لا مفاعيل للإنذار المبلّغ من العامل في المأجور غير السكني/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إعتبر القاضي المنفرد المدني في المتن، الناظر في دعاوى الإيجارات الرئيسة اوجينا نصير أنّ الإنذار بوجوب دفع بدلات الإيجار المبلّغ من أحد العاملين في المأجور غير السكني، لا ينتج مفاعيله، لأنّ العامل ليس من عداد أفراد عائلة المستأجر الراشدين المقيمين معه في مسكن واحد.
كما اعتبرت الرئيسة نصير أنّه حال عدم معرفة مكان سكن المستأجر في الأماكن غير السكنية، فإنّه يمكن اللجوء إلى اعتماد التبليغ الإستثنائي.
وقضت بردّ دعوى الإسقاط من حقّ التمديد وإلزام المستأجر بتسديد بدلات الإيجار المتوجّبة.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2020/1/16
بناء عليه،
حيث تطلب الجهة المدعية إسقاط حقّ المدعى عليه وإلزامه بإخلاء الشقّة وتسليمه مفاتيح مخزن رقم 4 و5 و6 وإلزامه بتسديد بدلات الاجارة المتأخّرة والبالغ قدرها /4,410,000/ل.ل. وذلك بعد تبلّغه الإنذار بتاريخ 2016/2/23، وتمنّع عن التسديد رغم انقضاء مهلة الشهرين.
وحيث من جهة ثانية، فإنّ المدعى عليه لم يتقدّم بأيّ جواب في الدعوى الراهنة وقد تمّت محاكمته أصولاً، وإنّ المحكمة في هذه الحالة لا تستجيب لمطالب المدعية إلاّ إذا وجدتها قانونية في الشكل وجائزة القبول ومبنية على أساس صحيح سنداً للمادة 468 أ.م.م.
وحيث بالعودة إلى وقائع النزاع يتبيّن ما يلي:
– يملك المدعي ن.ب. للأقسام /4/و/5/و/6/ في العقار /2889/ برج حمود، وهو ممثّل بواسطة وكيلته المدنية.
– تمّ توقيع عقد إيجار بين الشركة المذكورة بصفتها وكيلة عن المالك المدعي والمدعى عليه خاضع للتمديد القانوني ببدل إيجار سنوي بالغ /1,470,000/ل.ل. يدفع كلّ ثلاثة أشهر سلفاً.
– تمنّع المدعى عليه عن تسديد بدلات الإيجار المترتّبة بذمّته عن المخازن المذكورة من تاريخ 2013/3/1 لغاية 2016/3/31 والبالغة /4,410,00/ل.ل. حسب مطالب الجهة المدعية.
– أرسلت الجهة المدعية إنذاراً بتاريخ 2016/2/23 بواسطة الكاتب العدل تطالبه فيه بتسديد مبلغ /4,410,000/ل.ل. تبلّغه المدعى عليه بتاريخ 2016/3/5 بواسطة السيّد ه.س. الذي يشغل المحلّ حالياً والذي أدلت المدعية لدى تكليفها بيان صفته بأنّه العامل لدى المدعى عليه.
وحيث تدلي الجهة المدعية أنّ محلّ السكن هو مركز العمل ويتمّ إبلاغه شخصياً أو بواسطة أفراد عائلته العاملين معه في مركز عمله وفي حال عدم تواجدهم يبلّغ الإنذار بواسطة مستخدميه عملاً بأحكام المادة 400 أ.م.م. في حال لم يتخذّ محلّ إقامة خلال مهلة شهرين من تاريخ إنفاذ هذا القانون حسب إدلاءاتها.
وحيث تنصّ المادة 40 معطوفة على المادة فقرة أ من القانون رقم 2017/2/27 على ما يلي:
“يسقط الحقّ بالتمديد ويحكم على المستأجر بالإخلاء في الحالات التالية:
إذا لم يدفع ما استحقّ عليه من بدلات اجارة خلال شهرين بعد تبلّغه بنفسه أو بواسطة أحد أفراد عائلته الراشدين المقيمين معه إنذاراً موجّهاً إليه بموجب بطاقة مكشوفة مضمونة مع إشعار بالإستلام أو بموجب كتاب موجّه إليه بواسطة الكاتب العدل أو بموجب إنذار صادر عن دائرة التنفيذ.
…. في حال تعذّر إجراء التبليغات المشار إليها في الفقرة السابقة، يتمّ التبليغ بواسطة النشر في جريدتين محلّيتين يعيّنهما قاضي الأمور المستعجلة لدى تثبّته من تعذّر التبليغ وذلك بناء على طلب المؤجّر باستدعاء لا يخضع لأيّ رسم أو طابع من أيّ نوع كان وتلصق صورة الإنذار على باب المأجور بواسطة مباشر وتسري مهلة الشهرين من تاريخ حصول آخر معاملة نشر أو لصق”.
وحيث من ناحية أولى، إنّ المشترع خرج عن القواعد العامة في التبليغ الملحوظة في قانون أصول المحاكمات المدنية في المادة 400 أ.م.م. ولا يجوز إزاء النصّ الخاص الوارد في قانون الإيجارات الإستثنائي العودة إلى تلك القواعد العامة، بل يقتضي دوماً الأخذ بالشكليات والأحكام التي فرضها النصّ الخاص، كون الطابع الإستثنائي لقانون الإيجارات يبرّر هذه الخصوصية، فيقتضي ردّ أقوال المدعية لهذه الناحية.
وحيث بالتالي، إنّ المشترع عمد إلى تحديد وسائل الإنذار الحصرية والأشخاص الذين يحقّ لهم تبلّغ الإنذار نظراً للنتائج الخطيرة المترتّبة على ذلك وحرص المشترع على تأمين الحماية الضرورية للمستأجر عند إعلامه بوجوب الدفع وأضاف إلى ذلك عدد الأشخاص الذين بإمكانهم تبلّغ الإنذار بالدفع على خلاف ما هو وارد في نصّ المادة 400 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي وسّعت نطاق الأشخاص الذين بإمكانهم تبلّغ الأوراق.
وحيث إنّه لم ينصّ على أصول خاصة للتبليغ في الأماكن المعدّة لغير السكن بل اكتفى بالإحالة إلى المادة 34 فقرة أ، وإنّ عبارة المقيمين معه هي للدلالة على أفراد عائلة المستأجر المقيمين معه في سكن واحد إذا كان المأجور سكنياً، كما يمكن أن تتحقّق في المأجور غير السكني والإقامة مع المستأجر في هذه الحالة تكون متحقّقة بقيام رابطة عمل وإنْ غير منتظمة أو مجانية بهذا المأجور لمن تبلّغ الإنذار من أفراد عائلة المستأجر الراشدين.(تمييز، الغرفة المدنية التاسعة، نقض رقم 6 تاريخ 2003/6/19، الرئيس لبيب زوين والمستشاران شبطيني العم والياس نايفة)،
وحيث بالتالي، إنّ المشترع أجاز إمكانية إبلاغ الإنذار بواسطة أفراد عائلة المستأجر الراشدين كونه يكون لهم بفعل الإقامة في سكن واحد معه وبفعل كونهم من أفراد عائلته أن يبلغوه بصورة سريعة ومباشرة.
وحيث بالنتيجة، إنّ الإنذار الذي أبلغ من أحد موظّفي المستأجر لا ينتج مفاعيله لأنّ الموظّف لا يعتبر من أفراد عائلته ولو كان المأجور معدّاً لغير السكن كون المستخدم ليس من الأشخاص الذين خوّلتهم المادة المذكورة تبلّغ الإنذار.
وحيث نتيجة ذلك، في حال عدم إمكانية تبليغ المستأجر بالذات وعدم تواجد أحد أفراد عائلته الراشدين المقيمن أو العاملين معه في المأجور غير السكني، وعدم معرفة المؤجّر لعنوان سكن المستأجر، يقتضي عندها إبلاغه الإنذار بواسطة النشر في جريدتين محلّيتين يعيّنهما قاضي الأمور المستعجلة بعد تثبّت من تعذّر التبليغ وتلصق صورة عن الإنذار على باب المأجور بواسطة مباشر وتسري مهلة الشهرين من تاريخ حصول آخر معاملة نشر أو لصق.
وحيث بالتالي، إنّ تبلّغ المستأجر الإنذار بواسطة أحد العاملين لديه هو إنذار غير أصولي ولا يعتدّ به قانوناً، وهو بالتالي غير منتج لمفاعيله لناحية الإسقاط من حقّ التمديد.
وحيث تطلب الجهة المدعية إلزام المدعى عليه بتسديد مبلغ /4,410,000/ل.ل. يمثّل بدلات الإيجار المترتّبة من تاريخ 2013/3/1 لغاية 2016/3/31 أيّ عن ثلات سنوات وشهر.
وحيث إذا كان الإنذار لا ينتج مفعوله لجهة الإسقاط من حقّ التمديد، تبقى إمكانية المطالبة بالبدلات المستحقّة بموجب استحضار الدعوى.
وحيث لم يقدّم المدعى عليه أيّ إثبات على دفعه البدلات المطالب بها رغم تبلّغه كافة الأوراق وفقاً للأصول، لا بل تمسّك بهذا الموقف الذي يستفاد من عدم جوابه رغم توكيله لمحام وتبلّغه أصولاً، فيقتضي تبعاً لذلك إلزامه بتسديد مبلغ /4,410,000/ ل.ل. إلى الجهة المدعية.
وحيث يقتضي في المحصّلة النهائية، ردّ سائر ما زاد أو خالف إمّا لعدم الجدوى، وإمّا لعدم القانونية، وإمّا لكونه لاقى الردّ الضمني في معرض التعليل المبسوط أعلاه، بما فيه طلب إلزام المدعى عليه بتسديد الأشهر اللاحقة حتّى تاريخ الدفع الفعلي لعدم تحديد المبالغ المطالب بها مؤقّتاً وتقديم الطلب وفقاً للأصول وردّ طلبات العطل والضرر لعدم الثبوت.
لذلك
يحكم:
1- ردّ طلب إسقاط حقّ المدعى عليه من التمديد القانوني.
2- إلزام المدعى عليه ه.ب. بتسديد مبلغ /4,410,000/ل.ل. إلى المدعي ن. س. مع الفائدة القانونية من تاريخ تقديم الدعوى لغاية الدفع الفعلي.
3- ردّ كلّ ما زاد أو خالف.
4- تضمين المدعى عليه الرسوم والنفقات كافة.
حكماً صدر وأفهم علناً في جديدة المتن بتاريخ 2020/1/16
“محكمة” – الأربعاء في 2020/11/25