قضيّة الباخرة ROHSUS وانفجار بيروت من منظار قانوني/صادق علوية
صادق علوية*:
تبيّن أنّ الدولة اللبنانية تقدّمت من خلال المديرية العامة للنقل البري والبحري، بطلب من قاضي الأمور المستعجلة للترخيص لها بتعويم السفينة وبيع البضائع، ووافق القرار القضائي الصادر في 2014/6/27 على تعويم السفينة بعد نقل البضائع إلى مكان مناسب لتخزينها تحت حراسة المديرية العامة للنقل البري والبحري ولم يوافق على بيع البضائع معتبراً أنّها ليست من صلاحيته.
ما هي أصول تعويم السفن وبيع البضائع قانوناً؟
في لبنان يرعى هذا الأمر القراران: قرار المفوّض السامي الفرنسي رقم 98 تاريخ 1941/4/30 بشأن الحطام البحري، وقرار المفوّض السامي رقم 166 تاريخ 1941/7/3 بشأن الكوارث البحرية.
فالمادة 13من قرار المفوّض السامي رقم 166 تاريخ 1941/7/3 بشأن الكوارث البحرية ينصّ على أنّه:”إذا غرقت سفينة أو جنحت في مرفأ أو فرضة أو في ممرّ صالح للملاحة فأصبحت سبباً لعرقلة الملاحة، جاز لمستشار الشؤون البحرية أن يرسل إخطاراً إلى أصحاب السفينة أو ربّانها بوجوب تعويمها أو رفعها قطعة قطعة في أقرب مهلة وإذا ثبت وقوع تهاون جاز لرئيس محكمة البداية بموجب قرار من قاضي الأمور المستعجلة أن يرخّص لمستشار الشؤون البحرية في أن يقوم مقام صاحب السفينة وأن يجري أو ينجز أعمال التعويم أو الهدم على نفقة ومسؤولية صاحب السفينة ضمن حدود القيم المنقذة.
كما تنصّ المادة 11 منه على أنّه إذا أصاب السفينة على اثر كارثة بحرية عطل فأصبحت غير صالحة للنقل، إعتبرت السفينة حطاماً وعوملت وفقاً لأحكام القرار عدد 98 – ل.ر تاريخ 30 نيسان سنة 1941.
على أنّه لا يمكن الأمر ببيع الحطام كما هو منصوص عليه في المادة 7 من القرار عدد 98 – ل.ر تاريخ 30 نيسان سنة 1941 إلاّ لدى الاطلاع على تقرير يضعه خبيران بحريان ويثبتان فيه أنّه لا يمكن بعد الآن استعمال السفينة كوسيلة للنقل. وبالتالي فالسفينة والبضائع تباع حطاماً.
أمّا قرار المفوض السامي رقم 98 تاريخ 1941/4/30 بشأن الحطام البحري، فقد نصّ في المادة 9 منه على أنّه: تقوم ببيع الحطامات دائرة إجراء المحلّة المودعة فيها هذه الحطامات، وضمن الشكل المنصوص عليه في القوانين المحلية، بشأن أصول البيع بالمزاد العلني للأموال المنقولة المادية وتكون رسوم الجمرك على عاتق المشتري ويدفع حاصل البيع لصندوق الخزينة في قصر العدلية ويوضع تحت تصرّف مستشار الشؤون البحرية على أنّه إذا اقتضت الظروف جاز لرئيس دائرة الإجراء بناء على طلب مستشار الشؤون البحرية الترخيص بقرار معلّل في إجراء البيع بالرضى، ويكون الترخيص المعطى على هذه الصورة خاصاً، ويجب أن يذكر فيه على الخصوص ماهية الأشياء الواجب بيعها وسعر البيع وهويّة المشتري والمهلة التي يجب أن يجري البيع في أثنائها.
وبالتالي، فإنّ صلاحية تقرير البيع، ليست من صلاحية قاضي الأمور المستعجلة، بناء على القرار 41/166 وإنّما وفق أحكام قرار المفوّض السامي رقم 98 تاريخ 1941/4/30 المادة 9 منه التي تنصّ على تنظيم مزاد علني، وليس للجمارك الحقّ بالقيام بطلب بيعها لشركة معيّنة، فيجب الطلب من مديرية النقل البري والبحري أو من يحقّ له ذلك، التقدّم بطلب إلى دائرة التنفيذ لبيعها بالمزاد العلني.
من جهة أخرى، فإنّ القرار رقم 259/ل.ر. الصادر في 17 تشرين الأوّل سنة 1940 بعنوان تطبيق نظام جديد لاستثمار مرفأ بيروت ينصّ في المادة 35 على أصول إدخال البواخر الحاملة المواد الخطرة في المرفأ وينصّ بشكل واضح على أنّ منطقة المنشآت المبنية في المرفأ هي محظّرة على البواخر التي تحمل مادة النيترو كليرين أو الملح المتفجّر غير ملح الزئبق، كما أنّ المراكب التي تحمل كلّ أو أجزاء باقي المواد الخطرة المبيّنة في اللائحة الإسمية الملحقة بهذا النظام، يمكنها أن تقف في مرفأ بيروت لإفراغ أو تحميل هذه المواد ضمن الشروط المحدّدة أدناه وهذا دون أن تكون شركة المرفأ مسؤولة عن شبوب حرائق أو ضرر يلحق بأيّ كان. تكون شركات الملاحة مسؤولة عن كلّ الاضرار المسبّبة من جرّاء الحرائق أو الانفجارات الجارية على الباخرة أو الناجمة عنها للمنشآت أو لمأموري شركة المرفأ أو الغير.وبالتالي فإذا كانت الباخرة محظّر وقوفها فكيف الحال بالبضائع الخطرة؟!
من جهة ثالثة، فإنّ المادة 76 أسلحة (المرسوم الإشتراعي رقم 1959/137) تعاقب على شراء أو بيع أو نقل أو اقتناء أو صنع شيء من البارود أو المتفجّرات أو لوازمها، وتسمّي النيترات بالاسم. أمّا المادة 17 منه فهي تنصّ على أنّ اقتناء هذه المادة بحاجة لإجازة مسبقة، واعتبرت المادة 2 منه أنّها من الذخائر، فلماذا لم تصادرها القوى العسكرية فوراً؟!
من جهة أخرى، فإنّ المادة 227 من قانون الجمارك الصادر بموجب المرسوم رقم 4461 تاريخ 2000/12/15 تنصّ على أنّه، يجب أن تحقّق المستودعات الخصوصية للمواد النفطية الشروط التي تفرضها الأنظمة المحلّية بالنسبة إلى المؤسّسات الخطرة والمضرّة بالصحّة والمزعجة، ويجب أن تكون منعزلة عن كلّ بناء، ولا يجوز إنشاؤها في منطقة المرافىء نفسها، ويجب أن تكون المستودعات مسوّرة وفقاً لشروط الاحتراز والأمان.
كما تنصّ المادة 249 على أنّه يحظّر إدخال البضائع التالية إلى المنطقة الحرّة:
– البضائع الممنوعة منعاً مطلقاً لمخالفتها النظام العام.
– البضائع النتنة أو القابلة للإلتهاب ما عدا المحروقات اللازمة لأعمال استثمار المنطقة الحرّة.
– ¬الأسلحة الحربية والذخائر والمتفجّرات.
– المخدّرات والمؤثّرات العقلية والسلائف على اختلاف أنواعها ومشتقّاتها.
2- يمكن إدخال البضائع المحتكرة ضمن الشروط التي تحدّدها إدارة الجمارك والمؤسّسات أو الشركات التي أنيط بها قانوناً حقّ الاحتكار.
3- يبقى إجبارياً في المنطقة الحرّة، الحصول على الرخصة الخاصة اللازمة لاستيراد المواد المشبّهة بالمتفجّرات أو المواد الخطرة ولصنع هذه المواد أو لخزنها.
كما تنصّ المادة 205 منه على: لا تقبل في وضع المستودع العمومي المنتوجات الحاملة علامات كاذبة أو علامات مشبوهة، وأنواع البارود والمتفجّرات والمواد الشبيهة بها، والمواد القابلة للإلتهاب، والبضائع التي تظهر فيها علامات الفساد أو العطل، والبضائع التي يعرض وجودها في المستودع لأخطار أو التي قد تضرّ بجودة المنتوجات الأخرى، والبضائع التي يتطلّب حفظها إنشاءات خاصة غير متوفرة في المستودع العمومي، والبضائع المنفرطة.
فكيف قامت الجمارك بكلّ هذا الإجراء أو رضيت به؟!
*رئيس مصلحة القضايا في الضمان الإجتماعي وعضو المجلس الإقتصادي والإجتماعي.
“محكمة” – الأربعاء في 2020/8/5