ماذا حصل بين عويدات وأبو حيدر بشأن ملفّ رياض سلامة وهل يتولّى الحاموش الادعاء؟/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
إذا كان من حقّ مطلق نائب عام تمييزي أن يعطي توجيهاته إلى جميع قضاة النيابة العامة وفي مقدّمتهم كلّ من النائبين العامين المالي والإستئنافي ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، وهذا ما يمنحه إيّاه قانون أصول المحاكمات الجزائية، إلّا أنّه يقتضي التقيّد باختصاص كلّ واحد من هؤلاء بحسب القانون نفسه وتحديدًا الفقرة الثالثة من المادة 13 من هذا القانون والتي تشدّد على أنّ النائب العام التمييزي يحيل على كلّ واحد من هؤلاء حسب اختصاصه التقارير والمحاضر المتعلّقة بجريمة ما ويطلب إليه تحريك دعوى الحقّ العام فيها.
وقد أكّدت الفقرة الثالثة المذكورة أهمّية الإختصاص بذكره بعبارة صريحة، وإلّا فإنّه قد يعرّض الادعاء لاحقًا للإبطال، ولو لم يكن تحديد الصلاحية مهمًّا لما تعمّد المشرّع تفصيلها وكتابتها في الفقرة الثالثة. وهذا موضع جدال بين القضاة أنفسهم بين مؤيّد ومعارض!
إنّ ما يستدعي هذه المقدّمة، هو ما حدث في إحالة النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات ملفّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر للإدعاء عليه بموجب “ورقة طلب” ووفق مواد يتضح بعد التدقيق والتمحيص فيها أنّها لا تدخل في أغلبيتها، في اختصاص النيابة العامة الاستئنافية بل في صلاحية النيابة العامة المالية.
وفي مضمون الإحالة أنّ الجرائم تتعلّق باختلاس أموال عمومية والتهرّب الضريبي ومخالفة أحكام قانون النقد والتسليف وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير واستعمال المُزوّر.
ومن مقارنة هذه الجرائم وبغضّ النظر عن صحّتها أو عدم دقّتها وهذا ما تظهره التحقيقات الإستنطاقية والمحاكمات إنْ قدّر للملفّ أن يصل إلى هذه المرحلة، أنّ جزءًا منها وهو الأساس يتعلّق باختصاص النيابة العامة المالية، والجزء الباقي من صلاحية النيابة العامة الاستئنافية.
وما دام الأصل هو الأساس ويتقدّم على ما عداه، فقد ارتأى القاضي أبو حيدر أنّه ليس من صلاحيته الادعاء بحقّ سلامة ومع ذلك سجّل الملفّ لديه في قيود النيابة العامة الاستئنافية بحسب الأصول، وأحاله من جديد على النيابة العامة المالية كونها مختصة من وجهة نظره، ولكنْ تعذّر لديها الإستلام من دون معرفة السبب القانوني الوجيه لهذا التعذّر، فعاد الملفّ أدراجه إلى النيابة العامة الاستئنافية.
وبما أنّ القاضي أبو حيدر أعطى رأيه مسبقًا في الملفّ واعتبر نفسه غير مختص التزامًا منه بالقانون بحسب وجهة نظره، فلم يعد بمقدوره أن يقوم بنفسه بالادعاء، ولذلك عرض التنحّي من تلقاء نفسه.
وفي حال وافقت محكمة الاستئناف في بيروت على تنحّي أبو حيدر وهو أمر مفروغ منه قانونًا، وأبقت الملفّ في الوقت نفسه، لدى النيابة العامة الاستئنافية، فإنّ القاضي الذي يفترض أن يقوم بالادعاء على رياض سلامة هو المحامي العام الاستئنافي الأعلى درجة بين زملائه في هذه النيابة بعد أبو حيدر، وهو في هذه الحالة القاضي رجا الحاموش، فهل يقبل هذا الأخير بأن يقوم بمهمّة الادعاء على سلامة أم يتنحّى بدوره؟!
“محكمة” – الإثنين في 2022/6/13