مقالات

كفى! آن أوان عودة النازحين السوريين فورًا/أنطونيو الهاشم

أنطونيو الهاشم (نقيب المحامين سابقاً):
لبنان لم يعد يحتمل. سنوات من النزوح السوري استنزفت موارده، وأثقلت كاهل أمنه ومجتمعه. لم يعد بالإمكان التستر على الكارثة التي حلت ببلد صغير يرزح تحت أزمات وجودية متلاحقة. لقد تحوّل النزوح السوري إلى قنبلة ديمغرافية، اجتماعية، وأمنية تهدد كيان لبنان وهويته.
في بلد بالكاد يستطيع تأمين الكهرباء لمواطنيه، أصبح على اللبنانيين تقاسم شحّ الموارد مع أكثر من مليوني نازح سوري. الوظائف سرقت، البنية التحتية دُمّرت، الأمن انفلت، والمجتمع اللبناني بات غريبًا في أرضه. السوريون يحتلون أماكن العمل، يزاحمون اللبناني في لقمة عيشه، يستفيدون من دعم دولي لا يصل إلى اللبناني المحتاج، ويشكلون عبئًا على المدارس، المستشفيات، والكهرباء التي لم تعد تكفي حتى أهل البلد.
أما الكارثة الديمغرافية، فهي الأخطر. هل يدرك اللبنانيون أن نسبة السوريين باتت تشكّل ما يقارب 30% من سكان لبنان؟ هل نحتاج إلى دروس في التاريخ لنفهم أن أي خلل ديمغرافي قد يكون مقدمة لاضطرابات لا تُحمد عقباها؟ هل ننتظر حتى يصبح لبنان وطناً بديلاً كما يحلم البعض؟
كل يوم، أخبار الجرائم تتصدر الصحف: سرقة، اعتداءات، مشاجرات مسلحة، شبكات دعارة، تهريب، عمليات خطف… هل المطلوب أن يتحول لبنان إلى دولة سائبة لا سلطة فيها؟ الأجهزة الأمنية ترفع الصوت، البلديات تصرخ، والمواطنون يئنون تحت وطأة فلتان غير مسبوق، لكن لا حياة لمن تنادي.
الأخطر أن لبنان لم يعد يملك قراره في هذا الملف. الدول الغربية تموّل بقاء النازحين لأبعادهم عنها ،الأمم المتحدة ترعى استدامة هذا النزوح، والمنظمات الدولية تتعامل مع لبنان وكأنه مجرّد مخيم دائم لهم. هل أصبحنا رهائن على أرضنا؟ هل نُجبر على تحمّل وزر الحرب السورية إلى الأبد؟
الحل واضح، لا يحتمل التأجيل ولا أنصاف الحلول: عودة السوريين فورًا، ليس طوعيًا، بل إلزاميًا. سوريا ليست دولة مغلقة، والحرب انتهت في معظم المناطق. من يستطيع الذهاب إلى سوريا لقضاء العطل وشراء البضائع والانتخاب، يستطيع العودة للعيش هناك. الحجج سقطت، والأعذار لم تعد تقنع أحدًا.
لبنان لم يوقع عقدًا أبدياً لإيواء النازحين. وجودهم أصبح خطراً وجودياً على الدولة، ولم يعد هناك مجال للمجاملة أو الخضوع للابتزاز الدولي. على الدولة اتخاذ قرار سيادي صارم بإجبار النازحين على العودة، وإلا فإن الانفجار قادم، ولبنان لن يكون الضحية وحده، بل المنطقة بأكملها.
كفى! لبنان ليس مستوطنة، ولا غرفة انتظار لأحد. فليعودوا اليوم قبل الغد كي لا يحصل الانهيار.!
“محكمة” – السبت في 2025/2/15

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!