لهذه الأسباب الحكم بالفراغ القانوني في الأماكن غير السكنية مخالف للقانون ولقرارات التمييز/أديب زخور
المحامي أديب زخور:
بعد صدور قرار عن قاضي العجلة في المتن(رالف كركبي) والذي قضى بإخلاء المستأجر غير السكني من مأجوره لعلّة الفراغ القانوني ولعدم التمديد لقانون الايجارات بانتهاء تمديده في 2022/6/30، والذي طبّق قانون الموجبات والعقود، تلاه قرار قاضي الايجارات في بيروت(لارا كوزاك) في ذات الاتجاه والتعليل، ممّا أدى وسيؤدي الى تفاقم النزاعات والى مراجعات امام المحاكم بهذا الموضوع كان بالامكان تلافيها،
ومن هنا لا بدّ من التوضيح أنّ قرارات محاكم التمييز واضحة لهذه الجهة حيث اعتبرت محكمة التمييز المدنية الغرفة الاولى برئاسة القاضي حبيب حدثي والمستشارتين تيريز علاّوي وروزين غنطوس بقرارها الصادر بتاريخ 2013/12/30، وغيرها من القرارات، أنه لا يمكن التذرع بالفراغ القانوني الناتج عن تأخر المشترع عن التشريع والتمديد والقول ان هناك فراغ قانوني والاستناد الى قانون الموجبات والعقود لاقامة الدعاوى واخراج المستأجرين من مآجيرهم تحت هذه العلّة، كون المشترع درج على ربط قوانين الايجارات التمديدية ببعضها البعض بعد كل فترة فراغ في التمديد، مما يستبعد تطبيق قانون الموجبات والعقود، وهذه القاعدة اصبحت عرفاً في قانون الايجارات الاستثنائي الخاص، وقد صار العمل بها عند تمديد قانون 92/160 لمرات عدة دون انقطاع حتى 2012/12/31 مما يتيح القول إنّه سيواصل العمل بها، الى حين اصدار قانون جديد للإيجارات، وبالتالي، ان القرارات الصادرة او التي ستصدر مخالفة لقرارات محاكم التمييز الواضحة.
أضف الى ذلك، أنّ المادة 38 من قانون الايجارات 2017/2 نصّت بوضوح لتفادي اي جدل وذكرت التمديد حكماً في متن عباراتها وربطتها بصدور قانون جديد حيث ورد حرفياً:” لحين نفاذ قانون خاص ينظم علاقة المالك بالمستأجر في هذه العقود، تمدد عقود إيجار الأماكن غير السكنية المعقودة قبل 1992/7/23 حتى –”، وبالتالي لحظ المشترع شرطان بوضوح وهما استمرارية تطبيق القانون 2017/2 وذلك بتحديد عبارة “لحين نفاذ وصدور قانون خاص جديد يراد به تنظيم علاقة المستأجر بالمالك، ويقصد به أن يستمر القانون بالتمديد حكماً لحين صدور قانون جديد، ومن هنا إن المهلة تغطي حكماً جميع السنوات دون امكانية الحديث عن فراغ قانوني، اي مرتبطة بشكل حكمي بصدور قانون جديد لتفادي الفراغ القانوني، ولا يمكن ان يحدث فراغ طالما لم يصدر قانون جديد.
ومن جهة أخرى، إنّ الشرط الثاني مرتبط بالشرط الاول اي أن يصار الى التمديد سنة فسنة، لحين صدور قانون جديد، ويجب توافرهما معاً لامكانية الحديث عن الفراغ القانوني، الامر غير المتوفر، وبالطريقة العكسية يجب ان يكون هناك نيّة على الاقل بعدم التجديد سنة فسنة ونيّة بعدم اصدار قانون جديد وهذان الشرطان غير متوافران، ايضاً وبصراحة النصّ.
بالاستناد الى ذلك، يتبيّن ان المشترع مدّد سنة فسنة للأماكن غير السكنية، وكان آخرها قانون رقم 243 تاريخ 2021/7/16 الذي مدّد لها الى 2022/6/30، ولم يتوقف التمديد والتشريع الاّ بسبب طارىء دستوري استناداً الى المادة 74 من الدستور، ونتيجة الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 21 تشرين الاول 2022 حيث اعتبر المجلس النيابي في حالة انعقاد دائمة وتحوّل المجلس الى هيئة ناخبة لحين انتخاب رئيس جديد استناداً الى المادة 74 من الدستور، ويمتنع عليه في هذه الحالة اصدار التشريعات وضمنها الالتئام لاصدار قانون ايجارات جديد للأماكن غير السكنية او التمديد لها.
وبالتالي، ان التأخر عن التمديد كان بجزئيته ناتجاً عن مواد دستورية واضحة وحكمية، وبجزئه الآخر بقرار رئيس الحكومة بإعادة القانون الى المجلس النيابي بغض النظر عن احقيته، بناء لطلب رئيس المجلس النيابي باسترداده نظراً للأخطاء الجسيمة التي تعتريه وللمحافظة على حقوق المستأجرين في الاماكن غير السكنية وعلى الحقوق الناتجة عن استمرارية العلاقة بين الطرفين استناداً إلى القانون 67/11. وبالتالي، ان العملية التشريعية في العمل على قانون جديد هي واقعة لا يمكن انكارها، والتأخر عن التمديد مستند الى نصّ دستوري علّق عملية التشريع، واوقفت المهل، وان التعليل في القرارين والحديث عن فراغ قانوني بالمطلق هو مخالف للواقع والدستور وتشويه للوقائع، وليس بمحلّه ومخالف للقانون وللمادة 74 من الدستور في الشكل والاساس ولعدم الصحة والقانونية.
اضافة، الى أن الشرط الاول هو قيد التنفيذ من المجلس النيابي حيث تمّ التصديق على قانون إيجارات للأماكن غير السكنية وتم استرجاعه من المجلس النيابي بناء على طلب رئيس المجلس ويجري تعديله للأخطاء الجسيمة.
كما ان العبارة الواردة في المادة 38 من قانون 2017/2/28، الأساسية ومن بعدها في القوانين التمديدية التي مددت هذه المادة وكان آخرها القانون 2021/243 شدّدت على هذين الشرطين، 1- الفترة المحددة.
2- وعامل “صدور قانون جديد اي لحين صدور قانون جديد في الشكل والاساس” وهي واقعة محققة يستمر فيها التمديد لحين تحققها ايضاً كشرط، وبالتالي ان القرار جاء مخالفاً للمادة 38 الواضحة والصريحة وللقانون 243، ولنيّة المشترع بالتمديد لحين صدور قانون جديد.
من هنا، بعد انتخاب رئيس للجمهورية، يبقى تمديد العمل بالقانون 2021/243، الذي مدّد للأماكن غير السكنية الى 2022/6/30، أمراً ضرورياً تشريعياً من حيث الشكل، بخاصة أن المجلس النيابي مطالب بتمديد العمل به وربط قوانين الايجارات التمديدية للأماكن غير لسكنية ببعضها البعض بعد كل فترة فراغ في التمديد كما جرت العادة لحين صدور قانون جديد ينظم علاقة المالك بالمستأجر في هذه الامكنة، لعدم ادخال المحاكم والمواطنين في نزاعات قضائية واغراق المحاكم بدعاوى وتفسيرات يمكن تلافيها اذا قام المجلس بدوره التشريعي والطبيعي، وبالطبع استكمال التعديلات على قانون الايجارات غير السكنية والسكنية على السواء.
اضافة الى ان وجود المستأجر في هذه الاماكن ليس فقط نتيجة قانون الايجارات، بل نتيجة قانون المؤسسة التجارية 67/11 التي تضمن ابضاً لمستأجري هذه الاماكن الاستمرارية في الاشغال والايجار والتنازل وبيع المؤسسة التجارية وتحفظ لهم حق التعويض والخلو، وجاءت هذه القوانين وحافظت به على هذه الحقوق واستمرار عمل المؤسسة التجارية استناداً الى قانون الايجارات والى قانون المؤسسة التجارية 67/11 الذي تم نسفه ومخالفته بهكذا قرارات.
ولا ننس أن القوة القاهرة الناتجة عن الاوضاع الحربية والامنية في الجنوب والبقاع وفي بيروت والكثير من المناطق اللبنانية امتدت اضرارها على كافة اراضي الوطن، وتفرض اعلان حالة الطوارىء واصدار الاحكام المتجانسة مع الاوضاع ووجوب صدور تشريع خاص ينظم العودة الى الاماكن المتضررة ويعلّق المهل ويوزع التعويضات، والمحافظة على حقوق الطرفين في الابنية المتضررة والمهدمة وفي كافة المباني التي تركها اهلها خوفاً كون العدوان والضرر شمل جميع الاراضي اللبنانية وكافة المواطنين بانعكاساته السلبية، بحيث يجب صدور القرارات انسجاماً مع الاوضاع الطارئة، ولحين صدور قانون جديد يرعى علاقة الطرفين، كما نطالب النواب والمجلس النيابي بتعديل قانون الايجارات الأماكن السكنية بعد أن اصبح غير قابل للتطبيق وبحاجة الى تعديلات جذرية وجدّية في الشكل والاساس بعد اقتراب انتهاء التمديد به دون تأمين تمويل الصندوق والتعويضات للمستأجرين ودون تأمين خطة اسكانية، تضمن حق السكن والتعويضات للمستأجرين كما لحظتها القوانين المتعاقبة دون تمييز.
“محكمة” – الخميس في 2025/2/27