لا يحقّ لقاضي العجلة كمّ أفواه الصحافة وإصدار قرار بصيغة نظام.. قضيّة صعب/قصّاب نموذجاً/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
هل هناك عداء بين القضاء والإعلام؟ ألم تدافع الصحافة مراراً وتكراراً عن القضاء المستقلّ والعادل برمّته في أكثر من مناسبة كان يتعرّض فيها لانتقادات لاذعة من أهل السلطة ومن سياسيين لهم غايات وغايات؟ وهل يعقل أن يقوم مطلق قاض بكمّ أفواه الصحافة في القرن الواحد والعشرين؟ ألم ينته عهد الرقيب؟ أليس قانون المطبوعات هو الحكم بين الوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية، والناس باختلاف طبقاتهم ومشاربهم ومواقفهم وتوجّهاتهم عند وقوع جرائم القدح والذم والتحقير ونشر الأخبار الكاذبة في حال ثبوتها وكما هو منصوص عليها في قانون المطبوعات الساري المفعول بموجب المرسوم الإشتراعي الرقم 104/77 وتعديلاته؟.
منذ متى يسنّ القضاء قوانين وأنظمة، بينما وظيفته في الأساس، تنفيذ نصوص وقوانين أوجدها المشرّع؟ وكيف يحلّ القاضي مكان المشرّع في ظلّ نص قانوني واضح لا يحتاج اجتهاداً؟ ألم تقل المادة الثالثة من قانون أصول المحاكمات المدنية بكلماتها التسع الجازمة والصريحة والواضحة والقاطعة”لا يجوز للقاضي أن يضع أحكامه في صيغة الأنظمة”؟ وهل ما فعله قاضي الأمور المستعجلة في جديدة المتن القاضي أنطوان طعمة لهذه الجهة هو تطويري وتحديثي واستباقي يجاري النهضة الإلكترونية الحاصلة في العالم، أم كان يتوجّب عليه التقيّد بالقانون الموضوع وترك التشريع لأهله في المجلس النيابي؟.
وهل يعقل أن يمنع القضاء كلّ الإعلام اللبناني من التطرّق إلى قضيّة رأي عام نزولاً عند رغبة الطرف الذي يعتقد نفسه متضرّراً في ظلّ وجود حالة وفاة يترك أمر البتّ فيها للتحقيقات؟ ومن قال إنّ هذا الطرف ومهما كبر شأنه أو صغر، هو أهمّ من الشعب كلّه؟ ومن قال إنّ كلّ وسائل الإعلام تريد التعرّض لشخص الدكتور نادر صعب وكَيْل الاتهامات له، فالحكم الاستباقي على النيّات ليس من بنات أفكار العدالة الحقّة؟
وكيف يجيز قاض لنفسه أن يرتدي لباس الأنظمة القمعية في حين أنّ العدالة المتوخاة أقدس الثروات البشرية وأنقاها؟ قد يمنع قاضي الأمور المستعجلة وسيلة إعلامية ما من الخوض في الحديث عن قضيّة ما بعدم نشر خبر معيّن ظرفي وآني ليست له إمتدادات مستقبلية، لكن أن يقوم قاضي الأمور المستعجلة بوضع سيف على رقبة الإعلام من خلال تدبير له مدلولات مستقبلية، فهذا ما لا يقبل به أيّ عاقل، خصوصاً وأنّ هذا الإعلام قائم على الأراضي اللبنانية ويمكن مقاضاته عند ارتكابه ما يخالف قانون المطبوعات.
وهل الشرح المطوّل الذي ذهب إليه القاضي طعمة في حكمه تفسيراً وتوضيحاً لقراره المعترض عليه، مقنع، أمّ أنّه لجأ إلى الإطالة لتغطية خطئه في تصدير قرار بصيغة الأنظمة؟.
ومن قال إنّ كلّ وسائل الإعلام تريد النيل من صعب، أو تريد أن تمارس دورها المعتاد من دون المسؤولية المطلوبة منها، فالحرّيّة الإعلامية مضبوطة بإيقاع عدم الإساءة إلى الآخر، أيّاً يكن هذا الآخر، صغيراً أم كبيراً، مسؤولاً أم مواطناً، وعدم التعرّض له بشكل شخصي ينتج عنه قدح وذم، دون أن يشمل عمله وما نتج عنه من آثار وتداعيات وثمار؟.
وهذه الوسائل الإعلامية لا تكبّل ولا تلجم بمحاسبتها على نيّاتها قبل نشر الخبر ومعرفة مضمونه وفحواه، وبالتالي لا يمكن وضع تدبير دائم يمنعها من الكتابة أو النشر عن قضيّة صارت بيد الرأي العام، علماً أنّ قرارات قاضي الأمور المستعجلة تتصف بالتدابير المؤقّتة اللحظوية، فهل تعميم المنع في حالة المستقبل والمدى الزمني المفتوح إلى ما لا نهاية ولمصلحة فرد واحد، هو إجراء آني، أم أنّه تدبير دائم؟.
وأكثر من ذلك، فإذا برأت التحقيقات القضائية ساحة الدكتور نادر صعب من التسبّب بموت فرح قصّاب، فهل يمكن لوسائل الإعلام نشر هذا الخبر فقط من دون استعراض ما حدث، وذلك لأنّه لمصلحة صعب؟!.
والقول بوجود صعوبة في تحديد أسماء وهويات الأشخاص المعنيين بقرار المنع، مردود، لأنّ كلّ وسائل الإعلام بما فيها المواقع الإلكترونية مسجّلة في قيود وزارة الإعلام ومرخّصة من قبلها، ويمكن تحصيل عنوان الوسيلة المراد تحذيرها أو إلزامها بنشر وإذاعة التوضيح من هذه الوزارة، ومن يستمرّ في خطئه يحال على محكمة المطبوعات التي لا يمكن القبول إلاّ بها لتحديد المخالفات في حال ثبوتها، وإيقاع العقوبات المنصوص عليها قانوناً.
هذا غيض من فيض الأسئلة والاستفسارات التي طفت على الألسن بعد القرار غير المسبوق الذي اتخذه قاضي الأمور المستعجلة في المتن أنطوان طعمة في 8 حزيران 2017، بمنعه وسائل الإعلام من الحديث بكلمة واحدة، عمّا حصل مع المواطنة الأردنية فرح جواد قصّاب التي قضت نحْبها عن عمر 33 عاماً، إثر إجرائها عملية تجميل في مستشفى الدكتور نادر صعب على يد هذا الأخير، ففرض طعمة في قراره رقم 268/2017 منع وسائل الإعلام من تناول هذه القضية في جوانبها التحقيقية تحت طائلة غرامة إكراهية مقدارها خمسون مليون ليرة لبنانية.
قضيّة قصّاب من زوايا عديدة
فقد تناولت مختلف وسائل الإعلام اللبنانية هذه القضيّة من زوايا عديدة، فمنها من تكلّم على الجراحات التجميلية من حيث النجاحات والإخفاقات والمخاطر، ومنها من تابع دقائق وتفاصيل حادثة وفاة قصّاب، ممّا أزعج صعب الذي بادر بواسطة وكيلته القانونية المحامية ميراي شاكر إلى التقدّم بأمر على عريضة إلى القاضي طعمة لمنع أحد من نشر خبر واحد عن هذه القضيّة وعن مسار التحقيقات الجارية فيها.
وسارع القاضي طعمة المعروف بحكمته وحنكته ومهارته القانونية، إلى إصدار القرار التالي:
“بعد الإطلاع على الاستدعاء ومجمل المعطيات الواردة فيه،
وحيث ثابت أنّ الإعلام اللبناني يتداول بشكل مستمرّ بالقضيّة موضوع هذا الاستدعاء،
وحيث إذا كان المبدأ يقضي بالحفاظ على الحقّ في حرّيّة التعبير المصانة دستوراً، يبقى أنّ هذه الحرّيّة يجب أن تمارس بمسؤولية بشكل لا يؤدّي إلى الإضرار بالغير،
وحيث إنّ المسألة المطروحة ترتدي طابعاً إنسانياً وعلمياً وهي تخضع لتحقيقات من قبل القضاء المختص ونقابة أطباء لبنان،
وحيث إنّه حفاظاً على حرمة الموت، ومنعاً من التأثير على مسار التحقيق، فإنّه يتوجّب عدم تناول تلك القضيّة في جوانبها التحقيقية بحيث أنّ الحدّ من حرّيّة التعبير يكون له ما يبرّره في تلك الحالة،
لذلك نقرّر سنداً لنصّ المادة 604 أ.م.م. منع وسائل الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني من تناول القضيّة موضوع الاستدعاء الراهن في جوانبها التحقيقية حفاظاً على القيم والمصالح المبيّنة في متن هذا القرار وذلك تحت طائلة غرامة إكراهية مقدارها خمسون مليون ليرة لبنانية عن كلّ مخالفة لهذا القرار وإبلاغ من يلزم.
قراراً نافذاً على أصله صدر في جديدة المتن بتاريخ 8/6/2017″.
واللافت للنظر أنّ قرار القاضي طعمة استثنى الإعلام المكتوب، أيّ الصحف والمجلّات والمطبوعات اليومية والأسبوعية والشهرية والفصلية والدورية، لأنّه حصر المنع بوسائل الإعلام المرئي أيّ التلفزيونات، والمسموع أيّ الإذاعات، والإلكتروني أيّ المواقع الموجودة على الشبكة العنكبوتية، ولم يعرف ما إذا كانت مواقع التواصل الإجتماعي”فايسبوك”،”تويتر”،”واتساب” من بينها، ولم يرد أيّ ذكر للمطبوعات الورقية التي صارت هي الأخرى تنشر مضامين صفحاتها الورقية على مواقعها الإلكترونية من دون أن يغيّر هذا التصرّف من ملاحقتها أمام محكمة المطبوعات في حال اقترافها مخالفة قانونية ما!.
نقابة المحرّرين تعترض إعلامياً
ولم يرق هذا القرار لكلّ وسائل الإعلام ولنقابة محرّري الصحافة التي أصدرت البيان التالي: “إنّ نقابة المحرّرين، وبعد اطلاعها على القرار الأخير الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة في المتن في شأن قضيّة صعب – قصّاب، تراقب باهتمام تعاطي القضاء مع الإعلاميين في هذا الموضوع، مؤكّدة “حقّ هؤلاء في ممارسة عملهم بهامش الحرّيّة التي تمنحهم إيّاها القوانين المرعية الإجراء، وهذا حقّ كفله الدستور، ولا يمكن لأيّ قرار المسّ به”.
وذكّر البيان “بأنّ الصحافيين والإعلاميين هم في خدمة الحقيقة، ولا يمكن أن يكونوا على هامش قضيّة بمثل هذه الأهميّة، وأنّ الفيصل في ما يضطلعون به، هو قانون المطبوعات الذي يحدّد إطار مسؤولياتهم”، مشدّداً على “أنّ نقابة المحرّرين تحرص على حسن العلاقة بين الإعلام والقضاء، لأنّهما يخدمان قضيّة واحدة:”الحقيقة والعدالة”، ولا تريد لهذه العلاقة أن تختلّ لأيّ سبب من الأسباب، طالما أنّ القانون هو القاسم المشترك، وإذا تمّ سابقاً اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة لمنع النشر في حالات محدّدة، فمن غير الجائز والمقبول أن يتحوّل هذا الأمر إلى سابقة واجتهاد يصبحان قابلين للتوسّع في التطبيق والتعميم”.
حكم طعمة
وتقدّمت المؤسّسة اللبنانية للإرسال انترناسيونال(LBCI) بواسطة وكيلها المحامي أكرم عازوري باعتراض على قرار طعمة الرجائي طالبة وقف تنفيذه، وقدّمت جمعية “المفكّرة القانونية” بواسطة وكيلها المحامي نزار صاغية، طلب تدخّل في هذه القضيّة.
وأصدر القاضي طعمة حكمه”باسم الشعب اللبناني” في 16 حزيران 2017، وفي 18 صفحة”فولسكاب” ردّ فيه هذا الإعتراض، وضمّن المعترضة والمقرّر إدخالها نفقات المحاكمة كافة.
وأوضح الحكم أنّ القرار المعترض عليه “لم يقض بالمنع الشامل لتناول قضيّة المرحومة قصّاب، بل حصر هذا المنع بالجوانب التحقيقية لتلك القضيّة، والمقصود هنا سرّيّة التحقيقات الحاصلة في مرحلتها الأوّلية أو الإبتدائية أمام القضاء المختص ونقابة الأطباء،
وحيث إنّه إذا كان المبدأ يقضي بوجوب إصدار القرارات وتوجيهها ضدّ شخص معيّن ومسمّى، منعاً من اعتبارها نظاماً يسري على الكافة، يبقى أنّ الإجتهاد في كلّ من فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة الأميركية أجاز إصدار بعض القرارات المؤقّتة بصيغة عامة وبموجب أمر على عريضة، متى كان ثمّة صعوبات في تحديد اسم الشخص أو الأشخاص المعنيين بالقرار بالنظر إلى صعوبة تحديد هويّتهم، أو لصعوبة ناشئة عن عدد هؤلاء، بحيث يكون ثمّة استحالة إجرائية في اختصامهم، أو إبلاغهم، أو حتّى تحديد هويّاتهم، وحيث يكون ثمّة عجلة قصوى تحتمّ اتخاذ التدبير المناسب في القضيّة دون وجوب التوقّف عند تحديد هويّة الشخص الموجّه ضدّه القرار لصعوبة ذلك”(…)
وحيث إنّه من بين تلك الحالات، وجود وسائل إعلامية كثيرة العدد، سواء أكانت مرئية أو مسموعة أو إلكترونية تتناول موضوعاً معيّناً من شأنه الإضرار بمصلحة خاصة أو عامة، بحيث إنّه يكون من المستحيل تحديد هويّة كلّ تلك الوسائل، أو إبلاغها ضمن مهلة معيّنة أو قصيرة لكي يصار إلى اتخاذ التدبير المناسب، لوضع حدّ للتعدّي أو لمعالجة الحالة المستعجلة التي تتطلّب تدبيراً سريعاً لا يأتلف مع الأصول الإجرائية التقليدية، ولا سيّما متّى تعدّى عدد تلك الوسائل المئات أو الآلاف، بحيث لا يعود بإمكان الجهة المستدعية أو القاضي تسمية كلّ تلك الوسائل، ما يشكّل استحالة تمنعه من إصدار قراره لمعالجة القضيّة المطروحة،
وحيث إنّ تطوّر تكنولوجيا التجارة الإلكترونية حتّم اللجوء إلى تدابير سريعة بمعزل عن تسمية الأشخاص المعنيين بموجب تلك التدابير، بالنظر إلى الصعوبات المشروحة أعلاه،(…)
وحيث إنّه وبالعودة إلى معطيات الدعوى الراهنة، يتبيّن من مراجعة بسيطة لمحرّكات البحث على شبكة الانترنت، العدد الكبير من الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والإلكترونية التي تناولت قضيّة وفاة المرحومة فرح قصّاب، والتي تطرّقت إلى مسائل تتعلّق بالتحقيقات الأوّلية والإبتدائية، كعرض لإفادات حاصلة لدى رجال الضابطة العدلية، أو تحليل لتقارير الأطباء الشرعيين الذين عاينوا جثّة الفقيدة…الخ.
وحيث إنّ ما تقدّم يطرح إستحالة عملية في تسمية كلّ تلك الوسائل الإعلامية، وتوجيه القرار المعترض عليه ضدّ كلّ منها، تحت طائلة فقدان التدبير فعاليته المتوخّاة،
وحيث إنّ القرار المعترض عليه يكون بالتالي قد صدر بالتوافق مع التطوّر التكنولوجي الحاصل، والواقع المفروض إنطلاقاً من هذا التطوّر الكبير الذي لامس الساحة القانونية، مع ما يتطلّبه ذلك من تطوير للمفاهيم والتدابير التي يمكن اتخاذها لمعالجة أيّ خلل، ذلك أنّ اتخاذ القرار بوجه وسيلة إعلامية معيّنة يعني استثناء الوسائل الإعلامية الأخرى من مفاعيل هذا التدبير، بحيث تكون وسيلة إعلامية معيّنة ممنوعة من نشر ما جرى منعه بموجب القرار، في حين يكون القرار قد أباح بشكل غير مباشر للوسائل الأخرى هذا النشر،
وحيث إنّ الجهة المستدعية، أيّ المعترض بوجههما، قد ذكرا اسم المعترضة في معرض الاستدعاء، فضلاً عن غيرها من الوسائل، إلاّ أنّهما أشارا إلى العدد الكبير من الوسائل الإعلامية التي تتناول القضيّة، ما حتّم توجيه الطلب بشكله العام،
وحيث إنّ صدور القرار بشكله العام، يفترض بطبيعة الحال أنّه موجّه ضدّ الوسائل الإعلامية التي تناولت المواضيع المذكورة، دون تلك التي لم تتطرّق إلى تلك المواضيع، مع العلم أنّه من المتعذّر إجراء فرز للوسائل التي تطرّقت او لم تتطرّق إلى القضيّة موضوع هذه الدعوى بالنظر إلى عددها الكبير،(…)
وحيث إنّه بالتالي، لا يكون القرار المعترض عليه قد صدر بصيغة الأنظمة، ولا سيّما أنّه جاء مراعياً للتوجّهات الحديثة في إطار التعامل مع التطوّر التكنولوجي، كما أنّ القرار لم يأت مطلقاً في إطار المنع، بل جاء محصوراً في إطار التحقيقات الأوّلية والإبتدائية الحاصلة في القضيّة موضوع الدعوى، دون غيرها من المواضيع المتعلّقة بالقضيّة موضوع الدعوى، وذلك خلافاً لإدلاءات كلّ من المعترضة والمقرّر إدخالها”.
خلل في عمل قضاة العجلة
ثمّ قدّمت صحيفة “النهار” اليومية، طلب تدخّل في هذه الدعوى، فاضطرّ القاضي طعمة إلى التنحّي، معتبراً أنّه أدلى برأي مسبق عندما بتّ في الإعتراض، ولم يعد بمقدوره النظر في طلب التدخّل لوجود رأي سابق له في المضمون والحيثيات.
وإنْ كان هذا التنحّي مفهوماً، لكنّه يدلّ في حدّ ذاته، على أنّ القرار الذي اتخذه في الأساس بناء على عريضة دون إبلاغ أيّ من وسائل الإعلام، هو موضوع بشكل نظام، لأنّه يطال كلّ الوسائل الإعلامية بحيث إنّ لكلّ وسيلة إعلامية أن تقدّم إعتراضاً مستقلاًّ أمام القاضي نفسه الذي أصدر الأمر.
ومن المعروف أنّ الأوامر على عريضة لا يمكن استئنافها مباشرة، بل يجب الإعتراض عليها أمام القاضي نفسه الذي أصدرها حتّى إذا أصرّ على قراره، يمكن عندئذٍ مراجعة محكمة الاستئناف.
أمام هذا الوضع، يمكن لأيّ وسيلة إعلامية، أو بالأحرى لكلّ وسائل الإعلام في لبنان، الإعتراض أمام القاضي طعمة نفسه باعتراض مستقلّ، لأنّه لا يجوز لها استئناف قراره، أو الإعتراض عليه أمام قاض بدائي سواه.
لذلك، فإنّه عندما بتّ طعمة في أمر الإعتراض على قراره والمقدّم من المؤسّسة اللبنانية للإرسال انترناسيونال(LBCI)، لم يجد مخرجاً سوى التنحّي، لأنّ جريدة “النهار” قدّمت ذات الإعتراض أمامه، فاعتبر أنّ بتّه في الإعتراض الأوّل يشكّل رأياً مسبقاً في الإعتراض الثاني.
إزاء هذه الإشكالية والحلّ الذي خرج به القاضي طعمة، يدلّ على أنّ قراره موضوع بشكل نظام، وبالتالي فهو مخالف لنصّ المادة الثالثة من قانون أصول المحاكمات المدنية، وقد أحدث خللاً في عمل قضاة العجلة.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 19 – تموز 2017).