قصّة القاضي فريد مطر والهاتف الدولي/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار*:
يقول النقيب الشيخ ميشال خطار إنّ بعض الناس يتقدّمون بالسنّ لا بالعمر وإنّهم يتمتّعون بصفاء الذهن حتّى آخر لحظة من حياتهم. ويضيف أنّ والدته كانت تقول بإنّ الموت أهون من الذلّ وإنّ على الإنسان أن يعيش كريمًا وإلّا فإنّ الموت أفضل له. ويقول إنّ هناك فئة كبيرة من الناس لا تقبل الرشوة أو الهدية أو المنفعة. وفي هذا المجال يخبر أنّ والد المحامي محمّد مطر، المرحوم فريد مطر وهو كان قاضيًا نزيهًا عيّن محاميًا عامًا تمييزيًا. وأنّه بحكم منصبه، إستحصل على خطّ هاتف دولي في منزله، إلّا أنّ زوجته اتصلت مرّة بابنتها المقيمة في السعودية فأرسل في طلب بعض العمّال ونزع خطّ الهاتف من منزله.
ويضيف الشيخ ميشال أنّ القدماء كانوا يتحلّون بالتبصّر والحكمة. وفي هذا المجال سأل أحد الزعماء إبن بلدته عن رأي الناس به والذين لم يكونوا يحبّونه نظرًا لمواقفه غير النافعة، فأجابه فورًا:
– يقولون عنك إنّك مثل الساعة لا تقدّم ولا تؤخّر.
* * *
ما دام في قبور لشو القصور
كانت لدى نائب المتن الشمالي المحامي المرحوم اوغست باخوس فلسفة خاصة في الحياة. فهو يعتبر أنّ من ينظّم وقته يستطيع أن يقوم بعدّة أعمال ويتمّمها بارتياح تام. وأنّ لكلّ ظرف ظرفه. وعلى الإنسان أن يكون جدّياً في العمل وأن يمارس الرياضة التي تخفّف من التعب. وهو يفتخر بأنّ جدّه باخوس هو إله الخمر…ويقول إنّ العلم مثل الاوقيانوس لا يستطيع الإنسان أن يبلعه أو يحتكره. وأنّه مهما جهد وتعلّم وطالع يبقى بحاجة إلى الشورى وإلى آراء الآخرين.
وينتقد الأستاذ باخوس أولئك الذين يتكبّرون. ويقول إنّ الإنسان مهما علا شأنه فإنّه يزحط على قشرة موز ويفكّ سلسلة ظهره، وقد أعجب مرّة بعبارة قالها له قنصل الاكوادور طوني ضومط نقلًا عن أحد المسنّين في بلدة عمشيت:”ما دام في قبور لشو القصور”؟
* * *
كبش المحرقة
في إحدى مقالاته يقول الوزير السابق المحامي المرحوم فؤاد بطرس: “إنّ تكليف القضاء وضع يده على الفضائح نظرًا إلى ما يتمتّع به من استقلالية وإمكانات هو إجراء صحيح..بيد أنّ الجدوى رهن بتوافر شرط اساسي يكمن في ألّا يشكّل التدبير مطيّة لحملة تهدف إلى تكييف الرأي العام لإيهامه بأنّ الملاحقات القضائية في ذاتها كفيلة باجتثاث الفساد وتطهير المجتمع…مثل هذا التكتيك – في حال اعتماده – ليس سوى هروب إلى الأمام ومحاولة مدانة لجعل القضاء كبش المحرقة تغطية لتغافل السلطة السياسية”.
* * *
الديمقراطية التي تتدحرج
يخبر المحامي الشيخ يوسف جرمانوس أنّه يوم كان لا يزال طالبًا في جامعة القديس يوسف اتفق مع زملائه على إجراء الإنتخابات الطلابية لتمثيلهم، ويضيف أنّه بعد أن اقترع الجميع، أحسّ بأنّ الإنتخابات ليست لمصلحته فحمل صندوقة الإقتراع وهي من الزجاج ومشى بها مسافة وقال للحاضرين: الفرز في العاقورة. فحاول أحدهم أخذها منه بالقوّة فوقعت على الأرض وبدأت تتدحرج على الدرج. فسأل رئيس الجامعة الأب دوكريه:
– ماذا يحصل؟
فأجابه الشيخ يوسف:
C’est la démocratie qui dégringole sur les escaliers.
* * *
ما قلتلكم انو حظي معتّر؟
أمّا المحامي بسّام الحلبي فهو متشائم دائمًا، ويندب حظّه بصورة متواصلة. إلّا أنّه يمزح كثيرًا على الرغم من كلّ ذلك.
يروي أنّه بعد حفلة زفاف المحامية سيلفي صفير وأثناء تقبّلها وزوجها التهاني إقترب منهما. فقالت الأستاذة سيلفي لزوجها:
– إدوار ادعس على أجر بسّام حتّى يتزوّج.
فأجابها زوجها:
– بس لابس بوط.
ويختم الأستاذ بسّام الخبرية قائلًا:
– شفتو. ما قلتلكم انو حظّي معتّر؟ مفكّرني جايي حافي من راس المتن.
* * *
سجلي عقار
المعروف عن المحامي المرحوم جوزف الأخطل الخوري أنّه كان يتحلّى بروح النكتة الدائمة. فهو كلّما كان في مناسبة إجتماعية يجتمع حوله عدد كبير من الأصدقاء.
في إحدى المناسبات حيث أخبر عشرات الطرائف وألقى عدّة قصائد شعرية قلت له إنّني سوف أحضر “كاسيت” وأسجّل له حديثه فأجابني فورًا:
– سجّلي شي عقار على اسمي بيكون أفضل.
وعندما سمع النقيب ريمون عيد ما قاله المحامي الخوري، أردف قائلًا إنّ أحدهم حضر إلى مكتب أحد المحامين لشكره على ربح دعواه، قائلًا له إنّه يعتذر عن عدم تمكّنه من شكره جيّدًا باللغة العربية لأنّه لا يجيد النحو. فأجابه المحامي فورًا: “يا إبني بيهمّني الصرف مش النحو” (أيّ دفع الأتعاب).
* * *
وضع اللغة العربية
يقول المحامي الألمعي مطانيوس عيد إنّ صديقه الشاعر والأديب الكبير جورج جرداق أخبره عن صحفية جاءت تسأله عن وضع اللغة العربية في لبنان فأجابها قائلًا:أيّام زمان كان البستاني واليازجي والمنذر يعلّمون اللغة العربية، أمّا اليوم فإنّ قريبتي تعلّم اللغة العربية فما هو رأيك بوضع تلك اللغة؟
* * *
“محكمة” – الأربعاء في 2019/7/31