مقالات

لا تتبجّحوا بدفاعكم عن الحرّيات العامة وحقوق الإنسان/ناضر كسبار

ناضر كسبار (نقيب المحامين السابق في بيروت):
كان استاذنا في كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية العميد البروفسور فايز الحاج شاهين، يقول اثناء إعطائه الدروس لنا، انه يتحدى من يستطيع إعطاء تعريف موحّد للانتظام العام  l’Ordre public        وللآداب العامة moeurs publiques Les. إذ إنّ المبادئ المتعلقة بها تختلف بين بلد وآخر وبين منطقة وأخرى.
والامر ذاته يتعلق بالديمقراطية التي تتغنّى بها الشعوب والتي يختلف تطبيقها بين بلد وآخر، وبين منطقة وأخرى. وفي هذا المجال يروي النقيب الشيخ ميشال خطار – رحمه الله- أنّ أحد الزعماء في منطقة معيّنة، كان يتكلم، عندما رفع احد الحاضرين يده تمهيداً لطرح سؤال بدا وكأنه اعتراض على كلام الزعيم الذي قال له:
أنزل يدك.
وعندما استفسر عن السبب أجاب الزعيم:
لأنّ الديمقراطية تقتضي ان تنزل يدك(عن كتاب القضاة والمحامون-مواقف وطرائف).
أما التحدي الاكبر، فهو اعطاء تعريف للحريات العامة وحقوق الانسان. ففي البلدان التي تدعي التقدم، وخصوصاً في الغرب، تعاقب القوانين على التحرش الجنسي، وعلى التحرش اللفظي. ويقيمون الحلقات التلفزيونية حول هذه المواضيع. وتقوم القيامة اذا تلفظ الاب بكلمة نابية امام اولاده…إلا ان هذه الدول المتقدمة، لا تنظر الى ما يحصل في بعض الدول من قتل وسحل وخطف وتجويع وتدمير، لا بل قد تساهم في مثل هذه الاعمال. فعن اي حقوق إنسان يتكلمون ويجاهرون، ويدفعون لجمعيات تدعي انها خيرية، وانها تدافع عن حقوق الانسان وحرياته؟ وتهاجم من تهاجم، وباتت تملك ملايين الدولارات وتتحكّم ببعض مفاصل الوطن والاعلام.
وبالتالي، كيف يمكن الكلام عن حقوق وحريات، والشعوب المغلوب على امرها تقتل، وتخطف، وتُقصف، وتُشرد، وتجوع، وتعطش، وتموت بسبب عدم توفر الاستشفاء والادوية، وتدمّر بيوتها، من دون ان يرف جفن للمسؤولين في دول العالم؟ ومن دون ان تستنفر هذه الهيئات والجمعيات وتقيم الدنيا ولا تقعدها الى حين وقف مثل هذه المجازر.
ولحين تحقيق ذلك، لا تتبجحوا بدفاعكم عن الحريات العامة وحقوق الانسان، حتى ولو كنتم قد اشتريتم بعض الاعلام، وانشأتم السايتات وغيرها بأموال خارجية، وتتنعمون بالاموال الطائلة التي تردكم من الخارج.
“محكمة” – الإثنين في 2024/4/29

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!