قوى الأمن على الجبهة ضدّ “كورونا”.. والإستقرار الأمني أولوية/عماد عثمان
اللواء عماد عثمان:
فجأة صار العالم الواسع من أقصاه إلى أقصاه أسير جرثومة، أركعت أقوياءه، وأنزلت به الخوف والمرض والموت. جائحة تهدِّد الإنسانية جمعاء على حدِّ قول الأمم المتحدة، ويتساوى أمام جبروتها القويُّ والضعيف، والغنيُّ والفقير، والمتقدِّم والمتخلِّف.
لبنان، البلد الصغير، وجد نفسه أمام هذا العدو المميت، وهو إذا كانت إمكاناته محدودة في الأساس، فإنه كان وسط أزمات متوالية، واضطرابات أهلية واجتماعية ومالية واقتصادية على مدى شهور ثقيلة الوقع منذ الربع الأخير من العام 2019، ليجد نفسه في مواجهة وحش الـ”كورونا”، بما تبقَّى لديه من مناعة تتمثَّل بمؤسَّسات دولته وفي مقدَّمها مؤسَّستنا.
وإذا كانت قوى الأمن الداخلي قد نالت أكثر من غيرها، مع الجيش وبقيَّة الأجهزة الأمنية، حصَّتها من التعب والاستنفار والانتشار على الأرض منذ الحراك الشعبي في تشرين الأول، فإنها انخرطت مباشرة وبكلِّ قوَّتها في المعركة لحماية اللبنانيين من هذا العدو الذي لم نواجه مثيلاً له على الاطلاق.
جميع قطاعات قوى الأمن الداخلي عملت على جبهات عدة لمواجهة وباء “كورونا” الذي تبيَّن أن أهمَّ طريقة لصدِّه، إلى حين اكتشاف علاج ومضادات له، هو الحجْرُ المنزلي والتباعد الاجتماعي.
سارعت قوى الأمن، وفقاً لما ينصُّ عليه القانون، إلى تطبيق قرار مجلس الوزراء التعبئة العامَّة، فسيَّرت دوريَّات، وأقامت حواجز، ونظَّمت محاضر بالمخالفين. وترافق ذلك مع حملة توعية للمواطنين عبر مكبِّرات الصوت في الأحياء، حيث جالت سيارات قوى الأمن، وكذلك عبر منصَّات قوى الأمن على مواقع التواصل الاجتماعي.
بالتوازي، اهتمَّت الوحدات المختصَّة بموضوع السجون وكيفية عدم نقل هذا الوباء إلى داخلها، خوفاً من انتشاره، فعمدت مع جمعيات ومنها الصليب الأحمر اللبناني، إلى تعقيم السجون وتوزيع منشورات توعوية على المساجين وعلى العناصر المولجين حماية السجون انطلاقاً من حرصنا على سلامتهم.
وشدَّدنا على ضباط وعناصر قوى الأمن ضرورة الالتزام بالإجراءات والتباعد الاجتماعي. وأصدرنا مذكرة خدمة عن الاحتياطات وكيفيَّة التصرُّف حيال هذا المرض، نبَّهنا فيها إلى أن القانون العسكري فرض التحية العسكرية بيننا ولم يلزم بالمصافحة أو أيِّ تقارب اجتماعي آخر بين العناصر الأمنية أثناء تأدية خدمتهم.
وإلى جانب مجابهة هذا العدو الخطير والمعدي، لم تتوانَ قوى الأمن عن تنفيذ واجبها تجاه المواطنين، فكشفت شعبة المعلومات شبكة دولية لتهريب المخدرات من لبنان، إضافة إلى ما يكشفه بشكل يومي مكتب مكافحة المخدرات، وما كشفه مؤخراً عن ضبط كمية من حشيشة الكيف معدّة للتهريب إلى خارج لبنان وتعدّ أكبر كمية في تاريخ المكافحة وغير مسبوقة، عدا عن استمرار كشف عمليات القتل والسرقة والاعتداءات وغيرها.
إن المرحلة التي يمر بها لبنان هي من أصعب المراحل على مختلف الأصعدة، صحياً، مالياً، اقتصادياً واجتماعياً، ومن شأن هذه الأزمات أن تخلق حالة من عدم الاستقرار، لكننا في قوى الأمن، كما كنا دائماً، سيبقى الاستقرار الأمني للوطن والمواطن أولوية مطلقة لنا.
(المصدر: مجلّة الأمن التابعة للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي).
“محكمة” – الأربعاء في 2020/4/8