قضية مقتل منال عاصي على يد زوجها:”محكمة التمييز” ترفع العقوبة.. ومحامي الدفاع لمداعاة الدولة
كتب علي الموسوي:
فاجأت محكمة التمييز الجزائية المؤلّفة من القاضي سهير الحركة رئيساً ونزيه شربل وناهدة خدّاج مستشارين الرأي العام والقضاة والمحامين بالحكم القاسي الذي أصدرته اليوم في قضيّة مقتل منال عاصي، إذ قرّرت تجريم الزوج محمّد عدنان النحيلي بجناية المادة 549 عقوبات، فقرة رابعة معطوفة على المادة 189 عقوبات، وإنزال عقوبة الإعدام به وإبدالها سنداً للمادة 253 عقوبات بالأشغال الشاقة المؤقّتة مدّة ثماني عشرة سنة، علماً أنّ محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي هيلانة اسكندر وعضوية المستشارين عماد سعيد وهاني عبد المنعم الحجّار إكتفت بعقوبة الأشغال الشاقة مدّة خمس سنوات.
واللافت في الحكم أنّه لم يعترف بفورة وثورة الغضب التي انتابت النحيلي بعدما ساورته الشكوك بسلوك زوجته وعثوره على كلام حميم على هاتفها الخليوي، ولم يأخذ بعين الإعتبار حكم الزنا الصادر لمصلحته، فاكتفى بالإقرار عرضاً بأنّ خيانة المغدورة لزوجها منذ سنوات قبل زواجه مرّة ثانية بامرأة أخرى دون أن يكون عالماً بالأمر.
ولم يتوقّف الحكم المحكى عنه عند إسقاط ذوي الضحية حقّهم الشخصي بعدما قبضوا الدية المالية المطلوبة، مكتفياً بتحقيق رغبات بعض جمعيات المجتمع المدني والجمهور الناقم على تعنيف الزوج لامرأته حتّى ولو كانت قد أمضت خمس سنوات في ارتكاب الخيانة الزوجية، فرفع سقف العقوبة بشكل كبير وغير متوقّع.
صحيح أنّ حكم الغرفة الثالثة لمحكمة التمييز مبرم ونهائي، إلاّ أنّ هناك طريقة لمعالجة أثره تتمثّل بتقديم وكيل الدفاع المحامي أحمد بدران استحضاراً أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز بوجه الدولة اللبنانية طعناً بهذا الحكم ضمن إطار مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن أعمال القضاة العدليين، وذلك بهدف إبطاله لتضمّنه خطأ جسيماً.
وفي حال رأت الهيئة العامة لمحكمة التمييز المؤلّفة من الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز ورؤساء غرف المحاكم باستثناء من أصدر الحكم أيّ الحركة،، جدّية النقاط القانونية المثارة وأبطلت الحكم، يجري النظر في القضيّة من جديد.
وجاء حكم التمييز في 43 صفحة “فولسكاب” وفيه اقتناع المحكمة بأنّ “المتهم أقدم على ارتكاب فعل الاعتداء على المغدورة.. وتوقّع حصول وفاتها قابلاً بالمخاطرة واعياً للنتيجة الجرمية التي انتهت فعلاً بإزهاق روحها”، معتبرةً أنّ “فعله هذا ينطبق على جناية المادة 549 عقوبات في فقرتها الرابعة معطوفة على المادة 189 عقوبات وتعدّ جريمته مقصودة”.
ورأت المحكمة أنّ المتهم النحيلي لا يستفيد من العذر المخفّف الذي ينحصر في من يفاجئ زوجته أو أحد أصوله أو أخته في جرم الزنا المشهود، أو في حالة الجُماع غير المشروع فيقدم على القتل أو الإيذاء بغير قصد، ولكنّ السؤال ألا تصنّف أو تدخل كلمات المحادثة الجارية عبر تطبيق”الواتساب” بين الضحيّة منال والشخص الذي كانت ترتكب جرم الزنا معه، ضمن هذا الجرم المعاقب عليه قانوناً والذي لا يمكن للزوج أن يتقبّله للوهلة الأولى فيتطوّر سلوكه إلى عصبية وغضب؟.
وذكرت المحكمة في الصفحة 41 من حكمها خلال بحثها في مسألة ثورة الغضب وبسطور قليلة لا تشفي غليل البحث القانوني، “بما لها من الحقّ في التقدير أنّه إذا كان المتهم قد غضب لحظة معرفته بأنّ زوجته كانت على علاقة مع غيره وتخونه منذ سنوات ومواجهته بهذه الحقيقة، إذ أقدم على التهجّم عليها وضربها ضرباً مبرحاً، إلاّ أنّه من الثابت في الوقائع وأدلّتها والقرائن أنّه كان لديه الوقت الكافي لإسعافها بعد سقوط طنجرة الفاصولياء عليها… وهو امتنع قصداً عن نجدتها ومنع أيّ شخص من التدخّل فأقفل عليها ووالدتها باب المنزل تاركاً إيّاها لقدرها ومانعاً عنها النجدة”.
وفات المحكمة أن تشير إلى أنّه بعد عودة النحيلي إلى منزله، عمد إلى نقل زوجته إلى المستشفى.
ويبقى السؤال هل تعتبر الهيئة العامة لمحكمة التمييز أنّ حكم الغرفة الثالثة لمحكمة التمييز تضمّن خطأ جسيماً يستدعي إبطاله، أم تردّ الاستحضار؟.
وكانت محكمة الجنايات في بيروت والمؤلّفة آنذاك من القاضي هيلانة اسكندر رئيسةً، والقاضيين عماد سعيد وهاني عبد المنعم الحجّار مستشارين، قد أصدرت في 14 تموز 2016 حكماً قضى بإنزال عقوبة الإعدام وجاهياً بحقّ النحيلي وتخفيضها إلى الحبس خمس سنوات لإفادته من العذر المخفّف.
“محكمة” – الخميس في 2017/11/02
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.