لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا/ فؤاد مطر
المحامي فؤاد مطر:
تمتد مساحة مزارع شبعا اللبنانية بمحاذاة الجمهورية العربية السورية بما يزيد عن عشرين كلم، وتبلغ مساحتها الاجمالية مع تلال كفرشوبا مائتي كلم مربع، ويصل إرتفاعها عن سطح البحر إلى ما يزيد عن ٢٨٠٠ متر .
تملك أراضي هذه المزارع، ثمانية آلاف عائلة لبنانية، تتضمن عشرات الينابيع العذبة، وتحتوي على منازل سكنية، وآلاف الاشجار المثمرة .
كان تعداد سكانها يتجاوز خمسة وعشرين الف نسمة قبل احتلالها في ٢٠ حزيران ١٩٦٧ في أعقاب حرب الخامس من حزيران التي لم يدخل لبنان فيها ،وكانت تعتمد في معيشتها بشكل أساسي على زراعة الأرض وتربية الماشية.
تمّ ترسيم حدود هذه الاراضي عام ١٩٣٤ بين لبنان وسوريا وتأكيدها عام ١٩٤٧ من خلال إيداع المحاضر لدى الامم المتحدة وتثبيت لبنانيتها أيضًا من خلال ما ورد في محضر لجنة الهدنة بين الدولة اللبنانية والعدو الاسرائيلي عام ١٩٤٩.
إنّ مزارع شبعا لها وحدة عقارية وادارية طبقًا لكل القيود الرسمية، فهنالك عقارات مسجلة لدى الدوائر العقارية في صيدا، فضلًا عن ملكية الاوقاف الاسلامية اللبنانية، وسجّلات مطرانية الروم الارثوذكس ولا يملك أيّ مواطن غير لبناني فيها.
وكانت الجمارك اللبنانية ومخفر درك بلدة شبعا ومأمورو الأحراج وبلدية شبعا يمارسون كافة صلاحياتهم على كافة الاراضي المتعلقة بها.
في أعقاب حرب حزيران عام ٦٧، أخذت قوات العدو تشن اعتداءاتها ضدّ أهالي المزارع لتهجيرهم منها.
قبل القرار ٢٤٢ الصادر عن هيئة الامم المتحدة على أثر عدوان ٦٧ والمتعلّق بالاراضي العربية التي احتلها العدو الاسرائيلي، إجتمع وفد من الامم المتحدة مع اركان السلطة في لبنان للتأكد من إقدام العدو على احتلال أيّ جزء من الاراضي اللبنانية.
للأسف كان الجواب بالنفي، لأنّ الرئيسين شارل الحلو ورشيد كرامي فضّلا هذا الامر كي يتجنّبا اجراء أيّ تفاوض مع العدوّ لكي لا يواجها بغضب من الشارع ،ألا ان ذلك لا يحجب الحقيقة بأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي جزأ لا يتجزأ من السيادة اللبنانية ،مما يتوجب علينا تصويب موقف الامم المتحدة وعدم الاعتماد على خرائط تضعها من ضمن الاراضي السورية.
ان مواقع عديدة من اراضي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا شملها اتفاق القاهرة في العام ١٩٦٩ بين الدولة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية على اعتبارها اراض لبنانية، والتي شهدت مواجهات عنيفة، إلى أن ضمّ العدوّ الاسرائيلي هذه المزارع قبل حرب تشرين عام ١٩٧٣ بفترة وجيزة وأنشأ حينها في أراضيها مراصد ومواقع عسكرية مستغلًّا موقعها الاسترتيجي. ولم يكتف بذلك، بل اقتطعها عن الاراضي اللبنانية بأسلاك شائكة.
عام ١٩٧٨ إجتاحت قوات العدوّ الاسرائيلي جنوب لبنان واحتلت قسمًا كبيرًا من أراضيه. ومن تداعياته صدور القرار ٤٢٥ عن هيئة الامم المتحدة والذي نصّ على انسحاب اسرائيل من كافة الاراضي اللبنانية، ووصلت قوات اليونيفل التابعة للامم المتحدة الى جزء من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وأخرجت القوات الاسرائيلية منها.
ظلّ الموقف الرسمي اللبناني متجاهلًا قضية المزارع في شبعا حتّى العام ٢٠٠٠ حين تحفّظت الحكومة اللبنانية برئاسة الدكتور سليم الحص في عهد الرئيس العماد إميل لحود على التقرير الصادر عن امين عام الامم المتحدة المستند الى اقوال مبعوثه الخاص تيري رود لارسن الذي اخذ به مجلس الامن والذي يتضمن ان القوات الاسرائيلية انسحبت من كل الاراضي اللبنانية تطبيقًا للقرار ٤٢٥ وبقاء الاحتلال لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا ونقاط أخرى، وبقي من يفتعل الاشكال بين القرارين ٢٤٢ و٤٢٥، علماً أنّ مزارع شبعا تدخل ضمن منطوق القرار ٤٢٥ ولا تلتحق بالقرار ٢٤٢ وهذا ما يتطلب انسحاب العدو الاسرائيلي منها حتى يتم تثبيت الحدود، مما يقتضي العودة الى احكام القوانين اللبنانية،
إنّ الترسيم والهوية للمزارع تحسمها دولتا لبنان وسوريا ولا يحق للامم المتحدة تحديدهما ولا يؤخذ بأيّ تصريح مهما كان نوعه ومن قبل اي جهة كانت سوى ما يصدر رسميا عن الدولتين اللبنانية والسورية.
“محكمة” – الخميس في 2024/12/20