لأنّني محجّبة.. مُنعتُ من دخول القضاء اللبناني/ أماني عالجي
المحامية أماني محمّد سعدي عالجي:
إنّ ما يمنع دخول المرأة إلى القضاء هو عرف داخلي عندهم، هكذا قال لي أحد القضاة الذي أتحفّظ على ذكر اسمه في الوقت الحاضر، وهو من أجرى معي الامتحان يوم تقدّمت بطلب للدخول إلى معهد القضاء في وقت ليس بقريب.
حينها كانت اللجنة مكوّنة من ثلاثة قضاة، الأوّل مسيحي والثاني سنّي، والثالث شيعي. لدى دخولي غرفة الامتحانات خرج القاضي المسيحي من الباب الثاني الموجود بذات الغرفة دون أن يوجّه لي أيّ سؤال، وقال القاضي السنّي: “هلأ صرنا مسلمين مع بعض، يلا خبّرينا شو قصّة هالحجاب”، وظلّ القاضي الشيعي ساكتاً ينظر إليّ ويداه مكتفتان.
لا أخفي عليكم أنّني كنت خائفة جدّاً باعتبار أنّه امتحان يحسب له ألف حساب، إلاّ أنّه ولدى سماعي السؤال المطروح عليّ لا أعلم من أين أتتني الشجاعة، فقلت له مبتسمة: “يتوجّب أن تكون حضرتك على علم بأمره أكثر مني طالما صرنا مسلمين مع بعض.”
أجابني القاضي:” لا يمكنك الدخول وأنت محجّبة”.
أجبته “بأنّ حرّية المعتقد مكفولة بمقتضى الدستور، ومعتقدي يفرض عليّ الحجاب، وأنا لست هنا لتطبيق الشرع الإسلامي في عملي، بل لتطبيق القانون الوضعي الذي تعلّمته في الجامعة، وهذا لا دخل له بالحجاب”.
أجابني:” نحن لدينا عرف داخلي، قوليلي هلأ بتشلحيه”.
أجبته دون تردّد: “لا” ، وقلت له:” إنّ الدستور يتقدّم على الأعراف”.
فقال:”هذه حرّيتك الشخصية بتمنّالك مستقبل غير القضاء”.
وهكذا انتهى ذلك الإمتحان الذي لا أزال أذكر تفاصيله بالحرف وبدقّة.
تقدّمت بعد ذلك بطلب للدخول إلى نقابة المحامين في بيروت ونجحت، وكانت هذه النقابة سبّاقة في تطبيق المبادئ الدستورية بعدم التمييز وسمحت بانتساب الفتيات المحجّبات إليها، غير أنّ المفاجأة بالنسبة إليّ كانت رؤية بعض القضاة من الطائفة المسيحية التي أحترم وأقدّر، يأتون في يوم الصوم ويصعدون إلى قوس المحاكم والرماد على جباههم. ألا يدلّ هذا الأمر على عدم المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وهو أمر مكفول أيضاً بمقتضى الدستور اللبناني؟
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/4/9