“كتاب فضائحي” من المحامية جيهان أبو عيد ضدّ قضاة.. والقضاء لم يحكم بشطبها/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
القضاء نفسه الذي حرّك قوّة أمنية من مفرزة طرابلس القضائية لتوقيف المحامية جيهان أبو عيد صباح اليوم، يَقْبَل تمثيلها لموكّليها أمامه، ويسجّل ما تقدّمه أمامه من دعاوى وشكاوى ومذكّرات ولوائح واستدعاءات، ومحاضرُ دوائر التحقيق والمحاكم العدلية والشرعية تشهد على ذلك، وهي محاضر رسمية لا يمكن للقضاء نفسه أن يزوّرها، أو أن يدعي أنّها مزوّرة.
وهذا القضاء نفسه إستنفر وحرّك مواقع إلكترونية إعتاد على بثّها “لواعج” تحقيقات أوّلية خلافًا للقانون لنشرها، ويفترض أن يحاسب عليها من داخل القضاء نفسه، بهدف الردّ على ما سبقتها إليها “محكمة” بشأن توقيف أبو عيد وطريقة حصول هذا التوقيف وكأنّ القوّة الأمنية تلاحق مسلّحًا من الطراز الذي لا يُقاوم.
لقد ركّز هذا القضاء ومعه نقابة المحامين في طرابلس على أمر واحد في تحدّيهم لـ“محكمة” وهو أنّ أبو عيد محامية مشطوبة من الجدول العام، وتناسى الطرفان كيفية حصول الإعتقال أو التوقيف، لذلك لا بدّ من ذكر الحقيقة كاملة وناصعة لتبقى راسخة لدى من يعنيه الأمر ولكي تأتي تصرّفاته في المستقبل متطابقة مع القانون ما دام الإحتكام إليه هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة المنصفة التي لا نقبل عنها بديلًا.
لقد اتخذ مجلس نقابة المحامين في طرابلس في عهدي النقيبين فهد المقدّم وعبدالله الشامي قرارًا بتعليق قيد المحامية جيهان أبو عيد في الجدول العام من أجل حثّها على إجراء تسوية مع عدد من القضاة لكي تسقط الدعاوى المقامة منها ضدّهم، بعد توقيفهم لها في العام 2017 من دون وجه حقّ وخلافًا للقانون، فاستأنفته، ثمّ منعها من مزاولة المهنة فاستأنفته أيضًا، ولم يبق أمام المجلس المذكور سوى شطبها ففعلها ولم تتبلّغه بشكل رسمي، ومع ذلك استأنفته أمام محكمة الإستئناف الناظرة في الدعاوى النقابية في الشمال والتي لم تصدر لغاية اليوم حكمًا باتًا ونهائيًا في هذا القرار.
والكلمة الفاصلة تعود للقضاء في تأكيد عملية الشطب أو إلغائه، وليس لمجلس نقابة المحامين الذي من الطبيعي أن يتمسك بتمجيد قراره واعتباره نهائيًا ولكنّه قرار نقابي وليس قضائيًا ومبرمًا، وبالتالي يفتقد الصفة القانونية النهائية ما دام القضاء هو الحكم، والدليلُ السهلُ الممتنع أنّ جيهان أبو عيد واظبت طوال الفترة الماضية ولغاية يوم أمس الثلاثاء الواقع فيه 11 كانون الثاني 2022، على ارتداء “روب” المحاماة والدخول به بشكل علني إلى قصور العدل ودارة النقابة في طرابلس والمثول أمام القضاء، وهذا ما تشي به جملة محاضر وسجّلات قيود دوائر تحقيق ومحاكم عدلية وشرعية باختلاف درجاتها.
قرار يؤكّد أنها محامية
وتتفرّد “محكمة” بنشر نموذج عن القرارات والمحاضر القضائية التي يرد فيها اسم المحامية جيهان أبو عيد بصفتها القانونية وبتمثيلها لموكّليها من باب تأكيد المؤكّد، وقد اخترنا على سبيل المثال لا الحصر، قرارًا صادرًا عن محكمة طرابلس الشرعية السنّية برئاسة القاضي الشيخ عمر البستاني يردّ فيه بالقانون على ما أدلى به محام زميل لها في دعوى ضدّ موكّلتها وقد جاء فيه التالي:
“حيث إنّ المادة 108/محاماة تنصّ على أنّ الأحكام التأديبية الصادرة بصورة غيابية تقبل الإعتراض من المحامي المحكوم عليه، كما وأنّ للمحامي وللنيابة العامة الحقّ باستئناف كلّ قرار يصدر عن المجلس التأديبي ومحكمة الإستئناف تفصل فيه،
وحيث إنّ المادة 111/محاماة تنصّ على أنّ معاقبة المحامي بالحبس أو الغرامة إذا مارس مهنته بعد منعه أو شطبه بموجب قرار تأديبي مبرم،
وحيث إنّه من هذا المنطلق وبعد تصريح النقابة بأنّه يوجد استئناف ولم يصدر حكم بالإضافة إلى أنّها لم تتبلّغ القرار الأوّل، وبالتالي لا تكون القرارات الصادرة عن النقابة مبرمة، الأمر الذي يجعل اعتبار المحامية جيهان أبو عيد وكيلة في هذا الملفّ”.
على أنّ الأهمّ من كلّ ذلك أنّ قضاة في محافظة الشمال أبدوا انزعاجهم من مضمون كتاب تحذيري وجّهته المحامية جيهان أبو عيد إلى قاضي التحقيق الأوّل سمرندا نصّار ويتعلّق بها وبالقاضي(…)، وأودعته قلم دائرتها، وربّما من حقّ هؤلاء القضاة أن يلاحقوها ولا خلاف على ذلك من دون الخوض في مضمون كلمتها سواء أكانت محقّة أم مخطئة، فالتقدير يعود للطرفين نفسيهما، لكن بعد اتباع الأصول والإجراءات القانونية.
تحرّك مجلس القضاء والتفتيش
ومن واجب هيئة التفتيش القضائي ومجلس القضاء الأعلى أن يطلعا على كتاب أبو عيد والوقوف على خطورة مضمونه لتبيان الحقائق والخيط الأبيض من الخيط الأسود، وإنْ لم يحصل هذا الإطلاع وتحديد المصير والمسؤوليات، فإنّ “محكمة” ستنشره في الوقت المناسب كاملًا.
ومن وجد في مذكّرة أبو عيد تطاولًا عليه أو على زملائه، يرزح تحت رواتب شهرية لم تعد تطعم أولادهم خبزًا نتيجة تدنّي قيمتها الشرائية في مشهد إذلالي أفظع للكرامة الإنسانية، ولم تحرّكه نخوته ضدّ كلّ الفاسدين ومسبّبي الانهيار الشامل للوضع الإقتصادي والمعيشي والحياتي في لبنان، لا بل انتهز فرصة العمر لإثبات وجوده فأصدر إيعازًا إلى القوّة الأمنية لإحضار كاتبة المذكّرة المحامية جيهان أبو عيد إلى مفرزتهم والتحقيق معها وتوقيفها حتّى ولو كان الأمر خلافًا للقانون.
وتمّ اقتياد المحامية جيهان أبو عيد بالقوّة إلى مقرّ المفزرة للتحقيق معها ورافقتها شقيقتها المحامية رانيا أبو عيد التي حاولت إفهام العناصر الأمنية أنّ تصرّفهم مخالف للقانون، ولكن دون جدوى.
تحفّظ
وبحسب معلومات “محكمة”، فإنّ المحامية جيهان أبو عيد، رفضت إعطاء إفادتها أمام المفرزة القضائية، وتحفّظت على محضر التحقيق، متسلّحة بنصّ المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة التي “تمنع استجواب المحامي عن جريمة منسوبة إليه قبل إبلاغ الأمر لنقيب المحامين الذي يحقّ له حضور الإستحواب بنفسه أو بواسطة من ينتدبه من أعضاء مجلس النقابة، فضلًا عن أنّه لا يجوز ملاحقة المحامي لفعل نشأ عن ممارسة المهنة أو في معرضها إلّا بقرار من مجلس النقابة.”
وبناء لإشارة النيابة العامة الاستئنافية في الشمال ختم محضر التحقيق وأوقفت المحامية جيهان أبو عيد وأدخلت إلى النظارة.
الكتاب التحذيري
وللكتاب التحذيري الذي قدّمته المحامية جيهان أبو عيد إلى قاضي التحقيق الأوّل في الشمال سمرندا نصّار، فله حكاية خاصة وملخّصها أنّ أبو عيد قدّمت في العام 2019 شكوى مباشرة أمام نصّار ضدّ نقيب المحامين في الشمال الأسبق عبدالله الشامي(توفّي خلال وجوده عضوًا في المجلس الدستوري) تنسب فيها إليه جرائم التزوير واصطناع مستند والتدخّل في خطفها وحجز حرّيتها، فما كان من نصّار إلّا أن أودعت هذه الشكوى درج النسيان من دون سبب واضح ولم تبادر إلى تسجيلها كما تقتضي الأصول حتّى وفاة الشامي.
وبعد مراجعات عديدة قامت بها أبو عيد لقلم القاضي نصّار لم تنل جوابًا قانونيًا سليمًا عن سبب عدم تحريك الشكوى والنظر فيها سلبًا أو إيجابًا، فوجّهت يوم الجمعة الواقع فيه 7 كانون الثاني 2022، كتابًا تحذيريًا إلى نصّار سلّمته إلى مساعدها القضائي لعدم وجود الأخيرة في مكتبها، وذلك لكي يسلّمها إيّاه عند حضورها.
وممّا ورد في هذا الكتاب أنّ “أغلب قضاة التحقيق لدى دائرتكم يتطاولون على المستدعية بسبب جهلهم لقانون تنظيم مهنة المحاماة، وأنّ التطاول على محام أثناء وبسبب ممارسة المهنة هو جرم يعاقب القانون عليه ويعاقب في عقوبته جرم التعرّض لقاض.
وإنْ أنسى فلن أنسى أنّكم أنتم أيضًا سبق ومارستم أبشع أنواع التطاول والتحقير وخنتم قسمكم وتسبّبتم بضياع حقوقي عندما رفضتم تسجيل الشكوى المباشرة المقدّمة مني ضدّ نقيب المحامين السابق وآخرين في قلم الدائرة رغم وضوح نصّ المادتين 68 و70 أ.م.ج. إلّا بعد ان أقبل بحذف صفتي كمحامية منها، وعندما رفضت قمتم برمي الشكوى جانبًا طوال سنتين إستخفافًا بكرامتي ومكانتي وسمعتي ولم تسّجلوها إلّا بعد مرور عامين كاملين على تقدّمي بها…”.(لا تزال هذه الشكوى غير مسجّلة لغاية اليوم).
وتذكر أبو عيد أنّه سبق للقاضي نصّار نفسها أن اعتبرت في دعوى أخرى ضدّ محام مشطوب تأديبيًا أنّه محام ولم يصدر أيّ قرار مبرم بحقّه عن القضاء المختص وقالت لها أبو عيد:” إذا أنت تعرفين القانون جيّدًا”.
وأشارت أبو عيد إلى أنّ القاضي(…) أصرّ على تبليغ موكّل أبو عيد في إحدى الدعاوى لصقًا وكأنّه ليس له وكيل قانوني بسبب وجود قرار شطب بحقّها في الملفّ مع أنّ قرار الشطب صادر عن نقابة المحامين وليس عن القضاء، والقرار نفسه يؤكّد أنّ أبو عيد محامية.
وطلبت أبو عيد من نصّار “الطلب إلى جميع قضاة التحقيق في دائرتكم عدم التعرّض لي، لا بل أطلب إحالة كلّ ملفّ أكون فيه كوكيلة أو كمدعية إلى قاضي التحقيق بلال ضناوي كونه الوحيد الذي لم يتعرّض لكرامتي من بينكم جميعًا(…)”.
كما طلبت أبو عيد إحالة الملفّ الموجود لدى القاضي(…) إلى القاضي ضناوي، وأمهلت نصّار لغاية يوم الإثنين الواقع فيه 10 كانون الثاني 2022 لاتخاذ قرارها وإلّا فإنّها سوف تتقدّم بشكوى ضدّ القضاة.
ويتضمّن الكتاب التحذيري عبارات يستشفّ منها قدحًا وذمًّا على أنّ مضمونه خطر جدًّا في ما لو صحّت سطوره!
وهذه هي المرّة الثانية التي يتمّ توقيف جيهان أبو عيد بعد مرّة أولى في العام 2017 بسبب خلافها مع مجلس نقابة المحامين في الشمال.
“محكمة” – الأربعاء في 2022/1/12