“لوبي” نادي قضاة لبنان في التشكيلات القضائية/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
وضع نادي قضاة لبنان منذ انطلاقته الفتية، نصب عينيه مطلباً واحداً يتعلّق باستقلالية السلطة القضائية باعتبار أنّه المفتاح الرئيسي الذي يفضي إلى غرف بعناوين أخرى تتعلّق بالقضاء والناس وإحقاق الحقّ والسياسة والمساواة والعدالة الإجتماعية، فالحكم “باسم الشعب اللبناني” مع ما تحمله هذه العبارة من مدلولات تنطوي على مسؤولية وطنية وأخلاقية أمام الله أوّلاً وأخيراً، ليس ترفاً على الإطلاق، وإنْ حصلت تجاوزات من هنا وهناك من قضاة وقوانين مطّاطية موضوعة من سياسيين.
ويفترض أن تكون التشكيلات القضائية البعيدة عن التدخّلات السياسية واللوائح الحزبية هي الهواء الذي تتنفّسه العدليات عند إعداد خريطة انتشار القضاة فيها، إذا قيّض لها الصدور السعيد بمرسوم عادي جوّال يوقّعه الوزراء المعنيون الثلاثة العدل والدفاع والمالية ورئيسا الحكومة والجمهورية.
ويحكى في أروقة العدلية عن وجود ثلاثة تصنيفات لمعدّي “طبخة” التشكيلات القضائية تطلق عليها بالتوازي تسمية “لوبي”(LOBBYING)، وتتوزّع على رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، والنائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، ونادي قضاة لبنان، فهل هذا الأمر يتطابق مع الواقع والحقيقة، أم أنّه تخيّلات ومجرّد اتهامات لا صحّة لها على الإطلاق؟
قد يُفهم أن تكون للقاضيين عبود وعويدات اليد الطولى في تجهيز مشروع التشكيلات بحسب تطلّعاتهما ورؤيتهما إنطلاقاً من موقعيهما ولا مناقشة في هذه المسألة، ولكن هل مارس نادي قضاة لبنان تأثيراً فاعلاً وقوّة ضغط على مجلس القضاء لينال أعضاؤه مراكز متقدّمة تكون عادة في النيابات العامة ودوائر التحقيق؟
لا شكّ أنّ ولادة نادي قضاة لبنان من رحم اعتكاف القضاة الأوّل في آذار 2017، أعطت دفعاً قوياً للحضور القضائي في ذهن الرأي العام بعدما تقلّصت نسبة الثقة وناهزت التسعين في المئة من دون أن يتحرّك المسؤولون في القضاء في السنوات السابقة لردم الهوّة التي لا يبشّر اتساعها بالخير.
ويتألّف النادي حالياً من سدس أعضاء قضاة لبنان تقريباً حيث يصل عدد أعضائه إلى أكثر من 102 من أصل 604 يتوزّعون بين 523 في القضاء العدلي، و53 في شورى الدولة و28 في ديوان المحاسبة، والإنضمام إلى النادي في ازدياد باعتراف الجميع.
وفي نظرة سريعة على المواقع التي أعطيت لأعضاء الهيئة الإدارية في النادي من خلال التسريب المتعمّد لأسماء قضاة النيابات العامة والتحقيق بحسب ورودها في مشروع التشكيلات على الرغم من عدم اتباعها الدرجة في النشر التسلسلي للأسماء، يتضح أنّ النادي ليس “لوبي” بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة.
فرئيسة النادي القاضي أماني سلامة نقلت من مركز قاضي تحقيق في البقاع إلى مركز مماثل في جبل لبنان، ولم يتغيّر شيء في المركز، إلاّ أنّ العمل زاد بحكم الفارق الكبير في النسبة السكّانية بين البقاع وجبل لبنان، إذ يكفي أنّ منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت يقطنها ما لا يقلّ عن 800 ألف نسمة. ودرجة سلامة 16 ويأتي ترتيبها ثامناً بين عدد القضاة من طائفتها الروم الكاثوليك والبالغ عددهم 34 قاضياً تقريباً، ومن هم أعلى منها في الدرجة معيّنون في رئاسة محكمة التمييز(رندى الكفوري ودرجتها 16)، ورئاسة هيئة القضايا في وزارة العدل(هيلانة اسكندر ودرجتها 23)، والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان(ميشلين بريدي)، ورئيس أوّل لمحاكم الاستئناف في النبطية(كلنار سماحة ودرجتها 18)، ونائباً عاماً استئنافياً في البقاع (منيف بركات ودرجته 18)، فيما أبقي مركز مهمّ على سبيل المثال، وهو قاضي التحقيق الأوّل في الجنوب بحوزة القاضي مرسال الحدّاد الذي يبلغ الدرجة 16 في 21 آذار 2020.
ونائب رئيس النادي القاضي زاهر حمادة أبقي مكانه محامياً عاماً استئنافياً في بيروت، ليس تأديبياً لا سمح الله وسجّله ناصع باعتراف الجميع، وتُعرف عنه جرأته في قول الحقّ، ودرجته 16 بحسب التراتبية المعمول بها في القضاء، وقد عيّن قضاة من طائفته الشيعية أقلّ منه في الدرجة في مواقع أعلى وأهمّ.
ونقل القاضي فيصل مكّة من رئيس دائرة التنفيذ في بيروت إلى قاضي تحقيق في بيروت بعدما أمضى 11 سنة في مركزه السابق على الرغم من أنّه طليع دورته القضائية التي دخلت إلى القضاء في 15 شباط 2001 وتخرّجت في 10 أيلول 2004، ودرجته 13 ويصبح في 10 أيلول 2020 في الدرجة 14، وقد سبقه قضاة من دورته ومن دورات أخرى، ومن طائفته الشيعية في اعتلاء مراكز أفضل في العام 2017.
ونقلت القاضي نجاة أبو شقرا من مركز قاضي تحقيق عسكري إلى نائب عام استئنافي في النبطية ليس لأنّ صوت الكرامة لديها عال كثيراً، وإنّما كونها من طائفة الموحّدين الدروز التي يبلغ عدد قضاتها 26 تقريباً، ويأتي ترتيبها عاشراً بين أبناء طائفتها القضاة بالتساوي مع ثلاثة آخرين من دورتها ودرجتهم 13. وهي أوّل إمرأة في تاريخ لبنان تعيّن في مركز قاضي تحقيق عسكري في العام 2010.
ونقل القاضي بلال بدر من مستشار في الهيئة الاتهامية في بيروت إلى مركز قاضي تحقيق في الجنوب، بعدما لازم مكتبه في الطابق الثالث من قصر عدل بيروت بموجب المرسوم رقم 11896 الصادر في 23 أيّار 2014. وهو في الدرجة 12 ويحمل شهادة دكتوراه في الحقوق، وهناك قضاة من طائفته السنية ومن طوائف أخرى ومن درجات أقلّ منه سبقوه في تشكيلات العام 2017 إلى مركز قاضي تحقيق ومحام عام استئنافي.
ونقل القاضي يحيى غبورة من محام عام استئنافي في بيروت الذي أنيط به في تشكيلات العام 2017، إلى مركز قاضي تحقيق في جبل لبنان. ودرجته الحالية 12 ويصبح في 24 تشرين الثاني 2020 في الدرجة 13.
ونقلت القاضي كارلا شواح من قاض منفرد ناظر في الأمور المستعجلة في بيروت ومستشارة في محكمة استئناف الجنح في بيروت أيضاً، إلى قاضي تحقيق في الشمال ودرجتها 12 مثل زميلها في الدورة غبورة. وسبق لعدد من زملائهما في الدورة أن عيّن في تشكيلات العام 2017 قضاة تحقيق ومحامين عامين استئنافيين.
واستبعد القاضي حمزة شرف الدين من مركزه كقاضي تحقيق في بعلبك لأنّه أحلّ نفسه مكان الدولة اللبنانية وسعى إلى رفع إهمالها وحرمانها عن قصر عدل بعلبك من خلال صيانة وترميم ما استطاع إليه سبيلاً لكي يكون على قدر اسمه قصراً للعدل، وهو ما لم يعجب الغيارى على مدينة الشمس، فنقل إلى مركز مستشار.
وظلّ القاضيان محمّد رعد ومحمّد فوّاز في مركزيهما كقاضيين ملحقين، الأوّل بالمديرية العامة والثاني بهيئة التشريع والاستشارات، مع تعيينهما أيضاً مستشارين في محكمتي استئناف.
أمّا القاضيتان ندين رزق وبولا هيكل فهما من القضاء الإداري والمالي على التوالي ولا علاقة لهما بالقضاء العدلي وتشكيلاته.
فهل شكّل نادي قضاة لبنان “لوبي” في التشكيلات القضائية؟
“محكمة” – السبت في 2020/3/14
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.