف، وأنه قام بنزع العصبة عن عينيّ بشار وفكّ أصفاده وسلّم كل ذلك إلى دورية السوق، ثم وضع عصبة على عينيّ بشار وكبّله بأصفاد تعود لمكتبهم، وأنه كبّل بشار إلى الأمام، وبعد ذلك قام هو وف. بإدخال بشار إلى غرفة التحقيق حيث يوجد النقيب، وأن النقيب هومن كان يحقق مع بشار، وأنه لا يعلم إن كان هذا التحقيق يتمّ بموجب محضر عدلي مفتوح أصولًا بناءً لإشارة القضاء، فهو لا يعلم بإجراءات التحقيق، وهو مكلّف بالرصد والاستعلام والتوقيف ضمن دوريات أمنية، وأنه بقي في الغرفة مع الضابط أثناء قيامه بالتحقيق، وكذلك بقي ف. وكان معهما ي. بالإضافة إلى الضابط، وأنه شاهد فقط ورقة أمام النقيب خلال التحقيق مع بشار، وأن بشار تعرّض للضرب خلال التحقيق معه، وهو شاهد حصول ذلك مرّتين، وأن ي. هو من أقدم على ضرب بشار، وأنه لم يساعد ي. في ضربه بشار، وأنه ساعد ي. لتثبيت بشار بأمر من النقيب وذلك بعد أن ثارت ثائرة بشار وطلب منهم النقيب تكبيل بشار إلى الخلف، فقام هو وي. وف. بتثبيت بشار أرضًا على ظهره، وقام هو بفك أصفاد بشار، ثم قلبوا بشار على بطنه، وقام هو بوضع الأصفاد لبشار من الخلف، وأن بشار توفي قبل الساعة السابعة صباحًا بقليل، وأنه في المرة الأولى التي ضرب فيها ي. بشاراً لم يكن الضرب مبرحًا، فـ (ي.) استعمل الشريط الشاحن لهاتفه لضرب بشار على ظهره ورجليه لكن ليس بعنف، أما في المرّة الثانية فالضرب كان عنيفًا إذ قام ي. بركل بشار مرات عدة على رأسه وأنحاء أخرى من جسده، وأن النقيب طلب من ي. التوقف عن ركل بشار على الرأس، وأن ي. كان يضرب بشار بعنف مستخدمًا الشريط الشاحن، وأن ي. لم يكن يرتدي الحذاء العسكري، فهم يعملون باللباس المدني، وأن ي. شخص عصبي بطبيعته، وفي المرة الثانية لضرب ي. لبشار، كان بشار قد ركل ي. على يده وحصل ذلك بعد أن قاموا تثبيت بشار في الأرض ووضع الأصفاد له من الخلف، وأنه لم يكن هو من تعرض بالضرب للموقوفين السبعة الذين التقط مفوض الحكومة صورهم، وأن أغلب مهماته تكون خارج المكتب، وهو يقوم أحيانًا بتأمين الطعام للموقوفين على نفقته الخاصة، كما يؤمّن لهم الأدوية والمنظفات من خلال جمعية تعمل زوجته لديها، وأن الشريط الشاحن المضبوط في الملف هو الشريط الذي استعمله ي.، وأنه هو من توجّه إلى المستشفى وأخذ عينة البول من جثة بشار، وأن ذلك لم يكن بأمر من القضاء بل بأمر من النقيب، فهو ليس مخوّلًا بمخابرة القضاء، وأنه هو من استلم فحص المخدرات وكان معه ف.، وهو فهم أن النتيجة جاءت سلبية،
وجوابًا على أسئلة وكيله أدلى المدعى عليه خ. بأن بشار كان يتكلم مباشرة قبل سقوطه ووفاته.وأضاف بأنه يؤكد بأنه لم يشارك في ضرب بشار وهو حصل على ترفيع أقدمية لمدة سنة من مديريته بسبب جهوده في العمل،
التثبيت وتسهيل الضرب
وأن المدعى عليه المعاون ف. ح. ف. أقرّ بوجوده داخل غرفة التحقيق وأنكر التسبب بوفاة الموقوف، وأدلى أنه كان موجودًا عند وصول بشار إلى مكتبهم، وكان ع. برفقته، وأن بشار كان بصحة جيدة، وأنهما لم يكشفا على بشار للتثبت من مدى وجود آثار ضرب عليه، لكنهما قاما بتفتيشه ولم يتنبها لوجود أية آثار، وأن بشار أودع في غرفة التحقيق عند النقيب، وأن النقيب هو من كان يتولى التحقيق مع بشار، وأنه لم يكن يوجد محضر عدلي توثق فيه إجراءات التحقيق، فهذا المحضر لم يكن قد فُتِح بعد، وأن بشار تعرّض للضرب خلال التحقيق، وأن ي. هو من أقدم على ذلك، وأن ي. استخدم شريطًا شاحنًا لهاتفه، كما أقدم ي. على ركل الموقوف وضربه بيديه، وأن الشريط المضبوط مشابه للشريط الذي استخدمه ي.، وأن ي. أقدم على ضرب بشار في مرة أولى بعد أن عمد بشار إلى ضرب ي. على زنده الأيمن مستخدمًا الأصفاد، وكان ي. حينها يعطي بشار المياه، وفي مرة ثانية طلب النقيب نقل الأصفاد إلى الخلف لأن الموقوف كان يتململ، فقام هو وع. وي. بتثبيت بشار ونقل أصفاده إلى الخلف، وعندما وقفوا عنه تمكّن بشار من ركل ي.، فثارت ثائرة هذا الأخير، وأن الضرب في المرة الأولى كان مقبولاً، فـ(ي) دفع الموقوف عنه وضربه بالشريط الشاحن، وفي المرة الثانية بدأ ي. بركل الموقوف وكان الشريط الشاحن على الكنبة، بعدها صرخ به الضابط للتوقف عن ركل بشار على رأسه فتوقف، وانهال عليه بالضرب بالشريط الشاحن، وأن الضرب في هذه المرة كان عنيفًا ثم خفّت وتيرته بعد أن أمر الضابط ي. بالتوقف عن ضرب الموقوف على رأسه، وأن النقيب لم يوجّه أمرًا لـ ي. لضرب الموقوف، وأن الضرب الذي تعرض له بشار من قبل ي. في المرة الثانية يمكن وصفه برأيه بالضرب العنيف وفق ما جاء في تقرير الطبيب الشرعي، وأن هذا الضرب العنيف دام بين خمس إلى عشر دقائق وكان خلالها ي. يقوم بضرب بشار بالشريط الشاحن وركله، وكان ي. بحالة هياج وغضب شديدين لكنه لم يستخدم أي شيء حارق، وأنه لم يكن هو من تعرّض للموقفين السبعة بالضرب، وأنه يقول بعد مشاهدته لصور جثة بشار بأن الأثر البادي على جبين بشار ناتج عن ضرب نفسه بالأصفاد حين كانت لا تزال للأمام، وأن بشار أقدم على ضرب نفسه على الجبين بعد أن تعرّض للضرب في المرّة الأولى، وكان حينها النقيب يعلمه بأنه ستتم مواجهته مع علي عماش السعود وهو قريب بشار، وأنه بعد تلاوة مضمون تقرير الطبيب الشرعي المتعلق بالموقوفين السبعة، يقول بأنه لم يشارك في ضرب هؤلاء لكنه سمع بأنهم تعرضوا للضرب، وهو سمع بأن ي. هو من قام بضربهم لكنه لم يكن موجودًا عند حصول ذلك ولم يشاهد ي. يقوم بضرب الموقوفين، وأنه لا يعرف إن كان ي. مكلّفاً بضرب الموقوفين، لكن ي. يتواجد دومًا مع النقيب في غرفة التحقيق، أما هو فعنصر دورية، وأنه رافق ع. لأخذ عينة بول من الجثة، وأنه فهم من النقيب بأن الغاية من الفحص هي التثبت من تعاطي بشار للمخدرات، وأنه قام مع ع. بتسديد تكلفة الفحص وقد بلغت /٢٥٠/ ألف ليرة لبنانية وقد أمرهما النقيب بدفع التكلفة على الفور، وأنه فهم من المختبر بأن النتيجة أظهرت عدم تعاطي بشار لأي نوع من أنواع المخدرات بما فيها الكبتاغون،
وجوابًا على أسئلة وكيله، أدلى المدعى عليه ف. بأنه لم يشارك يومًا في ضرب أي موقوف، وأن ليس لديه أي سلطة لمنع أي عنصر من ضرب أي موقوف في حال شاهده يفعل ذلك، طالما النقيب موجود،
وأضاف بأن خ. لم يقدم في أي مرة على ضرب أي موقوف بشكل يتسبب له بإيذاء، وأنه شاهد خ. مرة واحدة يقوم بضرب موقوف على وجهه بالكف وذلك بأمر من النقيب،
مشاهدة ضارب ومضروب
وأن المدعى عليه الرقيب أول خ. ص. ز. أقرّ بضربه أحد الموقوفين كفًا على وجهه بأمر من النقيب، وهو أنكر إقدامه على تعذيب أي موقوف، وأنه لم يكن هو من تسبب بإيذاء الموقوفين السبعة الذين شاهدهم حضرة مفوض الحكومة، وأنه لا يذكر إسم الموقوف الذي ضربه على وجهه، وأن ذلك حصل خلال شهر آب ٢٠٢٢ لكن قبل ٢٨ آب، وأنه أقدم على ضرب موقوفين آخرين بالكفّ على وجههم وليس بأكثر من ذلك، وأنه فعل ذلك بأمر من النقيب، وأنه كان يكتفي بكفّ واحد، وذلك لأن ضربته قوية، وهو لم يكن يستخدم قوته إلّا إذا كان الشخص موقوفاً بجرائم كبرى كالإرهاب أو المخدرات، أما في الجرائم الأخرى فتكون الضربة خفيفة، وأنه لا يذكر أسماء الأشخاص الذين أقدم على ضربهم، وهو حاليًا لا يتذكر سوى هذا الموقوف في شهر آب، وأنه دخل مرة إلى غرفة التحقيق وشاهد ي. يضرب موقوفًا بشريط يشبه شاحن الهاتف الخلوي، وعندما التقى بـ (ي) خارجًا طلب منه التوقّف عن هذا الفعل، فأجابه ي. بأنه يفعل ذلك بأمر من النقيب،
وجوابًا على أسئلة وكيله، أدلى بأنه مضى عشر سنوات على التحاقه بالخدمة لدى أمن الدولة، ولا يوجد بحقه أي ملاحقة بجرم تعذيب، وأنه لم يخضع لأي دورة تحقيق،
وأضاف بأنه لم يقدم على أذية أي موقوف طيلة فترة خدمته في مركز بنت جبيل، بل هو كان يساعد الموقوفين قدر المستطاع،
الطبيب الشرعي
وأنه بتاريخ 2022/10/19 تمّ الاستماع إلى الطبيب الشرعي غالب حسن صالح، فأدلى أنه لم يتمكن من معاينة الأداة التي استخدمت في ضرب بشار السعود،
وقد قمنا بعرض الشريط الشاحن الذي تمّ ضبطه من المدعى عليه المعاون ي. ب.، على الطبيب الشرعي وسؤاله إن كان يعتقد أن مثل هذا الشريط هو الذي تمّ استخدامه في ضرب بشار، فأجاب بأنه كطبيب شرعي وفي ضوء ما يعاينه من جروح وكدمات وندبات وغيرها من مشاهدات خارجية يقدّر بأن ما تمّ استخدامه هو أداة نوع كذا، لكن لا يمكنه أن يجزم، ولذلك فهو أورد في تقريره بأن ما استخدم في ضرب بشار هو سوط أو حزام جلدي أو سلك كهربائي، وأنه بعد معاينته للسلك المضبوط يقول إنه من الممكن أن يكون ما يماثله قد استخدم في ضرب بشار، لكن لا بدّ من وجود أداة أعرض استخدمت في الضرب أيضًا وذلك بسبب وجود جروح عريضة، وأضاف أنه في حال تمّ ثني هذا السلك فإنه قد يحدث أثرًا عريضًا إذ إنّ كلّ حافة ستحدث تورّمًا ويحتقن الدم بينهما، لكن هو شاهد أيضًا آثار “بكلة” الحزام الجلدي، ويبقى أنه لا يمكنه أن يجزم بذلك لأن بشار تعرّض لضربات متتالية وهذا من شأنه أن يفقد الآثار الواضحة بسبب تراكم الأثر فوق الآخر،
ولدى سؤاله عمّا إذا كان الضرب بمثل السلك المضبوط من شأنه أن يحدث ألمًا شديدًا، أجاب: حتمًا، وأن هذا السلك يحدث ألمًا أشدّ من الحزام خاصة إذا استعمل على النحو الذي حصل مع بشار أي الضرب على كل نواحي الجسد من الأمام والخلف والجانبين، في حين أنه لو تركّز الضرب في مكان واحد كان يمكن التحدث عن مدى قدرة الجسم على تحمل هذا المستوى من الألم، أما وأن الضرب قد طال الجسد بكامله فإن الألم يصبح شديدًا لدرجة توصل إلى النهي العصبي المركزي أي توقف الجسد عن أداء مهامه الحيوية لعدم القدرة على التحمل والاستمرار،
ولدى سؤاله عن الآثار التي قد تترتب على ضرب إنسان بالكفّ على وجهه، إذا كان هذا الكف قويًا لدرجة أن ضربة واحدة منه تكفي لإحداث الألم (وذلك في ضوء إدلاء المدعى عليه الرقيب أول خ. ز. بأنه كان يكتفي بضرب الموقوف كفًا واحدًا، وأن ضربته قوية، وأنه كان يستخدم قوته إذا كان الشخص موقوفاَ بجرائم كبرى كالإرهاب والمخدّرات أما في جرائم ثانية فتكون ضربته خفيفة)، أجاب الطبيب الشرعي بأنّ الضرب بالكفّ قد يكون خطيرًا خاصة إذا كان الضارب يتمتّع ببنية قوية، فيكون من شأن الضرب بكفه أن يحدث دوخةً لدى المضروب ويسقط أرضًا، وقد يحدث له نزيفاً دماغياً، وأنه يجب أن نأخذ في عين الاعتبار سنّ المضروب وصحّته وبنيته الجسدية وأيضًا وضعية وجهه عند تلقيه لضربة الكف، فإذا كان وجه المضروب يقابل وجه الضارب مئة في المئة وكانت كف الضارب كبيرة فإن الكفّ ستأتي على كامل نصف الوجه من أعلى الجبين حتى الذقن وتحدث أضرارًا أكبر، لكن من المفترض ألّا يتواجد الضارب والمضروب بوضعية مقابلة تمامًا في أغلب الأحيان، وإذا كان الضرب يحصل من عنصر أمني فإنه يرجّح بأن العنصر سيدخل على الموقوف فجأة ويضربه أيًا تكن وضعية هذا الأخير،
وأضاف بأنه بعد معاينته لجثة بشار وتوثيقه لما تعرض المذكور من تعذيب شديد، يسمح لنفسه وكرأي شخصي بأن يقول بأنه لا يجوز لمثل هؤلاء العناصر المعتدين أن يمثلوه كمواطن،
أقوال بقيّة الموقوفين المعذّبين
وأنه بتاريخ 2022/10/26 تمّ الاستماع إلى إفادة الموقوفين في نظارة مكتب أمن الدولة في تبنين، والذين كان قد شاهدهم مفوّض الحكومة بالإنابة ووثق ما تعرضوا له من تعذيب، كما تمت معاينتهم من قبل الطبيب الشرعي علي ديب، المجني عليهم مازن محمود مصلح، وخليل إبراهيم السليم، ورشاد محمود الصبخ، ومالك أحمد شحادة، وإسماعيل حمزة الشيخ، وعلي عماش السعود، ويوسف محسن السليم، كشهود على سبيل المعلومات،
فأدلى مازن محمود مصلح بأنه موقوف في مركز أمن الدولة في تبنين، وهو أوقف بجرم ترويج عملة مزورة وأخذ من منزله في عيتا الشعب، وأن من تولّى التحقيق معه هو النقيب ومعه عناصر آخرون، بمعنى أن النقيب كان يوجه الأسئلة وفي حال أعطى جوابًا لم يعجب النقيب، كان هذا الأخير يطلب بإشارة منه إلى أحد العناصر أخذه إلى غرفة أخرى وضربه وتلقينه الإفادة حتى يعود ويدلي بها أمام النقيب، وأنّه كان يتمّ ضربه بالركل واللكم والكفوف، وعندما طلب الماء تمّ إعطاؤه ماءً فيه مسحوق تنظيف، كما تمّ جلده بواسطة سلك كهربائي عرض ٥ ملم، وصعقه بآلة كهربائية، وأنّ أحد العناصر قام بحمله على كتفه وضرب رأسه بالباب، وهو بقي نائمًا لمدة يومين من شدة تعرضه للتعذيب، وأن ملفه موجود اليوم عند قاضي التحقيق في النبطية، وأنه يعرف أشكال العناصر لكنه لا يريد التعرف إليهم لأنه يخشى على أهله من التعرّض لأية أذية، وأنه تمّ تصويره خلال التحقيق الأولي المنظور لكنه لا يظهر في نسخ الصور المرفقة بورقة الطلب،
الضرب بقطعة حديد
وأدلى خليل إبراهيم السليم بأنه موقوف في مركز أمن الدولة في تبنين، وهو كان أوقف مع إبن خاله إسماعيل حمزة الشيخ، وإبن عمه يوسف محسن السليم بجرم ترويج عملة مزورة، وأن من قام بالتحقيق الأولي معه في مركز أمن الدولة في تبنين هو النقيب، وأنه تعرض للضرب خلال التحقيق الأولي معه، ولم يكن النقيب هومن يقوم بضربه لكنه كان يأمر العناصر للقيام بذلك، وأنه تعرض للضرب بالكفوف والركل وتمّ جلده بسلك كهربائي وبقطعة حديد، وأن أكثر من عنصر قاموا بضربه، وهو بحكم وجوده في مركز تبنين منذ شهرين فإنه بات يتعرف على العناصر من أصواتهم، ويعرف بأن هذا الصوت يعود للعنصر الذي ضربه، وأنه لا يريد مواجهة العناصر ولا يريد ذكر أسمائهم لأنه يخاف على حياته لا سيما أنه لا يزال موقوفًا في مركز تبنين، وأنه لا يعرف أين ينظر ملفه لأنه لم يمثل أمام أي قاض حتى اليوم، وأن مفوض الحكومة قام بتصويره خلال التحقيق الأولي وهو يظهر في الصورة رقم ٦، وأنه خلال التحقيق معه من قبل النقيب ح.إ. كان إذا أجاب بكلمة “إيه” كان النقيب يطلب من العناصر جلده حتى لا يكرّر ذلك وليتلفظ بكلمة “نعم”، وأنه تعرض للظلم كونه أدلى بإفادته تحت التعذيب،
الصعق بآلة كهربائية
وأدلى رشاد محمود الصبخ بأنه موقوف في مركز أمن الدولة في تبنين، وتمّ إلقاء القبض عليه في منطقة رميش، بجرم ترويج عملة مزوّرة، وأن من حقق معه في مركز تبنين هوالنقيب ح.إ.، وأنه تعرض للضرب خلال التحقيق معه، وذلك بوجود النقيب ح.، وأنه لا يعرف إسم العنصر الذي أقدم على ضربه، لكنه يعرف شكله، وأنه غير مستعد لمواجهة هذا العنصر لأنه يخشى على حياته ولأنه يخاف من هذا العنصر، وأنه تعرض للضرب بالكفوف والركل وتمّ جلده بسلك كهربائي وبحزام جلدي، وهو أُجبِر على شرب مسحوق غسيل مذوّب في الماء، ولم يتمكن بعدها من الأكل والشرب على مدى عشرة أيام، وكان ينزف عند التبوّل، وعندما راجع النقيب بالأمر طلب منه هذا الأخير التحمل، وأنه تعرض أيضًا للصعق بآلة كهربائية، وأنه بسبب كل هذا الضرب اعترف أيضًا بأنه إرهابي، وأنه تمّ التحقيق الاستنطاقي معه بجرم الإرهاب من قبلنا، فيما تمّ التحقيق الاستنطاقي معه بجرم ترويج عملة مزورة لدى قاضي التحقيق في النبطية، وأنه يظهر في الصورة رقم ١٤ المرفقة بورقة الطلب، وهو الشخص الموجود إلى يسار الصورة ويرتدي بنطلون جينز، وأنه تعرض للضرب لدى وصوله إلى مركز تبنين، وهو لا يريد ذكر إسم العنصر الذي قام بضربه ولا يريد التعرف إليه لأنه يخشى أن يتعرض له هذا العنصر بالأذية لا سيما أنه لا يزال موقوفًا في سجن تبنين،
“إيه” تكلّف مائة جلدة
وأدلى مالك أحمد شحادة بأنه موقوف في مركز أمن الدولة في تبنين، وقد تمّ إلقاء القبض عليه في منزله في عيتا الشعب، بجرم ترويج عملة مزوّرة، وأن النقيب ح.إ. هو من حقق معه، وأن النقيب لم يقدم على ضربه، وأن عنصرًا آخر قام بضربه وذلك بوجود النقيب ح.، وأنه تعرّض للجلد على ظهره ورجليه وقليلًا على صدره بواسطة سلك كهربائي عرض ٥ ملم، كما تعرض للركل والدعس، وأن السلك المضبوط ليس هو السلك المستخدم في جلده، بل هو تعرض للجلد بسلك كهربائي كالذي يتمّ استخدامه في المباني لكن بعرض مماثل أي ٥ ملم، وأنه لا يعرف إسم العنصر الذي أقدم على ضربه، وأنه لا يتذكر شكل هذا العنصر، وهو لا يريد تذكره ولا يريد مواجهته خوفًا من تعرضه لأية مشاكل بعد خروجه من السجن لا سيما بأنه لا يزال موقوفًا في مكتب أمن الدولة في تبنين، وأنه يعتقد بأن ملفه موجود لدى قاضي التحقيق في النبطية، وأنه يظهر في الصورة رقم ١٣ المرفقة بورقة الطلب، كما يظهر ظهره في الصورة رقم ١٧، وأنه تمّ توقيفه في منزله وأخذه مباشرة إلى مركز تبنين، وبمجرد وصوله تمّ إدخاله إلى غرفة النقيب ح. إ.، فأخذه وعرض عليه الموقوفين المجلودين، كما عرض عليه الموقوفين الذين لم يتعرضوا لأي ضرب، وأن النقيب خيّره بين الضرب أو الإعتراف من تلقاء نفسه، فأجاب بأنه لا يريد التعرّض لأيّ ضرب وبأنّه سيقول الحقيقة، وأن النقيب طلب منه عدم استخدام كلمة “إيه”، لكنه أخطأ واستخدم هذه الكلمة، فتعرّض للجلد بأكثر من مئة جلدة، وفي كل مرة كان يكرر الخطأ كان يتمّ جلده مجددًا، وهو يؤكد على عدم رغبته في تسمية العنصر الذي قام بجلده، كما لا يريد مواجهته لا سيما أن هذا العنصر وبمجرد إلقاء القبض عليه في منزله وسوقه إلى مركز تبنين، فتح اتصال فيديو مع شخص سوري يعرفه بإسم “مأمون” وهناك خلافات بينه وبين المذكور، وأن العنصر سمح لمأمون بمشاهدته فأكد بأنه مالك، وأن العنصر كان يلفظ إسمه باستهزاء تكرارًا ويقول لمأمون: “شفت هيدا مالك هيدا مالك”، وأنه بعد وضعه في النظارة أمر النقيب الموقوفين معه في القضية عينها بضربه، فقام كلّ منهم بضربه كفًا واحدًا،
ننصحك بالاعتراف
وأدلى إسماعيل حمزة الشيخ بأنه موقوف في مركز أمن الدولة في تبنين، وأنه تمّ إلقاء القبض عليه في تبنين، بجرم ترويج عملة مزورة، وأن من حققوا معه في هذا المركز هم أشخاص لا يعرفهم ولا يذكرهم، وأنه لم يكن معصوب العينين وقت التحقيق معه، وأنه من الممكن أن يتذكر أشكال هؤلاء الأشخاص إذا شاهدهم، وأنه لا يريد مواجهتهم لأنه لا يريد توريط نفسه في مزيد من المشاكل، وأنه تعرض للضرب، فهو بمجرد وصوله إلى مكتب تبنين تعرض للضرب وكان صديقه يوسف السليم يتعرض للضرب أيضًا، وبعد عشر دقائق تمّ إخراجه من النظارة للتحقيق معه، وأن المحقق سأله إن كان جاهزًا للاعتراف، وهو ردّ بالإيجاب، لكن المحقق لم يترك له مجالًا للكلام، فقام عنصر آخر بضربه بالكفوف وركله وجلده على ظهره ورجليه، ما أدى إلى إحداث جروح عميقة لا تزال آثارها بادية حتى اليوم، وأنه يظهر في الصورة رقم ١٢ المرفقة بورقة الطلب، وأن أكثر من عنصر كان يحقق معه بينهم النقيب ح.، وأن النقيب هومن نصحه بالإعتراف قبل أن يتم تكبيله، لكنه لم يتمكن من الإعتراف إذ تمّ ضربه فورًا، وأن ضربه حصل بحضور النقيب ح.إ.، وأنه لا يريد التورط بمزيد من المشاكل مع أمن الدولة،
يتقاذفونه ككرة
وأدلى علي عماش السعود بأنه تمّ التحقيق معه في مركز أمن الدولة في تبنين، وهو لم يعرف من هو المحقق لأنه كان مغمض العينين، وكان يسمع عدة أصوات فشعر كأن حوله خمس أو ست أشخاص، وأنه تعرض للضرب، فهو أوقف في محلة الرحاب وتمّ وضع كيس أسود في رأسه، وبمجرد أن تمّ إصعاده في سيارة تعرّض للضرب عبر ركله على صدره، وبمجرد وصوله إلى تبنين بات العناصر يتقاذفونه، بمعنى أنه يتم رميه باتجاه حائط ثم رميه باتجاه حائط آخر، وهو كان يصرخ قائلًا بأنه شارف على الموت، وكان يأتيه الرد بأنهم يريدون موته فعلًا، وبعدها شعر بأنه تمّ إصعاده إلى طابق علوي وتمّ إدخاله إلى غرفة حيث تعرض للضرب على صدره وكان مربوطًا بباب، وسمع أحدهم يقول “حمّو شوي”، وعندما طلب الماء سمع أحدهم يقول “عطوه ماي”، لكن حقيقة لم يتم إعطاؤه أية مياه بل تمت متابعة ضربه وتمّ تعليقه على باب حديدي، يداه مشدودتان إلى الوراء على مستوى عنقه وهو يقف على أطراف أصابع قدميه، وأن آثارالأصفاد لا تزال بادية على معصمه وهو يعرضها علينا، وأنه لم يتمكن من معرفة شكل أي من المحققين أو أسمائهم، وهو تعرض للإغماء لثلاث مرات، فكان يتم إدخاله إلى النظارة حيث يقوم الموقوفون بغسله، وبعد أن يستعيد وعيه تتم متابعة ضربه، وأنه يظهر في الصورة رقم ١٤ المرفقة بورقة الطلب، وهو من يبدو إلى يمين الصورة يرتدي بنطالًا لون أبيض، وأنه تعرض للضرب بواسطة سلك كهربائي على الفخذ والظهر، لكن ليس بكثرة، وأن أكثر ما تعرّض له هو الركل والتعليق، وأنه علم بأنه يتعرض للضرب بواسطة سلك كهربائي رغم أنه مغمض العينين، لأنه بعد وصوله بقليل تمّ ضربه بأداة ولم يكن مكبّل اليدين، لكنّ رأسه موضوع داخل كيس، ومن شدة الألم أمسك بهذه الأداة وشعر بأنها سلك كهربائي، وأنه أوقف في منطقة الرحاب من قبل دورية تابعة لمكتب بعبدا في أمن الدولة، وبعد أن تمّ استجلاء هويته، سمع العناصر يتصلون بمركز تبنين ويقولون بأن الموقوف هو علي السعود بينما المطلوب هو أسامة مخلف الدريج، فجاء الجواب بأخذه إلى مركز تبنين بكل الأحوال، وعندما كان يتم التحقيق معه، فهم بأنه يسأل عن ترويج دولارات مزورة، وهو أجاب بأنه يتعاطى المخدرات، فقال له المحقق بأنه لم يتكبّد كل هذا العناء ليعترف هو بهذا فقط، وبأنه ينتمي لداعش، وهو من شدة ما تعرض له من ضرب أقرّ بهذا الإنتماء، خاصة أن المحقق قال له بأنه سيريحه من الضرب بعد الإعتراف بأنه داعشي، وأن من حقق معه بجرم الإنتماء إلى داعش هو النقيب، وهو لا يعرف إسمه، وأن النقيب كان يقدم له الدخان ويقول له: “ما شفت كيف صرنا نعاملك منيح لما اعترفت”، وأنه شاهد النقيب لمرة أو مرتين، ولا يعرف إن كان يمكنه تذكر شكله، وأنه لم يتعرض للضرب خلال التحقيق معه من قبل النقيب، لأنه اعترف بكل ما يريدون سماعه، وأن التحقيق الاستنطاقي معه بجرم الإرهاب تمّ من قبلنا، وأنه غير مستعد لمواجهة النقيب خاصة وأنه لا يزال موقوفًا في مركز أمن الدولة في تبنين، وأضاف أن زجّ رسمه في قضية إرهاب ودفعه إلى الاعتراف بذلك تحت التعذيب دمّر حياته تمامًا لأن بات يخشى العودة إلى بلاده أو مقابلة أهله،
تعليقه على الباب
وأدلى يوسف محسن السليم بأنه موقوف في مركز أمن الدولة في تبنين، وأنه تمّ إلقاء القبض عليه في تبنين، بجرم ترويج عملة مزورة، وأن من تولى التحقيق الأولي معه كانوا ضابطًا وعناصر، وهو يعرف أسماءهم لكنه لا يريد ذكرها حتى لا تحصل معهم أي مشاكل إضافية، وأنه تعرض للضرب خلال التحقيق معه، فهو تعرض للركل واللكم والجلد بسلك كهربائي عرض ٥ ملم، وتمّ تعليقه على الباب عبر رفعه بيديه إلى الخلف فيما رجلاه مرتفعتان عن الأرض، رغم أنه قال للمحقق بأنه مستعد للاعتراف، وأن كل ذلك حصل بوجود الضابط، وأن الضابط هو من كان يعطي الأوامر للعناصر لضربه، وأنه يظهر في الصورة رقم ٧ المرفقة بورقة الطلب، وأنه غير مستعد لمواجهة العناصر، وأنه لا يعرف أين ينظر ملفه القضائي فهو حتى تاريخه لم يمثل أمام أي قاض، وأنه خلال التحقيق الأولي اعترف بأمور كثيرة لم يقدم عليها وذلك تحت الضرب والتعذيب،
نقل الموقوفين لحفظ حياتهم
وأنّه بتاريخ 2022/10/26 قرّرنا الطلب من جانب النيابة العامة العسكرية العمل على نقل السجناء الشهود من مركز أمن الدولة في تبنين إلى أي سجن آخر وذلك في ضوء ما ورد في إفاداتهم، أي رفضهم ذكر أسماء العناصر الذين تعرضوا لهم بالضرب والتعذيب وحتى التعرف عليهم بسبب خوفهم منهم، وقد أودعتنا النيابة العامة العسكرية نسخة عن كتابها الموجّه إلى المديرية العامة لأمن الدولة لتنفيذ هذا القرار، وقد تمّ التنفيذ بموجب محضر مكتب بنت جبيل عدد 601/65 تاريخ 2022/11/4،
وأنّه بتاريخ 2022/10/26، قرّرنا تكليف المديرية العامة لأمن الدولة، إيداعنا أرقام محاضر التحقيق الأولي التي تمّ بموجبها التحقيق مع كلّ من المجني عليهم (الشهود السجناء) وبيان مصير كل محضر (صدور إشارة بالتوقيف- إحالة المحضر إلى جهة أمنية أخرى- إحالته إلى أي نيابة عامة …)، وإيداعنا نسخة عن كل مذكرة عدلية صدرت بحق المذكورين نتيجة هذا التحقيق الأولي (توقيف وجاهي/ ترك)،
وأنه بتاريخ 2022/11/2 وردنا جواب المديرية العامة لأمن الدولة- مديرية النبطية الإقليمية عدد ٤٤٠/٥٠٥/٨١٣/٥٠٧ تاريخ 2022/10/30، وتبيّن التالي:
– مازن محمود مصلح: تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/47 تاريخ 2022/8/20 (تبعًا للمحضر الأساسي رقم 601/39 تاريخ 2022/8/17) وبموجب المحضر رقم 601/48 تاريخ 2022/8/20 (تبعًا للمحضر رقم 601/47 تاريخ 2022/8/20) تحت إشراف النيابة العامة المالية بجرم ترويج عملة مزيفة، وأحيل المحضر إلى مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال،
كما تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/50 تاريخ 2022/8/21 تحت إشراف النيابة العامة التمييزية بجرم دخول البلاد خلسة (تبعًا للمحضر رقم 601/47 تاريخ 2022/8/20)،
وأن مذكرة توقيف وجاهية صدرت بحق المذكور عن قاضي التحقيق في النبطية، الغرفة الثالثة، رقم النيابة 2022/3675 ، رقم عام 2022/372 ، بتاريخ 2022/9/29 ، بجرم ترويج عملة مزورة وتبييض أموال،
ـ خليل إبراهيم السليم: تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/54 تاريخ 2022/8/28 تحت إشراف النيابة العامة المالية بجرم ترويج عملة مزيفة، وأحيل المحضر إلى مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال،
كما تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/61 تاريخ 2022/9/2 (تبعًا للمحضر رقم 601/54 تاريخ 2022/8/28) تحت إشراف النيابة العامة التمييزية بجرم إقامة منتهية الصلاحية وأحيل المحضر إلى المديرية العامة للأمن العام،
ـ رشاد محمود الصبخ: تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/47 تاريخ 2022/8/20 (تبعًا للمحضر الأساسي رقم 601/39 تاريخ 2022/8/17) تحت إشراف النيابة العامة المالية بجرم ترويج عملة مزيفة، وأحيل المحضر إلى مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال،
كما تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/49 تاريخ 2022/8/21 (تبعًا للمحضر رقم 601/47 تاريخ 2022/8/20) تحت إشراف النيابة العامة التمييزية بجرم إقامة منتهية الصلاحية،
وتمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/52 تاريخ 2022/8/24 بجرم مخدرات تحت إشراف النيابة العامة الإستئنافية في النبطية (تبعًا للمحضر رقم 601/47 تاريخ 2088/8/20) وأحيل المحضر إلى مكتب مكافحة المخدرات الإقليمي في الجنوب،
وتمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/53 تاريخ 2022/8/24 تحت إشراف النيابة العامة العسكرية بجرم الانتماء إلى تنظيم داعش (تبعًا للمحضر رقم 601/52 تاريخ 2022/8/24)،
وأن مذكرة توقيف وجاهية صدرت بحق المذكور عن دائرتنا برقم ١١٨/١٣٦٢٩/٢٠٢٢ تاريخ 2022/9/20 بجرم الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح والمشاركة بأعمال عسكرية لصالحه،
كما صدرت بحقه مذكرة توقيف وجاهية عن قاضي التحقيق في النبطية، الغرفة الثالثة، رقم النيابة 2022/3675، رقم عام 2022/372 ، بتاريخ 2022/9/29، بجرم ترويج عملة مزورة وتبييض أموال،
وصدر بحقه قرار ترك عن قاضي التحقيق في النبطية بتاريخ 2022/9/15 بموضوع جرم المخدرات، رقم النيابة 2022/3203 تاريخ 2022/8/30، رقم التحقيق 2022/359،
ـ مالك أحمد الشحادة: تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/57 تاريخ 2022/8/29 (تبعًا للمحضر الأساسي رقم 601/39 تاريخ 2022/8/17) وبموجب المحضر رقم 601/58 تاريخ 2022/8/29 (تبعًا للمحضر رقم 601/57 تاريخ 2022/8/29) تحت إشراف النيابة العامة المالية، بجرم ترويج عملة مزيفة، وأحيل المحضر إلى مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال،
ـ إسماعيل حمزة محمد الشيخ: تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/54 تاريخ 2022/8/28 ، وبموجب المحضر رقم 601/55 تاريخ 2022/8/28(تبعًا للمحضر رقم 601/54 تاريخ 2022/8/28 ) تحت إشراف النيابة العامة المالية، بجرم ترويج عملة مزيفة،
كما تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/62 تاريخ 2022/9/2 (تبعًا للمحضر رقم 601/54 تاريخ 2022/8/28) تحت إشراف النيابة العامة التمييزية بجرم دخول البلاد خلسة وأحيل المحضر إلى المديرية العامة للأمن العام،
ـ علي عماش السعود: تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/51 تاريخ 2022/8/18 (تبعًا للمحضر الأساسي رقم 601/39 تاريخ 2022/8/17) تحت إشراف النيابة العامة المالية بجرم ترويج عملة مزيفة، وأحيل المحضر إلى مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال،
كما تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/52 تاريخ 2022/8/24 بجرم مخدرات تحت إشراف النيابة العامة الإستئنافية في النبطية (تبعًا للمحضر رقم 601/47 تاريخ 2022/8/20) وأحيل المحضر إلى مكتب مكافحة المخدرات الإقليمي في الجنوب،
وتمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/53 تاريخ 2022/8/24 تحت إشراف النيابة العامة العسكرية بجرم الانتماء إلى تنظيم داعش (تبعًا للمحضر رقم 601/52 تاريخ 2022/8/24)،
وأن مذكرة توقيف وجاهية صدرت بحق المذكور عن دائرتنا برقم ١١٨/١٣٦٢٩/٢٠٢٢ تاريخ 2022/9/20 بجرم الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح والمشاركة بأعمال عسكرية لصالحه،
كما صدرت بحقه مذكرة توقيف وجاهية عن قاضي التحقيق في النبطية، الغرفة الثالثة، رقم النيابة 2022/3675 ، رقم عام 2022/372 ، بتاريخ 2022/9/29 ، بجرم ترويج عملة مزورة وتبييض أموال،
ـ يوسف محسن السليم: تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/54 تاريخ 2022/8/28، وبموجب المحضر رقم 601/55 تاريخ 2022/8/28 (تبعًا للمحضر رقم 601/54 تاريخ 2022/8/28)، تحت إشراف النيابة العامة المالية بجرم ترويج عملة مزيفة، وأحيل المحضر إلى مكتب مكافحة الجرائم المالية وتبييض الأموال،
كما تمّ التحقيق الأولي معه بموجب المحضر رقم 601/60 تاريخ 2022/9/2 تحت إشراف النيابة العامة التمييزية بجرم دخول البلاد خلسة وأحيل المحضر إلى المديرية العامة للأمن العام،
وتبين أن ورثة المتوفى بشار السعود، تقدموا بواسطة وكيلهم المحامي محمد صبلوح، إلى جانب النائب العام لدى محكمة التمييز، باستدعاءين طالبوا فيهما باعتبار القضاء العدلي هو المختص لنظر التحقيق الراهن سندًا للمادة /١٥/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وقد أحال النائب العام لدى محكمة التمييز هذا الاستدعاء إلى النيابة العامة العسكرية، التي بدورها أحالته إلينا،
ثانياً: في الادلة:
تأيدت هذه الوقائع:
– بالادعاء والتحقيقات الأولية (المحضر المنظم من حضرة مفوض الحكومة بالإنابة وومحضر قسم التحقيق/ مديرية التحقيق المركزي/ المديرية العامة لأمن الدولة رقم 601/43 تاريخ 2022/9/2) والاستنطاقية،
– بأقوال المدعى عليهم،
– بإفادة الطبيب الشرعي غالب حسن صالح،
– بإفادات المجني عليهم: علي عماش السعد، ومالك أحمد شحادة، وإسماعيل محمد الشيخ، ورشاد محمود الصبخ، وخليل إبراهيم السليم، ومازن محمود مصلح، ويوسف محسن السليم،
– بالتقارير الطبية الشرعية،
– بالفحص المخبري على المخدرات،
– بشاحن الهاتف المضبوط،
– بالقرص المدمج،
– بالصور المرفقة بورقة الطلب،
– بصورة “إيصال بتسليم موقوف”،
– بصورة البرقية عدد /١٣٤٧/ تاريخ 2022/8/31 الساعة ٥،٠٧،
– بصورة البرقية رقم /١٣٤٨/ تاريخ 2022/8/31 الساعة ١٠،٤٥،
– بصورة البرقية رقم /١٣٤٩/ بتاريخ 2022/8/31 عند الساعة ١١،٢٥،
– بمجمل الأوراق،
ثالثاً: في القانون:
حيث أسند إلى المدعى عليهم النقيب ح. خ. إ.، والمعاون ي. أ. ب.، والمعاون ع. م. خ.، والمعاون ف. ح. ف.، والرقيب أول خ. ص. ز.، ارتكابهم لأفعال تقع تحت طائلة القانون 2017/65.
وحيث إنّ هذا القانون يعاقب على التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهو نصّ على تعديل المادتين /٤٠١/ و/١٨٥/ من قانون العقوبات والمادتين /١٠/ و/٢٤/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية،
وحيث إنّ هذا القانون لم يحدّد القضاء المختص لنظر الجريمة موضوعه، ما يوجب العودة إلى النصوص المتعلّقة بتحديد الاختصاص في الملاحقات الجزائية،
وحيث إنّ القانون 2017/65 عرّف في المادة الأولى منه المقصود بجريمة التعذيب فنصّت على التالي: “يقصد بالتعذيب في هذا القانون أي عمل يقوم به أو يحرّض عليه أو يوافق عليه صراحة أو ضمنًا موظف رسمي أو أي شخص يتصرّف بصفته الرسمية أثناء الاستقصاء والتحقيق الأولي والتحقيق القضائي والمحاكمات وتنفيذ العقوبات، ينتج عنه ألم شديد أو عذاب شديد، جسديًا كان أم عقليًا يلحق قصدًا بشخص ما، لا سيما:
– للحصول منه أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف.
– معاقبة أي شخص على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث.
– لتخويف أي شخص أو إرغامه -هو أو أي شخص ثالث- على القيام أو الامتناع عن القيام بعمل ما.
– لتعريض أيّ شخص لمثل هذا الألم الشديد أو العذاب الشديد لأي سبب يقوم على التمييز أيًا كان نوعه.
لا يشمل التعريف أعلاه الألم الشديد أو العذاب الشديد الناشئ عن العقوبات المنصوص عنها قانونًا أو المتلازم معها أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.”
وحيث يفهم من هذا التعريف، بأنّ جريمة التعذيب موضوع هذا القانون هي تلك التي تقترف خلال الاستقصاءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية، أو خلال التحقيقات الأولية التي تقوم بها الضابطة العدلية، أو خلال التحقيقات القضائية أي التحقيق الابتدائي أو الاستنطاقي الذي يقوم به قاضي التحقيق، أو خلال سير المحاكمات العلنية، أو عند تنفيذ العقوبات التي تحصل داخل السجون،
وحيث إنّ الأجهزة الأمنية المولجة بالاستقصاءات أو التقصي حول الجرائم تشمل مخابرات الجيش، الشرطة العسكرية، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، وأمن الدولة، وإنّ كل هذ الأجهزة تتمتع بصفة الضابطة العدلية، وذلك سندًا للمادة /٣٨/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية والمادة /١٩/ من قانون القضاء العسكري رقم 68/24،
وحيث إنه سندًا للمادة /٢٧/ من قانون القضاء العسكري يخضع العسكريون (أي عناصر الجيش) في جميع الجرائم التي يرتكبونها لصلاحية القضاء العسكري، فيما يخضع عناصر قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة لصلاحية القضاء العسكري متى ارتكبوا جرائم تتعلق بوظيفتهم،
وحيث إنّ أهم وظيفة يقوم بها هؤلاء العناصر هي وظيفتهم كضابطة عدلية،
وحيث تنص المادة /١٥/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنه: “للنائب العام لدى محكمة التمييز أن يراقب موظفي الضابطة العدلية في نطاق الأعمال التي يقومون بها بوصفهم مساعدين للنيابة العامة. له أن يوجه إلى رؤسائهم ما يراه من ملاحظات في شأن أعمالهم الموصوفة آنفًا، وأن يطلب من النائب العام الإستئنافي أو النائب العام المالي أو مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية أن يدعي بحق من يرتكب جرمًا جزائيًا منهم في أثناء قيامه بوظيفته أو في معرض قيامه بها دون أن يطلب إذنًا بملاحقته. ويكون القضاء العدلي هو الصالح للنظر في هذا الجرم رغم كل نص مخالف.”
وحيث تنص المادة /٤١/ من المرسوم رقم /١٤٦٠/ تاريخ 1971/7/8 على أنه: “يخضع رجال قوى الأمن الداخلي والأمن العام لسلطة ومراقبة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية عندما يقومون بمهمات من إختصاص القضاء العسكري ويحاكمون أمام المحكمة العسكرية في حال ارتكابهم جرائم لها صلة بهذه المهمات.”، كما تنص المادة /٥/ من المرسوم الإشتراعي رقم /١١٠/ تاريخ 1977/6/30 على أنه: “يخرج عن صلاحية القضاء العسكري ويعود للقضاء العادي أمر النظر في: … ٢ـ الجرائم التي يرتكبها رجال قوى الأمن الداخلي والأمن العام والمديرية العامة لأمن الدولة أثناء التحقيقات العدلية العادية التي يقومون بها والتي لها علاقة بهذه التحقيقات أو المرتكبة منهم بسببها أو بموجبها.”،
وحيث إنّ نصّ المادة /١٥/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية هو نص عام، تقابله نصوص خاصة هي نص المادة /٢٧/ من قانون القضاء العسكري والمادة /٤١/ من المرسوم رقم 1971/1460 والمادة /٥/ من المرسوم الإشتراعي رقم 1977/110،
وحيث إنّ النص الخاص يتقدّم في التطبيق على النصّ العام،
وحيث إنّ المادة /١٥/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية تحمل في طياتها تناقضًا يحول دون اعتبارها واجبة التطبيق على جريمة التعذيب تحديدًا، فهي إذ تعطي الصلاحية لملاحقة الجرائم التي ترتكب من عناصر الضابطة العدلية حين قيامهم بوظيفتهم كمساعدين للنيابة العامة، للقضاء العدلي، تنص في الوقت عينه على أن للنائب العام لدى محكمة التمييز أن يطلب من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الادعاء بحق من يرتكب منهم جرمًا جزائيًا خلال قيامه بوظيفته أو في معرض قيامه بها،
وحيث إنّ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لا يملك إلّا الادعاء أمام القضاء العسكري،
وحيث إنّه على فرض أن الجرم المرتكب خلال تحقيق عدلي وقع من رجال الضابطة العدلية العسكرية المنصوص عنهم في المادة /١٩/ من قانون القضاء العسكري، أي مخابرات الجيش أو الشرطة العسكرية، فإن الادعاء سيتم حتمًا أمام القضاء العسكري تبعًا للصلاحية الشخصية لهذا القضاء سندًا للمادة /٢٧/ من قانون القضاء العسكري ولا يمكن التذرّع بتطبيق المادة /١٥/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية بهدف نزع صلاحية القضاء العسكري في محاكمة العسكريين،
وحيث إنّه على فرض أنّ جرم التعذيب ارتكب في معرض تحقيق أولي تشرف عليه النيابة العامة العسكرية وفي جرم يدخل ضمن صلاحية القضاء العسكري، وحتى لو كان التعذيب مرتكبًا من عناصر في الأمن العام أو أمن الدولة أو الأمن الداخلي، كما هو الحال في التحقيق الراهن، فإنه يتعين أن تكون صلاحية النظر في جريمة التعذيب للقضاء العسكري، لأن الضابطة العدلية تكون قد ارتكبت جرمًا خلال قيامها بمهمات تدخل في صلاحية القضاء العسكري وفق ما تنص عليه المادة /٤١/ من المرسوم 1971/1460،
وحيث إنّ هذا التفسير هو التفسير الذي ينسجم مع نصوص القضاء العسكري وتعديلاته ومع نصوص القانون 2017/65 لا سيما المادة /٤/ منه التي نصت على إبطال جميع الأقوال التي يتم الإدلاء بها تحت التعذيب، ما يفهم منه بأنه يكون للجهة القضائية القائمة بالتحقيق الأولي في جرم يدخل ضمن صلاحيتها، أن تقرر هذا الإبطال،
وحيث إنّ المادة /٥/ من القانون 2017/65 تنصّ في البند /٢/ منها على أن “على قاضي التحقيق الناظر في الدعوى أن يتولى بنفسه القيام بجميع إجراءات التحقيق في شأن الأفعال المنصوص عليها في المادة ٤٠١ من قانون العقوبات…”،
وحيث لما كان قاضي التحقيق قد يكون في القضاء العدلي أو العسكري، فإن ذلك يعني حتمًا تسليم القانون 2017/65 بفرضية عقد صلاحية القضاء العسكري لنظر الملاحقة في جرم التعذيب الذي قد يقع من أي من رجال الضابطة العدلية أو الضابطة العدلية العسكرية خلال تحقيقهم بجرم يدخل في صلاحية القضاء العسكري،
وحيث إنّ المادة /٥/ من المرسوم الإشتراعي رقم 1977/110 باستعمالها لعبارة “العادية” عند نصها على أن صلاحية القضاء العدلي تنعقد لنظر الجرائم التي يرتكبها عناصر الضابطة العدلية من قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة خلال قيامهم بالتحقيقات العدلية العادية وتكون مرتبطة بهذه التحقيقات، يفيد حتمًا بأن القضاء العدلي لا يكون مختصًا عند قيامهم بالتحقيقات العدلية غير العادية أي تلك التي تدخل في صلاحية المحاكم الخاصة ومنها المحاكم العسكرية،
وحيث إن نص المادة /١٥/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية على تطبيقها بالرغم من كل نص مخالف، لا يمكن أن يؤدي إلى نزع صلاحية القضاء العسكري لنظر جريمة التعذيب تحديدًا متى وقعت من عسكريين أو في معرض التحقيق في جريمة تدخل ضمن صلاحية القضاء العسكري وذلك في ضوء التناقض الذي تحمله هذه المادة في طياتها وتعارضها مع نصوص خاصة تتعلق بالنظام العام، أي تتعلق بالصلاحية القضائية،
وحيث يقتضي وفي ضوء كل ما تقدم حفظ صلاحية القضاء العسكري لنظر الملاحقة الراهنة،
وحيث إنّ الوقائع المساقة أعلاه أظهرت أن المدعى عليه النقيب ح. خ. إ. أمر عناصره بضرب موقوفين، بينهم السجناء الشهود، والمتوفى بشار السعود، وتعذيبهم، وذلك بإنزال الألم الشديد بهم، سواء بالركل أو اللكم أو الجلد أو ممارسة أنواع أخرى من التعذيب كالتعليق من اليدين، وأن هذا التعذيب كان يحصل بحضوره وبموافقته،
وحيث نجم عن هذا التعذيب موت أحد الموقوفين المدعو بشار السعود ونجم عنه إيذاء السجناء الشهود من دون أن يؤدي إلى إلحاق أي خلل أو عطل جسدي أو عقلي بهم،
وحيث يقتضي اتهام النقيب إ. بموجب المادة الأولى من القانون 2017/65 البند ب/٤، والظن به بالمادة عينها البند ب/١،
وحيث إنّ التحقيقات أظهرت أن المدعى عليه المعاون ي. أ. ب. هو من أنزل هذا التعذيب بالمتوفى بشار السعود، ما أدى إلى وفاته، وبالسجناء الشهود ما أدى إلى إيذائهم من دون أن يتعرضوا إلى أي خلل أو عطل جسدي أو عقلي،
وحيث يقتضي اتهامه بموجب المادة الأولى من القانون 2017/65 البند ب/٤، والظن به بالمادة عينها البند ب/١،
وحيث إنّ التحقيقات أظهرت أن المدعى عليهما المعاون ف. ح. ف. والمعاون ع. م. خ. كانا موجودين في غرفة التحقيق عند إقدام المعاون ب. على تعذيب بشار السعود، بأمر وبموافقة من النقيب إ.، وهما ساعدا في تثبيت بشار السعود أرضًا وتكبيله من الخلف حين انهال عليه المعاون ب. بالضرب المبرح الذي أدى بعد ذلك إلى وفاته، وهما لم يقوما بأي فعل لوقف هذا التعذيب، ولم يعترضا على حصوله، واستمرا في التواجد في غرفة التحقيق رغم حصول التعذيب على مرأى منهما،
وحيث إنّه لا يشترط لتحقق جرم التعذيب أن يكون للمدعى عليهما المذكورين سلطة وقف التعذيب، إذ كان بإمكانهما بكل بساطة الاعتراض على ما يحصل وأقله الخروج من غرفة التحقيق،
وحيث إن المادة /١/ من القانون 2017/65 تعاقب كل من يوافق ضمنًا أو صراحة على وقوع التعذيب،
وحيث تنص المادة /٢/ من القانون 2017/65 على أنه لا يجوز لمن يلاحق بجرم التعذيب الإدلاء بأي ذريعة لتبرير فعله،
وحيث إنّ التحقيقات لم تظهر تورط المدعى عليهما المعاونين ف. وخ. في ضرب السجناء الشهود،
وحيث يقتضي وفي ضوء ما تقدم اعتبارهما مسؤولين عن وفاة بشار السعود تحت التعذيب واتهامهما بموجب المادة الأولى من القانون 2017/65 البند ب/٤،
وحيث إنّ التحقيقات أظهرت أن الرقيب أول خ. ز. شارك في ضرب العديد من الموقوفين بينهم الشهود السجناء، وهو إن كان أدلى بأنه كان يكتفي بصفعهم صفعة واحدة فقط، فإن الاستماع إلى الطبيب الشرعي خلال التحقيق الاستنطاقي أظهر أن هذا الفعل قد يكون خطيرًا بحدّ ذاته، خاصة إذا كان الضارب يتمتع بقوة بدنية، وهذا حال المدعى عليه الرقيب أول ز. الذي أكد على أن صفعته قوية لدرجة أنه غير مضطر إلى تسديد أي صفعة ثانية للموقوف،
وحيث إنّ التحقيقات لم تظهر أن هذا الضرب الذي أقدم عليه المدعى عليه الرقيب أول ز. قد ألحق أي خلل أو عطل جسدي أو عقلي بأي موقوف أو أدى إلى وفاته،
وحيث يقتضي الظن به بموجب المادة الأولى من القانون 2017/65 البند ب/١،
وحيث إنّ المدعى عليهم قاموا بأفعال تخالف واجباتهم الوظيفية، كمثل الاستماع إلى إفادة موقوف من دون تنظيم محضر عدلي وفقًا للأصول، وأخذ عينة بول من جثة المتوفى بشار السعود من دون إشارة القضاء، وهم بتعرضهم بالضرب لأي موقوف مهما كان هذا الضرب طفيفًا قد خالفوا التعليمات العسكرية التي توجب التقيد بالقوانين واحترام حقوق الإنسان،
وحيث يقتضي الظن بهم بموجب المادة /١٦٦/ قضاء عسكري،
وحيث يقتضي وفي ضوء أحكام المادة /٤/ من القانون 2017/65 الطلب من جانب النيابة العامة العسكرية إحالة نسخة عن هذا القرار إلى المراجع القضائية التي تنظر في ملفات السجناء الشهود وفق ما تمّ بيانه في فقرة الوقائع أعلاه، ليبنى على الشيء مقتضاه، وتكليف القلم إيداع نسخة من هذا القرار في الملف المنظور منا بحق الشاهدين رشاد محمود الصبخ وعلي عماش السعود بجرم إرهاب،
لذلك
نقرّر وفقاً وخلافًا للمطالعة،
أوّلاً: حفظ صلاحية القضاء العسكري لنظر الملاحقة الراهنة.
ثانياً: اتهام المدعى عليهما النقيب ح. خ. إ.، والمعاون ي. أ. ب.، بموجب المادة الأولى من القانون 2017/65 البند ب/٤، وإصدار مذكرة إلقاء قبض بحق كل منهما، والظن بهما بموجب المادة الأولى من القانون 2017/65 البند ب/١، وبموجب المادة /١٦٦/ قضاء عسكري.
ثالثاً: اتهام المدعى عليهما المعاون ع. م. خ.، والمعاون ف. ح. ف.، بموجب المادة الأولى من القانون 2017/65 البند ب/٤، وإصدار مذكرة إلقاء قبض بحق كل منهما، والظن بهما بموجب المادة /١٦٦/ قضاء عسكري.
رابعًا: الظن بالمدعى عليه الرقيب أول خ. ص. ز. بموجب المادة الأولى من القانون 2017/65 البند ب/١، وبموجب المادة /١٦٦/ قضاء عسكري.
خامسًا: إيجاب محاكمة المدعى عليهم المذكورين أمام المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت وتكبيدهم النفقات القانونية كافة.
سادسًا: الطلب من جانب النيابة العامة العسكرية إحالة نسخة عن هذا القرار إلى المراجع القضائية التي تنظر في ملفات السجناء الشهود وفق ما تمّ بيانه في فقرة الوقائع أعلاه، ليبنى على الشيء مقتضاه، سندًا للمادة /٤/ من القانون 2017/65، وتكليف القلم إيداع نسخة من هذا القرار في الملف المنظور منا بحق الشاهدين رشاد محمود الصبخ وعلي عماش السعود بجرم إرهاب.
سابعًا: إحالة الأوراق جانب النيابة العسكرية لإيداعها المرجع الصالح.
قراراً صدر في بيروت بتاريخ 2022/11/29.
“محكمة” – الأحد في 2022/12/4
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية ودور النشر والمكتبات منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتصوير أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” وتبادله عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتحديدًا منها “الفايسبوك” و”الواتساب”، ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.