لا يحقّ للمحامي التعرّض للقاضي.. ولا للقاضي محاولة توقيف المحامي/ إسكندر الياس
المحامي اسكندر الياس(عضو مجلس نقابة محامي بيروت):
بعيداً عن ضوضاء وضجيج وغبار البيانات والبيانات المضادة التي تصدر من كلّ حدب وصوب، من المعني وغير المعني، من الخائف على النقابة ومن الخائف منها أو الحاقد عليها، من مقتنصي الفرص وقنّاصي الأصوات الانتخابية وسواهم وسواهم، أجد أنّ كلّ ما قيل وسيقال لم ولن يقارب حقيقة المشكل المزمن بين القضاة والمحامين والعلاقة الصحية والصحيحة المفترض أن تحكم علاقتهم، علاقة منشؤها الاحترام المتبادل وحسن الجوار وصولاً إلى علاقة متكاملة بينهم دون أيّ إشارة استعلاء.
ولا حاجة للتذكير، أنّ المحامي صنو القاضي وركن أساسي في معادلة العدالة.
فلا قضاء بدون محاماة، ولا محاماة بدون قضاء.
وليكن لدينا جميعاً جرأة الاعتراف، بعيداً عن الحسابات الانتخايية الضيّقة والعلاقات الشخصية، أنّ كلّ خلاف يطرأ يحمّل فريقيه مسؤوليات ولو متفاوتة، قضاةً ومحامين، ومن المستحيل ألاّ يكون ثمّة مسؤولية تشاركية بينهما لوضع حدّ لهذا النزف ولاستقامة الحقّ.
والمنطق السليم يحتّم علينا القول والتسليم أنّه كما لا يحقّ للمحامي أن يتعرّض للقاضي صراخاً واستفزازاً، لا يحقّ بالمقابل للقاضي أن يصل في ردّة فعله إلى حدّ توقيف المحامي أو حتّى محاولته ذلك.
فالسلطة لم تُعط للقاضي ليمارسها بوجه شريكه في إحقاق الحقّ وتأمين حسن سير العدالة.
وقد أتاح القانون لكلّ من الفريقين سلوك طرق عديدة للوصول إلى ما يعتبرانه حقّاً لهما.
من هنا جاء بيان مجلس نقابة المحامين تاريخ ٢٠١٩/٦/٢٨ الداعي إلى وجوب عقد اجتماع طارئ بين مجلس القضاء الأعلى ومجلس نقابة المحامين لوضع الأسس العملية التي من شأنها أن تعيد العلاقة بينهما إلى مستواها السوي وتحفظ كرامة المحامي وحصانته القائمة قانوناً وتحفظ أيضاً كرامة القاضي وهيبته، وتحول دون إخضاع هذه العلاقة لاستنسابية ومزاجية أيّ من الفريقين.
كما يقتضي إعادة صيانة النصوص القانونية التي تتحدّث عن حصانة المحامي لا سيّما المادة ٧٩ من قانون تنظيم مهنة المحاماة.
وقناعتي أنّ أيّ مسلك خارج إطار ما تقدّم، سيبقي النزاع مفتوحاً ومتأجّجاً بين ما يسمّى بـ “جناحي العدالة”، وسنكون كلّ يوم أمام حدث أو مشكل جديد، والنتيجة مزيد من الانقسامات والتباعد بين فريقين يفترض بهما أن يتعاضدا لتحقيق رسالة العدالة وقد نذرا نفسيهما لهذا الهدف.
وهنا أجدّد دعوتي إلى زملائي المحامين، إلى وجوب الالتفاف حول نقابتهم والالتزام بقراراتها لأنّه كما سبق وردّدت في غير مناسبة، فإنّ وحدتنا قيمة مضافة، ولا صوت يعلو فوق صوت الوحدة.
“محكمة” – السبت في 2019/6/29