لا مرور زمن على الوكالة المنظّمة للمحامي/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الناظرة في دعاوى الإيجارات، والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، عدّة نقاط تتعلّق بمدى صحّة الوكالة المنظّمة للمحامي بعد مرور عشرين سنة على تنظيمها، وما إذا كان يمكن قبول طلب التدخّل. فاعتبرت أنّ الوكالة لا تنتهي إلاّ عند توافر أحد الأسباب التي حدّدتها المادة 808 أصول مدنية، ولم يذكر مرور الزمن من ضمنها.
كما اعتبرت المحكمة أنّ للمستأنفة وعليها المصلحة الشخصية والمشروعة للتدخّل في الدعوى تدخّلاً أصلياً والمطالبة بحصّتها من بدل المثل عن فترة الإشغال.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2019/12/26:
• لجهة طلب التدخّل:
وحيث ان الجهة المستأنف بوجهها المستأنفة تطلب فسخ الحكم المستأنف والحكم مجدداً برد طلب تدخل السيدة ل. في الدعوى الراهنة، لمخالفة الحكم المذكور احكام المادة /41/ من قانون أصول المحاكمات المدنية بقبوله تدخّلها شكلاً وأساساً، كون الوكالة المنظّمة من الأخيرة للأستاذة ن. لتمثيلها في الدعوى الراهنة، قد مضى عليها أكثر من /20/ سنة، ما يستوجب تنظيم وكالة جديدة أو استجواب السيّدة ل. لجلاء الحقيقة وتبيان سبب الاختلاف بين توقيعها الوارد على الوكالة وذلك على سند الإيجار الجديد، فضلاً عن أنّ السيّدة ل. لم تكن متمثّلة في دعوى الإسقاط من حقّ التمديد، كما أنّه من غير الجائز قبول طلب التدخّل بعد اختتام المحاكمة، لاسيّما بعد صدور حكم الإسقاط من حقّ التمديد القانوني بداية واستئنافاً.
وحيث ان الجهة المستأنفة وعليها تطلب من جهتها، تصديق الحكم المستأنف لناحية قبول تدخّل السيّدة ل. وتمثلها في الدعوى الحاضرة، مدلية بصحّة وقانونية تدخّل المالكة بالشيوع الموصى لها في الدعوى على اعتبار أنّ الوكالة المنظّمة من قبلها للأستاذة ن. هي وكالة عامة قضائية، لا تنقضي بمرور الزمن العشري وهي تتعلق بالتمثيل في جميع المراجعات القضائية. وبالتالي لا تعتبر منتهية بموجب أيّ من الحالات الملحوظة في المادة /808/ من قانون الموجبات والعقود، فضلاً عن أيّ طلب تدخّل السيدة ل. مقبول سنداً لأحكام المادة /38/ من قانون اصول المحاكمات المدنية، كونه يهدف إلى إثبات حقوقها وحمايتها والحكم لها بطلبات متلازمة مع الطلبات الأصلية.
وحيث وبمراجعة طلب التدخّل المقدّم من المستأنفة وعليها السيدة ل. (طالبة التدخل بدايةً) يتبيّن أنّه رمى إلى قبول تدخّلها في الدعوى الراهنة تدخّلاً ضمنياً تأييداً لمطالب باقي المستأنفات وعليهن (المدعيات بدايةً) على اعتبار أنّها مالكة معهنّ لـ /2000/ سهم في العقار الواقع فيه المأجور موضوع الدعوى، طالبة الحكم لها ببدل مثل عن إشغال المأجور المذكور.
وحيث من نحو أوّل، وبالعودة الى مضمون الوكالة المنظمة من المستأنفة ل. (طالبة التدخل بداية) للمحامية ن. والمصدقة اصولاً لدى الكاتب العدل في بيروت الاستاذ غسان بزي بتاريخ 1997/12/13، يتبيّن في مستهلّها ورود عبارة “سند توكيل عام شامل مطلق” وانها اجازت للوكيلة الاستاذة ن. من بين الاعمال والصلاحيات المعددة في متنها، تمثيل الموكلة في كل دعوى تقام منها أو عليها وذلك امام المحاكم والدوائر كافة على اختلاف درجاتها ووظائفها، فتكون بالتالي للوكيلة الصفة القانونية لتقديم طلب التدخّل الحاضر.
وحيث بالنسبة لإدلاء الجهة المستأنف بوجهها المستأنفة بسقوط التوكيل المذكور أعلاه بمرور الزمن، فإنّ المادة /769/ من قانون الموجبات والعقود، تنصّ على أنّ الوكالة عقد بمقتضاه يفوّض الموكّل إلى الوكيل القيام بقضية أو بعدّة قضايا أو بإتمام عمل أو فعل أو جملة أفعال ويشترط قبول الوكيل، في حين تنصّ المادة /808/ من القانون عينه على حالات محدّدة حصراً تنتهي فيها الوكالة.
وحيث إذاً، الوكالة لا تنتهي إلاّ عند توافر أحد الأسباب التي حدّدتها المادة /808/ المشار اليها اعلاه ولم يذكر مرور الزمن من ضمنها، لذلك فإن مرور الزمن لا يسري على الوكالة التي تستمرّ منتجة لمفاعيلها القانونية مهما تقادمت في حال عدم توافر أحد الشروط الخاصة لإنهائها، وأنّ ذلك يأتلف مع الطبيعة القانونية المميّزة لعقد الوكالة لاسيّما لجهة كون عقد الوكالة لا ينقل حقّاً أو التزاماً، بل يعطي الوكيل السلطة للقيام بعمل معيّن، وبالتالي تردّ إدلاءات الجهة المستأنف بوجهها المستأنف المخالفة لهذه الوجهة.
وحيث يقتضي أيضاً ردّ ما تدلي به الجهة المستأنف بوجهها المستأنفة لناحية اختلاف التوقيع الوارد في هذه الوكالة عن ذلك الوارد في عقد الإيجار الجديد تبعاً لعدم ثبوت تزوير الوكالة المذكورة أو أقلّه عدم ثبوت ما يخالفها، وبالتالي لا حاجة لدعوة المستأنفة وعليها ل. واستيضاحها حول مطالبها.
وحيث من نحو ثانٍ، وبالعودة إلى أوراق الملفّ الابتدائي، يتبيّن من الافادة العقارية العائدة للعقار رقم /4120/ المزرعة الواقع فيه المأجور موضوع الدعوى، أنّ المرحوم ن. كان يملك /2000/ سهم في العقار المذكور، كما يتبيّن من خلال قرار ثبوت وفاة الأخير وحصر إرثه تاريخ 1999/12/28 ومن خلال الوصية المنظّمة من قبله بتاريخ 1999/4/20 المعتمدة من قبل القرار المذكور لتوزيع تِرْكته، أنّ المستأنفة وعليها ل. (طالبة التدخل بداية) تملك بالتساوي والاتفاق مع شقيقاتها المستأنفات وعليهن كل ما يملكه المرحوم ن. من أموال منقولة وغير منقولة.
وحيث ان موضوع الدعوى الراهنة يرمي الى مطالبة الجهة المستأنف بوجهها المستأنفة ببدل مثل عن اشغالها المأجور موضوع الدعوى منذ تاريخ 2010/12/30 ولغاية تاريخ 2014/5/29.
وحيث بالتالي تكون للمستأنفة وعليها ل.(طالبة التدخل بداية) المصلحة الشخصية والمشروعة للتدخل في الدعوى الراهنة تدخّلاً أصلياً والمطالبة بحصّتها من بدل المثل عن فترة إشغال الجهة المستأنف بوجهها عملاً بأحكام المادة /40/ من قانون أصول المحاكمات المدنية.
وحيث إنّ شروط المادة /30/ من قانون أصول المحاكمات المدنية متوفّرة بدورها، إذ إنّ الطلب الطارئ المقدّم متلازم مع الطلب الأصلي ولا يخرج النظر فيه عن الاختصاص الوظيفي والنوعي للمحكمة الناظرة في الطلب الأصلي، كما أنّه ليس من اختصاص هيئة تحكيمية.
وحيث إنّ ما انتهى إليه الحكم المستأنفة بقبوله طلب تدخّل المستأنفة وعليها ل. شكلاً، يكون من ثمّ واقعاً في موقعه القانوني السليم وتكون الأقوال المخالفة مردودة.
وحيث بالتالي لا مجال لإدلاء الجهة المستأنف بوجهها المستأنفة بأنّه قد تمّ قبول طلب التدخّل بعد اختتام المحاكمة، لاسيّما بعد صدور حكم الإسقاط من حقّ التمديد القانوني بدايةً واستئنافاً، وذلك تبعاً لاستقلال دعوى الإسقاط من حقّ التمديد القانوني عن الدعوى الراهنة الرامية إلى المطالبة ببدل المثل عن فترة إشغال المأجور دون مسوّغ شرعي، فضلاً عن أنّ طلب التدخّل المذكور قدّم خلال السير بالمحاكمة الابتدائية الراهنة وقبل اختتامها عملاً بأحكام المادة /41/ من قانون أصول المحاكمات المدنية، فتردّ بالتالي جميع الادلاءات المخالفة لعدم صحّتها.
“محكمة” – السبت في 2020/1/11