قرار مهمّ للقاضية ليال الحلو عن شروط إثبات عقد السمسرة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
بحثت القاضي المنفرد المدني في الدامور الرئيسة ليال الحلو في مفهوم عقد السمسرة وشروط اثباته، وقضت بردّ الدعوى لعدم الثبوت.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2018/2/28.
ثانياً: في الأساس:
حيث تطلب المدعية الزام المدعى عليهم بالتكافل والتضامن في ما بينهم بدفع مبلغ /17125/ د.أ. يمثل بدل العمولة المتوجبة عن عملية شرائهم للقسمين رقم /4/و/5/ من العقار رقم /2273/ بلوك B من منطقة رأس بيروت العقارية اي ما يعادل نسبة 2,5% من ثمن المبيع المحدد بمبلغ /685,000/ د.أ.
وحيث ان المدعية تدلي بأن عملية بيع القسمين المذكورين تمت نتيجة المساعي التي قامت بها من تقديم معلومات ومفاوضات واجتماعات واجراء مخابرات هاتفية وتأمين معاينة العقار المبيع،
وحيث ان الجهة المدعى عليها تطلب رد الدعوى عنها مدلية بأنها لم تطلب من المدعية القيام بمساع لايجاد عقارات من اجل استثمارها وان المدعية لم تعرض عليهم القسمين موضوع الدعوى ولم تقم بتحضير ملف عنهما،
وحيث يتبين من مجمل ما ادلي به ان النزاع القائم بين الفريقين يتمحور حول مدى وجود عقد سمسرة بين المدعية والمدعى عليهم،
وحيث ان المادة /291/ من قانون التجارة البرية عرفت السمسرة بأنها عقد يلتزم به فريق يدعى السمسار بأن يرشد الفريق الآخر الى واسطة لعقد اتفاق ما او ان يكون وسيطاً له في مفاوضات التعاقد وذلك مقابل اجر،
وحيث انه عملاً بأحكام المادة /132/أ.م.م. يقع على عاتق المدعية عبء اثبات قيام عقد السمسرة بينها وبين المدعى عليهم لشراء القسمين موضوع النزاع،
وحيث يقتضي تحديد طبيعة العمل القانوني المراد اثباته اي عقد السمسرة بالنسبة الى المدعى عليهم توسلاً لتحديد وسائل الاثبات المقبولة قانوناً،
وحيث ان المدعية تدلي بأنها شركة تجارية تتعاطى اعمال السمسرة، وبأن المدعى عليهم اشتروا القسمين موضوع الدعوى لغايات تجارية وليس لسكنهم خاصة انهم يملكون اكثر من مسكن في بيروت والمشرف،
وحيث ان المدعى عليهم ينازعون في صحة هذا الادلاء مصرحين انهم ليسوا تجاراً ولا يتعاطون اي عمل تجاري، وان شراءهم القسمين المذكورين لم يكن لغايات تجارية،
وحيث ان عبء اثبات صفة التاجر يقع على من يدعي وجود هذه الصفة، ذلك ان الاصل في الشخص ان يكون غير تاجر، فعلى من يدعي خلاف هذا الاصل ان يقيم الدليل على ذلك ،
وحيث انه يتضح من نص المادة /9/ من قانون التجارة انه يشترط لاكتساب صفة التاجر القيام بالاعمال التجارية على سبيل الاحتراف وذلك لحساب التاجر الخاص،
(يراجع ادوار عيد، الوسيط في القانون التجاري، الجزء الاول، ص 96 وما يليها)
وحيث بالعودة الى اوراق الملف يتبين ان المدعية لم تقدم اي اثبات على قيام المدعى عليهم لحسابهم الخاص بالاعمال التجارية على سبيل الاحتراف،
وحيث ان ادلاء المدعية بأن المدعى عليهم يقومون باستثمار الشقق المفروشة وقد اشتروا القسمين موضوع الدعوى لهذه الغاية وان احدهم استثمر محلاً تجارياً في بيروت لبيع الالبسة بقي مجرداً من اي دليل،
وحيث في ظل عدم اثبات المدعية صفة المدعى عليهم التجارية يكون ادلاؤها لهذه الجهة مستوجباً الرد،
وحيث انه لا يجوز اثبات عقد السمسرة تجاه الفريق الآخر غير التاجر الا بطرق الاثبات المقبولة قانوناً انطلاقاً من اعتباره في هذه الحالة عقداً مدنياً بالنسبة الى هذا الفريق، وهي في هذه الحالة المستند الخطي او ما يوازيه في القوة الثبوتية،
(يراجع قرار محكمة التمييز المدنية، رقم 80 تاريخ 1986/4/16 حاتم ج 80 ص 41، وقرار محكمة الاستئناف في جبل لبنان، رقم 2014/124، تاريخ 2014/12/9).
وحيث يتبين ان المدعية لم توقع مع المدعى عليها اي عقد خطي يتناول تكليفها بأعمال السمسرة،
وحيث ان المدعية تدلي بأن المستندات المبرزة في هذه الدعوى تشكل في مطلق الاحوال بدء بينة خطية يمكن تعزيزها بالبنية الشخصية،
وحيث بالعودة الى المستندات المبرزة في الملف، يتبين ان المدعية ابرزت افادتين عقارتين عائدتين للقسمين موضوع الدعوى وافادة “قانونية بناء” صادرة عن مصلحة الهندسة في محافظة بيروت بتاريخ 1987/4/10، وافادة صادرة عن المهندس عبد الرحمن خضر غلاييني بتاريخ 1987/8/19، وافادة انجاز بناء صادرة عن دائرة المباني في بلدية بيروت بتاريخ 1987/9/10، وافادة صادرة بتاريخ 1987/11/10 عن دائرة المباني في بلدية بيروت موضوعها “عامل الاستثمار العام في العقار رقم 2273 راس بيروت،
وحيث ان المادة /257/أ.م.م. عرفت بداءة البينة الخطية بأنها كتابة ولو خالية من التوقيع صادرة عن الخصم المحتج بها عليه او عمن يمثله تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال،
وحيث ان المستندات المبرزة من المدعية لا تشكل بداءة بينة خطية بحسب المفهوم المشار اليه اعلاه لعدم صدورها عن المدعى عليهم، وهي ليس من شأنها ان تشكل اثباتاً على تكليف المدعى عليهم للمدعية بعمل سمسرة اذ باستطاعة اي كان الاستحصال على تلك المستندات عن غير طريق المالك،
(يراجع قرار محكمة التمييز اللبنانية، الغرفة الاولى المدنية، رقم 3 تاريخ 1999/1/12، صادر في التمييز، القرارات المدنية 1999 ص 16).
وحيث ان المدعية ادلت بأنها ابرزت اثباتاً للمفاوضات التي قامت بها بهدف اتمام عملية البيع كشفاً مفصلاً بالاتصالات المجراة من قبل السيد عصام بالمدعى عليه طلال والانسة عناية التي تعمل لديها في قسم تجارة العقارات والسيد حكمت الذي حصل على تفويض ببيع القسمين من مالكهما، في حين افادت الجهة المدعى عليها ان موضوع الاتصالات التي اجراها السيد عصام مع السيد طلال لم يكن متعلقاً بعملية بيع القسمين،
وحيث انه بصرف النظر عن ادلاءات الطرفين بالنسبة الى الاتصالات المذكورة، يبقى ان مضمون تلك الاتصالات غير ثابت من جهة، وان الكشف المبرز من قبل المدعية لا يشكل بدء بينة خطية بمفهوم المادة /257/أ.م.م. من جهة اخرى،
وحيث ان واقعة تعامل احد المدعى عليهم سابقاً مع المدعية، على فرض ثبوتها، ليس من شأنها ان تشكل اثباتاً على ان عملية الشراء اللاحقة قد تمت بواسطتها في ظل عدم وجود اي اثبات خطي على ذلك
وحيث انطلاقاً من معطيات الملف والمستندات المبرزة وادلاءات الفرقاء كافة، لم يثبت قيام اي اتفاق بين المدعية والجهة المدعى عليها كلفت بنتيجة هذه الاخيرة المدعية بشراء القسمين موضوع الدعوى لقاء اتعاب سمسرة، الامر الذي يقتضي معه رد الدعوى لعدم الثبوت،
وحيث لم يثبت في الملف سوء نية الجهة المدعية فترى المحكمة رد طلب العطل والضرر المقدم من المدعى عليها،
وحيث انه لم يعد من حاجة للبحث في باقي الطلبات او الاسباب الزائدة او المخالفة، اما لكونها لقيت جواباً ضمنياً في ما تقدم او لعدم جدواها،
لذلك
يحكم:
أوّلاً: بردّ طلب إعلان سقوط المحاكمة،
ثانياً: بردّ الدعوى،
ثالثاً: بردّ طلب العطل والضرر المقدّم من المدعى عليهم،
رابعاً: بردّ كلّ ما زاد أو خالف،
خامساً: بتضمين المدعية النفقات كافة،
حكماً صدر وأفهم علناً في الدامور بتاريخ 2018/2/28.
“محكمة” – الإثنين في 2018/04/02