الأخبار

لقاءٌ حواريٌّ عن اللامركزية الإدارية يدعو الإدارات المحليّة لأخذ مبادرات دون مخالفة القوانين

خاص “محكمة”:
إعتبر النَّائبُ حسن مراد مُمثّلًا بالمحامي ممتاز سليمان أنَّ “نظامنا اللبنانيَّ المريضَ منذ تأسيسه بحاجةٍ إلى إعادةِ نظرٍ في قوانينه الإداريّة لتتماشى مع العصر الحاضر، مضيفاً: “أنَّ المطلوبَ هو إصلاحٌ إداريٌّ تكون بدايته محاربة الفساد ووقف الهدر، وهذا يكون برفع يدِ السِّياسة عن القضاء وعن التَّدخل في التَّوظيف لتأخذ الكفاءةُ حقَّها ويمارس الموظّفُ الكُفُؤ دوره دون ضغطٍ أو ارتهانٍ لمن توسّط له، ودون ذلك عبثاً نحاول أن نبنيَ وطناً سواء اعتمدنا الّلامركزيةَ الإداريّةَ أو أيَّ نظامٍ آخر”.
كلامُ رئيس لجنة التربية النيابية مراد جاء خلال لقاءٍ حواريٍّ حول اللّامركزيةِ الإداريّةِ نظّمته مؤسّسات “الغد الأفضل”، مكتب الحقوقيين، في الجامعةِ اللبنانيّةِ الدّوليّةِ-الخيارة في البقاع الغربي بمشاركة رئيس اتحاد بلديات البحيرة المهندس يحيى ضاهر ورئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق شحادة ورئيس لجنة اللامركزية الإدارية في نقابة المحامين في بيروت فادي بركات، وحضور حشد من المحامين وفعاليات المنطقة.

المحامي ممتاز سليمان

وقال مراد: “إنّ موضوعَ اللّامركزيٍةِ الإداريةِ يحضر في سلَّم أولويّاتِ المشاريعَ التي تُطرح للنقاش عندما يتعلّق الأمر بالإصلاح الإداري في النظام اللُّبناني. وكلُّ تفكيرٍ جديٍّ بالإصلاح الإداري يقفز فوق اللّامركزيّةِ الإداريةِ هو إصلاحٌ أعرجٌ يُعيد إنتاج المعوِّقات التي تشكّل حاجزاً أمام مبادراتِ العملِ الإنمائيِّ في الوحدات الإداريّة الّتي تشكّلُ وحدةَ الوطنِ”.
ولفت مراد النظر إلى أنَّ” من الضرورةِ عدم ربط اللّامركزية الإداريّة باللّامركزيّة السّياسيّة التي نرفضُ الخوضَ في الحديث أو النِّقاش فيها باعتبارها أحد أوجه التَّقسيم البغيضِ في وطنٍ نسعى للحرص على وحدته والمحافظة على نسيجه، إلاّ أنّ اللّامركزيّة الإداريّة باتت حاجةً بسبب التّغيُّرات وازدياد الحاجات المجتمعيّةِ النّاجمةِ عن العولمةِ، وهنا تبرز الحاجةُ إلى التَّكامل بين المركزيّة الإداريّة واللّامركزيّة الإداريّة لتحقيق التّنمية المحليّة بحيث يتم إحداث تغييراتٍ جوهريّةً على المستويات الثّقافية والاقتصاديّة والسّياسيّة والاجتماعيّة بشكلٍ يؤدِّي إلى تحقيق الاستقرار الاجتماعي والرَّفاه الاقتصادي للجميع”.
وأضاف: “وإذا كانت اللّامركزيّة الإداريّة هي نقلُ بعضِ صلاحيات الدّولة المركزيّة إلى إدارات المناطق (المحافظات، الأقضية، البلديات) فإنّها تبقى أسلوبًا من أساليب تنظيم العمل، حيث تمنح الوحدات المختلفة قدراً كبيراً من الإدارة الذاتيّة وهذا يعني منح الصّلاحيّات والمسؤوليّات للمستويات الأدنى في التّنظيم”.
وسأل مراد: “هل نحن نحتاج إلى اللّامركزية الإداريّة في ظلِّ نظامنا الحالي في لبنان على صغرِ مساحته؟ الجواب نعم لأن اللّامركزية الإداريّة ليست ضرورةً للدول الكبرى فقط إنّما لكلِّ الدُّول بغضِّ النّظر عن مساحتها وسكّانها ومناطقها. فالمبدأُ هو إعطاءُ صلاحياتٍ للإدارة المحليّة لمعالجة القضايا المتعلقة بإدارة المنطقة وقد تختلف القضايا والحاجات والمشاكل بين منطقة وأخرى”.
وقال:”إنَّ حاجاتِ ابن السّاحل تختلف عن حاجات ابن الجبل وابن السّهل في كثيرٍ من الأمور، لذلك فإنّ ربط حلِّ مشاكلِ المجتمعِ اللبنانيِّ بوحدةٍ إداريّةٍ مركزيّةٍ قد يحرم بعضها من الاهتمام المطلوب وإعطاء صلاحية للإدارة المحليّة في المحافظة والقضاء أو القرية ينتج حلولاً أنجحَ لأن الإدارة المحليّة أدرى بمشاكل المجتمع الذي تقوم بإدارته”.
وأكّد مراد أنّ” المركزية الإدارية تقرِّب المسؤولَ الإداريَّ من المقيمين ضمن دائرته الإدارية فيستمع إليهم ويعرف مشاكلهم ويوفر عليهم عناء الانتقال إلى العاصمة المركزية لإنجاز الكثير من الملفات التي بإمكان السّلطة المحلية البتّ بها حيث تعزِّزُ الروحَ المعنويّةَ لدى رؤساء الوحدات الإداريّة وتتوزّع المخاطر التي تتعلق بالقرارات الضعيفة التي يقتصر تأثيرها على قسمٍ واحدٍ أو إدارةٍ واحدةٍ”.
وطالب مراد الإداراتِ المحليّةَ: “بأخذ مبادراتٍ على عاتقهم دون مخالفة القوانين المرعيّة الإجراء تيسيراً لأمور النّاس ودفعاً بعملية الإنماء إلى المكان الذي يعطي الثّقةَ للمواطن بالمسؤول”، آملًا بأن تأخذ الإدارات المحليّة من اتّحادات بلديّات وبلديّات وقائمقامين ومحافظين الدورَ في ذلك لأنّ المسؤولية ثقة وكلّنا ثقةٌ بهم”.


بدوره أكّد رئيس اتّحاد بلديات البحيرة المهندس يحيى ضاهر، أنّ المركزيةَ عنوانٌ جاذبٌ والجميع يسعى لتطبيقه، وهذا الأمر منذ الطائف لم يعد حلماً وطنيًّا وإنما حاجة بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى، واللامركزية أضحت اليوم معبرًا نحو التنمية وتطوير الحياة الوطنية بكلِّ مرافقها.
وقال ضاهر: “إن الإصلاحَ في اللّامركزية الإداريّة لم يدخل حيِّزَ التنفيذِ حتى اليوم، لذلك فالحديثُ عن ذلك أضحى أمرًا مهمًّا ومركزيًّا في بناء وطن يعيش أبناؤه بالتّساوي.”
وتناول رئيس اتّحاد بلديات بعلبك شفيق شحادة تجربة لبنان في مجال اللامركزية الإدارية في البلديات، معتبرًا أن المرسوم الاشتراعي رقم 118، والذي لا يزال يحكم مع تعديلاته عمل المجالس البلدية قد مُنح صلاحيات واسعة، بحيث لا تنحصر في إطار الخدماتِ العاديّةِ، وهذه الصّلاحيات تتجاوز ذلك إلى كلِّ ما له علاقة بالتّنمية الشّاملة.
وقال رئيس لجنة اللامركزية الإدارية في نقابة المحامين في بيروت فادي بركات، أن لا مناصَ وبديلَ اليوم من اللامركزية الإدارية في ظلِّ كلّ ما يعصف بالبلاد من أزمات، وهذا الأمر غير قابل للنقاش اليوم عند كلِّ من يدرك المعنى الحقيقي للامركزية الإدارية، وأن قرارها داخليٌّ محضٌ، وليس هناك من معرقلٍ واضحٍ ومعروفٍ وصريحٍ لنسمّيه، وإنّما ثَمّة عراقيلُ واضحةٌ وعديدةٌ في هذا الإطار.
“محكمة” – الأحد في 2022/8/28

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!